كذب عدنان إبراهيم على الفقهاء في مسألة دفن المنتحر في مقابر المسلمين ...

بواسطة مدونة ابي جعفر قراءة 1383
كذب عدنان إبراهيم على الفقهاء في مسألة دفن المنتحر في مقابر المسلمين ...
كذب عدنان إبراهيم على الفقهاء في مسألة دفن المنتحر في مقابر المسلمين ...

2016-8-17

عبد الله بن فهد الخليفي

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

أما بعد :

 

قال عدنان إبراهيم في خطبته في سبيل أنسنة الدين ( وهي في الحقيقة مسونة الدين ) :" ألم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, أن من تحسى سما فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها؟ وأن من وجأ بطنه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها بطنه في جهنم خالدا مخلدا الحديث, النص اذن يقول هذا, انتهى..هذا له جهنم خالدا مخلدا فيها. اوربا في العصور الوسطى كانت تتعاطى مع هذا الحدث الفاجع من نفس الزاوية, كان المنتحر ملعونا وكما لدى بعض فئات من المسلمين يحرم تحريما مؤكدا جازما,يحرم و يحَرَّم ان يدفن هذا المنتحر في مقابر الناس والعامة, لأن اللعنة التي حاقت به ونزلت عليه ولاتزال, ستمنع الآخرين من أن يرقدوا بسلام كان من جملة المسائل التي أنكرت على المصلح الديني الشهير مارثن لوثر, أنه صلى على منتحر واحتفر قبره, كيف تفعل هذا فهذا مخالف للدين وللنصوص وللشرائع الكنسية وللبابا نفسه"

عدنان إبراهيم يحاول الربط بين علماء المسلمين والكهنوت النصراني ليظهر هو بصورة مارتن لوثر المسلمين كما أوحى إليه أستاذه المستشرق

وما ذكره عدنان كذب على الفقهاء فلم يقل أحد منهم أن المنتحر لا يدفن في مقابر المسلمين بل اختلفوا في الصلاة عليه مع اعترافهم بإسلامه جميعاً

جاء في البناية من كتب أهل الرأي ( المسمون بالأحناف ) :" من قتل نفسه بحديدة ظلما ذكر الصدر الشهيد في " الجامع الصغير " أنه يغسل ويصلى عليه عند أبي حنيفة ومحمد بخلاف الباغي.

وفي " شرح السير " أن فيه اختلاف المشايخ، قال شمس الأئمة الحلوائي: الأصح أنه يصلى عليه. وقال القاضي أبو الحسن السعدي: إنه لا يصلى عليه؛ لأنه باغ على نفسه، وذكر لأن عليا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لم يصل على البغاة."

فالذي منع جعله في البغاة والبغاة مسلمون بلا خلاف ويدفنون في مقابر المسلمين وغيره أباح

وفي تحفة المحتاج من كتب الشافعية :" (وَقَاتِلُ نَفْسِهِ كَغَيْرِهِ فِي الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ) وَغَيْرِهِمَا لِخَبَرِ «الصَّلَاةُ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمَةٍ بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا وَإِنْ عَمِلَ الْكَبَائِرَ» وَهُوَ مُرْسَلٌ اعْتَضَدَ بِقَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُصَلِّ عَلَى الَّذِي قَتَلَ نَفْسَهُ» أَجَابَ عَنْهُ ابْنُ حِبَّانَ بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ وَالْجُمْهُورُ بِأَنَّهُ لِلزَّجْرِ عَنْ مِثْلِ فِعْلِهِ"

سئل شيخ الإسلام ابن تيمية :

عن رجل يدعي المشيخة : فرأى ثعبانا , فقام بعض من حضر ليقتله , فمنعه عنه , وأمسكه بيده , على معنى الكرامة له , فلدغه الثعبان فمات . فهل تجوز الصلاة عليه أم لا ؟.

فأجاب :

الحمد لله رب العالمين ، ينبغي لأهل العلم والدين أن يتركوا الصلاة على هذا , ونحوه , وإن كان يصلي عليه عموم الناس كما امتنع النبي صلى الله عليه وسلم من الصلاة على قاتل نفسه , وعلى الغال من الغنيمة , وقال : صلوا على صاحبكم ، وقالوا لسمرة بن جندب : إن ابنك البارحة لم يبت , فقال : بشما ؟ (أي هل عدم نومه بسبب كثرة الأكل ) قالوا : نعم , قال : أما إنه لو مات لم أصلِّ عليه . فبين سمرة أنه لو مات بشما لم يصل عليه ; لأنه يكون قاتلا لنفسه بكثرة الأكل ، فهذا الذي منع من قتل الحية , وأمسكها بيده حتى قتلته , أولى أن يترك أهل العلم والدين الصلاة عليه ؛ لأنه قاتل نفسه ... " الفتاوى الكبرى " ( 3 / 20 ، 21 ) .

وقال شيخ الإسلام رحمه الله – أيضاً - :

ومن امتنع من الصلاة على أحدهم - أي : الغال والقاتل والمدين - زجراً لأمثاله عن مثل فعله كان حسناً ، ولو امتنع في الظاهر ودعا له في الباطن ليجمع بين المصلحتين : كان أولى من تفويت إحداهما . " الاختيارات العلمية " ( ص 52 ) 

قال مسلم في صحيحه 226- [184-116] حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، جَمِيعًا عَنْ سُلَيْمَانَ ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ : حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ حَجَّاجٍ الصَّوَّافِ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرٍ أَنَّ الطُّفَيْلَ بْنَ عَمْرٍو الدَّوْسِيَّ ، أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، هَلْ لَكَ فِي حِصْنٍ حَصِينٍ وَمَنْعَةٍ ؟ قَالَ : حِصْنٌ كَانَ لِدَوْسٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، فَأَبَى ذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلَّذِي ذَخَرَ اللَّهُ لِلأَنْصَارِ ، فَلَمَّا هَاجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ ، هَاجَرَ إِلَيْهِ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو وَهَاجَرَ مَعَهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ ، فَاجْتَوَوُا الْمَدِينَةَ ، فَمَرِضَ ، فَجَزِعَ ، فَأَخَذَ مَشَاقِصَ لَهُ ، فَقَطَعَ بِهَا بَرَاجِمَهُ ، فَشَخَبَتْ يَدَاهُ حَتَّى مَاتَ ، فَرَآهُ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو فِي مَنَامِهِ ، فَرَآهُ وَهَيْئَتُهُ حَسَنَةٌ ، وَرَآهُ مُغَطِّيًا يَدَيْهِ ، فَقَالَ لَهُ : مَا صَنَعَ بِكَ رَبُّكَ ؟ فَقَالَ : غَفَرَ لِي بِهِجْرَتِي إِلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : مَا لِي أَرَاكَ مُغَطِّيًا يَدَيْكَ ؟ قَالَ : قِيلَ لِي : لَنْ نُصْلِحَ مِنْكَ مَا أَفْسَدْتَ ، فَقَصَّهَا الطُّفَيْلُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اللَّهُمَّ وَلِيَدَيْهِ فَاغْفِرْ.

على هذا الحديث اعتمد الفقهاء في إزالة اسم الكفر الأكبر عن المنتحر

قال الخطابي: وقد اختلفَ الناسُ في هذا، فكان عمر بن عبد العزيز لا يرى الصلاة على من قتل نفسَه، وكذلك قال الأوزاعي، وقال أكثر الفقهاء: يُصلَّى عليه

أقول : وأما الدفن في مقابل المسلمين فلا أعلم من ينكره 

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

المصدر: مدونة ابي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي



مقالات ذات صلة