ماذا يجري في لبنان؟
هل هو مشروع إيراني شيعي مذهبي صفوي أم حزب الله؟
محمد أسعد بيوض التميمي
الكاتب والباحث والمحلل السياسي
المختص بالقضايا الإسلامية
مفكرة الإسلام: إن ما يسمى بحزب الله في لبنان ما هو إلا مشروع إيراني شيعي مذهبي طائفي متعصب، والهدف الإستراتيجي لإيران من وراء إنشاء هذا الحزب ليس محاربة الكيان اليهودي ولا تحرير فلسطين ولا نصرة المحرومين والمستضعفين من المسلمين ولا الجهاد في سبيل الله، وإنما تحويل الطائفة الشيعية في لبنان من أضعف طائفة سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا إلى أقوى طائفة سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا. وهذا ما تؤكد عليه كل المعطيات التي سنتحدث عنها لاحقًا في هذا المقال. فمن أجل تحقيق هذا الهدف الإستراتيجي وتبرير الدعم المادي الإيراني الهائل لهذا الحزب كان لابد من هدف تكتيكي مرحلي دعائي من أجل التغطية على هذا الهدف الاستراتيجي الأساس، فكان الهدف التكتيكي هو مقاومة الكيان اليهودي وتحرير جنوب لبنان، فمن ذا الذي يجرؤ على التشكيك بمن يعلن أن هدفه هو مقاومة العدو المحتل.
فخلف هذا الغطاء قدمت إيران لهذا المشروع الطائفي الدعم المالي الهائل الذي كان يستخدم في إنشاء جيش مسلح ومدرب على أعلى مستوى [ويتفوق على تسليح وتدريب الجيش اللبناني], وفي إقامة مشاريع اجتماعية واقتصادية ودينية وإعلامية ضخمة ذات طابع شيعي واضح.
ومما عزز وسهل نشوء قوة هذا الحزب الشيعي بهذا الشكل هو سيطرة النظام السوري على لبنان بدعم من أمريكا، ومن أجل أن تفرض سوريا سيطرتها على لبنان بشكل محكم كان هناك قرار سوري ـ بموافقة ودعم أمريكي ـ بأن لا يكون هناك أية ميليشيا مسلحة تابعة لأية طائفة في لبنان, فتم نزع سلاح جميع ميليشيات الطوائف اللبنانية بموجب [اتفاق الطائف] الموقع بين الطوائف اللبنانية المختلفة والحكومة اللبنانية وبرعاية أمريكا والسعودية وسوريا, أما الميليشيا الشيعية المسماة بـ[حزب الله] فلم يطبق عليها هذا الاتفاق, وذلك تحت حجة أن هذا الحزب ليس بميليشيا، وإنما هو مقاومة يعمل على تحرير جنوب لبنان, وبالفعل استفرد هذا الحزب بالسلاح وبحرية الحركة، فنما وترعرع تحت الرعاية السورية وغض الطرف الأمريكي حتى استطاع بالفعل أن يجعل من الطائفة الشيعية في لبنان أقوى طائفة سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا, فأصبح دولة داخل الدولة له علم خاص ويرفع صور الزعيم الإيراني [الخميني] في مقاره الرسمية وفي الشوارع وكذلك صور خليفة الخميني [الخامنئي]، مما يؤكد أنه مشروع إيراني.
ومما يؤكد أن أمريكا كانت تغض الطرف عن هذا الحزب أن هذا الحزب وقع مع الكيان اليهودي في عام 1996 ما عُرف [بتفاهمات نيسان] برعاية أمريكية وفرنسية وسورية وألمانية، وهذه التفاهمات تجاوزت الدولة اللبنانية واعتبرت ما يسمى بحزب الله هو الذي يمثل الطرف اللبناني، واعترفت الأطراف الموقعة على هذه التفاهمات وفي مقدمتها الكيان اليهودي وأمريكا بأن ما يُسمى بـ[حزب الله] الشيعي حركة مقاومة للاحتلال في جنوب لبنان، وأن يكون نشاطه العسكري محصورًا في الجنوب, ولا يحق له بأن يقوم بأي عمل عسكري ضد الكيان اليهودي في فلسطين المغتصبة عام 1948 أي فيما وراء الحدود اللبنانية.
وبالفعل التزم هذا الحزب بهذه التفاهمات، والتي يُفهم منها بأن هذا الحزب اعترف عمليًا بأن فلسطين ليست أرضًا مغتصبة، وأقر أيضًا بأنه لا يسعى ولا يهدف وليس من إستراتيجيته تحرير فلسطين ولا مقاومة الكيان اليهودي الكيان الغاصب لفلسطين كما يدعي.
وكانت أمريكا لديها قرار ـ بغير رغبة الكيان اليهودي ـ بربط المسارين اللبناني والسوري بمسار واحد, وأن يكون انسحاب الكيان اليهودي من جنوب لبنان بموجب اتفاقية سلام توقع من الحكومة اللبنانية والسورية، فربطت هذين المسارين بواسطة هذه التفاهمات, وبالفعل صار الوزراء والساسة اللبنانيون والسوريون يتحدثون عن وحدة المسارين وهذا ما يوضح لماذا أمريكا رفضت اتفاق 17 أيار لعام 1983 الشهير الموقع بين الكيان اليهودي والحكومة اللبنانية وعملت على إسقاطه؛ لأنه تم بدون علمها ومن وراء ظهرها ولم يحصل على موافقتها, ومن أجل أن يتهرب هذا الكيان من وحدة المسارين وما قد يترتب عليه من استحقاقات سياسية وتنازلات قد تجبره أمريكا على دفعها لا يرغب في دفعها أو تقديمها، وفي مقدمتها ما يتعلق بحل قضية اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، والتي تمنع التركيبة الطائفية في لبنان من توطينهم فيه.
فخشي هذا الكيان الغاصب من أن تضغط عليه أمريكا في يوم من الأيام فتجبره على تنفيذ حق العودة، فمن أجل أن يتملص من هذا الذي فرض عليه قام في عام [2000] وبتصرف أحادي الجانب بالانسحاب المفاجئ من جنوب لبنان, ومما يؤكد على رأينا هذا، أن سوريا ـ كما نعلم جميعًا ـ قد احتجت على هذا الانسحاب ورفضته؛ لأنه تم من طرف واحد، وصرح وزير خارجية سوريا فاروق الشرع أن هذا الانسحاب لا يجوز، وكذلك وزير خارجية لبنان والحكومتين السورية واللبنانية ترفضان ذلك.
وأيضًا أمريكا تفاجأت من هذا الانسحاب، فطلبت من الحكومة اللبنانية أن لا ترسل جيشها إلى الجنوب والتموضع على الحدود، وبالفعل لم ترسل الحكومة اللبنانية جيشها إلى الجنوب بحجة أن هذا الانسحاب يجب أن يتم بموجب اتفاقية تسوي جميع المسائل الحدودية والسياسية والقضايا المختلفة التي يجب حلها بموجب اتفاقية سلام, وبدلاً من الجيش اللبناني الرسمي سُمح لميليشيا الحزب بالدخول إلى الجنوب والسيطرة عليه والوجود على الحدود الدولية بين فلسطين المغتصبة ولبنان, ونتيجة لذلك نُسب هذا الانتصار لما يُسمى لحزب الله، وأنه هو الذي حرر الجنوب فصار هذا الحزب وقائده رمزًا للانتصار والتحرر حتى أن جميع السياسيين اللبنانيين من جميع الطوائف الخائفين من الأجهزة الأمنية السورية القابضة على لبنان أخذت تنافق زعيم هذا الحزب المقرب من النظام السوري، وتتسابق على حضور مناسباته وفي مقدمتها الاحتفال بمناسبة تحرير الجنوب.
وهنا أريد أن أقول حقيقة وهي: [أن معظم العمليات النوعية قبل انسحاب الكيان اليهودي من جنوب لبنان، قام بها شباب فلسطينيون من تنظيم الجبهة الشعبية القيادة العامة بزعامة أحمد جبريل، حيث قدم هذا التنظيم 750 قتيلا نحسبهم عند الله شهداء من مجموع 1500 قتيل أعلن عنهم الحزب، دون أن يذكر دور هؤلاء المقاتلين الفلسطينيين ولو بالإشارة في يوم من الأيام, فالحزب قد استغل تعطش هؤلاء الشباب لقتال عدوهم ـ والمغلقة في وجوههم الحدود العربية ـ حتى يبني أمجادًا على جماجمهم, وفي المعارك الأخيرة قدم هذا التنظيم الفلسطيني عشرات الشهداء ومئات الجرحى في الخطوط الأمامية، ومن ضمنهم عضو اللجنة المركزية للقيادة العامة [حسين قبلاوي], وهاهو هذا التنظيم يشيع في مخيم اليرموك في دمشق يوميًا قوافل الشهداء الذين سقطوا في جنوب لبنان، فإن كُنت أقول غير الحق فها هو الأخ أحمد جبريل قائد الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين [القيادة العامة] حي يرزق.
وما إن جاء عام 2000 حتى حصل انقلاب في السياسة الأمريكية تجاه المنطقة، حيث تغيرت مواقف أمريكا وسياستها وتعاملها مع كثير من الأنظمة والقضايا والملفات في منطقتنا، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية واللبنانية وذلك نتيجة فوز ما عُرف بالمحافظين الجدد بالانتخابات الأمريكية بزعامة بوش الابن، والذي يحيط به مجموعة أو عصابة من المتعصبين دينيًا, وسيطر هؤلاء على سياسة أمريكا الخارجية وعلى وزارة الدفاع، فكانت لديهم سياسة جديدة وهي تجديد وتغيير جميع عملاء أمريكا في المنطقة, وبدءوا يُعلنون عن سياسة الإصلاحات السياسية في العالم العربي وتشجيع الديمقراطية، والتي تستهدف تغيير أنظمة الحكم في المنطقة التي عفا عليها الزمن واستهلكت واعتلاها الصدأ، بأنظمة جديده تتوافق ومزاج عصابة البنتاجون وسياستهم الجديدة.
فقامت هذه الإدارة الأمريكية الجديدة بسحب الملف اللبناني من يد النظام السوري الذي وكلته به، وأخذت تطالب النظام السوري بسحب قواته التي دخلت لبنان بطلب منها عام 1976, ولكن النظام السوري أخذ يُماطل ويتلكأ بالاستجابة لهذا الطلب لعل وعسى أن تغير الولايات المتحدة الأمريكية رأيها، فلم يقرأ هذا النظام جيدًا التغيير الجذري الذي حصل في السياسة الأمريكية منذ مجيء المحافظين الجدد للسلطة في الولايات المتحدة الأمريكية, وأمام هذه المماطلة والتلكؤ قامت الولايات المتحدة الأمريكية باستصدار قرار من مجلس الأمن رقم [1559] لعام 2004 ينص على سحب جميع القوات الأجنبية وغير اللبنانية من الأراضي اللبنانية وبنزع سلاح جميع الأحزاب والمليشيات والمنظمات اللبنانية وغير اللبنانية, ورغم ذلك فإن النظام السوري لم يستجب فورًا لهذا القرار وكذلك الحزب, إلى أن جاء عام 2005 وفي 14 شباط حيث تم اغتيال رفيق الحريري رئيس وزراء لبنان السني، والذي اتهم بأنه الذي كان وراء استصدار هذا القرار.
فكان اغتيال رفيق الحريري بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير، حيث قامت الولايات المتحدة الأمريكية بالطلب من النظام السوري بسحب قواته فورًا من لبنان وبحد أقصاه تاريخ 8/4/2005، وإلا فإنها أي أمريكا ستتخذ الإجراء المناسب لإجبارها على ذلك, فقامت سوريا بالاستجابة لهذا التهديد فورًا، وبذلك انتهى الدور السوري في لبنان الذي استمر تقريبًا مدة ثلاثين عامًا.
وبانتهاء هذا الدور تم تنفيذ الشق الأول من قرار 1559 وتّبقى الشق الثاني وهو نزع سلاح الحزب، ولكن هذا الحزب رفض هذا القرار وأخذ يتحدى كل من يُحاول أن ينزع سلاحه، مبررًا بأن هذا السلاح هو سلاح مقاومة وأن المقاومة مستمرة، وأن هناك جزءًا من الأراضي اللبنانية لا زال مُحتلاً، وهذا الجزء هو مزارع شبعا والتي هي في الأساس أراضٍ سورية احتلت من سوريا عام 1967، ولكن سوريا بعد انسحابها من لبنان عام 2005 تنازلت عنها إلى لبنان من أجل دعم مبرر انفراد الحزب بالاحتفاظ بسلاحه.
وكان هذا الحزب يقوم كل فترة وحين بعملية عسكرية ضد جنود الكيان اليهودي حتى يُقال بأنه لا يزال يُقاوم، فيبرر احتفاظه بسلاحه، وبعد كل عملية كان الكيان اليهودي يقوم بعملية رد محدودة لا تتعدى القصف المدفعي لبعض قرى الجنوب اللبناني، ومن ثَم ينتهي الأمر إلى هذا الحد.
ولكن في العملية الأخيرة التي قام بها ما يُسمى بـ'حزب الله' في 12/7/2006 فوجئ بحجم الرد وبأسلوبه, حيث قامت أمريكا بفك الكيان اليهودي من عقاله فقام بشن هجوم جوي وبري وبحري وبجميع صنوف الأسلحة على مجمل مساحة لبنان، الذي حوله إلى ميدان للرماية، فقام باستهداف البنية التحتية للدولة اللبنانية وأخذ يقتل ويُدمر على أكثر من ثلاثين يومًا، وكان ذلك بضوء واضح وعلني من الولايات المتحدة الأمريكية التي لا تقبل أن يكون هناك أية قوة لها أنياب حول الكيان اليهودي مهما كانت هذه القوه موالية لها، وكان هناك أيضًا تأييد علني من بعض الأنظمة العربية وأبدى حزب الله دفاعًا شرسًا عن النفس؛ لأنه أصبح على قناعه بأن هذه معركته الأخيرة، وأن رأسه بات مطلوبًا، وأن دوره الذي أُقر في تفاهمات نيسان يجب أن ينتهي.
فأصدر مجلس الأمن قرار [1701] والتي يتضمن شروطًا معظمها في مصلحة الكيان اليهودي، وهو أشبه ما يكون [بوثيقة استسلام] وقبلها الحزب مبديًا بعض التحفظ على بعض النقاط، وذلك من باب التغطية على القبول بهذا القرار المُذل الذي ينص على وجوب تنفيذ قرار 1559، والذي يتمحور حول تسليم الحزب لسلاحه وانسحابه من الجنوب اللبناني، وتسليم الجنديين الأسيرين دون قيد أو شرط، وإرسال قوات دوليه لحماية الكيان اليهودي، بل إن أمين عام الحزب فوض الحكومة اللبنانية بأن تأخذ الموقف المناسب، ولن يقف عائقًا في وجهها.
فالذي يقبل بشروط العدو دون قيد أو شرط لا يمكن أن يكون منتصرًا، فما دام كان مسيطرًا على ميدان المعركة، كيف يقبل بوقفها ويقبل بإملاءات العدو, فالمُنتصر هو الذي يفرض إرادته على عدوه ويُملي عليه شروطه, وكيف لهذا الحزب أن يعيّن ناطقًا رسميًا باسمه ومُفوضًا عنه أثناء الحرب [جزار ومجرم وسفاح يديه مُلطخة بدم الشعب الفلسطيني المسلم السني وهو نبيه بري] زعيم حركة أمل الشيعية التي ارتكبت أبشع المجازر ضد الشعب الفلسطيني في مخيمات بيروت في 'صبرا وشاتيلا وبرج البراجنة'.
فحتى لا ننسى لقد قام هذا المجرم قائد ميليشيا حركة أمل الشيعية بتطويق مخيمات بيروت والواقعة في الضاحية الجنوبية [صبرا وشاتيلا وبرج البراجنة] وقصفها بجميع أنواع الأسلحة لمدة ثلاث سنوات من 1984 إلى 1987 ومن شدة هذا الحصار الإجرامي اضطر الفلسطينيون أن يأكلوا القطط والفئران والجيف وأن يشربوا بولهم, ورغم وجود قوات حزب الله بجوار هذه المخيمات في الضاحية الجنوبية إلا أنها لم تحرك ساكنًا أو تتدخل لوقف المجازر أو إرسال الطعام والشراب لهم، بل كانت متواطئة مع المجرم بري بالتزامها الصمت, ومع ذلك فإن [قوات هذا المجرم لم تستطع أن تقتحم هذه المخيمات] ولقد ذهب والدي رحمه الله [الشيخ أسعد بيوض التميمي يرافقه غازي الحسيني ابن الشهيد عبد القادر الحسيني] إلى إيران في ذلك الحين [عام 1986] من أجل أن يطلُب من الخميني أن يتدخل لوقف المجازر التي يرتكبها الشيعة في لبنان ضد الشعب الفلسطيني بإصدار فتوى تحرم قتل الفلسطينيين, ولكن [الخميني] رفض ثم ذهب إلى نائبه [منتظري] وكان هذا لديه توجه للتقارب مع أهل السنة, وبالفعل أصدر هذه الفتوى وكانت هذه الفتوى سببًا في انشقاق الشيعة في لبنان وخصوصًا حركة أمل وكانت أيضًا سببًا في غضب [الخميني] على [منتظري] وأحد أسباب عزله فيما بعد, فكيف لنصر الله أن يمدح مثل هذا المجرم [نبيه بري] في خطابه بعد وقف إطلاق النار مباشرة قائلاً عنه بأنه الأخ الكبير وصاحب الحكمة وعلى الجميع أن يستمعوا لحكمته, أي حكمة موجودة لدى هذا المجرم!
إن بري بالنسبة للشعب الفلسطيني كـ'بيجن وشارون وباراك وأولمرت وموفاز وحالوتس' وبقية المجرمين اليهود الذين تلطخت أيديهم بدماء الشعب الفلسطيني, ولقد أعلن هذا الجزار [بري] بتفويض من نصر الله بأن الحزب يريد فقط أن يبادل الجنديين اليهود بثلاثة أسرى لبنانيين هم من الشيعة فقط, وبذلك قُضي على الأمل الذي تعلق به البعض بأنه سيبادلهما بالأسرى الفلسطينيين.
ومما يؤكد أن هذا الحزب لا يهمه الشعب الفلسطيني ولا قضيته بل ويحقد عليه، أنه رشح على قائمة حزبه لثلاث دورات برلمانية متتالية [إيلي حبيقة] بطل مجازر صبرا وشاتيلا 'الذي قاد قوات الكتائب المارونية الصليبية الحاقدة التي دخلت هذين المخيمين بعد أن خرج المقاتلون الفلسطينيون منها عام 1982، فقتلت الأطفال والنساء والشيوخ بمنتهى الخسة والنذالة والجبن، مكافأة له على جريمته هذه ضد الشعب الفلسطيني التي تعتبر من أبشع وأحقد مجازر التاريخ'.
ومما يؤكد أن هذا الحزب لا تعنيه فلسطين وأهلها وأنه يستغل القضية الفلسطينية إعلاميًا في وسائله الإعلامية, ومن باب التقية ولذر الرماد في العيون، أن أمينه العام [نصر الله] عندما ظهر على شاشات التلفزة حوالي أربع مرات أثناء الحرب، لم يذكر خلالها الشعب الفلسطيني وقضيته ولو بكلمة، بل تجاهل هذا الأمر تمامًا رغم أن الشعب الفلسطيني في غزه والقطاع خرج بمسيرات تأييد لحزبه.
وعندما سُئل في إحدى المقابلات التلفزيونية إلى من سيهدي الانتصار إذا ما تحقق قال: 'سأهديه للحكومة اللبنانية'، ولم يقل للشعب الفلسطيني المجاهد والصامد منذ مائة عام وليس منذ ثلاثين يومًا انتهت بتوقيع [وثيقة استسلام] والقبول بشروط العدو، وبالفعل في خطابه المباشر بعد وقف إطلاق النار لم يخص الشعب الفلسطيني بأية تحية أو ذكر أو إهداء.
والأشد من كل ذلك أن الأمين العام لما يُسمى بحزب الله المعمعم، والذي يُسمي نفسه بالمقاومة الإسلامية، لم يذكُر في أحاديثه آية قرآنية واحدة ولا حديثًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، بل إنه كان أحيانًا لا يذكر الله نهائيًا, فإذا لم تذكُر الآيات التي تدعو إلى الجهاد، والتي تحرض المؤمنين على القتال ويذكر الله كثيرًا بمثل هذه المواقف فمتى تذكر, وإذا لم يتم الاستغاثة بالله في الحرب فمتي يتم ذلك! إنهم أصلاً لا يستغيثون إلا بالحسين وعلي وفاطمة، وهم سلام الله عليهم ورضوانه براءة من كل مشرك لا يستغيث بالله, بل والأشد استهجانًا أني رأيت بعض المقابلات التلفزيونية مع المقاتلين من هذا الحزب يقولون فيها إنهم يقبلون حذاء الأمين العام بل إن أرواحهم فداء لهذا الحذاء، فأي عقيدة هذه التي تسمح بتقديس الأحذية والتضحية في سبيلها! وهذه المقابلات لم أشاهدها وحدي وإنما شاهدها الناس في كل مكان فلا حوله ولا قوة إلا بالله.
وكيف لأمين عام الحزب نصر الله أن يكون من أول المؤيدين للاحتلال الأمريكي للعراق معتبرًا إياه تحريرًا للعراق من أهل السنة وهو قد هاجم المجاهدين السنة في العراق في أكثر من خطاب، قائلاً عنهم بأنهم خونة وعملاء وتكفيريين وصداميين بحجة أنهم يقتلون أفراد الشرطة العراقية والجيش العراقي اللذين صنعتهما أمريكا ليكونا لها مخالب قط وأداة لذبح المجاهدين من أهل السنة والجماعة.
وهذا الحزب يقوم بتدريب الميليشيات الشيعية في العراق التي صنعتها إيران لتكون عونًا للأمريكان في فرض سيطرته على العراق وفي مقدمتها ميليشيا ما يُسمى [بجيش المهدي وميليشيا بدر وحزب الدعوة] التي تذبح عُلماء السنة وتهدم مساجدهم وتخطف أبناء الشعب الفلسطيني اللاجئين في العراق منذ عام 1948 وتعذبهم عذابًا قبل أن تقتلهم بأشد الأساليب إجرامًا, وتعتدي على شرفهم وأعراضهم وتُهددهم كل يوم بالقتل والذبح إذا لم يرحلوا من العراق فلقد صرح الدكتور [حارث الضاري] أمام مؤتمر اتحاد علماء المسلمين الذي عقد في إستنبول قبل شهرين تقريبًا بأن الميليشيات المدعومة من إيران قتلت أكثر من 200.000 ألف سني في العراق .
فهذا الحزب هو صناعة إيرانية ومشروع إيراني كالمشاريع الإيرانية في العراق التي تستهدف أهل السنة والجماعة وإقامة دولة صفوية فهو يحمل نفس عقيدة هذه الدولة الصفوية الفارسية وميليشياتها التي تعيث في أرض العراق الفساد، والتي أصبح يُطلق عليها فرق الموت السوداء, والتي تقول بأن القرآن مُحرف والتي تلعن أبا بكر وعمر وعثمان, فأنا أتحدى أن يخرج نصر الله على الناس ويترضى على أئمة أهل السنة والجماعة أبي بكر وعمر وبقية صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم, إن الذي يلعن أبا بكر وعمر فهو ملعون.
إن المجاهدين الحقيقيين هم الذين يقاتلون في سبيل الله رأس الكفر أمريكا لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى في العراق وفي أفغانستان وفي فلسطين الذين يحملون عقيدة الأمة الصحيحة وهمومها, والذين تنطبق عليهم شروط النصر والله أعلم، والذين هزموا أمريكا العظمى في معركة الفلوجة وفرضوا عليها شروطهم، والذين يُذيقونها الويلات في الأنبار وفي معظم أرض العراق, والذين يوشك فجر الإسلام أن يبزغ من جديد على أيديهم، والذين قال عنهم بوش المجرم: 'إن هؤلاء الذين يقاتلوننا في العراق سيقيمون إمبراطورية إسلامية من الأندلس غربًا إلى الصين شرقًا إذا انهزمنا أمامهم' وهم مهزمون لا محالة بأمر الله لأن هؤلاء المجاهدين قدر الله في أرضه، وما كان من القدر لا يغيره البشر {والله متم نوره ولو كره الكافرون}.
أما الذين يحقدون على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم والذين يحملون عقيدة الشرك ويقتلون كل من يحمل اسم 'أبو بكر، وعمر، وعثمان، وخالد' ويتولون رأس الكفر في العراق، فهم ليسوا منا ونحن لسنا منهم، ولو قصفوا حيفا بالصواريخ, فالعقيدة مقدمة على كل اعتبار، وأن قائد الأمة الحقيقي هو الذي يتبنى قضايا الأمة في مشارق الأرض ومغاربها، أما زعماء الطوائف فهم وبال على الأمة وسريعًا ما تنكشف حقيقتهم.
فهذه الصواريخ لم تكن إلا للدفاع عن مشروع طائفي انتهى دوره بانتهاء مرحلة تاريخية، فاستخدم أصحابه كل سلاح مُتاح لديهم في سبيل ذلك، وليس في سبيل الله ولا دفاعًا عن الشعب الفلسطيني، وهذا ما تؤكده الحقائق التي ذكرناها سابقًا.
أما الصواريخ التي ستحرر فلسطين فهي التي ستطلقها يد الموحدين لله رب العالمين جند الله القادمون على الطريق الذين يحبهم الله ويحبونه ثم يحبون أبا بكر وعمر وخالد وسعد وأبا عبيدة وصلاح الدين الأيوبي الذي يعتبره الشيعة أكبر مجرم في التاريخ, ويجاهدون في سبيل الله لا يخافون لومة لائم أمثال الذين بعثهم الله على أمريكا وعملائها في العراق.
وأريد أن أذكر كل من يقول: إن هذه أول معركة حقيقية مع الكيان اليهودي، لا تنسوا صواريخ صدام حسين عام 1991التي دكت كثيرًا من المدن التي يغتصبها اليهود وجعلتهم يعيشون أربعين يومًا وهم يرتدون الكمامات في الغرف المغلقة بإحكام خوفًا من الأسلحة الكيماوية، والتي خلعت كثيرًا من قلوب اليهود بسبب الذعر والخوف الذي أصابهم, واذكروا معركة الكرامة عام 1968، ولا تنسوا معركة مخيم جنين عام 2003 الذي مساحته نصف كيلومتر حيث صمد ثلة من المجاهدين بقيادة المجاهد البطل 'أبو جندل' 22يومًا، أوقعوا خلالها أكثر من أربعين قتيلاً في صفوف اليهود وعشرات الجرحى, ولا تنسوا صمود بيروت الأسطوري حيث إن 280 ألف جندي يهودي مدعومين بحلف الأطلسي قد جاءوا إلى بيروت الغربية عام 1982 والتي مساحتها ثمانية كيلومترات وفرضوا عليها حصارًا بريًا وبحريًا وجويًا مع قصف من الجو والبر والبحر استمر 88 يومًا دون أن يستطيعوا أن يتقدموا شبرًا واحدًا, فمعركة المتحف شاهدة على ذلك، والتي قال اليهود يومئذ عنها بأنهم قد أحرزوا تقدمًا مقداره 11 مترًا، رغم أن عدد المدافعين عن بيروت لم يتجاوز خمسة آلاف مقاتل فلسطيني.
ولقد طلب ياسر عرفات رحمه الله يومها من الخميني أن يطلب من الشيعة في لبنان أن يقاتلوا إلى جانب الفلسطينيين، ولكنه رفض بل أصدر فتوى مشهورة بأنه لا يجوز القتال إلى جانب الفلسطينيين, رغم أن ياسر عرفات كما هو معروف لعب دورًا أساسيًا في نجاح الثورة الإيرانية وقام بتأسيس الحرس الثوري الإيراني، ولكن الإيرانيين تنكروا له وللشعب الفلسطيني.
ولا تنسوا معركة قلعة شقيف التي صمد فيها 12 مقاتلاً فلسطينيًا لمدة أسبوعين حتى استشهدوا جميعًا مما جعل القائد اليهودي يخلع رتبته العسكرية ويرميها على الأرض ويستقيل من الجيش، عندما اكتشف أنه يُقاتل 12 مقاتلاً فقط طوال هذه المدة.
واذكروا الانتفاضة الأولى والثانية المستمرة حتى اليوم, ولا تنسوا العمليات الاستشهادية التي بلغت أكثر من 100عملية، والتي بثت الخوف والرعب في قلوب اليهود وزلزلت أركان الكيان اليهودي.
فأخوة وأبناء هؤلاء الأبطال هم الذين يخوضون اليوم المعركة في غزة والضفة، أشرس من التي خاضها ما يُسمى بحزب الله ومنذ سنوات طويلة دون أن يقبلوا بشروط العدو أو بنزع سلاحهم أو بتسليم الجندي اليهودي الأسير.
فاليهود وأعوانهم والكفار والمشركين أجمعين إلى زوال {وكذلك نولي الظالمين بعضهم بعضًا}.
قد يقول البعض: لماذا هذا المقال الآن؟ أقول لهؤلاء المتسائلين: إنما أردت أن أوضح للمسلمين وغيرهم حقيقة المعركة دون تزوير أو تزييف أو افتراء، حتى نكون على بينه من أمرنا فلا نُخدع بأمثال هؤلاء الذين ما هم إلا الامتداد الطبيعي للصفويين الذين يريدون أن يستأصلوا السنة من العراق وأفغانستان, فالذي ذبحنا في مخيمات بيروت ويعمل الآن على ذبحنا في العراق وأفغانستان لا يمكن أن يكون إلا عدوًا لنا, فبعض الجهلة والدهماء قد جرتهم عواطفهم فأخذوا يدعون إلى [التشيُع], أي إلى الشرك والعياذ بالله؛ لأن هذا الحزب ضرب الكيان اليهودي بالصواريخ دفاعًا عن نفسه وليس من أجل تحرير فلسطين ولا نصرة لهذا الدين.
إنني أردت أن أوضح للناس الحقائق الغائبة عن أذهانهم، حتى نعرف من يُقاتل في سبيل الله ومن يُقاتل دفاعًا عن طائفة وعن مذهب يلعن أهل السنة والجماعة بداية من أبي بكر وعمر وجميع قادة الفتح الإسلامي، وفي مقدمتهم خالد وسعد وعكرمة وعمرو بن العاص, فالقرآن والسنة هما الحكم بيننا, وفي الأيام القادمة ستنجلي الأمور، فعقيدة التوحيد الخالص لله رب العالمين والولاء والبراء مقدمة على ما سواها. والله من وراء القصد.