الحقد الباطني على المساجد "بيوت الله"

بواسطة ابو انس النداوي قراءة 2417
الحقد الباطني على المساجد "بيوت الله"
الحقد الباطني على المساجد "بيوت الله"

وكتبه: أبو أنس النِّداوي

29-7-2013

لجنة الدفاع عن عقيدة أهل السنة في فلسطين

موقع الحقيقة

قال تعالى (إِنَّمَا  يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ ۖ فَعَسَىٰ أُولَٰئِكَ أَن يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ)(18 التوبة).

فبين سبحانه وتعالى أن عمارة المساجد الحسية (البناء) والمعنوية (التواجد وذلك بإقامة الصلوات فيها) تكون ممن اتصف بصفات هي الإيمان النافع والعمل الصالح.

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى (فوصفهم بالإيمان النافع، وبالقيام بالأعمال الصالحة التي أُمُّها الصلاة والزكاة، وبخشية اللّه التي هي أصل كل خير، فهؤلاء عمّار المساجد على الحقيقة وأهلها، الذين هم أهلها‏) (تفسير السعدي سورة التوبة‏).

وقال تعالى (في بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ) (37,36 النور).

وفي هذه الآية بين الله سبحانه وتعالى أن هذه المساجد قد بنيت بإذن من الله لكي يرفع فيها اسمه وحده لاشريك له ولتكون محلا لتسبيح المؤمنين وصلاتهم, وبين من هم حال الذين يعمرون تلك البيوت هم الذين صلحت أعمالهم الظاهرة من صلاة وزكاة وامتلأت قلوبهم بالإيمان وبخوف الله سبحانه وتعالى.

قال ابن كثير رحمه الله تعالى (أي أمر الله تعالى بتعاهدها وتطهيرها من الدنس واللغو والأقوال والأفعال التي لا تليق فيها, ثم قال وقال قتادة هي هذه المساجد أمر الله سبحانه وتعالى ببنائها وعمارتها ورفعها وتطهيرها ((تفسير ابن كثير سورة النور).

والأحاديث النبوية التي جاءت مرغبة ببناء المساجد كثيرة فمنها عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "من بني مسجدا يبتغي به وجه الله بني الله له مثله في الجنة" أخرجاه في الصحيحين.

ولكن بعد كل هذا نبتت في الإسلام نابتة سوء يدّعون ويظهرون الإسلام ويبطنون النفاق والكفر والعياذ بالله هم الفرق الباطنية, هم صنيعة يهودية متناكحة مع الإلحاد وعقائد الهندوس والزردشتية.

فلابد من تقدمة لمعرفة هذه الفرق وما أصولها ليكون القارئ على بينة من الأمر.

 عُرف التأويل الباطني قبل الإسلام بزمن طويل (مذاهب الإسلاميين ص 10)، ثم انتقل التأويل الرمزي إلى اليهودية على يد فيلون اليهودي في القرن الأول الميلادي، الذي يعد من أكبر ممثلي النزعة إلى التأويل في العصر القديم، وإن كان قد سبقه في اليهودية كثيرون، حيث فسّروا إبراهيم بالنور أو العقل، وسارة بالفضيلة، لكن فيلون تميز عليهم بأن جعل من التأويل مذهباً قائماً برأسه ومنهجاً في الفهم (المصدر السابق ص 12) .

ثم انتقلت فكرة التأويل من اليهودية إلى النصرانية على يد أوريجانس الذي تأثر بفيلون، وقال إن الكتاب المقدس يفسر على ثلاثة أوجه:

1ـ فالرجل البسيط يكفيه "جسد" الكتاب المقدس.

2ـ والمتقدم في الفهم يدرك "روح" هذا الكتاب.

3ـ والكامل من الرجال هو الذي يفهمه بالناموس النفساني الذي يطلع على الغيب (المصدر السابق ص13).

تكاد معظم المصادر التاريخية تجمع على أن ابن سبأ اليهودي، كان من الأشخاص الرئيسيين الذين أوصلوا هذه المؤثرات إلى العالم الإسلامي، وخاصة أنه من اليهود المقيمين في اليمن الذين امتزجت ديانتهم فيها بالنصرانية (الحركات الباطنية ص 41).

ومن الفرق الباطنية الرافضة الشيعة بكل فرقها والصوفية أيضا والقرامطة والدروز والنصيريين وغيرهم.

ولاتظن أيها القارئ أن عقائد القوم تبدلت في زماننا هذا عما كانت عليه بالأمس بل القوم سائرون خلفا لأولئك السلف فسلفهم كانوا يبغضون بيوت الله ويدمرونها حتى تجاسروا وفعلوا فعلة ما فعلها كفار العرب ومشركوا الجزيرة فاعتدوا على بيت الله الحرام.

فالامرالذى لا يمكن أن ينساه المسلمون من جرائم أبى طاهر والقرامطة، فهو عدوانهم على بيت الله الحرام وحجاجه فى عام 317 هـ/929 م، حيث اقتحم مكة المكرمة فى سبعمائة من أتباعه، وأعمل القتل فى أهلها وفى الحجيج المحتشدين يوم السابع من ذى الحجة استعدادا للوقوف بعرفات وأداء المناسك، فقتلوا يومئذ نحو ثلاثين ألفا منهم، واقتحم المسجد الحرام، واقتلع الحجر الأسود وباب الكعبة، وأستارها، وردم بئر زمزم بجثث القتلى الذين سفك دماءهم فى المسجد، ووقف على عتبة باب الكعبة، وصاح منتشياً:  أنا بالله وبالله انا ** يخلق الخلق وأفنيهم أنا. (التنبيه والإشراف : 332 ـ 334)

فانظروا لبشاعة أعمالهم وجرأتهم على تدنيس بيت الله الحرام الذي كان مشركو قريش بل والعرب جميعا يعظمونه.

فما ان تمكن هؤلاء الباطنيون الا وأظهروا عدائهم لبيوت الله ولعمّارها لأن هذه البيوت قامت لدعوة الله وحده ولنشر دعوة التوحيد التي من أجلها أرسل الله الرسل وأنزل الكتب وقام سوق الجهاد قال تعالى (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا) (18 الجن), قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى (أي: لا دعاء عبادة، ولا دعاء مسألة، فإن المساجد التي هي أعظم محال العبادة مبنية على الإخلاص لله، والخضوع لعظمته، والاستكانة لعزته) (تفسير السعدي سورة الجن).

ولكن المشركين من هذه الفرق الباطنية يشمئزون من التوحيد وينفرون منه كما تنفر الحُمُر من الأسود مصادقا لقوله تعالى {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [الزُّمَرِ:45] .

لذلك تجدهم يهجرون المساجد إن لم يهدموها ويبنون المشاهد على قبور الصالحين والأولياء إن صحت نسبة تلك القبور لأولئك الصالحين, فانظر أخي القارئ كم أنشأت الرافضة من مشاهد زاعمين أنها لقبور آل بيت رسول الله صلى عليه وسلم, وانظر كم أنشأت الصوفية من مشاهد أيضا لقبور الأولياء في العالم الإسلامي.

لأن المساجد يُدعى فيها الله وحده وهذه المشاهد يدعى فيها من دون الله, فلذلك تجدهم يضحون بأموالهم وأنفسهم من أجل هذه المشاهد ويقدسونها ولايتورعون في هدم بيوت الله.

وما إن قامت الدولة الصفوية في إيران وبزعامة إسماعيل الأول قام بتحويل إيران من المذهب السني إلى المذهب الشيعي فقام بتدمير مساجد السنة وقد لاحظ بيريس تومي السفير البرتغالي في الصين والذي زار إيران في الفترة من 1511 إلى 1512م وقال: إنه (أي إسماعيل) يقوم بإصلاح كنائسنا ويدمر مساجد السنة. (الشاعر اليهودي الفارسي عمراني وكتابه كتاب كنز للمؤلف ديفيد ييروشالمي الصفحة 20).

وعندما احتل إسماعيل الصفوي بغداد هدم مسجد أبي حنيفة النعمان في مدينة الأعظمية، ونكّل ونبش قبره, وهدم المدارس العلمية للحنفية, وهدم كثيراً من المساجد. (انظر" تاريخ الأعظمية" ،وليد الأعظمي (113)).

واما في التاريخ الحديث فإن كثيرا منا يتذكر ما حصل في عام 1406 هـ, حيث أدخل الرافضة موادا متفجرة الى الديار المقدسة للتنديد بأمريكا كما يزعمون, ولكن الله سلم وكشف أمر أولئك المجرمين, وفي حج عام 1407 هـ نظم الرافضة مظاهرات بالقرب من المسجد الحرام بالحجة نفسها, استخدموا فيها السكاكين والأسلحة البيضاء, وقتلوا في حرم الله الآمن عددا كبيرا من الحجاج والجنود, ومثلوا بالجثث وعلقوها في أعمدة الإضاءة, وبعدها بعامين في عام 1409هـ قاموا بالتفجير قرب الحرم المكي وقتلوا عددا من الحجاج, وفي عام 1410هـ وفي نفق المُعيصم أطلقوا غاز الخردل السام, فتوافي من جراء ذلك المئات بل الآلاف من الحجاج, وفي شهر رجب من 1430هـ نظم الرافضة المسيرات حول مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخلوا البقيع بصورة غوغائية همجية, ونبشوا القبور وأخذوا من تراب بعضها, وحاولوا إحياء معالم الشرك والوثنية في مدينة التوحيد, ثم أحداث الحوثيين في جنوب المملكة العربية السعودية وفي موسم الحج لقطع السبيل على الناس لحج بيت الله الحرام. (موقع صيد الفوائد )

وكم من مسجد لأهل السنة هدمه الرافضة في العراق أو حرقوه وقتلوا أهله بعد تفجيرات الأضرحة الشركية في سامراء ففي يوم 22/2/2006 فقد حدث في هذا اليوم وبعده من المآسي والمصائب والويلات والكوارث والثبور ما لايعلمه الا الله ومساجد أهل السنة بالذات كان لها النصيب الأوفر والحصة الأكبر من هذا الهجوم وتلقت المؤذي الشديد والقاسي المضر من صنوف اعتداء هذه العصابات فمسجد دمر بالقذائف وآخر أحرق بالكامل وثالث فتحت عليه فوهات البنادق بلا هوادة ولا رحمة ورابع وخامس وسادس حتى وصل العدد المهاجم من المساجد في هذا اليوم فقط إلى أكثر من (200 ) مسجد في بغداد وحدها ومنها جامع القدس في الحي الفلسطيني حيث تعرض لوحده إلى قرابة عشر إعتداءات من قبل حلف الممانعة  والمقاومة الإيراني..!!!! وأضعاف هذا العدد في المحافظات الأخرى ( الموقع الرسمي لجماعة أنصار السنة (الهيئة الشرعية).

      وبتاريخ 15/2/2013 تم استهداف قبة مسجد الروضة المحمدية في حي اليرموك غرب بغداد بقنابل صوتية من قبل القوات الحكومية .: (راجع على الشبكة موقع عراق الفاروق وستظهر لك صورا كثيرة من المساجد التي هدمت ).

والآن مسلسل أخذ المساجد السنية والإستيلاء عليها مستمر في بغداد.

و في سوريا الجريحة نصر الله أهلها ورفع عنهم البلاء, فالهالك حافظ الأسد دمر بجيشه وعصاباته بقيادة رفعت الأسد مدينة حماة في تلك المجزرة التي لم يشهد التاريخ الحديث بشاعة كبشاعتها وخلال هذه المجزرة هدم 88 مسجدا سنيا. (كتاب حماة مأساة العصر)

والآن يقوم النصيريون بهدم المسجد تلو الآخر  قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إن أكثر من 1450 مسجدا تعرضت لتدمير كلي أو جزئي في مختلف أنحاء سوريا بسبب القصف والاشتباكات، وقد طال التدمير عددا من أهم معالم التراث الإسلامي.

وجاء عن وكالة (جي بي سي) : أنه أسفر القصف والعمليات المتواصلة التي يقوم بها حزب الله اللبناني والجيش السوري النظامي على مدينة القصير عن تدمير آخر مسجد في المدينة وبذلك يكون 17 مسجدا في القصير قد دمر بشكل كامل.

ويذكر أن مدينة القصير التي لاتتجاوز مساحتها ال4 كيلو مترات مربعة, كان يوجد بها 17 مسجدا , وقامت القوات النظامية وحزب الله باستهدافها بواسطة الطيران والمدفعية الثقيلة.

 وعبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" كتب الشيخ أحمد الأسير، إن الجيش اللبناني مع حزب الله وأمل يدكون مسجد بلال بالقذائف الثقيلة الآن.

 وفي الجانب الآخر يتباكى الرافضة الباطنيون على ضريح الصحابي حجر بن عدي, وفي المقابل هنالك تطوع منظم تقوم به عصابات عصائب أهل الباطل المسمين أنفسهم أهل الحق زورا وبهتانا وجيش المهدي لمن يروم الدفاع عن قبر زينب رضي الله عنها في سوريا, وصدق الله تعالى القائل (الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ ۖ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا )(76 النساء), فهم يقاتلون من أجل شركهم وأماكن الشرك.

إذا من هذا الموجز يتبين كره الباطنية للمساجد بيوت الله يتبين وصدق كلام الباقلاني في أن هؤلاء الباطنية : "هم قوم يظهرون الرفض، ويبطنون الكفر المحض ".

وأختم بقول الله تعالى (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَا ۚ أُولَٰئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ ۚ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)(114 البقرة).

قال العلامة عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى (أي: لا أحد أظلم وأشد جرما, ممن منع مساجد الله, عن ذكر الله فيها, وإقامة الصلاة وغيرها من الطاعات. { وَسَعَى } أي: اجتهد وبذل وسعه { فِي خَرَابِهَا } الحسي والمعنوي، فالخراب الحسي: هدمها وتخريبها, وتقذيرها، والخراب المعنوي: منع الذاكرين لاسم الله فيها، وهذا عام, لكل من اتصف بهذه الصفة, فيدخل في ذلك أصحاب الفيل, وقريش, حين صدوا رسول الله عنها عام الحديبية, والنصارى حين أخربوا بيت المقدس, وغيرهم من أنواع الظلمة, الساعين في خرابها, محادة لله, ومشاقة، فجازاهم الله, بأن منعهم دخولها شرعا وقدرا, إلا خائفين ذليلين, فلما أخافوا عباد الله, أخافهم الله، فالمشركون الذين صدوا رسوله, لم يلبث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا يسيرا, حتى أذن الله له في فتح مكة، ومنع المشركين من قربان بيته, فقال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا } وأصحاب الفيل, قد ذكر الله ما جرى عليهم، والنصارى, سلط الله عليهم المؤمنين, فأجلوهم عنه. وهكذا كل من اتصف بوصفهم, فلا بد أن يناله قسطه, فهذا وعد من الله ومن أصدق من الله قيلا.



مقالات ذات صلة