حقيقة المسيرات الإيرانية في الحج !!

بواسطة الكاتب : أسامة شحادة قراءة 864

حقيقة المسيرات الإيرانية في الحج !!

الكاتب : أسامة شحادة

 

يجمع المراقبين جميعاً على أن إيران وحزب الله هما أكثر الخاسرين في موسم الربيع العربي بعد الأنظمة الفاسدة التي سقطت في تونس ومصر وليبيا وفي سوريا واليمن قريباً، وذلك بسبب انفضاح زيف شعارات الممانعة والمقاومة التي اختبأت خلفها طيلة العقود الثلاث الماضية، وقد ساهمت عوامل عدة في فضح حقيقة السياسات والمبادئ التي تنطلق منها إيران وذراعها الطائفي حزب الله كان من أخرها موقفهما المخزي في دعم النظام المجرم في سوريا.

وللتغطية على هذه الخسارة ومحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه قامت إيران بعدة فعاليات كمؤتمر الصحوة الإسلامية الفاشل، ومؤتمر دعم الإنتفاضة ! وأخيراً ما كشف عنه من محاولة اغتيال السفير السعودي في واشنطن.

ومن هذه الفعاليات التي تزمع القيام بها طهران استغلال مناسك الحج وهو الركن الخامس من من أركان الإسلام في القيام بمسيرات احتجاجية تسميها إيران "مراسم البراءة من المشركين"، بحسب ما أكد مجدداً المدير العام لمنظمة الحج والزيارة في إقليم خراسان الإيراني مسعود مجردي، على أن " مراسم البراءة من المشركين ستقام في موسم الحج هذا العام بشكل مهيب".

ولنقف عدة وقفات مع هذه المسيرات التي تجيء ضمن فعاليات إيران لتعويض الخسارة في شعبيتها وجماهريتها بين المسلمين:

1- معلوم أن هذه المسيرات من إختراع الخميني بعد تسلمه زمام القيادة في إيران، فحجاج الشيعة قبل الخميني لم يكونوا يقومون بهذه المسيرات ولم تنص عليها كتبهم، فهي إذن استغلال رخيص للدين من أجل مصالح سياسية إيرانية، ولا علاقة لها بالحج.

2- لكن للتغطية على هذا الاستغلال الرخيص للإسلام، زعم الخميني وخامنئي أن هذه البراءة من أركان الحج !! يقول الخميني: " إن إعلان البراءة من المشركين تعتبر من الأركان التوحيدية والواجبات السياسية للحج "، ويقول خامنئي: " الحج دونما براءة ليس بحج" !! وهذا كله من اختراعهم وخداعهم.

 3- يعرف المختصون بالتشيع أن الحج إلى مكة ليس مهماً في الفكر الشيعي، بل المهم هو الحج لكربلاء ويوردون في ذلك روايات عديدة منها: " لو أنّي حدّثتكم بفضل زيارته وبفضل قبره لتركتم الحجّ رأسًا وما حجّ منكم أحد، ويحك أما علمت أنّ الله اتّخذ كربلاء حرمًا آمنًا مباركًا قبل أن يتّخذ مكّة حرمًا.." (بحار الأنوار 101/33)، وتفصل لنا رواية ثانية هذا الأجر العظيم فتقول: " من أتى قبر الحسين عارفًا بحقّه في غير يوم عيد كتب الله له عشرين حجّة وعشرين عمرة مبرورات مقبولات.. ومن أتاه في يوم عيد كتب الله له مائة حجّة ومائة عمرة.. ومن أتاه يوم عرفة عارفًا بحقّه كتب الله له ألف حجّة وألف عمرة مبرورات متقبّلات، وألف غزوة مع نبي مرسل أو إمام عادل " (فروع الكافي 1/324، من لا يحضره الفقيه: 1/182)، وهذا الفضل لكربلاء قديم جداً كما تزعم الرواية الثالثة: " اتّخذ الله أرض كربلاء حرمًا آمنًا مباركًا قبل أن يخلق الله أرض الكعبة ويتّخذها حرمًا بأربعة وعشرين ألف عام، وقدّسها وبارك عليها، فما زالت قبل خلق الله الخلق مقدّسة مباركة ولا تزال كذلك حتى يجعلها الله أفضل أرض في الجنّة، وأفضل منزل ومسكن يسكن فيه أولياءه في الجنّة" (بحار الأنوار101/107).

ولأن هذه الروايات معتمدة في الفكر الشيعي المعاصر فإن الكثير من المراجع الشيعية والقيادات السياسية لم يأدوا فريضة الحج في مكة كالخميني الذي مات دون أن يحج ويطوف بالكعبة في بيت الله الحرام في مكة !!

4- فإذا كان الحج في مكة ليس مهماً بقدر الحج إلى كربلاء، فلماذا لا تقام مسيرات البراءة هذه في كربلاء ؟؟ خاصة إذا علمنا أن الشيعة يزعمون أن عدد الحجاج إلى كربلاء يفوق عدد الحجاج في مكة، فهم في مكة يصلون لثلاثة ملايين بينما في كربلاء يصلون لسبع ملايين !! وطبعاً هذه أكذوبة لا تصح، ولكن لماذا لا تقام هذه المسيرات في كربلاء ؟؟ حتى نعرف أنها لعبة سياسية وليست شعيرة إسلامية.

5- بدأت هذه البدعة بعد امساك الخميني بالسلطة في طهران، وفي موسم حج عام 1987 قام الإيرانيين بتهريب أسلحة ومتفجرات في هذه المسيرات مما أدى إلى صدامات دامية، أسفرت عن سقوط المئات من القتلى والجرحى، معظمهم من الإيرانيين.

وامتنع الإيرانيون عن الحج أعوام 90،89،88 وعادوا للحج سنة 1991 ومنذ ذلك الحين والحجاج الإيرانيون يقيمون هذه المراسم داخل خيامهم، فلماذا الآن يود الإيرانيين للعودة لهذه المسيرات خارج الخيام ؟ هل هناك من تبرير سوى التلاعب السياسي بالحج للتغطية على خسائرها في الشارع العربي والإسلامي بسبب مواقفها المخزية في مساندة نظام الطاغية بشار الأسد ؟

6 – إذا كان الإيرانيين والشيعة صادقين في شعارات برائتهم من أمريكا وإسرائيل، فلماذا سياساتهم تخالف ذلك ؟ وهذه بعض الأمثلة: إيران غيت، الحياد تجاه حرب الشيطان الأكبر للعراق سنة 1991، دعم الشيطان الأكبر في احتلال العراق وأفغانستان سنة 2003، صفقات تجارية ونـفطية مع إسرائيل منذ سنة 2000، العرض الإيراني بالتعاون مع أمريكا على حساب حركة حماس سنة 2003، امتناع الشيعة عن إدانة الاحتلال الأمريكي وعدم اففتاء بمقاومته وتجاهل حزب الله للمقاومة العراقية، التشارك مؤخراً مع إسرائيل في نصرة نظام بشار الأسد !! 

7- ما حقيقة الشرك في المفهوم الشيعي الذي يتبرء من الإيرانيين والشيعة ؟

الشرك في المفهوم الإسلامي المستمد من القرآن والسنة يعنى إشرك غير الله عز وجل في العبادة والطاعة المطلقة ولو كان نبياً أو ملَكا او ولياً " إن الله لا يغفر أن يشرك به " (النساء 48)، لكن الشرك في الفكر الشيعي مختلف تماماً فهو عندهم: هو إشراك سوى الإمام في الإمامة، ويرون رواية تقول: " من أشرك مع إمام إمامته من عند الله، من ليست إمامته من الله كان مشركاً " (الغيبة للنعمانى 82)، ويقول المجلسي: " إن آيات الشرك ظاهرها في الأصنام الظاهرة وباطنها في خلفاء الجور الذين أشركوا مع أئمة الحق و نصبوا مكانهم، يقول سبحانه: " أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى" أريد في باطنها باللات الأول وبالعزى الثاني، وبالمناة الثالث، حيث سموهم بأمير المؤمنين وبخليفة رسول الله  وبالصديق والفاروق وذي النورين وأمثال ذلك" !! (بحار الأنوار 48/96).

8- ما منزلة هذه البراءة الحقيقية عند الشيعة ؟

يقول المجلسي في كتابه (الاعتقادات ص 90): " ومما عد من ضروريات دين الإمامية .. البراءة من أبي بكر وعمر وعثمان ومعاوية"، وذلك لأنهم يؤمنون برواية تنص على أن " ما بعث الله نبياً قط إلا بولايتنا والبراءة من عدونا" (بحار الأنوار 26/229).

الخلاصة هذه المسيرات قضية مبتدعة ليس لها أصل أو علاقة بالحج والإسلام، يقوم بها الإيرانيون من أجل مصالحهم السياسية الدعائية، والمطالبة اليوم بعلانيتها في مناسك الحج هو لغرض رفع شعبية إيران وصرف الأنظار عن إزدواجية المواقف الإيرانية، وهذا يتطلب موقف إسلامى جماعي يطالب إيران بالكف عن مثل هذه المحاولات السيئة لإفساد ركن من أركان الإسلام لإغراض غير شريفة.



مقالات ذات صلة