تتصدر ايران المشهد الدولي في دعمها للارهاب وتخريب دول المنطقة، فمنذ اقتحام السفارة الأمريكية في طهران في نوفمبر من العام 1979، واحتجاز ثلة من الطلاب الغاضبين المؤيدين لـ"ثورة الخميني" للدبلوماسيين الأمريكيين، لمدة بلغت 444 يوما، قبل إطلاقهم في 20 يناير من العام 1981، وإيران تسير بخطوات حثيثة، لدعم الارهاب في منطقة.
وبالرغم من انه لا توجد إحصاءات رسمية يمكن الاستناد إليها في بيان الدعم المالي الذي تقدمه إيران لجماعات الإرهاب في المنطقة العربية، والتي تنتشر من العراق إلى سوريا مرورا باليمن وليبيا، لكن العديد من الدراسات التي صدرت على مدار السنوات الثلاث الماضية، تشير بوضوح إلى أن إيران أنفقت ما يربو على مئة مليار لدعم نظام بشار الأسد في سوريا، و"حزب الله" في جنوب لبنان، إلى جانب العشرات من الميليشيات الشيعية التي ظهرت في العراق إبان انتهاء نظام البعث، وغيرها من الميليشيات الفكرية والمذهبية التي تنتشر في البحرين واليمن وعدد من دول الشمال الإفريقي، وهو ما بدا بوضوح شديد في التصريحات التي أطلقها مؤخرا قاسم سليماني قائد قوات القدس المسئولة عن العمليات الخارجية في "الحرس الثوري"، عندما قال إن «إيران تفرد نفوذها المتزايد في أكثر من خمس دول عربية».
تقول تقديرات غير رسمية إن إيران التي تحتل المرتبة الثالثة من حيث القوة الاقتصادية الإقليمية بعد المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، يعيش أكثر من 70% من شعبها تحت خط الفقر وفقًا للمعايير العالمية، فيما تشير القليل من الدراسات الصادرة عن مراكز بحوث إيرانية مستقلة، إلى أن طهران أنفقت في تمويلها للميليشيات الأجنبية في العديد من الدول العربية خلال السنوات الأخيرة ما يتراوح بين 40 و80 مليار دولار، وتشير هذه الدراسات إلى أن طهران أنفقت في العراق ما يزيد على مئتي مليون دولار سنويا، منذ الغزو الأمريكي في العام 2013 وحتى نهاية فترة رئاسة بوش الابن، خصصت جميعها في تجهيز وتسليح عدد من الميليشيات الشيعية العراقية، بمبالغ تراوحت بين 10 ملايين و35 مليون دولار سنويا، وهو التمويل الذي طال حركة حماس في فلسطين المحتلة، والتي حصلت حسب تقديرات بعض المحللين على مبالغ بلغت نحو مئتي مليون دولار سنويا، فيما تلقى الحوثيون في اليمن، تمويلات تجاوزت حسب بعض المراقبين في العامين الأخيرين، 300 مليون دولار.
وتقدر العديد من الدوائر البحثية جملة ما حصلت عليه قوات الأسد العسكرية وحلفاؤها من الميليشيات الموالية لإيران في سوريا، بنحو 25 مليار دولار خلال السنوات الخمس الماضية، بنسب تتراوح بين 3 و5 مليارات دولار في العام الواحد، بينما الغالبية العظمى من الإيرانيين يعيشون ظروفا اقتصادية خانقة، ما بين تردي الخدمات المقدمة من الدولة من جانب، وانتشار الفساد بصورة غير مسبوقة من جانب آخر، وهو الأمر الذي يرجعه كثير من المراقبين إلى أسباب إيديولوجية بحتة، ويقول هؤلاء: «على الرغم من أن رموز "الثورة الإيرانية" قد أكدوا بداية الأمر، على قيم النزاهة واجتثاث الفساد وإيجاد قاعدة عدالة اجتماعية تضمن حقوق وحريات الجميع، إلا أن النظام استخدم معظم ثروات البلاد كوسائل من أجل حشد الدعم الإيديولوجي له، فقدم امتيازات اقتصادية كبيرة لبعض المؤسسات و"الرموز الثورية" لضمان ولائهم، حتى أصبحت قضايا الفساد مثل توزيع أراضي الدولة وبعض ممتلكاتها لبعض أصحاب النفوذ تمر على أنها هبات وعطايا وقروض وتسهيلات، بعد سيطرة مؤسسات وتنظيمات و"جمعيات ثورية" تابعة لـ"المرشد"على ثروات كثيرة ليس للحكومة أية رقابة أو حتى دراية عنها، مثل "الحرس الثوري"، وفيلق القدس، ومؤسسة خاتم الأنبياء، ومؤسسة قدس رضوي، ومؤسسة الباسيج، ومؤسسة المستضعفين، ومؤسسة "الشهيد" ومؤسسة إمداد إمام وغيرها من المؤسسات المتورطة بصورة كبيرة في دعم العديد من ميليشيات الإرهاب في المنطقة العربية.
على مدار العقدين الماضيين لم يتوقف دعم إيران لقوى الإرهاب والتطرف المسلحة، وغير المسلحة في العديد من الدول العربية، بل إن طهران تحولت مع مرور الوقت إلى عاصمة طاردة للدبلوماسيين العرب والأجانب، في أعقاب حادث اقتحام السفارة السعودية في طهران في العام 1987، وهو الاقتحام الذي أسفر عن مقتل مساعد الغامدي أحد الدبلوماسيين السعوديين في السفارة، وإصابة القائم بالأعمال، وقد تكرر حادث الاقتحام مجددًا في العام 2015، بمحاولة اقتحام القنصلية السعودية في مشهد، ومن قبلها الاعتداء على السفارتين البريطانية والفرنسية، قبل أن يصعد "الحرس الثوري" من خطة العبث بإطلاق العديد من خلايا التجسس، التي جرى توقيف بعضها خلال الفترة الأخيرة، في اليمن والبحرين والإمارات والمملكة العربية السعودية والكويت، التي شهدت وحدها نحو 18 عملية إرهابية تورطت فيها جماعات تابعة لإيران، ونحو ست عمليات إرهابية في السعودية من بينها تفجير مساجد، ومحاولة اغتيال دبلوماسيين، من بينهم وزير الخارجية السعودي عندما كان سفيرًا للمملكة في واشنطن. ومن قبله اغتيال مصطفى المرزوقي السكرتير الأول في السفارة الكويتية في الهند في العام 1980، ومن بعده بعامين نجيب الرفاعي الدبلوماسي الكويتي في مدريد.
ينفق النظام الإيراني حسب العديد من الدراسات الغربية، جل أموال الشعب الإيراني الناتجة عن ثروات بلاده في الخارج، ضمن سياسته المبنية على الإرهاب والتخريب والتدخل في شؤون دول المنطقة.
وتشير العديد من الدراسات الصادرة عن مراكز بحثية أمريكية من بينها معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، إلى تورط إيران في تنفيذ ما يصل إلى 38 عملية إرهابية في أكثر من 16 دولة، من أبرزها 4 عمليات إرهابية في لبنان استهدفت اغتيال الحريري ودعم ميليشيا "حزب الله"، مشيرة إلى أن مجموع ما ينفقه النظام الإيراني لتمويل الإرهاب في المنطقة العربية يصل إلى نحو 40 مليار دولار سنويا، تنفق على دعم وتسليح وتدريب العديد من الجماعات الإرهابية، ومن بينها «داعش»، الذي يشير كثير من المراقبين إليه باعتباره أحد تجليات الفكر الإيراني المسلح، ويستدل هؤلاء على ذلك بوصول ميليشيات «داعش» للحدود الإيرانية أكثر من مرة، إلا أنها لم تتقدم لاختراق حدود دولة التمويل.
المصدر : البوابة
17/11/1439
30/7/2018