ردع الخلايا الخمينية بدعم السلفية

بواسطة عبدالعزيز قاسم قراءة 780

ردع الخلايا الخمينية بدعم السلفية

 

 عبدالعزيز قاسم

 

لامني أحدهم في وصفي لجماعة (الإخوان المسلمين) عقب قراءتي لبيانها المهلهل الأخير, الذي أصدرته على خلفية أحداث التسلل لحدودنا الجنوبية، بأنها "جماعة مفككة وأن مرشدها ضعيف تائه، وعقلاءها بعيدون عن مواقع القيادة التي قبع فيها السدنة الكهول، وقد باتوا خارج التاريخ وحركة الأجيال"، وحاججته بقولي: تصور يا أخي أنك ساكن في بيتك الكبير، وعبر تاريخك أحسنت لكل جيرانك وأهل حارتك، بل مددت يدك لبعضهم وقد تعرض في الستينيات لمذابح واعتقالات، ففتحت له دارك الكبيرة وآويته وعائلته، وضمدت جراحه، وقويت شوكته وتبنيت قضيته في المحافل العربية والدولية.

وبعد كل ما فعلته له، إذا به يخذلك في مواقف كنت في حاجة لوقفته هو وغيره، وتغاضيت بكل نبل وشهامة عربية تتحلى بها، وتفاجأ في أحد الأيام بمرتزق قاتل، يتسلل داخل أسوار بيتك، مدفوعا من عدو مأفون متربص بك، ويبدأ في قتل أحد أفراد عائلتك، وفيما أنت تدافعه وتحاول طرده، إذا ببيان من ذلك الذي آويته وحميته ونصرته يناشدك – بكل صفاقة - أن تتوقف وتحقن دماء المسلمين، ويدعوك للتهدئة والحوار ولمّا يزل المرتزق القاتل داخل أسوار بيتك، ودون أي حياء أو مروءة يطالبك بالحوار، دون أي شجب أو استنكار لمحاولة التسلل والقتل الذي قام به، بل دون أية إشارة للمأفون المعمّم الذي دفع هذا القاتل لمحاولة إقحامك في الحرب وجرّ رجلك اليها، ولم يك في البيان سوى سطر يتيم عام بحقك في الدفاع، فيما كامل البيان دعوة للحوار، أيعقل بالله هذا الموقف ؟

في الحقيقة ، موقف جماعة الإخوان المسلمين من وطني عبر هذا البيان السخيف، الذي ساوى بين وطن كبير ومجموعة مرتزقة، هو امتداد لمواقف سابقة غاية في السلبية، ونتذكر موقف الجماعة أثناء غزو صدام حسين للكويت، وكيف انحازت تلك الجماعة الأم بمعظم فروعها في كل الدول العربية، وقادت المظاهرات ضد المملكة التي قادت قوات التحالف لتحرير الكويت.

الخطورة في بيان الإخوان هو مدى ما تغلغلت فيه الأيادي الإيرانية لكثير من الجماعات الإسلامية، وإليكم موقف الجماعة المخزي من تصريحات أحد أهمّ رجالها التاريخيين وهو فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي، وقد ابتعد فضيلته عن الجماعة - التي اخترمتها الانقسامات وتشرذم قادتها - وقتما صدح برأيه الشهير حيال التبشير الشيعي الذي تقوم فيه إيران في دول المنطقة، وقال برأيه القوي ذاك دون أن يخشى إلا الله، رغم أن فضيلته هو من قاد مسيرة التقارب مع الشيعة، إلا أن جماعة الإخوان ارتضت الارتماء في حضن إيران والتبرؤ ومعارضة رأي القرضاوي، بل إن أحد كوادرها اتهم الشيخ بأنه يسير وفق المخطط الصهيوأمريكي - كذا – ولم يراع أبدا كاريزما الشيخ وعمره وجهاده الذي أفناه ضد الصهيونية.

موقف جماعة الإخوان هذا يبرز لنا المخطط الإيراني في زرع الخلايا والهيمنة على صناع القرار في التيارات الإسلامية، يحكي لي أحد طلبة العلم اليمانيين بأنه قبل عشرين عاما عرض عليه عبدالملك الحوثي ومجموعة من زملائه بالذهاب إلى جامعة طهران للدراسة, ووعده بمكافآت شهرية تصل إلى ثلاثمائة دولار، وكان ذلك العرض مغريا جدا لمثل من هم في حالته، وأضاف بأن كثيرين من زملائه ذهبوا للجامعات الإيرانية، وعادوا يبشرون بالخمينية وقد اعتنقوها، رغم أنهم ينتمون للمذهب الزيدي الذي هو وسط بين السنة والشيعة، ولا يشك أي مراقب بأن أولئك القوم اهتبلوا كفّ يدنا وبعض الدول الخليجية عقب 11 سبتمبر، ونشطوا في استقطاب الطلبة من كل البلاد الإسلامية عبر مكافآت مجزية، ليعودوا إلى بلدانهم الأصلية ويقومون بالدعوة للخمينية، وكوّن هؤلاء بدورهم خلايا نائمة، فلا تتفاجأوا أبدا إن ظهرت في بلدان عربية أخرى (أحزاب الله) جديدة فهي في طور الكمون والتكوين تنتظر إشارة من المرشد المعمّم في قمّ لتنطلق.

في تصوري أن الحلّ الأمني لمشكلة الحوثي وغيرها من هذه الخلايا الخمينية النائمة, التي ستظل في خاصرتنا العربية كقنابل موقوتة, لا بد ان يوازيه حلٌّ آخر يتمثل في دعم التيار السلفي بالدرجة الأولى، والقيادات المعتدلة من الشيعة، ففي صعدة هذه، يوجد أكبر تواجد سلفي جنبا إلى جنب مع الحوثيين، وهم من تلامذة الشيخ مقبل بن هادي الوادعي، والفكر لا يحجّمه ويحاصره إلا الفكر، ولا يقف أمام الآيديولوجيا إلا آيديولوجيا مضادة، ومعروف عن السلفية بكل فصائلها بأن أدبياتها متشددة جدا من الفكر الخميني، عكس بقية التيارات الإسلامية.

يقول أحد الباحثين اليمنيين: "وإذا كان هذا الاستخدام المكثف للقوة قد يؤدي إلى إضعاف بنية الحوثيين العسكرية، لكن لا يعني ذلك أنه سيتم اجتثاثهم؛ فهم سيعودون أقوى إذا لم تستفد الحكومة من تجاربها السابقة من خلال اعتماد خيارات أخرى غير خيارات الحسم العسكري كالاستعانة بالحوار الفكري ودعم التيارات الوسطية والأحزاب المدنية".

ادعموا أيها السادة السلفية العلمية الوسطية التي عليها علماؤنا في السعودية، فهي الوحيدة القادرة على مواجهة المخططات الإيرانية الشيعية التي تحمل فكر الثورة الخمينية بما حمله حسين الحوثي، ولا يمنع من استقطاب القيادات المعتدلة من الشيعة في دول الخليج بالخصوص, واحتوائهم وترميزهم بديلا عن أولئك الغلاة، فولاؤهم بالتأكيد للعمائم السوداء في الضفة الأخرى من الخليج.

بيان الإخوان المسلمين المهلهل رسالة واضحة للدول العربية لمدى تغلغل الأذرعة الإيرانية، وإشارة خفية للخلايا الخمينية النائمة، فانتبهوا أيها القوم.


المصدر: صحيفة المصريون



مقالات ذات صلة