اللعب في مرمى إيران!
فراج إسماعيل
كم هو هش النظام الإيراني سياسيا وعسكريا، لا يقل سوءا عن نسيج المجتمع القابل للتفكك السريع في ظل تعدد أعراقه والعنصرية الشديدة التي تمارسها القومية الفارسية الحاكمة التي لا يزيد تعدادها عن 35% من إجمالي السكان، يزيدون قليلا أو ربما يساوون القومية التركية في أذربيجان الإيرانية.
امتداد أيدي هذا النظام لنشر الفوضى في العالم العربي وخلق جماعات ارهاببة مذهبية متسترة بعباءة العداء للصهيونية والولايات المتحدة، خلق معجبين ومؤازرين من بني جلدتنا، صدقوا حكاية القوة العسكرية الإيرانية بما تلوح به من نووي وصواريخ عابرة للقارات!
التفجير الذي استهدف الحرس الثوري، وهو جيش مواز للقوات المسلحة والاستخبارات، ومقتل بعض قادته الكبار، في عملية نوعية متقنة، يؤكد الهشاشة الأمنية والإجتماعية لدولة تفاخر بدخولها النادي النووي، ومع ذلك فشلت في قراءة خارطتها وربما حماية نفسها مستقبلا من التفكك الذي تسعى إليه حاليا في اليمن بدعمها لقاطع الطريق عبدالملك الحوثي.
المشاكسة المذهبية للمجتمعات السنية في العالم العربي والإسلامي لتحقيق مصالح النظام الإيراني السياسية، يمكن إعادة تصديرها بسهولة إلى داخل خارطته الهشة. لا يتردد عاقل في إدانة العملية الانتحارية التي شهدها إقليم بلوشستان، لكن المطلوب أن يتعلم حكام إيران أن تربية الجماعات الارهابية وزرعها في العالم العربي أدى ويؤدي إلى تدفق دماء بريئة لا يتوقف في مستنقع الطموح الإيراني المريض بالتبشير المذهبي.
الحرب التي يشنها الحوثيون بدعم إيراني أودت حتى الآن بحياة 25 ألف شخص. خطاب قائدهم عبدالملك الحوثي يشابه خطاب السيد حسن نصرالله. وكلاهما يستمد شرعيته في الجرائم التي يرتكبها ويرعاها من الخطاب المقاوم، وهو مضلل لا واقع له، يعتمد في أصوله على طائفية بغيضة لها رعاة في مصر واليمن والعراق، ويحظى بمساندة إعلامية هائلة.
هل كان من اليسير أن يقاتل الحوثيون جيشا نظاميا بريا وجويا، من دون دعم إيراني تجاوز طموحه الهلال الشيعي، ويسعى حاليا لبناء طوق مذهبي في خاصرة السعودية، متحكما في باب المندب، ومهددا مصر، وفاتحا الطريق للشمال الأفريقي عبر ليبيا التي تساندهم في إطار أحلام العقيد القذافي بزعامة دولة فاطمية كبرى؟!
في المقابل.. الأهواز التي تضم 5 ملايين عربي، قنبلة موقوتة داخل إيران ومنطقة قابلة للاشتعال، فرغم أن 80% منهم شيعة، إلا أنهم ناقمون بشدة على العنصرية الفارسية، حتى أن حركة تسنن كبيرة تنتشر بينهم حاليا، لمجرد النكاية في أحلام طهران الامبراطورية المذهبية.
لن يكتب الحياة طويلا لذلك الصمت في مواجهة هشاشة يسهل كسرها، كرد فعل على السلوك الإيراني في اليمن والعراق ولبنان والمحاولات المستمرة لضرب الاستقرار في كل من مصر والبحرين والسعودية.
نتمنى أن تعي طهران الدرس، فالعملية الانتحارية التي ضربت بنجاح كبير جهازا أمنيا في غاية القوة، نفذتها جماعة صغيرة لا يمكن تصور تلقيها لدعم خارجي في ظل التخفي وحصارها من الجانبين الايراني والباكستاني على المرتفعات الجبلية بين البلدين. فما البال لو أعيد تصدير سلوكها الارهابي بالطريقة نفسها التي دخلت بها اليمن ولمنطقة مثل الأهواز مثلا، أو في أذربيجان الإيرانية حيث يصل تعداد الأتراك الايرانيين لنحو 17 مليون نسمة معظمهم شيعة، أو في كردستان ايران حيث يكون السنة 60% منهم، أو في مناطق شعوب اللور والتركمان التي يعيش فيها مليونان من الأتراك السنة، والجيلانيين والطربيين وغيرهم من الذين يشكلون قوام وحدة الدولة الإيرانية، لكنهم يمكن اللعب بهم على تفككها.
اللعب ليس عرقيا فقط فهناك أيضا دوافع مذهبية، فنظام طهران والمراجع التقليديين لا يتوقفون عن دعم حركة تشييع السنة من كل القوميات، بواسطة جماعة "الحجتية" التي تستمد اسمها من اعتبارها الإمام الغائب محمد بن الحسن العسكري حجة الله على الأرض.
أي أن بيت إيران من زجاج، واللعب الطائفي الذين يمارسونه خارج الحدود، سيكون مؤثرا إذا لعب على أرضهم، وسيحرزأهدافا مؤثرة في مرمى ولاية الفقيه الذي يعاني الأمرين حاليا من معارضة الاصلاحيين.
المصدر: صحيفة المصريون