الفقيد : فادي الملحم .. وعائلته نموذج للمعاناة

بواسطة أيمن الشعبان قراءة 1621

الفقيد : فادي الملحم .. وعائلته نموذج للمعاناة

إن من أساسيات وأركان الإيمان هو الإيمان بالقدر خيره وشره والرضا به ، وربنا جل في علاه يقول ( ولا تدري نفس بأي أرض تموت ) ويقول سبحانه وتعالى ( فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ) والله غالب على أره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .

إن المحن والمآسي التي يمر بها الفلسطينيون في العراق لم يعد لها حدود ولم تقتصر على القتل والخطف والاستهداف المباشر من قبل الميليشيات الطائفية ، إنما تعددت وتنوعت مظاهر تلك المعاناة ويكاد يكون لكل عائلة بل لكل فلسطيني صغيرا كان أو كبيرا .. رجلا أو امرأة .. له من الهموم والمتاعب والمصاعب الشيء الكثير .

ولو أخذنا نموذجا قريب العهد بنا لوقفنا على جزء وجانب مما وقع علينا من الظلم والاضطهاد ، حيث شاب فلسطيني ولد عام 1982 من عائلة الملحم المعروفة في قرية جبع جنوب حيفا نشأ في بغداد ويسكن في منطقة الحرية حيث أحد تجمعات الفلسطينيين هناك ، كان يعمل في إحدى الشركات العراقية لكن بعد تغير الأوضاع نحو الأسوأ خاصة الهجمة الشرسة التي استهدفت الوجود الفلسطيني في العراق ، وقد تعرض أهالي منطقة الحرية من الفلسطينيين لمضايقات كثيرة وواضحة وفقدوا العديد من خيرة شبابهم كالفقيد ثامر صبحي مازن والفقيد مصباح علي عبد السلام والشاب أحمد منير الحنحن ومحاولة اغتيال الفلسطيني إحسان علي خميس واغتيال حازم محمود أحمد عبد الباقي ولن ننسلا فاجعة الفقيد محي توفيق وبانه علي وزوج ابنته وشقيق زوجته وابن شقيقة زوجته والفقيد زياد فالح محمود واختطاف العديد وتعذيبهم والاستيلاء على عدد من منازلهم وتهجرت وشردت معظم العوائل هناك .

الشاب فادي محمد علي الملحم خرج من بغداد في عام 2006 بعد أحداث سامراء وهدم المساجد ليلتحق بمخيم الهول في محافظة الحسكة السورية مع قرابة 300 لاجئ فلسطيني سمح لهم دخول الأراضي السورية وبقي هناك كسائر العوائل وعانى من فراق والده ووالدته والعديد من أقربائه وأصحابه طلبا للأمن والأمان .

إلا أن أمر الله إذا جاء لا يؤخر ، وكان على موعد مع قدر الله عز وجل ومع ملك الموت ، حيث بينما كان عائدا من دمشق إلى مخيم الهول في محافظة الحسكة فجر الاثنين الموافق 20/10/2008 إذ اصطدم الباص الذي يقلهم بشاحنة كبيرة ما أدى لمصرعه ، ليترك أثراً وحرقة في نفوس ذويه ، فلعله كان يحلم أو يتمنى في يوم من الأيام أن يعيش كسائر الشباب وأن يكون له استقلاله واستقراره ، وكان يتمنى من خلال وجوده في مخيم الهول أن يحصل على جزء من ذلك ، لكن قدر الله وما شاء فعل .

المؤلم بعد ذلك كله أن ذوي الفقيد رحمه الله وتقبله في عداد الشهداء غير مجتمعين أو متواجدين في مكان واحد بل مشتتين متفرقين بعيدين عن بعضهم البعض ، وهذا حال كثير إن لم يكن معظم الفلسطينيين في العراق ، حيث يوجد معه في مخيم الهول من أقاربه فقط شقيقه ياسر وأحد أعمامه وإحدى عماته واثنين من أبناء عمته .

ويتواجد والده ووالدته وأحد أشقاءه وإحدى شقيقاته وجدته واثنين من أعمامه في مخيم الوليد قرب مركز الوليد الحدودي العراقي حيث يعيشون في ظروف معيشية وإنسانية قاسية جدا حيث الصحراء وحرها في الصيف والزمهرير في الشتاء .

وله أقارب أيضاً في مخيم التنف قرب بوابة الحد السوري الذي أصبح كسجن لا يعرف متى يطلق سراح ساكنيه ، حيث يوجد أولاد خالته وابن عمه ، وهذا التلون والتنوع في أماكن التواجد يكاد لا يسلم منه أحد .

وبطبيعة الحال له أقارب في بغداد لم يتسن لهم الخروج ، إضافة للبعض الآخر في دول أوربا وبعض الدول العربية وهكذا .

فأسر يهودي وقتل آخر مغتصب جريمة لا تغتفر .. وإبادة شعب وتهجيره وتفرقته واضطهاده مسألة فيها نظر ؟!!! هذا لسان حالنا ولا حول ولا قوة إلا بالله .. وإلى الله المشتكى من ضعف الأمة وهوانها .

27/10/2008

أيمن الشعبان

 



مقالات ذات صلة