يقول الكاتب السياسي الأمريكي (رايموند بيكر) في كتابه (الغزو الأمريكي تعمد تدمير الهوية العراقية والبنية الوطنية): (إن نتائج الغزو الأمريكي للعراق ليست عشوائية؛ وإنما هي حرب تطهير ثقافي منظم تعمد إلى تدمير الهوية العراقية، وتعريض ثرواته للنهب، وكنوزه الأثرية للتدمير والخراب، ونشر الفوضى؛ وجعلها وسيلة لإعادة صنع البلد وتحويله إلى دولة تابعة للولايات المتحدة) فحدد بيكر هنا أهداف الغزو الأمريكي الحقيقي للعراق، فيما كانت أمريكا تنظر بوجهها العبوس على حياة العراقيين وتبرر غزوها؛ بأنها تريد نشر الديمقراطية، وتخليص العالم من خطر الأسلحة العراقية (المحرمة)، فمضت أكثر من عشرة أعوام على الاحتلال المليء بالقتل، والاعتقالات، والتهجير والتغريب والضياع.
وعن آخر المستجدات في الشأن العراقي، أعد مركز الدراسات الدولية والإستراتيجية، دراسة بين فيها أن العراق ينزلق إلى الهاوية في حكم المالكي، فبينت الدراسة أن الانتخابات البرلمانية التي جرت نهاية الشهر الماضي لا تقدم أي دليل واضح على تأسيس وحدة وطنية أو إنتاج زعيم مؤثر.
فجاءت الدراسة ملخصا لكتاب بعنوان "العراق في أزمة" والذي يرصد الأداء المتدني لحكومة المالكي في العراق، كما بين الكتاب أن أي شخص يحاول فهم نتائج الانتخابات البرلمانية والدور الذي قام به نوري المالكي حتى الآن عليه أن يفهم مجرى العملية السياسية والاقتصادية.
كما كشفت الدراسة أن البنك الدولي ومنظمة الشفافية العالمية ومنظمات أخرى صنفت العراق في مقدمة الدول أكثر فسادا في مجالات الحياة المختلفة، وأن حكومة المالكي أقل الحكومات شفافية في المنطقة، ومن أقل الحكومات فعالية في العالم لأنها لم تحرز أي تقدم في الفترة ما بين 2008 و2012.
ومن الجدير بالذكر أن (نيكولاي ملادينوف) ممثل الأمم المتحدة في العراق قد صرح في مطلع الشهر الماضي: "أن أكثر من (65) مليار دولار نهبت من العراق، بين عامي 2001 و2010". كما صرحت بعض مؤسسات الدولة العراقية أنه في عام 2012 تم تخصيص 500 مليون دولار لإقامة القمة العربية في بغداد!!
أما على صعيد البنك الدولي فقد اعتبر العراق أقل الدول من ناحية الاستقرار السياسي، ومن أكثر الدول التي تشهد أعمال عنف في العالم ، وأسوأ مما كانت عليه قبل 2003 ، ولم تحرز أي تقدم في محاربة الفساد ..
أما من جانب ما يحدث الآن على أرض العراق، فإن المالكي بعد فوزه في الانتخابات زادة ضراوته في انتهاج سياسة الطائفية، فيقوم على تقسيم المجتمع إلى طوائف ضعيفة وأخرى قوية، وأقلية طائفية سياسية وأخرى أكثرية، لذلك فهو يحاول أن يفرض إرادته على المجتمع كله بالعنف، لتمرير إستراتيجيته للقضاء على السنة في مسمى الإرهاب، لذلك فالمطلوب اليوم هو استمرار الحرب على الأنبار، بل ونقلها إلى المحافظات الأخرى ليسلط حزمة ضوء كبيرة على محاربته للإرهاب أمام الرأي العام المحلي والدولي.
لذلك حذرت الأمم المتحدة وبي بي سي ومنظمات حقوقية عراقية من أن مستويات العنف والضحايا المدنيين من المحتمل أن تعود إلى المستويات التي شهدتها البلاد في فترة الحرب الطائفية، في الوقت الذي قال فيه تقرير وزارة الخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان أن الحكومة الحالية والقوات الأمنية تنتهك حقوق الإنسان بشكل منتظم، وهناك حالات انتهاكات هائلة من جانب الحكومة وجيش المالكي والشرطة.
مركز التأصيل للدراسات والبحوث