د. أحمد أبو مطر
30-1-2013
الشكر كل الشكر لقوات التعبئة «الباسيج» التابعة للحرس الثوري الإيراني الملحق مباشرة بالمرشد الأعلى "آية الله" علي خامئني، فقد أعلن يوم الخميس، السادس عشر من يناير 2014، الجنرال محمد رضا نقدي قائد قوات الباسيج، «أنّ طهران وضعت استراتيجية هدفها تطويق "إسرائيل" من مصر والأردن. إنّ "إسرائيل" محاصرة اليوم بالمقاومة.
وعلى خطى الباسيج في فلسطين ولبنان تمّ تكوين قوات باسيج سورية، وهناك قوات باسيج مصرية وأردنية في الطريق».
وأضاف الجنرال رضا نقدي مفسّرا هذا الصعود والتمدد الباسيجي في عموم المنطقة العربية حسب زعمه قائلا: «تتزامن العناصر المتزايدة للهيمنة الإيرانية في المنطقة مع تراجع النفوذ الأمريكي منذ "الثورة الإسلامية" عام 1979، وستكسب الوحدات التي ستقام في مصر والأردن خبراتها من تلك الموجودة في لبنان وفلسطين».
ومن هنا البشرى السارة للشعب الفلسطيني، بقرب التحرير الذي أصبح على الأبواب وربما بعد أسابيع وعلى أبعد تقدير حسب تصريحات الجنرال بعد شهور قليلة، لتنتهي معاناة 65 عاما من النزوح والتشرد واللجوء والاحتلال، هذه البشرى التي عجزت 22 دولة عربية بما فيها دولة جزر القمر وحوالي 20 منظمة فلسطينية عن انجازها طوال عشرات السنين الماضية، بينما لم تأخذ من "آية الله" والجنرال وقوات الباسيج سوى 35 سنة هي عمر ثورة الخميني "الإسلامية" من عام 1979 حتى اليوم، وهو رقم قياسي في أن تأخذ الاستعدادات لهذا التحرير "العظيم" سوى هذه السنوات في الوقت الذي كان الأمل في تحقيق هذا الحلم وما زال شبه معدوم عند العرب والفلسطينيين.
وهل تدعم الوقائع المعاشة منذ عام 1979 هذه المزاعم والأكاذيب؟.
هل تصمد مزاعم وأكاذيب الجنرال الإيراني أمام ممارسات نظام الملالي طوال الخمسة والثلاثين عاما الماضية؟. الجواب هو لا..لا..وألف لا كبيرة صريحة واضحة، وذلك بسبب الحقائق التالية ومن لديه حقيقة نقيضة تدعم أكاذيب الجنرال فليتفضل بها كي نتبناها، وهذه أهم هذه الحقائق من وجهة نظري:
1. لم يطلق نظام الملالي ولا باسيجه ولا حرسه الثوري رصاصة ضد الاحتلال "الإسرائيلي" منذ عام 1979، رغم عشرات التصريحات التي أطلقوها مدّعين أنّهم يمتلكون صواريخ قادرة على الوصول إلى تل أبيب وكافة المدن "الإسرائيلية"..فما المانع من إطلاق صاروخ واحد منها لتخويف الإحتلال مثلا؟ وإلا لماذا الإعلان عنها؟. إذن فإما هي غير موجودة أساسا أو لا يجرؤ نظام الملالي على إطلاقها؟.
2. هل كانت هناك فرصة أكثر أهمية للدعم والمؤازرة أكثر من الاجتياح "الإسرائيلي" المدمر للبنان في يوليو 2006 حيث تمّ تدمير شبه كامل للبنية التحتية اللبنانية بسبب تهور وشجاعة جناح الباسيج في لبنان «حزب الله» خطف ثلاثة جنود "إسرائيليين"؟ فلماذا لم يستغلّ نظام الملالي وباسيجه وحرسه الثوري لاستخدام تلك الصواريخ لردع الاحتلال ووقف اجتياحه للبنان؟ مع العلم أنّ ممثل الحرس الثوري في لبنان «حسن نصر الله»، أعلن رسميا بعد وقف العدوان الإسرائيلي قائلا: «لو كنّا نعرف أنّ هكذا سيكون رد "إسرائيل" لما أقدمنا على خطف الجنود الثلاثة».
3. لماذا أضاع نظام الملالي وباسيجه وحرسه الثوري فرصة الاجتياح الهمجي "الإسرائيلي" على قطاع غزة في ديسمبر 2008 ليطلق صاروخا واحدا كي يسهم في وقف الاجتياح وردع العدوان؟ وإلا لماذا المتاجرة الخطابية بقضية الشعب الفلسطيني على طريقة المثل العربي القائل «تسمع جعجعة ولا ترى طحينا».
4. كم أفادت جعجعة أحمدي نجاد حول انكاره للهولوكست في عشرات الخطابات طوال فترات رئاسته القمعية دولة الاحتلال وكم أكسبتها من تعاطف دولي؟.وهذا ما جعل كاتبا وأكاديميا مرموقا هو الأستاذ صبحي حديدي يقول: «بعد أن فرغت السلطات الإيرانية من وضع عشرات المواقع الإلكترونية علي اللائحة السوداء، تفرغت للقضية الثانية الأهم بعد محو "إسرائيل" من الخريطة: محو المحرقة «الهولوكوست» من الذاكرة الإنسانية، والمرء يشعر بالأسى على تبذير أموال الشعب الإيراني في قضية خاسرة سلفاً، تاريخياً وإنسانياً وأخلاقياً، ولا تخدم في نهاية المطاف إلا الدولة العبرية ومجموعات الضغط الصهيونية هنا وهناك، من جانب ثانٍ. وكان من الأجدى إنفاق الاموال ذاتها في ميدان بحث آخر، يخص المحرقة ذاتها، ولكن من زاوية مختلفة قد تلحق ضرراً بليغاً بكل المؤسسات الصهيونية الرسمية وغير الرسمية التي تتخصص في الهولوكوست بوصفه صناعة».
5. واخيرا ليت المصفقين لنظام الملالي وباسيجه وحرسه الثوري يتذكرون فضيحة إيران جيت أثناء الحرب العراقية الإيراينة «1980 – 1988» حيث تولت دولة الاحتلال "الإسرائيلي" تزويد نظام حامل "مفاتيح الجنة" "آية الله الأعظم" الخميني بالسلاح من كافة الأنواع لمواجهة الجيش العراقي. وليت نفس المصفقين يقرأون كتاب «تريتا بارسي» الذي عنوانه «التحالف الغادر: التعاملات السرّية بين "إسرائيل" وإيران والولايات المتحدة الأمريكية» والمؤلف هو أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جون هوبكنز الأمريكية، حيث فيه من المعلومات ما تقشعر له الأبدان، وتشيب له الولدان، لما فيه من حقائق ووثائق حول العلاقات الودية السرية بين الدول الثلاث، مما يثبت أنّ كل الجعجعة الإيرانية ضد دولة الاحتلال مجرد جعجعة خطابية للتغطية على هذه العلاقات السرّية القوية المتينة.
وبالتالي فجعجعة قائد الباسيج الأخيرة حول خلاياه التي ستطوق "إسرائيل"، رأيناها فقط وميدانيا في تطويق وحرب الشعب السوري مدعومة بقوات فرع الباسيج في لبنان تحت اسم «حزب الله» بقيادة الجنرال حسن نصر الله الذي لم يطلق رصاصة واحدة ضد الاحتلال "الإسرائيلي" منذ انتهاء اجتياح عام 2006، ولم يرد ولو برصاصة واحدة على اختراقات الطيران "الإسرائيلي" المتكررة للأجواء اللبنانية ولا قصف الطيران "الإسرائيلي" عدة مرات لمواقع عسكرية تابعة لوحش سوريا داخل الأراضي السورية، بينما يرسل هذا الباسيجي اللبناني مئات من باسيجه للمشاركة في قمع ثورة الشعب السوري، وقد شيّع حتى الآن العشرات من قتلاهم علنا في دويلته بالضاحية الجنوبية من بيروت.. لذلك سنستمر في سماع جعجعة الملالي الخطابية دون أن نرى ذرة من طحين لها في الواقع الفلسطيني والعربي، سوى الاستمرار المتغطرس في احتلال الجزر الإماراتية ومحاولة الهيمنة في أقطار عربية جديدة، بعد أن تمّ التمدد والهيمنة الكاملة في العراق بقيادة وتنفيذ باسيج المالكي ليتفرغ الآن لقمع انتفاضة محافظة الأنبار وجوارها بحجة قتال ارهاب داعش الصناعة الأسدية المالكية الباسيجية.
المصدر : إيلاف