البرادعي والشيعة

بواسطة الهيثم زعفان قراءة 687

البرادعي والشيعة

الهيثم زعفان

 

التاريخ: 13/3/1431 الموافق 27-02-2010

 أثناء حوار الدكتور محمد البرادعي عن مشروعه الطموح بأن يكون رئيساً لمصر، مرت من بين شفتيه جملة شديدة الخطورة عن تعجبه من مصطلحي السنة والشيعة وأنه لا فرق عنده بين السني والشيعي.

حين سماعي لهذه الكلمات جلست أتخيل البرادعي رئيساً لمصر، وكيف سيكون حال مصر مع الشيعة وحال الشيعة مع مصر في عهد مشتاق الرئاسة، الساعي لإلغاء المادة الثانية من الدستور المصري، والتي تنص على أن الإسلام هو المصدر الرئيسي للتشريع.

فقفزت إلى مخيلتي عدة أمور من شأنها تطبيع مصر التام مع الشيعة، ومع الكيان الفارسي في عهد البرادعي؛ ومن بين هذه الأمور المتوقعة:

أولاً... فتح كافة العلاقات الدبلوماسية مع الكيان الفارسي، ومن ثم تمكن الحرس الثوري من التجوال في شوارع قاهرة المعز بهوية واضحة وبمنتهى اليسر المصحوب بحماية المدرعات المصرية السنية، وهذا أمر من شأنه التعجيل بتنفيذ مخططات الكيان الفارسي الساعي لتطويق ديار أهل السنة والجماعة، وعلى رأسها مصر بعد أن صارت العراق رهن إشارة هذا الكيان الفارسي.

ثانياً.... فتح باب السياحة الدينية على مصراعيه بحيث يتوافد آلاف الشيعة على مصر تحت ذريعة زيارة الأضرحة الوهمية الموجود منها بعض النسخ الوهمية عندهم، ومن ثم ستتمكن هذه الآلاف من ممارسة عقائدها الباطلة بإجماع علماء الإسلام في بقعة سنية طاهرة هي مصرنا الحبيبة، ناهيك عما يصاحب ذلك من خلخلة عقيدة أهل السنة في مصر.

ثالثاً... سيسمح للشيعة بممارسة كافة وسائل وأساليب التبشير بالضلالات الشيعية في مصر سواء كانت وسائل إعلامية مقروءة ومسموعة ومرئية، أو وسائل تعليمية كالمدارس والجامعات، أو وسائل تثقيفية كالمراكز البحثية ودور النشر والمكتبات العامة، أو فنية كشركات واستوديوهات إنتاج الدراما الشيعية، أو اجتماعية كالمؤسسات التبشيرية ومنظمات مراقبة أوضاع الشيعة، وأخيراً دينية، كبناء مزيد من الأضرحة، والحسينيات والسماح بإقامة مجالس العزاء واللطميات والبكائيات وكل ما هو غم وبؤس وسواد ما أنزل الله به من سلطان.

رابعاً... فتح المجال لكافة "مرتزقة التقريب" في مصر لأن يتحدثوا ويتحركوا بين القاهرة وطهران بمنتهى السهولة والتيسير، ومن ثم القبول بكافة تنازلات هؤلاء؛ القافزة فوق الاختلالات العقدية، والمتجاوزة عن السب والطعن في أعراض زوجات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه الكرام رضي الله عنهم.

خامساً.... توفير المظلة التامة لكافة المرتديين عن دينهم، والتاركين لمذهب أهل السنة والجماعة لصالح عقائد الفرقة الشيعية الباطلة، حيث سيحتج حينها البرادعي بالمادة (18) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان- تلك المقررات الأممية التي أعتبرها البرادعي في ذات الحوار أعلى شرعية من الدستور المصري- حيث تنص المادة على أن " لكل شخص حق حرية الفكر والوجدان والدين، ويشمل هذا الحق حريته في تغيير دينه أو معتقده، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حده".

سادساً.... سيسب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله سلم وسيطعن في أهل بيته علناً وفي كافة وسائل الإعلام، وستتوافر الحماية والمظلة الرسمية لهذه البذاءات تحت ذريعة حرية الرأي والتعبير أحد مبادئ حقوق الإنسان التي صكها الغرب وترعاها الأمم المتحدة، خاصة وأن حرية الرأي في مواثيق حقوق الإنسان غير مقيدة فهي مطلقة، وتقفز فوق كافة الحدود، ولا تكترث بأية اعتبارات دينية. وفي ذلك تقول المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: "لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفى التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين، بأية وسيلة ودونما اعتبار للحدود".

سابعاً.... سيفتح الباب لزواج المتعة الشيعي في مصر، وستتسع معه رقعة الفوضى الجنسية والانحلال الخلقي واختلاط الأنساب، ولكن هذه المرة بحماية تشريعية يرعاها البرادعي رئيس دولة مصر السنية.

إن الخطورة في كل التوقعات المستقبلية التي ذكرناها حال ما تمكن البرادعي من حكم مصر برعاية أمريكية ومباركة شيعية تكمن في أمرين:

الأمر الأول... أن هناك تغييب حادث الآن للشريعة الإسلامية لصالح الأدوات العلمانية، وقد ترتب على هذا التغييب ضعف في الحصيلة والحصانة الشرعية لدى قطاع عريض من المجتمع المصري، فهو إذن غير مؤهل عقدياً لمواجهة فيضان الشبهات والضلالات الشيعية.

الأمر الثاني... أن البرادعي نفسه له موقف شديد العداء من كون الإسلام منظم وضابط لحياة العباد، ومن ثم فهو يسعى لجعل مواثيق الأمم المتحدة هي المرجعية لكافة التشريعات المصرية بحسب تصريحه المعلن.

وهنا نقطتين رئيسيتين في غاية الخطورة

أنه لو أردنا تصنيف مضامين حقوق الإنسان على أنها تضم حقاً وباطلاً، وأن علينا أن نأخذ الحق ونترك الباطل، فإن شرط عدم التجزئة الذي اشترطته معاهدات حقوق الإنسان سيقف حجر عثرة أمام محاولات الانتقاء.

أن المواثيق والقوانين بميراثهما الوضعي وخلفيتهما الغربية سيكونان هما الأصل المرجعي المهيمن لحقوق الإنسان. فهي لا تجعل المرجعية مرنة بحيث تتباين باختلاف المكان، وتحترم خصوصيات الشرائع السماوية ولكنها تتفرد بمرجعيتها الوضعية، والمرجعية الإسلامية في الحريات والحقوق الإنسانية إن قبلها المجتمع الغربي فهو يقبلها كتابعة لرؤيته هو، وذلك من باب الاستحسان لا الإلزام.

وهاتان النقطتان فيهما إقصاء مبكر لسيادة الشريعة الإسلامية، فإما الرؤية الغربية أو الشريعة الإسلامية.

وعليه فإن حال تطبيق الشريعة الإسلامية مع البرادعي سيكون أشد سوءاً، إضافة إلى أن أدواته العلمانية لن تقف عند حدود إقصاء ما تبقى من الشريعة فقط، بل ستمتد إلى خلخلة العقيدة السنية الصافية بالسواد الشيعي، ومن ثم سيتم تضييق الخناق على كافة الصادين للمد الشيعي والمنبهين لخطورته على عقيدة أهل السنة والجماعة، وحينها سيكون الطريق خال من كافة حوائط الصد، وخطوط الدفاع الأمامية، وسيكون معبداً أمام الشيعة كي ينشروا أباطيلهم وضلالاتهم العقدية في مصر، وبحماية من القصر الجمهوري، ساعين في ذلك لتشييع المصريين، واستعادة ما يسمونه إرثهم الفاطمي في مصر.

وأتوقع حينها أن وتيرة الأحداث ستكون أسرع مما نتخيل، وأؤكد على أن نيران كسرى ستحرق عرش البرادعي نفسه.

 

المصدر: المصريون

 



مقالات ذات صلة