مغزى تحذير الحكيم للسنة بأنهم سيكونون أكبر الخاسرين

بواسطة السيد أبو داود قراءة 1988
مغزى تحذير الحكيم للسنة بأنهم سيكونون أكبر الخاسرين
مغزى تحذير الحكيم للسنة بأنهم سيكونون أكبر الخاسرين

مغزى تحذير الحكيم للسنة بأنهم سيكونون أكبر الخاسرين

السبت 12 من ذو القعدة1427هـ 2-12-2006م

 

السيد أبو داود

 

الخبر:

[قال عبد العزيز الحكيم رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق إن أهل السنة سيكونون الخاسر الأكبر في الحرب الأهلية].

 

التعليق:

هذا الغرور الطائفي الكبير الذي يتدثر به هذا المسئول الشيعي نتيجة حتمية لتداعيات الأوضاع على الساحة العراقية. فهو مطمئن تماماً لأن إدارة دولاب الدولة العراقية أصبحت بيد الشيعة في كل كبيرة وصغيرة، فضلاً عن أن القوات النظامية العسكرية تحت إمرتهم، بالإضافة لقوات الشرطة.

بل إن الشيعة، وتمادياً في السيطرة والانتقام من السنة، جعلوا ميليشيات الأحزاب والتكوينات الشيعية الكبيرة هي أساس قوات الشرطة، بعد أن تم دمج هذه الميليشيات في قوات الشرطة.

 

وفوق هذا وذاك فالحكيم مطمئن تماماً للدعم الأمريكي اللامحدود لطائفته، التي خانت العراق وقوميته وعروبته، مستعينة بالأمريكان، بعد أن تمرغت تحت أقدامهم، مدعية اضطهاد السنة لها بقيادة صدام حسين.

غرور وعنجهية الحكيم نتيجة طبيعية أيضاً لسياسة الإدارة الأمريكية بقيادة بوش الابن، التي راهنت على تفتيت العراق، خدمة للمشروع الصهيوني، وخصماً من نجاح أي مشروع عربي أو إسلامي.

 

لكن الممارسات الشيعية الطائفية وصلت إلى حد لا يمكن السكوت عليه، لدرجة أن الشارع السني في العالم العربي أصبح يضغط من أجل أن تتدخل الدول العربية السنية الرئيسية، خاصة مصر والسعودية، من أجل إنقاذ سنة العراق. صحيح أن الجهات الرسمية في هذه الدول تتخوف من أن يؤدي تدخلها إلى انقسام العالم العربي إلى قسمين: القسم الأول هم السنة العرب بقيادة مصر والمملكة العربية السعودية والأردن، والقسم الثاني هم الشيعة بزعامة إيران ومن يتحالف معها من العرب سنة وشيعة، وخاصة سورية وحركتي حماس في فلسطين و حزب الله في لبنان.

 مطالبات الشارع السني هذه جاءت بعد المستوى غير المسبوق من العنف الطائفي الشيعي، المدعوم إيرانياً، والذي جعل شخصية رسمية سعودية مثل نواف عبيد مستشار الحكومة السعودية وعضو مساعد في مركز الدراسات الدولية والإستراتيجية بواشنطن يكتب في صحيفة "واشنطن بوست" يوم 30/11/2006، محذراً من قيام المملكة العربية السعودية بتدخل كبير على نطاق واسع لمنع ميليشيات الشيعة التي تدعمها إيران من القضاء على سنة العراق. مبرراً ذلك بأن الكثير من الأصوات دعت المملكة خلال العام الماضي لحماية سكان العراق السنة وإحباط النفوذ الإيراني هناك، إذ توجهت شخصيات عشائرية ودينية عراقية بارزة إضافة لقادة من مصر والأردن ودول عربية وإسلامية أخرى بمطالب لقادة المملكة دعتها فيها لتزويد سنة العراق بالسلاح والدعم المالي، وهذا بخلاف تزايد الضغط الداخلي السعودي، حيث أخذت العشائر السعودية الرئيسية، التي ترتبط بعلاقات وثيقة اجتماعيا وتاريخيا بمثيلاتها في العراق، تطالب هي الأخرى بالقيام بعمل ما.

وعلى حد تعبير نواف عبيد، فإن هذه العشائر يساندها الآن جيل جديد من أبناء الأسرة الحاكمة الذين يتولون مناصب حكومية إستراتيجية ويتطلعون لدور أقوى للمملكة في المنطقة.

ورغم العقبات التي أوردها الكاتب، والتي تحول دون هذا التدخل ومنها: الالتزام السعودي المسبق أمام الإدارة الأمريكية بعدم التدخل في الشؤون العراقية، وكذلك لأنه من المستحيل ضمان ألا تقوم الميليشيات الممولة سعوديا بمهاجمة الجنود الأمريكيين.

إلا إن المملكة تمتلك بالطبع الوسائل التي تمكنها من التدخل، فلديها مسؤولية دينية للقيام بذلك باعتبارها زعيمة السنة في العالم الذين يشكلون ما نسبته %85 من المسلمين، بخلاف كونها مركز القوة الاقتصادية في الشرق الأوسط.

كما أن استضافة الضاري، ولقاؤه مع العاهل السعودي، كان له أكبر الأثر على الجانب الشيعي، الذي ارتبكت حساباته وخاف من المستقبل، ويمكن أن يدعم الاستنتاج بقرب حدوث تغير في الموقف السعودي.

ولعل استضافة مصر مؤخراً للشيخ حارث الضاري رئيس هيئة علماء المسلمين في العراق، وتمكينه من عقد مؤتمر صحفي في نقابة الصحافيين المصريين، اتهم فيه علنا الحكومة العراقية الحالية بالطائفية والتواطؤ مع الميليشيات التي تستهدف قتل أبناء الطائفة السنية، دليل على إرهاصات في تحول الموقف المصري من الدعم الكامل المشروع الأمريكي في العراق، وعدم لعب أي دور لصالح السنة، خوفاً من إدارة بوش، إلى التفكير في تغيير هذا الموقف ليس من ناحية كراهية المشروع الأمريكي ومواجهته، ولا من حيث نصرة المبدأ الصحيح، وإنما لدواعي السياسة البحتة والإستراتيجية. فتعملق المشروع الشيعي، المدعوم إيرانياً بقوة، هو خصم من دور مصر الريادي في المنطقة، وتقزيم لمصر، مقابل نمو الدور الإقليمي لإيران، لتصبح إيران وإسرائيل هما الدولتان الإقليميتان في المنطقة، وعلى الجميع بمن فيهم مصر أن يسيروا في الركب.

ولعلنا هنا نوجه اللوم للدول العربية السنية التي لم تحرك ساكناً من البداية، وتركت الطريق مفتوحاً أمام الإجرام الطائفي، وأمام إيران كي تفعل كل شيء وهي آمنة من أي رد فعل مضاد، ومحصنة من أي معارضة ومواجهة حقيقية توقفها عند حدها.

 



مقالات ذات صلة