علي محمد طه
كثيراً ما استخدمت شماعة التخويف من الإسلاميين والبعبع الإسلامي ,وما اصطلح عليه في الغرب ب(فوبيا الإسلام السياسي) كشماعة وذريعة لمحاربة كل تقدم إسلامي مهما كان نوعه وتصنيفه ،ويتساوى في ذلك المتطرف والمعتدل والمنفتح , فالكل مرفوض وغير مسموح به في أجندات وسياسات الغرب قاطبة ، ومما رشح من مراكز الدراسات الإستراتيجية الغربية أن الغرب استثنى من ذلك فقط الثورة الإيرانية التي أعلنت حربها عليه بينما هي وكما كشفت الكثير من التقارير المسربة منذ بداية ماسمي (الثورة الخمينية) في طهران ,فإن العلاقة لم تنقطع في السر بين طهران واشنطن وقد أخفى الطرفان حقيقة واقع علاقاتهما ، وقد كانت فضيحة إيران جيت, وما تلاها من فضائح الدولة حاملة لواء الممانعة في المنطقة شواهد على نفاقها السياسي وممانعتها الكاذبة وظلت إيران على مدى 34 عاماً عنصر أمان وسلام لإسرائيل, ولم تطلق رصاصة واحدة تجاهها، وعلى الطرف الآخر من الممانعة في (سوريا ) لم يكن مستغرباً أن يظهر أحد منظري حزب البعث والمدافعين عن نظام بشار الأسد مؤخراً على شاشة التلفزيون السوري ليتحدث بكل وقاحة وبصراحة فجة في دولة ,هي الأخرى حملت موقف الممانعة القومجية ضد الكيان الصهيوني ,وظلت حدود الكيان الصهيوني آمنة معها طيلة 44عاماً لم تطلق خلالها رصاصة واحدة تجاه الأراضي المحتلة .
قال المحلل المخضرم مخوفاً الغرب من تبعات سقوط نظام الأسد أن رحيله عن حكم سوريا يعني تسلم مقاليد السلطة في سوريا لأطراف إسلامية ,وهي من ستعمل جاهدة ومنذ اللحظة الاولى على إزالة دولة إسرائيل, وتحطيم الكيان الصهيوني في رسالة واضحة للكيان الصهيوني وداعميه في العالم أن بقاء حكم الأسد هو صمام الأمان لدولة إسرائيل ولبقاء كيانها في المنطقة ، يذكر أن النظام السوري عمل عبر سياسييه ومثقفيه ووسائل إعلامه والإعلام التابع له شرقاً وغرباً على التخويف من البعبع الإسلامي القادم لحكم سوريا في حالة سقوطه ,وقد برع نظام دمشق في ترويج لحملات التخويف من التيار الإسلامي القادم والمجهول التوجه والذي سيصل خطره للغرب منذ بدايات الثورة ,حيث عمل مع أعوانه في تيارات الممناعة على شيطنتها ,وعمل على تحويل نماذج الثورة إلى ما وصلت إليه بعضها من التطرف والتشدد ,ويعود هذا لأسباب كثيرة داخلية وخارجية لامجال لذكرها في هذا المقال.
لاشك أنه بعد أربع سنوات من الثورة السورية بدأ يتكشف للجميع في المنطقة العربية الوجه الخفي والحقيقي لنظام ادعى الممانعة والمقاومة على مدى نصف قرن وهاهو الآن يحمى إسرائيل علنا ، حيث ظل خلالها المثال لذلك النظام الذي استخدم التقية السياسية مظهراً العداء للكيان الصهيوني مبطناً تحالفاً سرياً بغيضاً معها ، ولقد كان نظام الأسد أحد أهم عوامل بقاء الكيان الصهيوني بما فعله ويفعله ,وخاصة نجاحه في تفتيت وتمزيق كل ماله علاقة بمقاومة الكيان الصهيوني ,ولعل عداءه القديم والطويل مع تنظيمات فتح والحركات النضالية الفلسطينية وبعد ضربات متتالية لمنظمة التحرير من قبل الجانبين السوري والإسرائيلي أضعف الجانب الفلسطيني كثيراً, وأدى الاتفاق السري بين الجانبان السوري والإسرائيلي إلى تقاسم مناطق النفوذ في لبنان بما فيه بيروت وإخراج حركة فتح من الساحة اللبنانية إلى دولة تونس ,وكان هذا أبرز الضربات التي وجهها النظام السوري لثورة الشعب الفلسطيني و حركات النضال الشعبي الفلسطيني ، وقدعمل ببراعة وخبث على استبدالها بحركات يسارية منافقة تابعة له لا فعالية لها في الداخل الفلسطيني انضوت بشكل كامل تحت لوائه ولواء الجمهورية الإيرانية تحت مسمى جبهات التحرير والمقاومة الكاذبة كان من أشهرها (الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ) التي يقودها الشبيح أحمد جبريل التي قتلت قواته من الفلسطينيين خلال الثورة السورية أكثر مما قتلته إسرائيل منذ احتلالها للأراضي الفلسطينية ..
وعودة على تصريحات بعض المحللين السوريين التي تحدثت عن دور نظام الأسد في حفظ أمن إسرائيل لابد هنا من أن نورد تقريراً نشرته صحيفة ( ها آرتس) في تقرير لها عن نظام بشار الأسد , حين قالت :بأنه ملك ملوك إسرائيل وأشارت لحالة من القلق تنتاب الأوساط الإسرائيلية من احتمال سقوط نظام بشار الأسد بدمشق، مضيفة أن الكثيرين في تل أبيب يصلون من قلوبهم للرب بأن يحفظ سلامة النظام السوري الذي لم يحارب إسرائيل منذ عام 1973 رغم "شعاراته" المستمرة وعدائه "الظاهر" لها. واختتمت الصحيفة تقريرها بالقول أن النظام الحاكم في سوريا يعتمد على فكرة حكم الأقلية على الأغلبية السنية واستخدام وسائل القمع والعنف وبكل قسوة تجاه تلك الأغلبية مما يؤدي في النهاية الى حمامات من الدماء، لافتة في النهاية الى أن الإسرائيليين ينظرون للنظام الحاكم في دمشق من وجهة نظر مصالحهم متحدين على أن الأسد الابن مثله مثل الأب محبوب ويستحق بالفعل لقب "ملك إسرائيل.
ولعل رامي مخلوف ابن خال بشار الأسد كان أول من تحدث عن تلازم أمن نظامي دمشق و تل أبيب حين صرح وأعلن عن أن أمن إسرائيل مرتبط بأمن دمشق من خلال مقابلته الشهيرة مع صحيفة نيويورك تايمز في 12/5/2011م حين قال بالحرف الواحد : لن يكون هناك استقرار في إسرائيل إذا لم يكن هناك استقرار في سوريا،وأضاف مخلوف أن السلفيين هم البديل عن النظام،وقال نحن لن نقبل بذلك.
أما نائب وزير الخارجية الممانعة الايرانية حسين أمير عبد اللهيان فقال في تصريح شهير له نقلته عنه رويترز (إن «سقوط نظام (بشار الأسد) من شأنه أن يقضي على أمن إسرائيل»، بحسب خبر نقلته وكالة «فارس» الإيرانية للأنباء..
وتابع المسؤول الإيراني قائلا: «إذا أردا التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد (داعش)، تغيير النظام السوري، فإن أمن إسرائيل سينتهي إلى الأبد.
لعلنا بعد هذا لانعجب من بقاء بشارالأسد في الحكم والرغبة الأمريكية الإسرائيلية الملحة على بقائه في الحكم , فهو من قدم الخدمات الجليلة لربيبة أمريكا في المنطقة وحامي حدودها الصادق الأمين.
المصدر : المثقف الجديد