إيران ولعبة تنظيم القاعدةالشيعي

بواسطة صباح الموسوي قراءة 630
إيران ولعبة تنظيم القاعدةالشيعي
إيران ولعبة تنظيم القاعدةالشيعي

إيران ولعبة تنظيم 'القاعدة' الشيعي

 

الاثنين 30 جمادى الأولى 1427هـ – 26يونيو 2006م

 

صباح الموسوي

مركز دراسات النهضة الأحوازية للثقافة والإعلام

 

 

مفكرة الإسلام: لعبت إيران في عهد النظام البهلوي الذي حكم البلاد مدة 53 عامًا تقريبًا دورًا بارزًا في كثير من الأحداث الإقليمية والدولية, وكان ذلك عبر دخولها في الأحلاف تارة 'حلف بغداد وحلف السنتو', أو عن طريق علاقاتها البينية مع الدول الإقليمية تارة أخرى. وكان من بين ما قامت به على الصعيد الإقليمي اعترافها بالكيان 'الإسرائيلي', وتأييدها للعدوان الثلاثي ضد مصر, واحتلالها الجزر الإماراتية الثلاث, وإرسالها قوات إلى عمان لمناصرة السلطان ضد ثورة ظفار, وذلك كله بهدف تعزيز موقعها السياسي والأمني في النظام الإقليمي.

 

وعلى الرغم من وجود حركة أمل الشيعية في لبنان وحزب الدعوة في العراق كأبرز حركتين شيعيتين آنذاك إلا أن الشاه لم يسعَ إلى اعتماد الورقة الطائفية لخلق أحزاب وحركات شيعية موالية له من أجل تعزيز مكانته الإقليمية والدولية. فقد كانت حركة أمل على خلاف مع النظام البهلوي بحكم أنها كانت تضم في صفوفها بعض الإيرانيين المعارضين للشاه من أمثال مصطفى شمران وغيره. أما حزب الدعوة فعلى الرغم من أن عددًا من قادته الكبار كانوا إيرانيين إلا أنهم لم يظهروا علاقتهم بنظام الشاه خشية اصطدامهم بالتيار الإسلامي واتهامهم بتأييد النظام العلماني في إيران.

لكن هذا لم يمنع الشاه من أن يركز جل اعتماده على الحوزة النجفية التي قام بدعمها في مقابل حوزة قم, وذلك لتحقيق أمرين مهمين؛ الأول يتمثل في استخدام ثقل الحوزة للضغط على السلطة في العراق, والأمر الآخر التقليل من أهمية حوزة قم التي أصبحت معارضة له بعد وفاة المرجع الأعلى حسين البروجردي. وذلك عكس ما فعله نظام الخميني الذي عمل على إضعاف حوزة النجف وتقوية حوزة قم, والتركيز على تأسيس أكبر عدد ممكن من الأحزاب والحركات الشيعية في المنطقة لتحقيق مشروعه التوسعي الذي عـّرفـه أول رئيس لإيران بعد الثورة السيد أبو الحسن بني صدر - في برنامج 'زيارة خاصة' على قناة الجزيرة الفضائية في الأول من ديسمبر عام 2000 - بمشروع الحزام الشيعي, حيث قال بني صدر في تلك المقابلة: 'إن الخميني كان يريد إقامة حزام شيعي للسيطرة على ضفتيْ العالم الإسلامي، كان هذا الحزام يتألف من إيران والعراق وسوريا ولبنان، وعندما يصبح سيدًا لهذا الحزام يستخدم النفط وموقع الخليج الفارسي للسيطرة على بقية العالم الإسلامي، كان الخميني مقتنعًا بأن الأمريكيين سيسمحون له بتنفيذ ذلك، قلت له: إن الأمريكيين يخدعونك، ورغم نصائحي له ونصائح الرئيس عرفات - الذي جاء يحذره من نوايا الأمريكيين - فإنه لم يكن يريد الاقتناع'.

ومن هنا يتبين لنا سبب ظهور الأحزاب والحركات الشيعية التي انتشرت كالفطر في المنطقة بعد انتصار الثورة الإيرانية عام 1979م. هذه الحركات التي اختفى بعضها وتحول بعضها الآخر من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين بعد هزيمة إيران في حربها مع العراق وانتهاجها السياسة البراجماتية أثناء وعقب حرب الخليج الثانية. غير أن احتلال العراق وظهور المقاومة العراقية التي عرقلت المشروع الأمريكي وأعادت المنطقة إلى المربع الأول دفع النظام الإيراني - الذي وجد نفسه في مواجهة حليفه في الحرب على العراق - إلى إعادة تفعيل ورقة الحركات الطائفية ليس في سبيل تنفيذ مشروع تصدير الثورة كما كان يأمل في بداية الأمر, ولكن هذه المرة لحماية نفسه من خطر السقوط الذي بات معرضًا له, والذي سيكون محتمًا إذا ما رأت الدول الكبرى أن هذه الخطوة ضرورية لإنجاح مشروعها الذي احتلت العراق من أجله.

فحسب مصادر مطلعة في قم فإن النظام الإيراني بدأ ومنذ أكثر من عامين تقريبًا العمل على بناء تنظيم شيعي دولي 'على غرار تنظيم القاعدة الإسلامي', ونجح في خلق فروع له في باكستان وأفغانستان وطاجيكستان وأذربيجان وتركيا, إضافة إلى عدد من البلدان العربية في الخليج والعراق واليمن ولبنان ومصر وفلسطين. كما تم إنشاء فرع للتنظيم المذكور في إفريقيا ومقره في السودان, وذلك بعد أن استطاع جلب العديد من المسلمين الأفارقة إلى قم وإدخالهم في المعاهد الدينية المخصصة للطلاب الأجانب. وهي المعاهد التي تعمل بإشراف المركز العالمي للعلوم الإسلامية 'مركز جهاني علوم إسلامي' الذي يخضع مباشرة لمرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي, الذي كان قد أمر بإنشائه في منتصف التسعينيات كمؤسسة موازية 'لمنظمة الثقافة والعلاقات الإسلامية' سازمان فرهنگ وارتباطات إسلامي' التي تشرف على المراكز و المستشاريات الثقافية الإيرانية في الخارج, وهي الجهة المسئولة عن تولي شئون الطلبة الأجانب الراغبين دخول الحوزة الدينية في إيران, حيث تقوم المراكز والمستشاريات الثقافية التي يرأسها عادة أشخاص على صلة مباشرة بوزارة الاستخبارات 'الاطلاعات' بالعمل على تقديم المغريات للشباب المسلمين من حملة الشهادات والعاطلين عن العمل وتشجيعهم على السفر إلى إيران لدخول المعاهد الدينية في مدينتيْ قم ومشهد, حيث تقوم المخابرات الإيرانية بعد ذلك بجذبهم وتجنيدهم عن طريق طلبة وأساتذة يعملون في تلك المعاهد.

ومن بين من هؤلاء الطلبة العرب الذين دخلوا حوزة قم وأصبحوا أعضاءً في التنظيم الشيعي الجديد شخصان من مصر؛ الأول مهندس كان يعمل في الكويت في الثمانينيات, والآخر كان طالبًا في الجامعة الأمريكية في القاهرة, وقد تمكنت المصادر المطلعة من الحصول على معلومات مهمة عن التنظيم المذكور من خلال هؤلاء الأشخاص, حيث أكد لها أن قيادات فروع هذه التنظيم الشيعي الجديد ليس من بينهم أحد من قادة التنظيمات الشيعية المعروفين. ولم تستبعد المصادر ذاتها أن تكون لانفجارات دهب في شرم الشيخ قبل فترة صلة بهذا التنظيم الجديد الذي استغل تصريحات الرئيس المصري حول ولاء الشيعة لإيران لاختبار قوته وجاهزيته في الرد إذا ما تعرض النظام الإيراني لأي هجوم خارجي محتمل. وقد عززت هذه الاحتمالات التقارير التي قالت: إن منفذي هجمات دهب كانوا قد تلقوا تدريباتهم في فلسطين, وهذا يعني أنهم تدربوا على أيدي الجماعة القريبة من حركة الجهاد الفلسطينية التي هي جزء من تنظيم 'القاعدة الشيعي' حسب تلك المصادر.

هذه المعلومات إذا ما تم ربطها بوقائع أخرى ومن بينها الكشف عن معسكر يقع على تل أثري بالقرب من مدينة الشوش في الأحواز على الحدود مع العراق مخصص لتدريب ميليشيات أفغانية, إضافة إلى التقرير الموثق الذي عرض في صفيحة إيلاف يوم الأربعاء 21 حزيران يونيو الجاري حول موضوع التنظيم الشيعي الجديد وما نقلته صحيفة صنداي تايمز البريطانية قبل فترة عن مصادر إيرانية أن إيران دربت الآلاف من الانتحاريين المستعدين لضرب أهداف بريطانية أو أمريكية في حال تعرضت المنشآت النووية الإيرانية لهجوم, إضافة أيضًا إلى تزايد أعداد المجموعات الطائفية الموالية لإيران في جنوب العراق, فإن كل هذه النقاط تعزز من حقيقة وجود التنظيم المسلح الجديد الذي تحدثت عنه المصادر المختلفة, والذي تريده إيران حزامًا لحمايتها.

 

ولكن هل ينجح هذا التنظيم الطائفي في تحقيق مهمته أم سيكون شأنه في ذلك شأن التنظيمات الشيعية السابقة التي أُسست من أجل إنجاح مشروع تصدير الثورة الخمينية ولكنها فشلت وأصبح مثلها فيما بعد كالمثل الشعبي القائل: 'لا حظيت برجيلها ولا خذت سيد علي'؟!

 



مقالات ذات صلة