الاختراق الاثنى عشري للزيدية في اليمن

بواسطة الشيخ: عبد الله بن غالب الحميري قراءة 1932
الاختراق الاثنى عشري للزيدية في اليمن
الاختراق الاثنى عشري للزيدية في اليمن

منبر علماء اليمن

الشيخ: عبد الله بن غالب الحميري

يقوم المشروع الاثني عشري على سياسة التمدد التوسعي عن طريق تصدير مذهب التشيع لسائر البلدان السنية تمهيداً للسيطرة الكاملة وإعادة الإمبراطورية الفارسية الكبرى كما يحلمون بها، واليمن تحتل رتبة الأولوية في هذا المشروع التشيعي الاستعماري الجديد ويسيل لهذا البلد لعاب المطامع الرافضية والباطنية منذ القدم، ناهيك عن كونه البلد الوحيد الذي حفظ به المذهب الزيدي أو الهادوي الشيعي دون سائر البلدان حتى اليوم، وتعاقب أئمته على حكم اليمن زهاء عشرة قرون من الزمن، وعلى الرغم من وجود الفروقات الجوهرية، وتباين طرق الالتقاء بين المذهبين الزيدي والاثنى عشري إلا أن الأخير لم تنقطع محاولاته المتكررة قديما وحديثا لاختراق الزيدية واحتوائها دون أن يعير لتلك الفروقات بالاً.

وبعد انتصار الثورة الخمينية الرافضية أواخر القرن الماضي واضطلاع الدولة بتصدير مشروع التشيع داخل العالم الإسلامي وخارجه، تنفيذاً للخطة الخمسينية التي وضعوها لتشييع العالم , واكتمال الهلال الشيعي كمرحلة أولى للمشروع, كان اليمن ضمن الصدارة في المجموعة الأولى على مستوى دول المنطقة، وكانت الفئة الأولى المستهدفة هم أبناء الزيدية، وقد ساعد على اختراقهم عدة عوامل مهمة منها:

عامل التشيع المشترك بين المذهبين : وإن كان المذهب الزيدي أخف مذاهب الشيعة تشددا، وأقربها إلى مذهب أهل السنة اعتدالا.

ومنها: استغلال جهل أبناء الزيدية بحقيقة مذهبهم وانحسار دور علمائهم في التحصين والحراسة.

ومنها: استغلال أوضاع الحاجة المعيشية السائدة في اليمن على وجه العموم،وفي المناطق الزيدية على وجه الخصوص، كونها أشد المناطق حاجة وفقرا.

ومنها: استغلال الرغبة الجامحة عند أغلب أبناء المذهب الزيدي لإعادة الإمامة الزيدية للحكم، وخصوصا أبنا الأسرة الهاشمية لما كانوا يمتازون به من الزعامة الدينية والدنيوية، حتى أصبح شعار الجل منهم قول القائل:

قل لفهد وللقصور العوانس *** إننا سادة أباة أشاوس

سنعيد الحكم للإمامة *** إما بثوب النبي أو بأثواب ماركس

وإذا خابت الحجاز ونجد *** فلنا إخوة كرام بفارس

ولا غرابة أن يركب هؤلاء الجامحون الصعب والذلول لتحقيق هذا الحلم ولو على ظهر المذهب الاثنى عشري الرافضي الفارسي! وقد استغل المشروع الرافضي في اليمن كل الوسائل المساعدة له في اختراق الزيدية على حين غفلة من حراسه علماء الزيدية وعقلائهم، وعلى حين غفلة من الدولة التي لا يهمها في الأصل شأن مواطنيها، أو تمالئ منها أحيانا.

وكان من انجح الوسائل تأثيرا في هذا الجانب وسيلة الابتعاث الدراسي لكل من إيران والعراق ولبنان، لغسل عقول المبتعثين وحشوها بأفكار الاثنى عشرية وإعادتهم دعاة مبشرين لهذا المذهب الوافد، كما ساهمت البعثات التعليمية القادمة من سوريا والعراق، والطبية الوافدة من إيران ولبنان، في توسيع رقعة الاختراق والتشيع الذي كان من أوائل نتاجه تأسيس حزب الشباب المؤمن بصعدة، اللبنة والنواة الأولى لحركة الحوثية، وقد كان لعلماء المذهب الزيدي موقف مباين من حركة الشباب المؤمن عند بداية نشأته، كما كان لهم الموقف نفسه من الحركة الحوثية، في بداية الحرب الأولى، والذي اتسم بالتحذير والتنفير منهما ونفيهما من الزيدية وخطورتهما على الوطن، و.. الخ.... ولكن لم يلبث ذلك الموقف إلا قليلا حتى تلاشى وخفت صوته، إلى أن توارى وانقلب إلى مدافع ومبرر لجرائم الحوثية، جاعلا التعرض لهم تعرضا وقدحا بالمذهب الزيدي، أو كما جاء في ذلك البيان الذي نسبته لهم جريدة البلاغ! وهذا التغير في الموقف جاء بعد أن فرض (الحوثيون) سيطرتهم على محافظة صعدة، وأصبحوا حركة واقعية، وقوه حقيقية، لها حجمها وخطرها، وللقارئ أن يقارن بين البيانين الصادرين عن علماء الزيدية.

الأول: صدر في الحرب الأولى 25 يونيو 2004م.

والثاني: صدر بعد الحرب السادسة نهاية 2011م التي خرج منها الحوثي منتصرا على الدولة، في مسرحية هزلية ما زالت أوراقها تتكشف يوما بعد الآخر.

ومن خلال ذانك البيانين المتناقضين، ندرك الفرق الواضح في تغير الوجهة واختلاف الموقف الديني والسياسي عند القوم ومدى تواطئ الجميع أو تسليمهم بالأمر الواقع! وأسوق للقارئ أيضا المثالين التاليين:

أما الأول: فيعبر عن الموقف الديني والمذهبي وهو: موقف الدكتور المحطوري، المستميت في الدفاع عن الفكر الحوثي ومشروعه السياسي والمتشبع به حتى الثمالة، فهو حوثي المشرب والهوى، وهو لا يخفي ذلك لا في خطابه ولا في مقابلاته، وما فتئ يصفهم بكل مليح، ويبرر لهم كل فعل قبيح! في الوقت الذي يقال عنه بأنه من مراجع الزيدية المعتبرين! وكأنه لا ظلم عنده في الدنيا إلا ما يصدر عن سواهم من غير أهل البيت! أما ظلم أهل البيت فيصدق عليه عنده، ويقبح من سواك الفعل عندي فتفعله فيحسن منك ذاك!!!

وأما المثال الثاني: فيعبر عن الموقف السياسي وهو: موقف السيد حسن زيد المتوكل، وهذا الأخير كان يوما ما أحد أعضاء لجنة الوساطة والصلح الممثلين للدولة مع الحوثين، واليوم صار لسانهم المعبر وعقلهم المدبر والصارم المدافع عنهم في كل محفل، وإذا لم تكن الحوثية عنده رمز العدالة في الدنيا فلا عدالة! وخذ مثالاً ثالثا على ذلك الاختراق الفكري في مسار جريدة البلاغ لسان حزب الحق الزيدي كيف تحولت بقدرة قادر إلى جريدة حوثية طائفية بامتياز، وأصبحت من أهم المنابر المدافعة والمنافحة عن المشروع الرافضي الفارسي في اليمن! ولكن باسم الزيدية واقرأ على سبيل المثال لا الحصر بيان مطالب الزيدية ال19 وفيها المطالبة الصريحة بإخراج السلفيين من صعدة! (صحيفة البلاغ عدد 715 تاريخ 18 محرم 1428هـ - 6 فبراير2007م) ومن ذلك دور هذه الصحيفة أيضا في نشر مثالب الصحابة الكرام رضي الله عنهم والنيل منهم بداية من العدد(599/ 11/ 1/2005 م) بحلقات متتالية، وخصص العدد (661 -693) للطعن في أبي هريرة رضي الله عنه، وكذلك الطعن في الصحيحين. كما كان لصحيفة الأمة الشيعية أيضا مساهمة فاعلة في الطعن في الصحيحين ومصادر السنة المطهرة، وانظر الأعداد التالية (358 - 359 -369 -371 - 375) وباسم الزيدية في اليمن وتحت عباءته مررت عقائد الاثني عشريه بكل طقوسها وخرافاتها، وتلاشت كل الفوارق المعلومة تاريخياً بين المذهبين ويكاد الناقد البصير والناظر المتجرد يجزم بأن الزيدية اليوم أو الحوثية ليست سوى نسخة مصدرة أو مقلدة من صور حزب الله الرافضي في لبنان، أو في طريقها إلى ذلك، أو أنها فرع من فروع الحوزات العلمية في قم أو النجف أو غيرها، وتكاد تصدق عليهم تلك المقولة الشهيرة (إتني بزيدي صغير أخرج لك منه رافضياً كبيرا) وتدليلا على صحة ما سبق ذكره نورد الشواهد الآتية:

أولاً: الاختراق العقدي: ويظهر ذلك من خلال ممارسة الحوثية لكثير من الطقوس التعبدية عند الرافضة، ومنها:

1- إحياء مآتم عاشوراء: التي هي من خصائص الاثنى عشرية، وشاركهم فيها جل فرق الباطنية، بكل ما فيها من إظهار الحزن والضرب على الصدور والظهور وغيرها بالسلاسل وإسالة الدماء والنواح وإعلان سب الصحابة الكرام، رضي الله عنهم، والمناداة بثارات الحسين -رضي الله عنه- ولعن الله قاتليه، ناهيك عما يصاحب هذه البدعة المنكرة من الشرك الصريح بالله تعالى وما يتبع ذلك من تأجيج روح العداوة والبغضاء بين الأمة، وهذه البدعة وافدة على المذهب الزيدي وليست معهودة في ثقافته، بل المشهور عن جل علماء الزيدية، النهي عنها والتشنيع على أهلها.

2- إحياء أربعينيات الحسين -رضي الله عنه- وهي كسابقتها من خصائص الاثنى عشرية، ولا صلة لها بالمذهب الزيدي البتة، وهي اليوم تعمم على نطاق واسع، حتى في تلك المناطق التي لا عهد لها بالتشيع أصلا، كجبلة، وصبر، وغيرهما من مناطق السنة، والغرض أن تستفز بها مشاعر أبناء الشعب اليمني في سائر المحافظات السنية.

3- إحياء ما يسمى بعيد الغدير : وهذه البدعة اثنا عشرية بحتة، ومنكرة عند أئمة الزيدية و1دخيلة على مذهبهم ولم تعرف إلا في عام 1073هـ تقريبا على يد بعض غلاة الجارودية المتأثرين بمذهب الرفض.

4- إحياء مناسبة المولد النبوي: وإحياء هذه الذكرى لم يكن معهودا عند الزيدية من قبل، ولا يقال بأنها موجودة في أغلب دول العالم الإسلامي اليوم، من سنة وشيعة، وليست من خصائص الرافضة، بل التاريخ يثبت -وهو خير شاهد- أن الاحتفال به من إحداث الرافضة ابتداء، فأول من أحدثه هم العبيديون الرافضة في مصر، ثم تلقفها الباقون عنهم، ولكن الفارق في إحياء المناسبات بين الشيعة وغيرهم، من بقية المسلمين السنة، من صوفية وعامة، أنهم يريدون بها تعظيم قدر النبي عليه الصلاة والسلام، ويقصدون التعبد لله تعالى بها، بينما هي عند الرافضة مواسم وشعارات سياسية، تستغل للترويج للمذهب وحشد الأتباع واستغلال عاطفة التدين في نفوسهم، كما تستغل لشحن قلوب الأتباع بمزيد من البغضاء والحقد على عموم الأمة بدأ بالصحابة فمن دونهم،على العكس تماما مما يحمله ميلاد الرسول الأعظم،عليه الصلاة والسلام، من الدعوة إلى الأخوة والرحمة والتسامح، واجتماع كلمة الأمة، والتغيير المنشود للعقول والسلوك، لذا فالحوثية اليوم يحييون ذكرى المولد النبوي، ليس على سنة الشعوب الإسلامية، وإنما علي سنة أسيادهم، من الشيعة الاثني عشرية الفارسية، وهذا هو الفرق بينهم وبين بقية المسلمين. والحاصل أن هذا لم يكن موجودا في ثقافة الزيدية، إلى زمن قريب.

5- إعلان البراءة من المشركين في موسم الحج : كما يزعمون، والإشادة بها تشبها بالرافضة الإيرانيين الذين أحدثوا هذه البدعة المنكرة، وكانت من قبلهم شعارا للقرامطة الباطنية، كأبي سعيد الجنابي وأتباعه من قتلة الحجيج أيام التشريق بمكة، ولا يخفى إشادة حسين الحوثي، في ملازمه بهذه البدعة الشنيعة ودعوة أتباعه لها، وهي بلية أخرى على الزيدية وغيرهم، وليس لها وجود في مذهبهم.

6- إحياء شعارهم المبتدع: والصراخ به في المساجد أدبار الصلوات والجمعة، والأعياد، وسائر المناسبات الأخرى، وجعله من فروض الأعيان على أتباعهم، لا الكفايات، كأقل واجب في الجهاد والبراءة من أعداء الله، زعموا! وهو (الله أكبر - الموت لأمريكا - الموت لإسرائيل - اللعنة على اليهود - النصر للإسلام) وهذا الشعار الذي نافس الأذان وزاد عليه، هو في الأصل شعار سياسي رافضي بامتياز، وقد صار من أهم خصائص الحوثية، ولا عهد للزيدية به من قبل، فضلاً عن أن يكون شعارا تعبديا جهاديا يقاتلون عليه ويموتون دونه، وإن كان خاليا من الحقيقة، بعيدا كل البعد عن واقع القوم وسلوكهم، فالحوثية لم يقاتلوا يهودا ولا نصارى، وإنما يقاتلون أبناء هذا الشعب المسلم، من القوات المسلحة، والقبائل السنية في صعدة وحجة والجوف وغيرها! فأي قيمة أو دلالة أو معنى لهذا الشعار الأجوف الخادع؟! 7- ظاهرة سب أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، ورضي عنهم أجمعين: وقد شاعت هذه البلية بينهم بصورة لم يسبق لها مثيل منذ قيام الثورة اليمنية حتى اليوم، تحت شعار البراءة من أعداء أهل البيت، وشمل ذلك السب والشتم، الخلفاء الثلاثة، وأم المؤمنين عائشة، فضلا عمن دونهم، ومن المعلوم أن هذا خلاف ما عليه أئمة الزيدية وعامتهم عدا غلاة الجارودية منهم، فهل أصبح مذهب سائر الزيدية اليوم جارودياً، أم تأثر الجميع بغزو الرافضة واختراقها لهم؟!

ثانياً: الاختراق السياسي:

ويتجلى ذلك من خلال عدة أمور منها:

1- إتباع نفس السلوك التوسعي لبسط السيطرة والنفوذ على عدة محافظات يمنية بعد صعدة، كالجوف وحجة وعمران، وتطبيق السياسة الإيرانية في أحواز السنة وسائر محافظات العراق السنية، وكذلك سياسة حزب الله في لبنان، على حد سواء.

2- أسلوب الحشد الجماهيري والخطابات الرنانة وإظهار الشعارات الخادعة: كالعداء الصوري لأمريكا واليهود وأعوانهم، تماما كما يفعل نجاد وحسن نصر الله في لبنان، مما يدل على أن مطبخ السياسة واحد،وأن الجماعة تسير حذو القذة بالقذة.

3- الإشادة دوما بدولة إيران وحزب الله، والإعجاب الشديد بسياستهم: كما يظهر ذلك في ملازم حسين بدر الدين، وتبني نفس المواقف التي تبناها الأسياد، ومن ذلك وقوف الحوثية اليوم، ضد الثورة السورية والزعم بأنها مؤامرة خارجية! وتبرير كل جرائم النظام السوري التي شهد بفضاعتها المسلمون والكفار، والأبرار والفجار، إلا هؤلاء القوم الذين تشابهت عقائدهم وقلوبهم وجرائمهم، وجمعهم الحقد المشترك على أهل السنة، والأسلوب المتبع وهو الظلم والطغيان، {أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} [الذاريات:53] هذا في الوقت الذي يزعم فيه الحوثية أنهم أحد مكونات الثورة اليمنية وصناعها، الثائرون ضد الظلم والاستبداد! في تناقض صارخ مع مواقفهم المفضوحة المتناقضة، واصطفافهم مؤخرا إلى جانب النظام القمعي لشعبه، ومحاولتهم السعي لإفشال الثورة، وإسقاط حكومة الوفاق الوطني في اليمن،!!

4- استنساخ الشعارات الخادعة والتضليل الإعلامي: كما عرفت به رافضة إيران ولبنان وغيرهم، وقد سبقت الإشارة لشعار الحوثية ذي الصبغة العقدية والسياسية في الوقت نفسه، وكما يظهر على زعيم الحوثيين اليوم من تقليده الشديد وتماهيه في شخصية نصر الله، ومحاكاته في كل شيء إلا في تركيب العمامة السوداء فقط، كما يظهر ذلك في تشابه الأعلام الخضراء، والظهور للأتباع في هالة من التقديس والهيلمان، ومن يستقرئ التاريخ يدرك ذلك التشابه في رؤساء الفرق والطوائف الذين يصنعهم الأتباع وتبرزهم الأحداث على عجل، على العكس تماما من سيرة العظماء الفاتحين، الذين ملئ صيتهم الدنيا، وبلغ تواضعهم القمة.

ثالثاً: الاختراق الاقتصادي والاجتماعي:

ويظهر ذلك من خلال فرض الخمس بديلا عن الزكاة أو تمهيدا لجعله كذلك، وفرض كثرة الإتاوات من ضرائب وواجبات لنصرة المجاهدين، وغير ذلك من أنواع التسلط والعسف،خصوصاً على غير أتباع مذهبهم، وأظن أن ما يجري عند أسيادهم الرافضة، من أنواع التجارة الأخرى كالمخدرات والحشيش وغيرها، يجري على هؤلاء حسب الظروف المساعدة لهم.

وأما في الجانب الاجتماعي فيظهر ذلك من خلال إضفاء الهالات والألقاب على السادة والتقديس لهم على غرار مراجع الرافضة، والسعي الحثيث لترسيخ تلك الطبقية والتمايز في المجتمع، بين السادة المقدسين الذين تقبل أيديهم وركبهم وأرجلهم، ويصبحون أوصياء على كل الناس! وبين الأتباع العبيد المحكومين،الذين ينكح منهم ولا ينكح لهم، ويطيعون ولا يتأمرون! إلى غير ذلك من مظاهر التعالي والتمايز البغيض الذي تأباه روح الإسلام، وتعاليمه السامية، في العدل والمساواة في الكرامة والحقوق والواجبات، بين سائر الناس، كما قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات:13]. وقال نبيه الكريم، عليه الصلاة والسلام: «الناس سواسية كأسنان المشط لا فضل لعربي على عجمي ولا لأبيض على أسود إلا بتقوى الله تعالى» وقد ورد الحديث بعدة ألفاظ، وتردد منه عليه السلام في عدة مواطن تأكيدا على نزع وإسقاط تلك الفوارق الجاهلية المصطنعة، وأظن جازماً أن المجتمع اليمني بأصالته العربية، وما جبل عليه من شكيمة وإباء، يأبى ذلك ذلك التمايز الطبقي ويرفضه، ولا يرضى لنفسه أبدا بهذه الدونية بين طبقة السادة والعبيد، اللهم إلا من سفه نفسه، وهانت عليه كرامته، فضلا عن أن يرضى بذلك السقوط الأخلاقي السحيق عند الرافضة، وهو ما يسمى بالمتعة، التي يمكن أن تسوق ضمن المشروع الاثني عشري الوافد على اليمن، وما المانع من ذلك خصوصاً إذا علمنا أنها من قواعد المذهب، ومن أعظم وسائل التقرب إلى الله تعالى، ساء ما يزعمون.

وإذا أضيف للشواهد السابقة ما أصبح معلوما من التدريب والتسلح الإيراني، وما ذاع وشاع من توافد المدربين والأطباء والمعلمين الإيرانيين واللبنانيين والعراقيين الشيعة،على صعده وما عثر عليه من بطائق ووثائق ومبالغ مالية مهربة للحوثية، ضبطتها الحكومة السابقة أثناء الحرب، والحالية من أسلحة إيرانية هربت عبر سفن وزوارق بحرية، وغيرها، بالإضافة إلى تدخلات إيران السافرة في الحروب الماضية، ونداءات المراجع الدينية الرافضة، لنصرة الحوثين، وبتغطية قناتي العالم والمنار الشيعيتين، لكل الحروب السابقة، والوقوف معهم باستماتة حتى اللحظة، كل ذلك وغيره شواهد بارزة، على الاختراق والاحتواء الرافضي الاثني عشري للحوثية، ومن خلفهم أبناء المذهب الزيدي في اليمن، وإذا وجدت كل هذه المؤثرات مع وجود القابلية والهرولة والتماهي عند أبناء الزيدية في هذا المذهب الوافد، وإذا استطاع رافضة إيران كذلك أن يجهزوا على كل أسلحة الممانعة عند الزيدية، وينسفوا كل وجوه الفوارق والتمايز بين المذهبين، فهذا يعني أن المذهب الزيدي مرشح لسقوط وشيك، وأنه قادم على مرحلة تحول خطيرة، من مذهب زيدي معتدل، إلى مذهب جعفري اثني عشري متطرف، وعندها يقال: على المذهب الزيدي السلام، ويصلى عليه أربعا لوفاته، -أو خمسا على المذهب- {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [سبأ:20]. وتلكم هي عوامل طبيعية وسنن ماضية لنهاية الأمم والشعوب والحضارات والمذاهب وغيرها. {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [يوسف:21]. والله نسأل حسن الخاتمة لنا ولسائر المسلمين. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



مقالات ذات صلة