حكومة "حزب الله" فى خدمة مخططات الأسد ونتنياهو
الخميس 07 يوليو 2011
بقلم : د. سامح عباس
وسط الأحداث المتلاحقة التى يعيشها العالم العربي واستمرار ثورات شعوبه ضد أنظمته الاستبدادية، حظى تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة باهتمام كبير من جانب والمسئولين ووسائل الإعلام والمراكز البحثية فى تل أبيب، التى ترى أن تركيبة الحكومة اللبنانية الجديدة على هذا النحو من سيطرة حزب الله الشيعي اللبناني يخدم مصالحها الإقلمية فى المقام الأول على اعتبار أن هذا التشكيل الائتلافي يثير المزيد من القلاقل والاضطرابات داخل لبنان، مما يصرف الإنظار، حتى ولو بشكل مؤقت عن الخطر الذي يشكله الكيان الصهيوني عليها، وربما فى الوقت ذاته تكون فى خدمة مخططات الرئيس السوري بشار الأسد الذي يقود أبشع إبادة جماعية فى تاريخ سوريا الحديث، وهذا ما أكده التقرير الذي أعده تسيفي مزائيل خبير الشئون العربية بالمركز الأورشليمي للدراسات السياسية والعامة وتناول فيه مستجدات الأوضاع السياسية في لبنان مسلطاً فيه الضوء على الدور الذي تلعبه منظمة حزب الله اللبنانية في تصعيد الأوضاع هناك.
استهل الخبير الصهيوني تقريره بالإشارة إلى أنه في الوقت الذي يتابع العالم عن كثب ما يدور من ثورات داخل العالم العربي قام حزب الله باستكمال مراحل سيطرته على لبنان، إذ قام رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي وفي الرابع عشر من يونيو الماضي بالإعلان عن نجاح خطوات تشكيل حكومة جديدة تضم غالبية من وزراء حزب الله وأحزاب أخرى من الداعمة له ومعلناً عن تشكيل حكومة من 30 وزيراً من بينهم 18 وزيراً من حزب الله والأحزاب المؤيدة خاصة من وزراء حركة أمل بقيادة نبيه بري والتيار الوطني الحر الذي يترأسه الزعيم المسيحي ميشيل عون، فيما يمثل ثلاثة وزراء آخرين رئيس الدولة اللبنانية ميشيل سليمان الموالي لسوريا، وباقي الوزراء وعددهم سبعه هم من المقربين من رئيس الوزراء نجيب ميقاتي من بينهم الزعيم الدرزي وليد جنبلاط الذي تجاوز كافة الخطوط الحمراء وانتقل من معسكر التحالف الموالي لسعد الحريري وباقي قوي الرابع عشر من مارس إلى معسكر الثامن من مارس بقيادة حزب الله.
سيطرة حزب الله
وتابع مزائيل تقريره بالقول"كان من الواضح أن حزب الله سينشط من أجل تشكيل حكومة جديدة تحت رعايته، بعد إساقطه لحكومة سعد الحريري لعدم خضوعها لإبتزازه بوقف التعاون مع المحكمة الدولية التى تحقق فى مقتل رئيس الوزراء اللبناني السابق، رفيق الحريري، وبذلك تعيد المنظمة الشيعية سيطرتها على لبنان وبشكل قانوني وشرعي، وبالفعل جرى اختيار نجيب ميقاتي لرئاسة وزراء الحكومة اللبنانية وهو الأمر الذي جرى عبر التنسيق بين الرئيس اللبناني ميشيل سليمان وحزب الله وجرى التخطيط من أجل أن يكون ميقاتي رئيساً لوزارة تكنوقراط تعمل طبقاً لتوجيهات حزب الله لكن فشلت هذه الفكرة بسبب عدم توافر المرشحين لشغل منصب الوزراء في هذه الحكومة، وكانت الصيغة الثانية تقضي بتشكيل حكومة ذات أغلبية من وزراء حزب الله ومؤيديه بمشاركة قوي الرابع عشر من مارس من أجل الحفاظ على ما يعتبره البعض "وهم الوحدة الوطنية اللبنانية" خاصة تجاه أفراد الشعب اللبناني وتجاه دول الغرب.
التدخل السوري
وأوضح الخبير الصهيوني أن الرئيس السوري بشار الأسد هو الذي ضغط على رئيس الوزراء اللبناني لتشكيل الحكومة على هذا النحو، وكان الرئيس السوري بالفعل أول من أجرى اتصالا هاتفياً برئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي لكي يهنئه على تشكيل الحكومة الجديدة بعد دقائق معدودة من الإعلان عنها. ويري الخبير الإستراتيجي "الإسرائيلي" تسيفي مزائيل أن الرئيس بشار الأسد الذي يسعى جاهداً لحماية نظامه من الانهيار أدرك جيدا أنه في أمس الحاجة إلي حكومة لبنانية موالية لسوريا تعمل جاهدة على تحييد أي محاولات من أجل الانتفاضة علي نظامه من داخل الأراضي اللبنانية أو تقدم يد العون للمتظاهرين داخل سوريا، كما يسعي من أجل أن تتواجد في هذه الظروف حكومة تساعده في القضاء على حالة الغضب التي اجتاحت الشارع السوري وربما قد يكون ذلك عبر الأسرع في شن هجوم على "إسرائيل".
ومما يؤكد على أن "حكومة حزب الله" فى لبنان هي لخدمة مخططات حكومة بنيامين نتنياهو التى تواجه شبح السقوط وناظ الأسد المترنح، أشار مزائيل فى تقريره إلى أنه بعد يوم واحد من تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة في الخامس عشر من يونيو الماضي اندلعت مواجهات في طرابلس بين متظاهرين سُنة وعناصر من الطائفة العلوية حينما كان يحاول السُنة الإعراب عن تضامنهم مع المتظاهرين في سوريا، فى المقابل قام العلويين بالخروج للشوارع من أجل إسكات هؤلاء، ولم يجد الجيش اللبناني أمامه سوى الخروج وبسرعة من أجل وقف الاضطرابات التي قُتل خلالها وأُصيب أكثر من 30 شخصاً وتبين في حينه أن لبنان تعتبر جزء من المشكلة التي يمر بها الرئيس السوري بشار الأسد وأدرك كثيرون سبب تشكيل حكومة موالية لسوريا في هذا التوقيت بالذات.
لبنان وأمن "إسرائيل"
وتحت عنوان تداعيات الأوضاع في لبنان وانعكاساتها على الساحة الدولية كتب الخبير الصهيوني فى تقريره مشيراً إلى أن الأوضاع الجديدة في لبنان لها تداعيات مباشرة على الساحة الدولية، وعلى أمن إسرائيل حيث ستعمل لبنان العضو غير الدائم في مجلس الأمن الدولي على رفض قرار إدانة سوريا أو فرض عقوبات عليها وعلى الرغم من أنه ليس بمقدورها القيام بشيء إلا أنها قادرة على وقف التصويت بالإجماع على القرار. ومن جهة "إسرائيل" فإن هناك مخاوف من قيام حزب الله بالعمل خلال الفترة القادمة على تحديد ملامح السياسة الخارجية والأمنية للبنان خاصة في منطقة الجنوب حيث الحدود مع "إسرائيل"، كذلك من المتوقع حدوث احتكاكات بين الجانبين اللبناني و"الإسرائيلي" على خلفية الغاز المكتشف حديثاً بالقرب من السواحل اللبنانية و"الإسرائيلية" وعلى ضوء إعلان كلا الطرفين أحقيته في هذا الغاز دون الطرف الآخر. وقال أن بعضاً من مسئولي حزب الله أدلو بتصريحات مؤخراً مفادها أن الحزب لن يقف مكتوفي الأيدي في الوقت الذي يعمل فيه الغرب جاهداً على إسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وأن كافة الخيارات مفتوحة بما فيها فتح جبهة الجنوب والجولان ونقل عن أحدهم القول قوله أن حزب الله حليف لسوريا مثلما هو حليف لإيران وأن حزب الله وإيران لن يوافق أي منهما على طرد الأسد حتي لو كان ثمن ذلك الحرب مع "إسرائيل".
تواطؤ الغرب
وتحدث مزائيل فى سياق تقريره عن فشل سياسة المصالحة التي اتبعها الغرب مع الرئيس السوري بشار الأسد-وهو ما يعتبر تواطؤ غربي فاضح على المجازر التى يرتكبها فى حق شعبه- وقد تجسد ذلك بحسب رأيه في تمكن حزب الله من السيطرة على الحكومة اللبنانية الجديدة، وقال أن أي من الخطوات التي اتبعها الغرب مع بشار الأسد لم تجد نفعاً من أجل إثنائه عن المضي قدماً في الطريق الذي يسير فيه بل على العكس استمر دون أن يتراجع. وتابع حديثه بالقول "حتي حزب الله لم يستجيب لأي ضغوط خارجية بل واصل تسلحه استعداده لأية مواجهة محتملة أمام "إسرائيل" وهو الأمر الذي لم يعترض سبيل أي طرف بما فيها قوات حفظ السلام الدولية المنتشرة في الجنوب اللبناني. بل على العكس تم الإعلان عن محادثات وحوار بين أطراف أوروبية وعناصر سياسية من حزب الله كما لو أن هناك فارق بين مخربي حزب الله وأعضاء مجلس النواب اللبناني التابعين للحزب على الرغم من أن كلاهما يعمل تحت زعامة حسن نصر الله.
الخلاصة
وخلص الخبير الصهيوني مما سبق في تقريره للنتائج التالية:
1. المجتمع الدولي يقف الآن أمام معضلة بعدما تم الإعلان عن تشكيل حكومة بأغلبية حزب الله ودون حزب المستقبل.
2. حزب الله سيعمل بمساعدة إيران على مد يد العون للرئيس الأسد بأي ثمن.
3. تدخل أمريكي مباشر أو سقوط الرئيس الأسد فقط من شأنهما حدوث تغير في الأوضاع على الساحة اللبنانية.
4. استمرار التصرف الأمريكي بهذا الشكل حتى الآن مع سوريا من شأنه تشجيع إيران وحزب الله بل وإرسال رسائل سلبية للمعارضة الإيرانية والسورية بأنه لم يعد هناك أصدقاء.
على أية حال سيظل حزب الله -وبما يمثله من خطر على الأمن القومي العربي نظراً لولائه الأول لإيران حتى ولو على حسب المصالح العربية واللبنانية العليا- أداة لتحقيق أهداف ومخططات إقليمية، وستكون لبنان الوحيدة التى تدفع الثمن من استقرارها وازدهارها نتيجة لما يقدمه حزب الله وزعيمه حسن نصرالله من خدمات مجانية لمصلحة النظام السوري المترنح أو لمخططات الكيان الصهيوني على حد سواء.