بوش وسفيره بالقاهرة يرتديان العباءة "الصوفية" للتصدي للحركات الإسلامية
موقع المصريون - مجدي رشيد - 12 / 11 / 2007
نقلاً عن شبكة الراصد الإسلامية
أعرب سياسيون ومحللون عن اعتقادهم بأن مشاركة السفير الأمريكي بالقاهرة فرانسيس ريتشاردوني الصوفيين الاحتفالات بموالد الأولياء، وحضوره المناسبات والاحتفالات الشعبية المختلفة تأتي في إطار حملة "علاقات عامة" تهدف إلى خلق انطباع مغاير في الذهنية المصرية حيال المسئولين الأمريكيين.
وقللوا من أهمية تصريحاته التي أكد فيها أن الرئيس جورج بوش معجب بالشاعر الصوفي جلال الدين الرومي، وأنه استشهد بكلمات له خلال لقائه مسئولي المركز الإسلامي بواشنطن خلال هذا العام، فيما اعتبروه نوعًا من الدجل السياسي.
ورأوا أن هدفه من ذلك هو محاولة تحسين شعبية الرئيس بوش في الأوساط الإسلامية، والعمل على محو الصورة السيئة التي التصقت بأذهان الرأي العام الإسلامي حيال هذا الرجل الذي وصف الإسلام بالفاشية.
كما اعتبروا الهدف من حضور السفير الأمريكي للموالد والتجمعات الصوفية، هو محاولة من جانبه لتعزيز النزعة الصوفية حتى تكون بديلاً عن الإسلام السياسي الرافض لمشاريع الهيمنة الأمريكية في العالم الإسلامي.
وأكد الدكتور كمال حبيب الباحث في شئون الحركات الإسلامية أن هناك اتجاها أمريكيًا وبشكل عام يدعم الاتجاهات الصوفية في العالم العربي والإسلامي كبديل للاتجاهات السلفية، كما أن رؤية الصوفية للإسلام تعبر عن المفهوم الأمريكي والغربي لهذا الدين والذي يقترب من النزعة المسيحية، فيما يتعلق بفصل الدين عن السياسة، مشيرًا إلى أن المولوية وأفكار جلال الدين الرومي منتشرة في تركيا وعديد من البلدان الغربية.
وأوضح أن الولايات المتحدة ترى أن الصوفية تعبر عن الدين المدني، وتسعى لأن تكون بديلاً عن الإسلام الجهادي والمقاوم للمخططات الاستعمارية الغربية، في ظل المخاوف الأمريكية المتنامية من تزايد نفوذ التيارات الإسلامية المقاومة بمنطقة الشرق الأوسط.
وقال إن هذا الأمر يفسر جهود الأمريكيين لتعزيز الإسلام الصوفي بديلاً عن الإسلام الجهادي خاصة وأن الأول هلامي وليس له أي تأثير في توجيه سلوك الإنسان، حسب قوله.
في حين، رأى عبد الغفار شكر المحلل السياسي أن تحركات السفير ريتشاردوني تهدف لتحسين صورة الولايات المتحدة بالشارع المصري، وأنها تأتي في إطار حملة علاقات عامة بعد أن أيقن أن الموالد والتجمعات الصوفية للمصريين البسطاء مجالاً خصبًا لتغيير صورة الولايات المتحدة لدى المصريين.
وأظهر استطلاع أجرته منظمة "وورلد ببلك أوبنين" الأمريكية، المتخصصة في إجراء استطلاعات الرأي في وقت سابق من هذا العام، أن مصر تأتي في صدارة الدول الإسلامية الأكثر "عداءً" للولايات المتحدة.
ووفق الاستطلاع، فإن ٩٢% من المصريين يرون أن واشنطن تهدف لـ "تقويض" الإسلام، بينما رأى ذلك ٧٤% من المسلمين في دول إسلامية أخرى كما أيد ٨٠% من المصريين شن هجمات ضد القوات الأمريكية بالمنطقة، في نسبة هي الأعلى أيضًا بين أربعة دول إسلامية كبري، هي: مصر وإندونيسيا وباكستان والمغرب.
بدوره، رأى الدكتور ضياء رشوان الباحث بمركز "الأهرام" للدراسات السياسية والاستراتيجية، أنه من الخطأ أن تعتقد الإدارة الأمريكية أن الحركات الصوفية هي بديل عن حركات الإسلام السياسي، بدليل أن تركيا تمتلئ بالحركات الصوفية، ومع ذلك حقق حزب "العدالة والتنمية" ذي الجذور الإسلامية نجاحًا منقطع النظير، ونفس الأمر حدث في المغرب حيث تنشط الحركات الصوفية، ورغم ذلك استطاعت الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية أن تحصد أصوات الناخبين.
وأشار رشوان إلى أن هناك العديد من الدراسات التي ترى أنه من الممكن استخدام الحركات الصوفية لمجابهة حركات الإسلام السياسي والسلفية، وأن الرئيس الأمريكي جورج بوش يعتقد بإمكانية ذلك، لذا يمكن أن يكون لديه اتجاه نحو هذا الهدف.
لكنه رفض توصيف زيارات السفير الأمريكي للأضرحة بأنها جزء من سياسة بلاده في هذا الشأن، بدليل أن سفراء سابقين عليه لم يتجهوا هذا الاتجاه، وإنما الأمر يرجع إلى شخصية السفير نفسه.
ويرى ريتشاردوني المغرم بحضور الموالد في مصر منذ عمله قبل أكثر من عقدين في السفارة الأمريكية بالقاهرة أن هذه الاحتفالات "تعكس طيبة المصريين وروح المحبة وكرمهم ودفء ترحيبهم وتدينهم المعتدل وسماحة دينهم، وكيف أن الإيمان يربط الأمريكي بالمصري ولا يفرقهما".
من جانبه، أرجع الدكتور عبد الله الأشعل الدبلوماسي السابق والمحلل السياسي تصرفات السفير الأمريكي إلى رغبته في التسلل إلى الرأي العام الشعبي؛ وهي محاولات تعكس حرصه على الظهور بمظهر مغاير عن الصورة العامة لبلاده، وأنه ربما يحاول من هذه التصرفات تخفيف وطأة السياسة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط وعلى رأسها مصر، بعد أن أيقن أن مرتادي هذه الأماكن بسطاء يمكن خداعهم بهذه التصرفات.
واستبعد الأشعل أن يكون لهذا الأمر علاقة بمحاولة احتواء الإسلام السياسي والجهادي، لأن ذلك يستلزم ليس الكلام فقط وإنما تمويل للحركات الصوفية ومساعدتها على جذب أكبر عدد ممكن من الجماهير والمريدين.
في حين وصف تصريحات الرئيس الأمريكي عن الشاعر جلال الدين الرومي بأنها مجرد نوع من الدجل السياسي، لأن تصرفاته وسياساته ضد الصوفية ولو أنه أعجب بآراء وأفكار هذا الشاعر الصوفي لكان شرفًا له ذلك ولكن هذا من قبل الدجل السياسي ليس إلا.