بسم الله الرحمن الرحيم
رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ
حزب الله الأكذوبة التي صدقناها!!
الخميس 17 جمادى الآخرة 1427هـ –13 يوليو 2006م
محمد سليم العبادلة
مفكرة الإسلام: وقت كانت القوات الصهيونية تجتاز الحدود اللبنانية فيما عرف آنذاك بحملة سلامة الجليل [حزيران – يونيو 1982] كانت التجمعات البشرية الشيعية الموجودة في قرى الجنوب اللبناني تجمع الورود لنثرها على قوات التحرير – كما أطلقوا عليها آنذاك - من البطش والإجرام السني الوهابي – التهمة الجاهزة دومًا – وفي تلك الأيام كانت المرجعية الدينية قد تحولت من العراق في النجف إلى قم في إيران كنتيجة لسقوط نظام الشاه وسيطرة خميني على الحكم في إيران, فأصبح شأن شيعة لبنان بيد خميني يحركه كيفما يشاء خدمة لمصالح التشيع الصفوي الفارسي[1].
- بالأمس قال الشيخ حارث الضاري في اجتماع الجمعية العامة للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين المنعقد في إسطنبول وهو يهتف بصوت عال وقد بدا الألم الممزوج بالغضب واضحًا على وجهه بأن ضحايا أهل السنة في العراق قد وصل عددهم إلى 200 ألف!! 100 منهم قتلوا على أيدي القوات الأمريكية والمائة الأخرى على أيدي الميليشيات الصفوية بقيادة عزيز الحكيم ومقتدى الصدر وبأوامر مباشرة من إيران, وكان رد محمد علي تسخيري رئيس ما يسمى بمجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية – كان يجلس بجانبه – أن إيران حاولت مع مقتدى الصدر لوقف هذه الاعتداءات ولكنها لم تفلح في ردٍ يحتوي على نقطتين؛ أولهما أنه اعترف اعترافًا صريحًا بتورط ميليشيات جيش المهدي في هذه الجرائم, وثانيهما أن إيران لن يكون لها أي دور في إيقاف هذه المذابح؛ لأن هذا ما ترنو إليه دون شك.
- في بصرة الفاروق رضي الله عنه أصبح الوجود السني يكاد لا يذكر – أقل من 7% - وعلى أبواب مدينة سامراء تجري عملية حشد مليونية لعناصر عبرت الحدود من إيران للهجوم على المدينة وتفريغها تمامًا من أهل السنة تحت ذريعة بناء ضريح ما يعرف بالإمام علي الهادي وأخيه العسكري[2], وسنة سامراء يطلبون المدد من الدول العربية ولا مجيب, وعصابات المهدي وبدر تعيث فسادًا في بغداد؛ تقتل الأبرياء وتحرق المساجد وتستولي على المنازل وتوطن الغرباء الإيرانيين في أكبر عملية إبادة جماعية يشهدها القرن الواحد والعشرين[3].
لماذا تحرك حزب الله في هذا الوقت بالذات؟!
في خلال الأسابيع الماضية التي شهدت ما سمي بمشروع المصالحة الوطنية في العراق والتي بدا فشلها ظاهرًا وبدت عورات الحكومة الصفوية واضحة أكثر فأكثر بعد فضيحة اغتصاب ماجدة العراق عبير الجنابي وبعد دعوة الرئيس الإيراني منذ أيام قليلة مجددًا لإزالة الكيان الصهيوني وتفكيكه لوحظ أن كلا الأمرين 'مشروع المصالحة الوطنية' و'دعوة الرئيس نجاد لإزالة إسرائيل' لم يلقيا أي نجاح أو اهتمام سياسي وإعلامي على الأقل بعكس ما لاقته دعاوى المشاركة في الانتخابات العراقية والعملية السياسية المترتبة عليها في بداية العام الحالي, ودعوة الرئيس الإيراني من قبل لمحو 'إسرائيل' وما صاحب ذلك من تداول إعلامي وإخباري واسع, وتزامن كل هذا مع عملية الوهم المتبدد البطولية التي زلزلت أركان 'إسرائيل' وأُعلن فيها فصيل جيش الإسلام, ذلك الفصيل الجديد الذي لم يكشف عنه إلا القليل من خلال متحدث باسمه, إلا أن ملامح السلفية الجهادية اتضحت من خلال ما قاله الناطق المخول حول موقفه من قضية فلسطين ونبذهم لكل الاتجاهات غير الإسلامية كالوطنية والقومية, ما يعني أن عدو الشيعة اللدود قد أصبح قاب قوسين أو أدنى من أن يكون عاملاً مؤثراً في القضية الفلسطينية – حصان طروادة المفضل لديهم - ما حدا بحكماء الصفويين أن يوكلوا حزب الله نيابة عنهم لكي يقوم بعملية الجنوب اللبناني وخطف الجنديين 'الإسرائيليين', في محاولة أخرى للتأثير على الجماهير المذبذبة التي انقسمت بين خجول تائه لما يرونه من ازدواجية إيران في التعامل مع قضايا المسلمين, وبين من لفظهم بعد أن اكتشف حقدهم الدفين على الإسلام والعروبة, ولم يكن هناك أنسب من حزب الله ليقوم بهذا الدور لكي يتسنى لهم أمور عديدة نستعرضها بإيجاز ألا وهي:
[1] التغطية على جرائمهم الهمجية بحق أهل السنة في العراق:
[2] كبح جماح أية عملية فدائية قد تدور في مخيلة التنظيمات الفلسطينية في لبنان على ضوء تطورات الأحداث في غزة.
[3] والأهم من ذلك هو مشاغلة مشاعر الأمة الإسلامية وشل قدرتها على تحديد موقف ثابت من التشيع الصفوي لحساب المشروع الإيراني الجاري تنفيذه في العراق على أيدي عصابات إيران في بلاد الرافدين لتهيئة الأجواء لقيام دولة شيعية صفوية تكون شوكة في حلق الأمة العربية والإسلامية, وقاعدة لنشر مذهبها في أخطر بقاع الأرض وأكثرها ثراءً على الإطلاق, وهذا ما ستكشف عنه الشهور القادمة.
ختامًا:
لا يمكننا أن ننكر بأي حال من الأحوال قدرة حزب الله العسكرية على تنفيذ عمليات على الحدود مع 'إسرائيل', ولا أن نتعامى عن مهارة مقاتليه المدربين جيدًا من قبل عناصر الحرس الثوري الإيراني, تلك العناصر التي تعيث فساداً الآن وأثناء كتابة هذه السطور في بغداد عاصمة الخلافة الإسلامية وتقتل الأبرياء من شيوخ ونساء وأطفال على الهوية, وتغتصب النساء وتفجر المساجد وتدنس المصاحف, ولكن لا يجوز بأي حال من الأحوال أن ننظر إلى الأمور بعين واحدة, وأياً كانت النتائج المترتبة على أسر الجنديين في الجنوب اللبناني والتي ستؤثر على عقول البسطاء وربما تجعل العديد ممن اتخذ موقفاً حذراً من الحزب بعد سقوط بغداد يعيد التفكير مجدداً في موقفه من الحزب ذلك الموقف الذي تمظهر بشدة في السنوات القليلة المنصرمة على ضوء موقف الحزب المعادي للمقاومة في العراق, إلا أن لدينا رسالة إسلامية واضحة لابد أن نتبناها.
وفي النهاية لدينا سؤالان نتوجه بهما لنائب الأمين العام لحزب الله 'نعيم قاسم'[4] صاحب العلاقة المميزة مع السيد محمد علي تسخيري, والمسئول عن مكتب التنسيق بين حزب الله وما يسمى بالمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق؛ والأول هو 'هلا توسطت لدى منظمة بدر لوقف اعتداءاتها على أهل السنة في العراق؟' والثاني 'لماذا لا تمدون إخوانكم من أهل السنة في مزارع شبعا المحتلة بالسلاح لكي يشاركوا معكم في مقاومة الصهاينة من باب تلميع الأوجه على الأقل؟'
ــــــــــــــــــ
[1] قيل لأحد قادة الحزب وهو إبراهيم الأمين 'أنتم جزء من إيران'، فكان رده: 'نحن لا نقول إننا جزء من إيران؛ نحن إيران في لبنان، ولبنان في إيران' – المصدر جريدة النهار 5 – 3- 1987
[2] نقلاً عن مفكرة الإسلام الحائزة على جائزتي 'أحسن صحفي للتغطية الإعلامية المتميزة' و'الأخبار الدقيقة بالعراق' من نقابة الصحفيين العراقية.
[3] نشرت صحيفة الجارديان البريطانية تقريراً عن مراسلها في العراق يصف فيه ما يحدث ببغداد هذه الأيام هو عملية إبادة جماعية لأهل السنة, مشبهاً الوضع في العراق بما كان يحدث في البوسنة والهرسك في تسعينيات القرن الماضي [نقلاً عن عكاظ السعودية].
[4] تهجم نعيم قاسم على المقاومة العراقية قبل أيام نافياً وجودها على الإطلاق, متهماً إياها بقتل المدنيين والأبرياء.