2016-7-18
جمعية فُرسان المعبد ,أو فرسان المسيح، أو معبد سليمان، أو فرسان الهيكل، وتعرف عند العرب بالداوية- أنشئت سنة 1119م، عَقِبَ انتهاء الحرب الصليبيَّة الأولى، واستيلاء الصليبيِّين على أنطاكية وبيت المقدس، وتعيِين "جودفري دي بويون" ملكًا على بيت المقدِس بتسعة عشر سنة. في حينها قامَ عصبة من تسعة سادة فَرنسيِّين برئاسة "هوك دي بايان"، و"جودفرو دي سنتومار"، وقطعوا العهد على أنفسهم بأن يتركوا الفروسية الدُنيوية، ويقوموا بحراسة الطُّرق، وحماية طريق الحجاج إلى القبر المقدَّس. وكان ملك بيت المقدس حينذاك "بلدوين" الثاني، فقدَّم للجمعية جناحًا من قصرِه الواقع بالقُرب من منطقة "معبد سُليمان" لتقيم فيه، ولهذا سُمِّيت بفرسان المعبد.
وفي سنة 1128م صادَق مجلس المقدس على إنشاء الجمعيَّة، وكذلك صادق عليه البابا، وأصدرت لفُرسان المعبد وثيقة أقسموا فيها بالتزام الفاقَة والعِفَّة والطاعة شعارًا للجمعية.[1]
النمو الاقتصادي لتنظيم فرسان المعبد:
أخذ التنظيم في النمو والازدياد. وقد كان الفرسان قوة الهجوم الأساسية في المعارك الصليبية الكبرى. وبالرغم من أن رؤية التنظيم ومهمته في الأساس عسكرية، إلا أن غالبية أعضاء التنظيم كانوا مدنيين، فعملوا من مراكزهم على دعم التنظيم وقيادة بنيته التحتية الاقتصادية، كما بلغ الثراء من أعضاء التنظيم مبلغًا يتخطى بكثير التبرعات المباشرة المقدمة له، على الرغم من أنهم أقسموا على الحفاظ على فقرهم.
تحكم فرسان الهيكل في شبكة اقتصادية بالغة القوة والاتساع في جميع أنحاء العالم المسيحي. فامتلكوا الأموال الطائلة، والمساحات الشاسعة من الأراضي، في كل من أوروبا والشرق الأوسط. وكذلك امتلكوا المزارع وحقول العنب، وتولوا إدارة غيرها، وشيدوا الكنائس والقلاع والحصون، كما عملوا في الصناعة والاستيراد والتصدير، وامتلكوا أسطولهم البحري الخاص.[2]
القضاء على تنظيم فرسان المعبد:
بعد فتح القدس عفا السُّلطان صلاح الدين عن أهلها، عدا الفرسان الحربيِّين، وخاصة فرسان المعبد، فأمر بذبحِهم كالخراف، ومن نجا فَرَّ لقلعة بعكا، لكنَّ المسلمين أجلوا جميعَ النصارى من أراضيهم فيما بعد، فصار الفُرسان بلا دولة؛ لذا رجعوا لمواطنهم الأصلية، وكان غالبيتُهم من فرنسا.[3]
العودة كتنظيم سياسي واقتصادي:
أعاد فرسان المعبد تنظيمَ صفوفهم بعد أن أخرجوا من كل آسيا، فغدا الفرسان في أوروبا قوة سياسية يُحسَب حسابها، وغَدَوا للملوك أصدقاء ونُصحاء، وأملاكهم العظيمة في سائر بُلدان أوروبا من العقار والمال تَمدهم بسلطان عظيم، فبوسعهم أن يُموِّلوا دولةً بأكملها، بل أن يشتروها بمن عليها.[4]
القضاء على التنظيم مرة أخرى على يد الملك الفرنسي فيليب:
أعلن الملك الفرنسي فيليب والبابا كلمنت الخامس تحريم هذه الطريقة، وإلقاء القبض على أعضائها عام 1307م. ومع أن بعضهم نجح في الفرار إلا أنه تمَّ القبض على معظم أفرادها، وفي أثناء المحاكمات الطويلة التي أعقبت ذلك اعترف هؤلاء بأنهم تركوا الدين المسيحي فعلاً، وأنهم كانوا يهينون السيد المسيح وأمه؛ لذا تم إعدام زعمائهم وعلى رأسهم "الأستاذ الأعظم: جاكوس مولاي" عام 1314م، وسجن الباقون، فانفرط عقد هذه الجمعية في فرنسا.[5]
الماسونية وفرسان المعبد:
من جديد نَجح عدد من فرسان المعبد في الفرار من فرنسا مُلتجئين إلى سكوتلندا وملكها "روبرت بروس" الذي كان الوحيد في أوروبا النصرانية الخارج عن إمرة الفاتيكان. وهناك لملموا شتاتَهم المتبقي من الأتباع خفية، واستمروا سرًّا في نشاطهم. ثم تسلَّلوا إلى منظمة البنَّائين الأحرار "الماسونية"، وكانت من أقوى المحافل المدنيَّة في بريطانيا آنذاك، وسرعان ما سيطروا عليها تمامًا، ثم تغير هذا المحفل إلى "محفل الماسونية العالمية". فلم يختفِ فرسان المعبد، بل استمروا بنشاطهم وعقائدهم تحت سقف "المحفل الماسوني".[6]
التنظيم الداخلي لفرسان المعبد ورتبهم الأساسية:
أُسس تنظيم فرسان الهيكل ليكون تنظيمًا رهبانيًا، وقد امتاز بقوة بنيته التنظيمية، وبخاصة من الناحية القيادية. واختصت البلاد التي تميزت بحضور واسع للتنظيم بقائد عام في كل بلد لأعضاء التنظيم فيه. فيما يدين كل القادة بالولاء إلى القائد الأعلى للتنظيم، والذي يتولى المنصب مدى الحياة.
وتشير التقديرات إلى أن عدد المنتمين للتنظيم في أوج قوته بلغ ما بين 15000 أو 20000 عضوًا، وقرابة العُشر منهم من كان فارسًا عسكريًا بالفعل. وكان هناك ثلاثة رتب في صفوف فرسان الهيكل هم: الفرسان النبيلة، ورقباء غير نبيلة ، والكهنة. وكانت الثلاث رتب يرتدون حلة عليها شعار الصليب الأحمر.[7]
المعتقدات الدينية لفرسان الهيكل:
يقول الدكتور بليل عبدالكريم، واصفا معتقدات فرسان المعبد: "إن سرية مُعتقداتهم كشفها الزَّمن، فبعض ما سُرب عن الماسونية -وهي من صناعتهم- مُطابق بالتمام لما اتُّهموا به، فشعائرهم من البَصق على الصليب وإهانته، وإهانة أُمِه (مريم ابنة عمران)، والزِّنا واللِّواط، قد جاهر بها أتباعُهم في القرن العشرين، وبالمواصفات التي ذكرتها مُذكرة الاتهام الفرنسية، من قولهم: إنَّ الشيطان يأتي في صورة امرأة، وكفرهم بالمسيح ربًّا ونبيًّا، واستهزائهم بالإنجيل، بل الأديان كلها... ومن المعلوم بالتحقيقات التاريخية أنَّ عَبَدة الشيطان فكرهم يُقارب فكر الماسونيِّين في نظرية الخلق والأُلوهية والموقف من الأديان والأخلاق... والماسونية في طَورِها الثاني هي إصدارٌ أخير لمنظمة فرسان الهيكل".[8]
فرسان المعبد وعبادة بافوميت:
عرف عن فرسان المعبد تقديسهم لصنم برأس قط أسود، وقد ارتبط هذا الصنم بأشكال أخرى منها: صنم برأس جمجمة -رأس بوجهين، لشخص ملتح، شخص متعدد الرؤوس، أو الشكل الأشهر وهو جسد آدمي برأس تيس وجناحين وظلفين مشقوقين، وهو يمثل الشيطان، ويمثل الربط بين فكرة الخصوبة الذكرية والسيطرة على عناصر الخليقة بواسطة علوم السحر.
وكان هذا الصنم يعرف باسم "بافوميت" Baphomet، وكانت له تماثيل متعددة، إلا أن أشهرها كان موجوداً على واجهة كنيسة "سانت ميري" Merri Saint، في فرنسا، ولا زال موجوداً حتى الآن.
وكان بافوميت بالنسبة إلى فرسان المعبد رمزاً لعدد من المفاهيم، منها النور السماوي لإله وثني يدعى "بان".
وقد بينت الاكتشافات الحديثة صحة تورط فرسان المعبد في عبادة بافوميت، وهي مستندات ترجع إلى القرن الثالث عشر.[9]
علاقة "فرسان المعبد" بـ"أمناء جبل الهيكل":
جدير بالذكر الإشارة إلى أن جماعة فرسان المعبد (الهيكل) تختلف عن حركة أمناء جبل الهيكل، فالأخيرة حركة يهودية أرثوذكسية متطرفة مقرها القدس، هدفها الكبير أن تعيد بناء معبد هيكل سليمان (الهيكل الثالث) في الحرم الشريف بالقدس، وإعادة معهد ممارسة التضحية الطقوسية. وقد تأسست الحركة إثر حرب عام 1967م على يد "غرشون سولومون"، وهو ضابط في قوات الدفاع الإسرائيلية ومحاضر في الدراسات الشرق أوسطية.[10]
[1] المنظمات الشيطانية: فرسان الهيكل، الماسونية، عبدة الشيطان، د. بليل عبد الكريم، شبكة الألوكة.
[2] فرسان الهيكل، ويكيبيديا.
[3] المنظمات الشيطانية، د. بليل عبد الكريم، شبكة الألوكة.
[4] المرجع السابق- بتصرف.
[5] الماسونية وفرسان المعبد، أ. أورخان محمد علي، موقع مجلة المجتمع.
[6] المنظمات الشيطانية، د. بليل عبد الكريم، شبكة الألوكة.
[7] فرسان الهيكل، ويكيبيديا.
[8] المنظمات الشيطانية، د. بليل عبد الكريم، شبكة الألوكة.
[9] أسرار بافوميت.. التجسدات البشرية للشيطان، ياسر منجي.
[10] أمناء جبل الهيكل، ويكيبيديا.
المصدر: مركز التأصيل للدراسات والبحوث