طهران .. استغلال مأساة غزة للتنكيل بأهل السنة
صباح الموسوي الأحوازي
( مصائب قوم عند قوم فوائد).. هذا المثال كان ولا زال شعار نظام طهران الدائم فهو اليوم يتخذ مأساة غزة جملا للإيغال في سياسة التمييز العنصري والاضطهاد الطائفي بحق أهل السنة في إيران الذين ينتمون الى قوميات وشعوب ( كردية وعربية وبلوشية و تركمانية) متعددة يرى فيهم عدوا رئيسيا له وذلك لكونهم و رغم قسوة الاضطهاد الذي يمارس ضدهم منذ العهد الصفوي و الى اليوم ما زالوا متمسكين بعقيدتهم ولم تتمكن الأنظمة الإيرانية المتعاقبة من ثنيهم عن عقيدتهم و كانوا دائما مؤثرين بالعقائد الأخرى دون ان يتأثروا بها وهذا ما اعترف به كبار رجال الحوزة الدينية الإيرانية الذين راحوا يطالبون نظامهم باتخاذ المزيد من الإجراءات التعسفية بحق أهل السنة .
وكمثال على هذه الدعوات يمكن الاستماع الى التصريحات التحريضية التي أطلقها مؤخراً احد ممثلي مرشد الثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي في الجامعة المدعو حجة الإسلام " مهدي دانشمند " ‘ ضد الإيرانيين السنة.
ففي آخر خطبها التي القها بمناسبة عاشوراء في مدينة اصفهان ونقلت عبر وسائل الإعلام الرسمية ‘ دعى " دانشمند " الحكومة الى تطبيق اجراءت جديدة تمنع أهل السنة من الزواج أكثر من مرة واحدة وتحرم على السني إنجاب أكثر من طفلين وعدم منح الهوية للطفل الثالث.
كما طالب بتطبيق شعار تقليل الإنجاب الذي تدعو إليه السلطات في مناطق أهل السنة فقط ‘ مدعيا ان الحكومات الباكستانية والسعودية تقوم بدعم سنة إيران ماديا وتشجعهم على الزواج بأكثر من امرأة و زيادة الإنجاب من اجل تكاثر أعداد السنة ‘ معتبرا هذا الأمر خطرا يهدد الدولة الشيعية الوحيدة في العالم حسب زعمه.
ومن ضمن ما دعا إليه مستشار مرشد الثورة الإيرانية ان يكون إغلاق مرقد أبو لؤلؤة المجوسي ( قاتل الخليفة عمر بن خطاب رضي الله عنه ) مقابل تقليل الإنجاب بين أهل السنة.
هذه الدعوة ما هي إلا واحدة من مئات ان لم تكن آلاف الدعوات التي أطلقها ويطلقها كل يوم رجال الحوزة الدينية الإيرانية مطالبين السلطات الحكومية باتخاذ اشد الإجراءات ضد أهل السنة.
النظام الإيراني من جانبه لم يدخر جهدا في تلبية رغبات هؤلاء الملالي حيث قامت السلطات الأمنية الإيرانية خلال الأسابيع الماضية ‘ تزامنا مع الهجمة الشرسة التي يشنها الكيان الإسرائيلي على غزة ‘ بشن حملة اعتقالات واسعة طالت العشرات من علماء و دعاة ومثقفي أهل السنة في المناطق الكرادية والبلوشية في غرب وشرق البلاد. ففي مناطق الاكراد جرى اعتقال مجموعة من الدعاة بتهمة الانتماء لجماعة " مكتب القرآن" المحظورة ‘كان من بينهم اثنان من علماء اهل السنة في مدينة جوانرود غرب ايران وهما ‘ الشيخ سيف الله الحسيني امام وخطيب مسجد خاتم الانبياء ‘ والشيخ حسين الحسيني امام وخطيب مسجد حمزة سيد الشهداء في المدينة ذاتها‘ وقد حكمت على الأول بالسجن عامين و الإبعاد لمدة ستة سنين الى مدينة سميرم في محافظة اصفهان ‘ وحكمت على الثاني بالسجن عشرة أشهر مع الابعاد أربعة سنوات الى مدينة قيدران في محافظة زنجان‘ كما حكمت على عشرة معتقلين آخرين بالسجن واحد وتسعون يوما لكل منهما . كما قامت الاجهزة الامنية بقتل الشيخ "جلال پورکند " احد الدعاة البارزين في مدينة سربيل ذهاب الكردية وكان اعتقل بتهمة الترويج للسلفية وجرى قتله نتيجة التعيذب الذي لقيه بالسجن. اما في اقليم بلوشستان شرقي ايران فقد قامت السلطات باعتقال اكثر من ثلاثين داعية ومثقف سني في مدينة سراوان وحدها . هذا ناهيك عن الاعتقالات التي جرت في أوساط سنية في مناطق أخرى .
هجمة الاعتقالات التي تشنها السلطات الإيرانية في صفوف النخب السنية تأتي بهدف إسكات هذه النخب التي تطالب بوقف هدم المساجد والمدارس الدينية لأهل السنة و الغاء القرارالذي اتخذه ما يسمى بالمجلس الاعلى للثورة الثقافية في ايراني مؤخراً والذي نص على اخضاع جميع المناهج الدراسية والمدارسة الدينية السنية لاشراف اللجنة المختصة بشؤون اهل السنة والمتشكلة من مسؤولين امنيين و رجال دين شيعة دون اخذ رأي او مشاركة النخب السنية فيها.
النظام الإيراني الذي اعتاد على رمي الحكومات والمؤسسات الدينية العربية والإسلامية بالخيانة بسبب عدم سعيها لإنقاذ المسجد الأقصى على حد زعمه ‘ يتناسى ان ما جرى هدمه من مساجد ومدارس دينية وعمليات قتل واعدام لعلماء ودعاة سنة في إيران خلال الثلاثين عاما الماضية لا يقل عما قام به الكيان الاسرائيلي في فلسطين طوال هذه الفترة .
كما يتناسى النظام الايراني ان حرمة المساجد واحدة سواء أكانت في إيران أو فلسطين فمن يتباكى على مسجد الأقصى عليه ان لا يهدم مساجد أهل السنة ومدارسهم الدينية ‘ و من يتباكى على معانة الشعب الفلسطيني عليه ان لا يمارس أفعال الصهاينة على أهل السنة في ايران .