خطر الفكر الصوفي على الأمة الإسلامية

بواسطة مركز التأصيل للدراسات والبحوث قراءة 1398
 خطر الفكر الصوفي على الأمة الإسلامية
خطر الفكر الصوفي على الأمة الإسلامية

12-11-2013 

رغم خطورة الفكر الصوفي على الأمة منذ قرون من الزمان وليس من الآن, ورغم ما جره هذا الفكر على الأمة من ويلات ومآس عبر التاريخ, إلا أن معالجة علماء الأمة لهذا المرض المعدي المستشري في جسد الأمة ومواجهتهم له لم يكن بالمستوى المطلوب والمأمول, حيث ما زالت الفرق الصوفية تنتشر وتتوسع في البلاد الإسلامية حتى الآن, مستغلة الجهل والفقر المنتشر فيها, وغياب الموجهين والمعلمين من أهل السنة المعتدلين.

لقد اعتمد الاحتلال الغربي الأجنبي على الطرق الصوفية لمواجهة المقاومة المسلحة ضده في أي بلد إسلامي, كما أن الأنظمة الاستبدادية المعاصرة –وريثة الاستعمار في حكم الديار- لم تسمح لغير الطرق الصوفية بالتمدد والانتشار, وقد تحالفت معها في الأحداث الأخيرة ضد ما بات يعرف (بثورات الربيع العربي), وهو الأمر الذي نراه واضحا في سوريا وغيرها.

ولقد حذر كثير من العلماء المخلصين من خطر الفكر الصوفي على الأمة نظريا, إلا أن الواقع العملي الدعوي في هذا الجانب ما يزال يحتاج إلى الكثير من الجهود والعمل, ومن بين من نبه لخطر الفكر الصوفي الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق, الذي ذكر في كتابه (الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة) أن الفكر الصوفي هو أشد الأخطار جميعا على أمة الإسلام، وأنه الذي حوّل عز هذه الأمة ذلاً ومهانة، وأنه السوس الذي ظل ينخر ويهدم في جسم شجرتنا الباسقة حتى أناخها مع الأيام، وأنه لا خلاص للأمة إلا بالتخلص من هذا السوس أولاً قبل أي خطر آخر.

وقد بين الشيخ في كتابه أهم مخاطر الفكر الصوفي وهي:

1- صرف الناس عن القرآن والحديث.

2- فتح باب التأويل الباطني لنصوص القرآن والحديث.

3- إتلاف العقيدة الإسلامية.

كما أن خطورة هذا الفكر تكمن في انتشاره الواسع في جميع دول العالم الإسلامي -وخاصة في القارة الإفريقية– حيث الفقر الشديد والجهل وقلة العلم –وخاصة الديني والإسلامي– إضافة لقلة الدعاة والمعلمين للإسلام الحقيقي, وهو ما شكل مناخا ملائما لانتشار الفكر الصوفي على أوسع نطاق.

ففي السنغال مثلا والتي يشكل المسلمون فيها ما نسبته 94% من عدد السكان, فإن طريقة صوفية واحدة فيها وهي (التيجانية) تحتضن 51% من المسلمين في السنغال, بينما تستوعب الطريقة المريدية وغيرها من الطرق الصوفية الأخرى بقية مسلمي السنغال, مما يعبر عن مدى سيطرة الطرق الصوفية على مسلمي السنغال.

ومن هنا لم يكن مستغربا أن تعد السنغال معقلا للصوفية بمختلف مدارسها في أفريقيا، حيث تلعب المدارس الصوفية السنغالية أدوارا تتجاوز الأبعاد الدينية والروحية إلى السياسية, حيث قام ساسة السنغال بتوظيف الصوفية لبلوغ مآربهم السياسية, ولا أدل على ذلك من توظف الرئيس السنغالي السابق (عبدو ضيوف) مشايخ الصوفية للتأثير على شعبية منافسه التقليدي (عبد الله واد) في أكثر من موسم انتخابي، قبل أن يتمكن الرئيس (واد) من تفكيك هذا التحالف لصالحه في رئاسيات عام 2000.

وها هي إسرائيل اليوم تخترق الطرق الصوفية في السنغال, من خلال زيارة يقوم بها حاليا بعض أئمة مساجد وممثلو بعض الطرق الصوفية لإسرائيل, بما تحمله من دلالات خطيرة من خلال تمكن اليهود من التغلغل بالمجتمع السنغالي نظرا لمحورية رجال الدين في تلك البلاد, الأمر الذي أثار موجة استياء كبيرة سادت كثيرا من الأوساط الدينية السنغالية والإسلامية على خلفية هذه الزيارة.

و رغم نفي زعيم الطريقة التيجانية بمدينة "باي" السنغالية الشيخ أحمد التجاني إنياس وجود ممثلين عن طريقته بوفد الأئمة الذي يزور إسرائيل حاليا, إلا أن وسائل إعلام محلية قد تحدثت عن وجود ممثلين للطريقة التيجانية ذات النفوذ الكبير في السنغال ضمن وفد الأئمة الذي توجه مؤخرا إلى إسرائيل.

ومن المعلوم أن الطريقة التيجانية تتبنى أفكارا بعيدة كل البعد عن الإسلام, كإمكانية رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة والتلقي منه, إضافة لنسبة علم الغيب لوليهم التيجاني, ناهيك عن دعوى أن من رأى التيجاني دخل الجنة.

وقد انتقد عضو المكتب التنفيذي للتجمع الثقافي الإسلامي (الحسن لو) الزيارة، وحذر من خطورة الاختراق الصهيوني للمجتمع السنغالي عبر الدوائر الدينية, واعتبر أن هذه الخطوة تشكل تحديا سافرا لمشاعر مسلمي السنغال، مشيرا إلى أن الدبلوماسية الإسرائيلية تبذل جهدا كبيرا في البلاد لخلق تعاطف مع اليهود من أجل اعتبارهم ضحايا.

كما يشير (الحسن لو) إلى تمكن إسرائيل من إجراء عملية غسل أدمغة بعض النخب المحلية بخصوص موضوع الصراع مع الفلسطينيين، مما يؤكد وجود فراغ فكري إسلامي مواز للفكر اليهودي الذي يغسل الأدمغة.

كما حمل (الحسن) البعثات الدبلوماسية العربية والإسلامية في دكار مسؤولية التقصير في الدفاع عن القضية الفلسطينية وتعريف المجتمع السنغالي بأبعادها وخلفياتها, نظرا لكونها لم تقدم جهودا كافية لمواجهة فكر اليهود.

ويعتقد مسؤول الإعلام بشبكة الصحفيين السنغاليين للقضايا الدينية بيدي ديانغ أن إسرائيل تريد من هذه الزيارة خلق حليف من داخل القوى الدينية، وذلك لدورها في تعبئة الشارع السنغالي ضد سياساتها تجاه الفلسطينيين.

وقد اعتبر ديانغ أن الغرض من الزيارة توسيع دائرة المتعاطفين من الأئمة ورجال الصوفية مع إسرائيل, في بلد تقيم علاقات دبلوماسية معها منذ سنوات طويلة، وترعى سفارتها في دكار العديد من الأنشطة المتعلقة بما يسمى حوار الحضارات وحوار الأديان, وقد نظمت سفارة تل أبيب في دكار بالسنتين الأخيرتين إفطارات جماعية لصالح بعض أئمة البلاد، ووزعت "الأضاحي" تزامنا مع عيد الأضحى المبارك.

إن الجهود التي يقوم بها اليهود عبر سفاراتهم في العالم الإسلامي لاختراق المسلمين والدفاع عن قضاياهم الباطلة, يثير الكثير من التساؤلات حول الجهود العربية والإسلامية المقابلة للدفاع عن قضايانا الإسلامية العادلة, كما يطرح الكثير من علامات الاستفهام حول الفراغ الكبير الذي تركته الدعوة الإسلامية للدعوات والمذاهب والأفكار الباطلة والمنحرفة.

المصدر : مركز التأصيل للدراسات والبحوث



مقالات ذات صلة