عبد الرحمن مسلم
خاص لجنة الدفاع عن عقيدة أهل السنة في فلسطين
ثار الجدل في الآونة الأخيرة حول سلاح المقاومة الفلسطينية وهويته ومصدره, وتمادى الحديث في ذلك ليصل إلى درجة الحديث عن ولاء الفصائل الفلسطينية ومدى ارتهان برامجها السياسية بقوى وبرامج إقليمية أو دولية .
وأكثر ما تناقلته وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة , وما تداوله الكتاب والنقاد هو دور إيران في تسليح فصائل المقاومة في غزة , وتداعيات هذا الدعم , والآثار المترتبة على ذلك الدعم وعلى انتصار المقاومة في غزة على العدو الصهيوني .
وفي هذا المقال سيقتصر حديثي حول تلك الشبهة التي باتت تغزو عقول الناس بقوة, وفَتَنَت الناس في تفكيرهم وفي معتقداتهم وهي أن سلاح المقاومة الفلسطينية مصدره إيران , وبالتالي فإن إيران ومن يقف في محورها شريكة في صناعة النصر , ولها الحق في أن تجني ثمار ذلك النصر المبين !!
الرد على تلك الشبهة والفرية المزعومة من خلال عدة بنود أهمها :
أولا : عقب إعلان الفصائل الفلسطينية إطلاق صاروخ فجر "5 " إيراني الصنع على المغتصبات الصهيونية سارعت إيران بنفيها تزويد الفصائل الفلسطينية بالسلاح وكان هذا النفي يوم السبت السابع عشر من نوفمبر 2012 م ــــــ خلال العدوان الصهيوني على غزة ـــــــ , وجاء النفي الذي نقلته قناة العالم التلفزيونية الناطقة بالعربية على لسان رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشورى (البرلمان) الإيراني " علاء الدين بوروجردى " حيث قال : " ننفى تسليم فجر 5 إلى المقاومة الفلسطينية ... " [1].
وفي ظل تأكيد الفصائل الفلسطينية على تلقي الدعم من إيران ومسارعتها في توجيه الشكر والامتنان لها لدعمها للمقاومة, ونفي إيران تزويد الفصائل الفلسطينية بالسلاح يبقى السؤال قائما من الصادق ومن الكاذب ؟ !
ثم إذا كانت إيران قد زودت الفصائل حقا بالسلاح ــــــ وهذا الذي حدث فعلا ـــــ فلماذا كذبت وجَبُنَت ونفت ذلك وهي التي لطالما اعتبرت نفسها بأنها دولة قوية ولديها قوة عظمى, ولا تخاف أو تخشى أحدا ؟!!
ثانيا : إن حركة المقاومة الإسلامية حماس ـــــ ولحاجة في نفسها ـــــ ومنذ اليوم الأول للعدوان على غزة قامت بإطلاق صواريخ على مدينة تل الربيع المحتلة وأكدت بأن الصاروخ الذي استهدف المدينة محلي الصنع تاركة للعدو الصهيوني مساحة من الوقت ليتخبط, ثم بعد ذلك تعلن بأن الصاروخ هو من طراز " مقادمة 75 " أي يصل مداه لمسافة 75 كم .
وفي خطاب النصر الذي تلاه أبو عبيدة " الناطق باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام" عقب انتهاء معركة حجارة السجيل بيَّن بأن الصورايخ التي ضربت المدن المحتلة وخصوصا مدينتي تل الربيع والقدس المحتلتين هي صواريخ محلية الصنع قسامية الإنتاج مجبولة بأصابع المجاهدين المخلصين متوعدا العدو الصهيوني بالمزيد من المفاجآت في المرات القادمة وبصنع محلي وبدقة أعلى !! [2]
والمثير للانتباه أن كتائب الشهيد عز الدين القسام في جميع خطاباتها وبياناتها وبلاغاتها العسكرية كانت تركز على الصواريخ محلية الصنع أكثر من تركيزها على صواريخ فجر أو غيرها من الصواريخ ؛ الأمر الذي لم تكن تعلم به أجهزة الاستخبارات الصهيوني وهو ما شكل قهرا وغيظا للمحتل الصهيوني .
كذلك أود الإشارة إلى أن عدد الصواريخ التي أطلقها القسام من طراز " فجر 5 " ثلاثة صواريخ فقط بحسب إعلان القسام , بينما أطلقت سرايا القدس الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي صاروخين من نفس الطراز .
وعليه فهل إطلاق خمسة صواريخ من طراز فجر " 5 " الإيراني كفيلة لحسم المعركة, وتحقيق النصر لفصائل المقاومة الفلسطينية ؟ !
ثالثا : لم تقتصر معركة فصائل المقاومة مع العدو الصهيوني على إطلاق الصواريخ على المدن الفلسطينية المحتلة عام 1948 م , بل إن الوقائع تثبت بأن هناك مقاومة كانت في البحر ضد الزوارق والسفن الحربية الصهيونية المتواجدة في عرض البحر , وتم تفجير العديد منها بصواريخ مستوردة من ليبيا !! , كذلك كانت مقاومة لطائرات العدو , وتم إسقاط العديد منها باعتراف العدو الصهيوني والكل يعلم بأن صواريخ الكتف " أرض جو " المضادة للطائرات الصهيونية قد تم تهريبها من ليبيا لغزة عن طريق جمهورية مصر العربية عقب الثورتين الليبية والمصرية وسقوط حكم القذافي ومبارك .
كذلك صرح الدكتور موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس بأن كتائب القسام أرسلت طائرتين من دون طيار وحلقت في سماء العدو الصهيوني وصوَّرَت أماكن إستراتيجية وعادت إلى قواعدها بسلام دون أن يشعر الاحتلال الصهيوني مضيفا أن الطائرات من تصنيع محلي ! , وهذا الأمر ليس غريبا فقد أعلن العدو الصهيوني عن قصف أماكن تصنيع طائرات بدون طيار في قطاع غزة .
وبعد كل هذا ماذا تبقى لإيران لتقوله, وما هو وضع إيران من سلاح المقاومة الفلسطينية في غزة .
رابعا : عند الحديث عن الدور الإيراني فمن الإجحاف والظلم إنكار الدور السوداني في دعم المقاومة الفلسطينية, والتي لم نسمع شكرا لها, وهي التي دفعت الثمن غاليا مقابل دعمها للمقاومة الفلسطينية فانْتُهِكَت سيادتها وتم الاعتداء عليها وقُصِف مؤخرا مصنع اليرموك الذي يقوم بصنع الأسلحة وتوريدها للفصائل في غزة, كما تم قصف شاحنة كبيرة محملة بالمواد العسكرية وهي في طريقها لغزة , وقُتِل العشرات من السودانيين أثناء تلك الحوادث .
كذلك ليس من الحكمة نسيان دور بعض ثوار ليبيا الذين وضعوا كل ثرواتهم ومقوماتهم العسكرية في أيدى الفصائل الفلسطينية ووقفوا مع المقاومة ماديا ومعنويا, وما صواريخ الغراد القادمة من ليبيا والتي استعملتها المقاومة الفلسطينية مؤخرا بالآلاف, وصواريخ إسقاط الطائرات عنا ببعيد .
وإن كان من شكر فهو موصول لدولة مصر الشقيقة التي ما فتئت تسمح للفلسطينيين بالتسلح بطريق مباشر وغير مباشر, ومصر هي التي لم تسمح باستجلاب قوات دولية لتمنع تهريب السلاح و تراقب الحدود مع قطاع غزة , وهي التي تحملت أعباء الضغوط الدولية إزاء غضها الطرف عن تهريب السلاح للفلسطينيين .
وبعد كل هذا يظهر لنا بصورة جلية واضحة بأن النصر الذي تحقق بفضل الله عز وجل هو نصرٌ للقضية الفلسطينية وبالتالي هو نصر لكل من ساهم ودعم وأيد القضية الفلسطينية بزيارة أو بمساهمة أو بدعم سياسي أو عسكري , وليس لأحد أن يَمُنَّ على أهل فلسطين بدعمهم إياهم بالمال أو السلاح فهو جزء من الواجب الملقى على كاهل الأمة الإسلامية , وليس لأحد أن يُخَصَّ بالشكر دون أحد وإن تقاعست بعض الأنظمة الرسمية عن نصرة أهل فلسطين فإن شعوب الأمة الإسلامية ما زالت حية وما زال عطاؤها مستمرا وأثره واضح على صمود شعبنا حتى هذه اللحظة .
كما أنه لا يجوز بحال أن يتاجر أحد بالقضية الفلسطينية أو أن يتخذ من دعمه لقطاع غزة مطية لينفذ من خلالها أجندة مشبوهة وحقيرة .
وختاما : لن تستطيع إيران من خلال دعمها المحدود والمشبوه لفصائل المقاومة الفلسطينية أن تنفذ إلى عقيدة شعبنا الفلسطيني أو أن تزعزع فكره , ولن ينسى الفلسطينيون تعذيب النظام الإيراني الرافضي المجوسي لإخواننا أهل السنة المستضعفين في العراق وإيران , ووقفة النظام الفارسي الإيراني إلى جانب النظام السوري المبدد عما قريب بإذن الله , ويسألونك متى هو قل عسى أن يكون قريب.
[1] - للاستزادة طالع موقع صحيفة اليوم السابع عبر الانترنت على الرابط التالي
:http://www1.youm7.com/News.asp?NewsID=849113
[2] - لمشاهدة الخطاب تتبع الرابط التالي
: http://www.youtube.com/watch?v=N7Fu4fjLckk&feature=related