بطريقتين.. إيران وعملاؤها يتابعان مشروع التغيير الديمغرافي بريف حمص وإفراغه من السنّة

بواسطة عبد الكريم الأحمد- أورينت قراءة 1625
بطريقتين.. إيران وعملاؤها يتابعان مشروع التغيير الديمغرافي بريف حمص وإفراغه من السنّة
بطريقتين.. إيران وعملاؤها يتابعان مشروع التغيير الديمغرافي بريف حمص وإفراغه من السنّة

عبد الكريم الأحمد

تواصل الميليشيات الإيرانية استغلال الأزمات الاقتصادية والأمنية بمناطق سيطرة حليفها نظام أسد في سوريا، ولا سيما بأرياف حمص للاستحواذ على أملاك المدنيين وعقاراتهم، تحت وطأة الانهيار الاقتصادي وتفشّي الفقر والبطالة، ورغبة السكان بالهجرة خارج البلاد هرباً من جحيم الواقع المتفاقم.

مدينة تلبيسة بريف حمص الشمالي، كانت مسرحاً لتجار الحرب التابعين لإيران ونظام أسد منذ خروج فصائل المعارضة منها عام 2018، حين بدأت خطة الاستحواذ على العقارات والمنازل والأراضي الزراعية بأساليب مختلفة، تتمثل بالضغط والترهيب الأمني من قبل الميليشيات، أو من خلال استغلال ظروف الفقر وحاجة الأهالي وتدهور الأوضاع الاقتصادية في تلك المنطقة.

أذرع إيرانية:

وبالفعل، نجحت الخطط الإيرانية بنسبة كبيرة باستملاك العقارات في منطقة تلبيسة تحت الذرائع "الشيطانية" التي يمارسها التجّار الموالون لإيران وأبرزهم المدعو "رباح العلي" وهو ضابط برتبة عقيد من مرتبات الإنشاءات العسكرية، وينحدر العلي من مدينة تلبيسة في ريف حمص، ويساعده شقيق زوجته و يدعى "ناصر جمعة الحديد" الذي يكمن دوره في إيجاد السكان الراغبين بالبيع، سواء ممن بقوا في الريف الحمصي عقب سيطرة ميليشيا أسد، أو ممن غادروا أو هُجّروا باتجاه الشمال السوري.

“محمد الكيال” وهو أحد نشطاء تلبيسة قال لأورينت نت إنه في حال وُجدت قطعة أرض أو محل تجاري أو منزل في مكان مميّز، يقوم المدعو " ناصر" بتهديد مالكي العقار بالملاحقة الأمنية عبر علاقاته المميّزة مع فرع الأمن العسكري بحمص في حال كانوا مقيمين بريف حمص، أو بالمصادرة إذا كانوا خارجه لدفعهم إلى بيعه له.

إلى جانب ناصر و رباح، كان لافتاً عودة اسم "عبدو الحاج إبراهيم" وهو أحد أكبر المقاولين على مستوى سوريا، و على شراكة مميزة مع اللواء في مخابرات أسد، حسام لوقا، حيث عمد إلى شراء العقارات المميزة المُطلّة على جانبي الطريق الدولي حمص - حماة، والواقعة على طرفي معسكر ملوك العسكري.

مناطق إستراتيجية:

يضيف محمد أن أكثر الأماكن المستهدَفة بالشراء "تلك القريبة من القرى ذات الغالبية الشيعية أو العلوية في محيط تلبيسة والحولة والرستن والغنطو وتيرمعلة"، موضحاً أن عدداً من سماسرة قريتي المختارية والنجمة "قاموا بشراء عدد كبير من العقارات سواء منازل أو محالّ تجارية أو أراضٍ زراعية من الناحية الجنوبية والجنوبية الشرقية لمدينة تلبيسة المواجهة لبلدتي النجمة والمختارية و الأشرفية"، ولفت الناشط المحلي لنشاط جمعيتي (جهاد البناء) و(المهدي) الإيرانيتين في المناطق الشيعية والعلوية المحاذية لمناطق الطائفة السُّنية في ريف حمص الشمالي.

غير أن فرع "الأمن العسكري" بدمشق يقوم بشكل دوري باستدعاء مندوبيه، العقيد رباح العلي وناصر جمعة الحديد وعبدو الحاج إبراهيم، للاطّلاع على عقود البيع وتنفيذ نقل ملكيتها باسم الميليشيات، بالإضافة لتوجيه المندوبين لشراء عقارات جديدة ومهمة في المنطقة، وفق المصادر المحلية.

لؤي الطالب أحد أهالي قرى الرستن أكد أيضاً لأورينت نت قيام المدعو (خير الله عبد الباري) الملقّب بـ "خيرو الشعيلة" وهو أحد قادة ميليشيات الدفاع الوطني (فوج التدخل السريع)، المنحدر من مدينة الرستن شمال حمص، بشراء عشرات العقارات المحاذية للقرى العلوية والشيعية كـ (العلمين و كفرنان) عبر تجار من الرستن.

بدوره يقول المحامي أحمد المصري من سكان ريف حمص لـ"أورينت نت " إن المُغرَيات التي تُقدَّم للأهالي لإقناعهم ببيع ممتلكاتهم "مرتفعة جداً"، مضيفاً أن "ما تسعى إليه الجمعيات الإيرانية وضباط النظام هو الوصول إلى أكبر قدر ممكن من مساحة البلدات والمناطق التي تكون تحت سيطرتها المطلقة دون أيّ مُنازع لها، وذلك وفق عقود تُنظَّم في دوائر السجلّ العقاري في الرستن مع تقديم تسهيلات كبيرة في الحصول على شرط الموافقة الأمنية ووجود حساب بنكي وشروط أخرى كان النظام قد أعلنها لتقييد حركات البيع والشراء في سوريا.

طريق الهرب:

وفي المقابل، يستفيد أهالي ريف حمص الشمالي من بيع أملاكهم بتأمين مبالغ مالية تمكّنهم من الهجرة "غير الشرعية" خارج البلاد هرباً من الواقع المأساوي والضغوط المتزايدة تجاههم، حيث يستغلون قرب الحدود اللبنانية للجوء إلى لبنان بتكلفة تبدأ بـ 100 وتصل إلى 500 دولار، أو إلى مناطق الشمال السوري المحرر بتكلفة تبدأ من 500 دولار، طمعاً بالعبور إلى تركيا ومن ثم إلى أوروبا.

وسيطرت ميليشيا أسد بدعم إيراني وروسي على ريف حمص الشمالي في أيار عام 2018، باتفاق قضى بخروج فصائل المعارضة إلى الشمال السوري، بعد حصار وعمليات قصف استمرت نحو سبعة أعوام تجاه المنطقة التي بقيت مهمشة ومفتقرة لأدنى الخدمات الأساسية بعد القصف والدمار والخراب الذي حلّ بها، حالها كحال معظم المناطق التي دمرتها ميليشيات أسد وروسيا.



مقالات ذات صلة