بقلم: طارق أحمد حجازي
المسجد الأقصى ... في كتابات اليهود ؟!!
تنوعت أساليب اليهود في نقض مكانة المسجد الأقصى والعمل على التشكيك في قداسته عند المسلمين ، فلا تكاد تجد بحثاً وكتاباً أو تحقيقاً وإصداراً للباحثين اليهود الحاقدين إلا ويؤكد أن قدسية مدينة القدس يشوبها الكثير من الشكوك ، بطرق ملتوية ونصوص لا تحتمل كل ذلك بهدف التزييف والتشويه وتوهين حقائق الإسلام ومقدساته في نفوس المسلمين.
ومن أبرز تلك الجهود محاولاتهم تأويل الآيات القرآنية التي نصت على فضل المسجد الأقصى ، والتشكيك في أحاديث النبي محمد e التي أجمع علماء أهل السنة على صحتها ، وزعموا أن المسجد الأقصى هو مسجد في السماء !! وليس مسجد القدس المعروف عند المسلمين !! وأن كلمة الأقصى تفيد أنه مصلى سماوي ، أي القدس العليا!! فوجدوا ضالتهم في روايات وأقوال وأخبار ذكرها الشيعة في كتبهم تنص على أن المسجد الأقصى مسجد في السماء تشابه اسمه مع مسجد القدس !! وإليك بعضاً من كتاباتهم التي تنص على أنه مسجد في السماء :
بوهل ومادة القدس :
جاء في " الموسوعة الإسلامية Encyclopacdia of Islam " تحت كلمة: AL-Kuds والتي كتبها اليهودي " بوهل" Buhl F. (1) ما يأتي : ربما كان الرسول e يظن أن المسجد الأقصى مكان في السماء "!!
ورجح بعد ذلك : " أن الرسول محمد e ربما فهم منذ البداية أن المسجد المذكور في الآية الكريمة إنما هو مكان في السماء ، وليس المسجد الذي بني فيما بعد في مدينة بيت المقدس" (2).
إسحق حسون :
يقول إسحق حسون الباحث اليهودي ، والعضو في معهد الدراسات الآسيوية والأفريقية في الجامعة العبرية ، في مقدمة تحقيقه لكتاب فضائل البيت المقدس لأبي بكر محمد بن أحمد الواسطي : "ومعروف أن فرقاً من الشيعة لا ترى لمسجد بيت المقدس فضلاً على غيره من المساجد " (3) ؛ ودلل على ذلك بسرده لأحاديث وردت في بحار الأنوار للمجلسي ، وينابيع المودة للقندوزي .
وفي كتابة لاحقة "لحسون" جاء فيها : "إن علماء المسلمين لم يتفقوا جميعاً على أن المسجد الأقصى هو مسجد القدس ، إذ رأى بعضهم أنه مسجد في السماء يقع مباشرة فوق القدس أو مكة " (4) !! وحاول بذلك التمييز بين القدس السماوية والقدس السفلي !!.
حوا لا تسروس يافه :
كتبت "حوا لا تسروس يافه" (5) بحثاً أكدت فيها أن المسجد المذكور في آية الإسراء قد فهم منذ البداية أنه مسجد بعيد قصي سماوي !! ولم يقصد منه ذلك المسجد الذي لم يقم في القدس إلا زمن الأمويين " !! ودعمت لاتسروس فكرتها بمقال كتبه "جوزيف هوروفيتش " حول الموضوع نفسه أكد فيه أن المسجد الذي عنته آية الإسراء إنما هو مصلى سماوي يقع في القدس السماوية العليا ، وقال : " ينبغي أن نفهم أقوال مفسري القرآن الأقدمين على هذا النحو حيث يجمعون عادة على أن المسجد الأقصى معناه بيت المقدس ، وحسب رأيها فإنهم يقصدون القدس العليا غير أن المصطلحات اختلطت على مر الأجيال ، وفهم المسجد الأقصى الذي في القدس العليا على أنه موجود في القدس الحاضرة" (6) .
يهودا ليطاني :
الكاتب "يهودا ليطاني" (7) خط مقالاً في "يديعوت أحرونوت" تحت عنوان "معركة ذهنية حول المسجد الأقصى" شكك فيه " أن يكون المسجد الأقصى محل إجماع عند المسلمين أنه المسجد في القدس ، وأضاف : والحق أن هناك تفسيرات إسلامية لعبارة المسجد الأقصى تجعله في مناطق أخرى من جملتها بقرب المدينة المنورة (8) !!.
كستر "kister M.J." :
وكذلك "كستر" (9) العضو في معهد الدراسات الآسيوية والأفريقية في الجامعة العبرية بالقدس المحتلة كتب الآتي :" إن هناك جدلاً بين المسلمين حول أفضلية المسجد الأقصى " (10) ..." واستعان في عدد من الأحاديث التي أوردها للتشكيك في مكانة القدس عند المسلمين ، بأحاديث نُسب رواتها إلى الشيعة " (11) .
وهذا غيض من فيض مما كتبت الأقلام اليهودية للتشكيك في أفضلية القدس والمسجد الأقصى واهتمام المسلمين بهما ، ومكانتهما في الشرع الإسلامي ، وتأكيدهم على أن المسجد الأقصى هو مسجد في السماء (12).
المسجد الأقصى ... في كتابات المستشرقين ؟!!
أثار المستشرقون مجموعة من القضايا التي تتصل بتاريخ القدس والمسجد الأقصى ، ومكانتهما عند المسلمين ؛ وكان الهدف من إثارة تلك القضايا التدليل على أن مدينة القدس لم تكن لها أية مكانة مميزة في الإسلام ، ولم يكن لها أهمية تذكر من الناحيتين الاستراتيجية والإدارية !! وسنذكر أشهر أقوالهم :
"جولد تسيهر" :
"جولد تسيهر" ( 1850 – 1920 ) - المستشرق المجري - وهو من أصول يهودية ، يُعد المرجع الأساس لكثير ممن كتب من الباحثين اليهود عن القدس والمسجد الأقصى، ومؤلفاته تعد مراجع أصلية لطلاب الاستشراق من الغربيين، وهو من أوائل من شكك في الأحاديث التي جاءت بفضل المسجد الأقصى وبركته ، وزعم أن "عبد الملك بن مروان" منع الناس من الحج أيام فتنة ابن الزبير، وأنه بنى قبة الصخرة في المسجد الأقصى ليحج الناس إليها ويطوفوا حولها بدلاً من الكعبة !! وزعم أيضاً أن عبد الملك أراد أن يحمل الناس على الحج إليها بعقيدة دينية، فوجد الزهري وهو ذائع الصيت في الأمة الإسلامية مستعداً لأن يضع له أحاديث كحديث: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد" وزعم أن الأحاديث التي وردت في فضائل بيت المقدس مروية من طريق الزهري فقط!!
"ريجيس بلاشير" :
وكتب المستشرق الفرنسي "ريجيس بلاشير" (13) في ترجمته لمعاني القرآن إلى اللغة الفرنسية وتحديداً في قوله تعالى: )سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأقْصَى ( (14) . " إن المسلمين الذين عاصروا النبي e - أي الصحابة رضي الله عنهم - كانوا يرون - فيما يبدو - أن المراد من المسجد الأقصى مسجد في السماء . وأن الإسراء يعني المعراج أي الصعود في السماء ، ولكن في عهد الأمويين كانت هناك محاولة لتجريد مكة المكرمة من مركزها الفريد عاصمةً للإسلام ، وتبعاً لذلك لم يعد المسجد الأقصى مسجدا سماوياً لكنه صار يعني مدينة في دولة يهودية " (15) !!
فهلا عرفنا من أين لهؤلاء اليهود والمستشرقين هذه الأقوال ؟!والمراجع والمصادر التي اعتمدوها للتدليل على أن المسجد الأقصى هو مسجد في السماء!! وأن مكانته مشكوكٌ فيها؟!!
الخلاصة : وهكذا نجد أن اليهود استعانوا بكل النصوص والأقوال التي حاول الشيعة بها محاربة الخلفاء الأمويين ، وإعطاء مكانة لمقدساتهم تفوق مكانة المسجد الأقصى . واستغل اليهود هذه التهم والأكاذيب لقطع الرابط بين فلسطين والمسجد الأقصى ؛ وليقولوا كاذبين بأن القدس لا مكانة إسلامية لها ولا رابط بينها وبين الإسلام ، والمسجد الأقصى هو مسجد آخر غير الموجود بالقدس (16) .
1 - بوهل : مستشرق يهودي كتب مادة القدس في الموسوعة الإسلامية !!
2- فضائل بيت المقدس في مخطوطات عربية قديمة ، للدكتور محمود إبراهيم ، ص 47 ، الجامعة الأردنية ، إصدار معهد المخطوطات العربية ( المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ) الطبعة الأولى 1985م
3 - فضائل بيت المقدس ، لأبي بكر الواسطي ص35 ، تحقيق إسحاق حسون ، معهد الدراسات الأسيوية والأفريقية – الجامعة العبرية ، القدس .
4- فضائل بيت المقدس في مخطوطات عربية قديمة ، للدكتور محمود إبراهيم ، ص41 .
5- "حوا لاتسروس يافه " : باحثة يهودية مستشرقة ، قدمت عدة بحوث لمؤسسة " ياد يتسحاق بن تسفي" المتخصصة في الأبحاث والدراسات المتعلقة في تاريخ القدس .
6- القدس دراسات في تاريخ المدينة ؛ تحرير : أمنون كوهين ؛ ص 39 ، إصدار " ياد يتسحاق بن تسفي".
7 - كاتب صحفي في صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية .
8- يديعوت أحرونوت 3/3/2005م .
9 - أكاديمي وباحث يهودي ، وهو من أصول بلجيكية، وعضو معهد الدراسات الآسيوية والأفريقية في الجامعة العبرية بالقدس المحتلة ، وله العديد من البحوث في تاريخ القدس ، والتي لا تخلو من التشكيك في مكانة المسجد الأقصى ، ككل زملائه في جيش البروفسورات العاملين في الجامعات العبرية .
10- فضائل بيت المقدس في مخطوطات عربية قديمة ، ص 40 .
11- المرجع السابق ، ص 40 .
12- للاستزادة : انظر فضائل بيت المقدس في مخطوطات عربية قديمة ، للدكتور محمود إبراهيم ، الجامعة الأردنية ، إصدار معهد المخطوطات العربية ( المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ) الطبعة الأولى 1985م .و" أدب فضائل المدن في دراسات المستشرقين اليهود " بحث وتحقيق عبد اللطيف زكي أبو هاشم ، مدير دائرة التوثيق والمخطوطات والآثار – غزة ، فلسطين . و المستشرقون اليهود ومحاولة التهوين من قدسية القدس ومكانتها في الإسلام ، بقلم د. حسن عبد الحميد سلوادي ، عميد كلية الآداب "جامعة القدس" . والقدس دراسات في تاريخ المدينة ، تحرير البروفسور أمنون كوهين .
13- "ريجيس بلاشير" ( 1900- 1973م ) من أشهر مستشرقي فرنسا في القرن العشرين ، ومن أعضاء المجمع العلمي العربي بدمشق !! أصدر ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الفرنسية في عام 1957م ثم أعيد طباعتها عام 1966م . وحوى تفسيره الكثير من المغالطات والأكاذيب والافتراءات . وحاول إقناع القارئ بأن القرآن الكريم من تأليف محمد e .
14- سورة الإسراء : 1 .
16- ريجيس بلاشير ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الفرنسية ، صفحة 305.
17 - وحين سئل الشيخ الدكتور حسام الدين عفانة الأستاذ في الفقه والأصول ، كلية الدعوة و أصول الدين في جامعة القدس - فلسطين - عن "مكانة المسجد الأقصى المبارك عند الشيعة" ؟ فكان من إجابته : " وخلاصة الأمر أن الشيعة لا ينظرون إلى المسجد الأقصى المبارك كما ينظر إليه أهل السنة، فالمسجد الأقصى عند الشيعة إنما هو في السماء، ومن يقر منهم بأنه المعروف في بيت المقدس فمسجد الكوفة أفضل منه، ولا شك أن هذا محض افتراء على دين الله فلم تثبت أي فضيلة لمسجد الكوفة لا في الكتاب ولا في السنة ". المرجع موقع الشيخ الدكتور حسام الدين عفانة " يسألونك على الشبكة العالمية : www.yasaloonak.net و كذلك موقع الحقيقة www.haqeeqa.com .