قال علماء الشيعة الامامية: (كل راية تخرج قبل ظهور المهدي فهي راية ضلالة وصاحبها طاغوت).. وهذا يشمل كافة الأحزاب الشيعية في الساحة العراقية..!

بواسطة احمد الكاتب قراءة 1357
قال علماء الشيعة الامامية: (كل راية تخرج قبل ظهور المهدي فهي راية ضلالة وصاحبها طاغوت).. وهذا يشمل كافة الأحزاب الشيعية في الساحة العراقية..!
قال علماء الشيعة الامامية: (كل راية تخرج قبل ظهور المهدي فهي راية ضلالة وصاحبها طاغوت).. وهذا يشمل كافة الأحزاب الشيعية في الساحة العراقية..!

 أحمد الكاتب :: [1]

27-8-2012

قال علماء الشيعة الامامية: (كل راية تخرج قبل ظهور المهدي فهي راية ضلالة وصاحبها طاغوت).. وهذا يشمل كافة الأحزاب الشيعية في الساحة العراقية..!

[قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا ؟ .. إن تتبعون إلا الظن، وان انتم إلا تخرصون].... [إن هي إلا أسماء سميتموها انتم وآباؤكم، ما أنزل الله بها من سلطان، إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس، ولقد جاءهم من ربهم الهدى].... [وما لهم به من علم .. إن يتبعون إلا الظن .. وان الظن لا يغني من الحق شيئا]..

عرف الشيعة الامامية الاثناعشرية قيام عدة دول شيعية في التاريخ، ولكن (الجمهورية الإسلامية) التي قامت في إيران في 1979 كانت أول دولة عقائدية لهم منذ اكثر من ألف عام. ولم تكن لتقوم إلا بعد حدوث عدة تطورات جذرية في الفكر السياسي الشيعي، والذي ساد منذ وفاة الإمام العسكري في منتصف القرن الثالث، بعض النظريات السلبية المخدرة وأبعدته عن مسرح الحياة قرونا من الزمن.

ونتيجة الرواسب التاريخية لم تكن الصورة الدستورية لنظرية ولاية الفقيه واضحة تماما أو مبلورة بصورة كاملة، حيث كانت تتعرض للشد والجذب بين نظريتين هما : (النيابة العامة للفقهاء) و (الشورى) أو الديموقراطية. ونتيجة لذلك فقد تفجرت عدة صراعات داخل النظام الإسلامي الوليد، كان أهمها الصراع بين رئيس الجمهورية الأول أبو الحسن بني صدر والإمام الخميني، والصراع بين مجلس الشورى ورئيس الوزراء حسين موسوي، والازمة الطويلة بين مجلس الشورى ومجلس صيانة الدستور حول قانون العمل .. تلك الازمة التي فجرت عام 1988 خلافا بين الإمام الخميني ورئيس الجمهورية يومذاك السيد علي الخامنائي، وآدت إلى طرح الإمام لنظرية [الولاية المطلقة] التي أعلن فيها قدرة الفقيه الحاكم على تجاوز الدستور والامة واعتبار الولاية شعبة من ولاية الإمام المعصوم والنبي والله، وأنها تضاهي في صلاحياتها صلاحيات الرسول الأعظم ..

وهذا ما دفعني لإجراء مراجعة فقهية استدلالية لنظرية (ولاية الفقيه) التي كنت أؤمن بها من قبل، ودراستها من جديد، وقد قمت بهذه الدراسة في عام 1989 وحصلت لدي بعض التفاصيل الجزئية التي اختلفت فيها مع الإمام من حيث تحديد الصلاحيات والفصل بين السلطات واستناد نظرية ولاية الفقيه على الشورى وإرادة الأمة.. وقبل إن اكتب الدراسة بشكلها النهائي ارتأيت إن اعمل لها مقدمة تاريخية تغطي تاريخ المرجعية منذ بداية (الغيبة الكبرى) وذلك من خلال دراسة كتب الفقه القديمة وتاريخ العلماء، لكي أرى مَن من العلماء كان يؤمن بنظرية (ولاية الفقيه) وكيف انعكست على موقفه السياسي وماذا قام به من أعمال؟

وبحمد الله عثرت على مكتبة فقهية شاملة خاصة في مدينة مشهد (خراسان) تضم اكثر من مائة موسوعة فقهية شيعية منذ بداية (الغيبة الكبرى) إلى الآن، فانكببت على مراجعتها والتحقيق فيها .. فاكتشفت فجأة إن العلماء السابقين لم يكونوا يؤمنون بنظرية ولاية الفقيه، أو بالأحرى لا يعرفونها مطلقا..!!! وان بعضهم كتب في الرد عليها عندما طرحها الشيعة الزيدية كمخرج لأزمة (الغيبة)، كالشيخ عبد الرحمن بن قبة والشيخ الصدوق والعلامة الحلي .. وان أول من كتب فيها هو الشيخ النراقي في (عوائد الأيام) قبل نحو مائة وخمسين عاما، وان العلماء السابقين كانوا يؤمنون بنظرية (الانتظار للإمام المهدي الغائب) ويحرمون العمل السياسي أو الثورة أو إقامة الحكومة وممارسة مهامها في عصر الغيبة. وذلك لفقد شرطَي العصمة والنص في الإمام .

لقد كنت فيما مضى أصطدم في الحوزة ببعض العلماء الذين يحرمون العمل السياسي أو الاقتراب منه.. وكنت أسمع بعض المشايخ وهو يردد الحديث المعروف :(كل راية تخرج قبل ظهور المهدي فهي راية ضلالة وصاحبها طاغوت) ولكني كنت أعتبر هذا الحديث ضعيفا وغير مهم، ولم أكن أدرك عمق الفكر السلبي الذي كان يخيم على الحوزة ويضرب بجذوره إلى أعماق التاريخ، ويتمتع بفلسفة كلامية عريضة !

وهنا تساءلت في نفسي: إذا كانت نظرية ولاية الفقيه حادثة مؤخرا وغير معروفة من العلماء السابقين، فماذا يا ترى ترك (النواب الأربعة الخاصون) من فكر سياسي لعصر (الغيبة الكبرى)؟..

وقررت تبعا لذلك أن أدرس مرحلة (الغيبة الصغرى) وفكر ومواقف (النواب الأربعة) فوجدتهم يؤمنون كذلك بنظرية (الإنتظار) ويبتعدون عن العمل السياسي، وهذا ما زاد من حيرتي.. واكتشفت أثناء البحث شبهات تاريخية وعلامات إستفهام تدور حول صدق إدعاء (النواب الأربعة) بالنيابة الخاصة عن الإمام المهدي الغائب، ضمن دعاوى أكثر من عشرين (نائبا) كان يدعي ذلك، وإن الشك كان يحوم حولهم جميعا .

 وحاولت بكل جهدي إن افهم ماذا خلف (الإمام المهدي ) للشيعة من نظام سياسي في غيبته؟ وهل أشار إلى ذلك ؟ أم تركهم سدى؟ ولماذا لم ينص على (المرجعية) أو (النيابة العامة) أو (ولاية الفقيه) أو (الشورى) ؟ ولماذا لم يتحدث عن ضرورة قيام دولة شيعية في ظل الغيبة؟ ولماذا لم يفهم العلماء السابقون القريبون منه ذلك ؟ ولماذا التزموا بنظرية (الانتظار)؟

وقد جرني بحث موضوع (الغيبة الصغرى) إلى بحث موضوع وجود الإمام المهدي (محمد بن الحسن العسكري) بعد إن وجدت لأول مرة في حياتي أجواء من الحيرة والغموض تلف القضية تلك الأيام وعدم وضوح الصورة لدى الشيعة الإمامة الموسوية الذين تفرقوا بعد وفاة الإمام الحسن العسكري دون ولد ظاهر إلى اكثر من أربعة عشر فرقة، وتشتتوا ذات اليمين وذات الشمال .. مما ولّد لدي صدمة أكبر ودفعني لاستقصاء البحث حول الموضوع، مع الإصرار على ضرورة التوصل إلى نتيجة حاسمة وواضحة، والخروج من الحيرة .

وقد تعجبت من نفسي جدا لجهلي بتاريخ الشيعة إلى الحد الذي لم أقرأ ولم أسمع عن تفاصيل الحيرة ووجود الشك التاريخي حول ولادة الإمام الثاني عشر، مع أني كنت أتصدى للدعوة والتبشير بالمذهب الإمامي الإثني عشري منذ طفولتي، وقد نشأت في الحوزة وكتبت عدة كتب حول أئمة أهل البيت وقرأت أكثر.. وانتبهت حينها إلى غياب درس مادة التاريخ بالمرة من برامج الحوزة العلمية التي تقتصر على اللغة العربية والفقه والأصول والفلسفة والمنطق.. ولا يوجد لديها حصة واحدة حول التاريخ الإسلامي أو الشيعي..!!!

وعلى أي حال .. فقد كان البحث في موضوع (وجود الإمام المهدي) حساسا جدا ويحمل خطورة اجتماعية وسياسية وفكرية، ويمكن إن يقلب كثيرا من الأمور رأسا على عقب، ويشكل منعطفا استراتيجيا في حياتي وحياة المجتمع. ولم أستطع أن أترك الأسئلة التي إرتسمت أمامي معلقة في الهواء.. إذ لا بد إن أجيب عليها بنعم أو ..لا، ووجدت الأمانة العلمية والمسئولية الرسالية تفرض عليّ إن أواصل البحث حتى النهاية.

وحمدت الله تعالى مرة أخرى على أني كنت في إيران معقل الفكر الشيعي الإمامي، فذهبت إلى مكتبات طهران وقم ومشهد، ولم أدع كتابا قديما أو حديثا حول الموضوع إلا ودرسته بدقة وعمق.. وبدلا من أن ينقشع الغموض ويزول الشك والحيرة، إزدادت الصورة سلبية وغموضا.. ووجدت بعض العلماء السابقين يصرح بعدم وجود أدلة تاريخية كافية وقاطعة أو معتبرة حول ولادة الإمام المهدي، وإنه يقول بذلك عن طريق الإجتهاد والإفتراض الفلسفي والظن والتخمين..!!!

وهمست إلى بعض الأساتذة في الحوزة بما توصلت إليه من نتائج مذهلة، وسألته فيما إذا كان يمتلك أدلة علمية أخرى على ولادة الإمام المهدي، فنفى الحاجة إلى ذلك، وقال: إن الأيمان بوجود الإمام المهدي ليس بحاجة إلى إستدلال علمي أو تاريخي، وإنما يتم عن طريق الغيب، وإنه يشكل جزءا من الأيمان بالغيب! .. فقلت له: نحن نؤمن بالقرآن الكريم كوحي منزل من الله على رسوله الكريم، وكلما يتضمن القرآن من إشارات إلى موضوعات غائبة عن حسنا كاليوم الآخر والملائكة والجن والشياطين والأنبياء السابقين، فنحن نؤمن بها، ولا يمكن إن نؤمن بعد ذلك بشيء لم يصرّح به القرآن الكريم ولا الرسول الأعظم ولا أهل البيت ونعتبره جزءا من الغيب الذي يجب إن نؤمن به. وعموما نحن نؤمن بالإسلام وبكل ما جاء به الرسول الأعظم، ولا بد إن نمتلك الأدلة والبراهين العلمية، خاصة في موضوع العقيدة، ولا يجوز إن نؤمن بشيء عن طريق الظن والإفتراض ودعوى الغيب، وبكلمة أخرى : لا يمكن إن نؤمن بشيء عن طريق غيبي .

ونظرا لخطورة الموضوع فقد طلب مني ذلك الأستاذ الكبير إن أؤجل الكتابة في الموضوع لمدة سنة، وان أواصل البحث، وان أكتمه بشدة، ثم اقدم الدراسة بعد الانتهاء منها مكتوبة إلى العلماء لكي يناقشوها بدقة.. فوعدته بذلك ..

وعندما أنهيت البحث أرسلت رسالة إلى عدد كبير من العلماء في قم والنجف وطهران ومشهد والبحرين والكويت ولبنان .. أعرض عليهم ما توصلت إليه من نتائج، وأطلب منهم مناقشة البحث قبل نشره. ومع أني كنت متيقنا من النتائج التي توصلت إليها، فقد إحتملت إن يكون قد غاب عني بعض الأدلة والبراهين التي قد لم أطلع عليها والتي تثبت ولادة ووجود الإمام المهدي (محمد بن الحسن العسكري) أعلنت استعدادي للتراجع إذا ما أقنعني أحد بخطأ ما توصلت إليه، واستعدادي لنشر ما يردني من ردود حتى إذا لم اقتنع بها.

وقد إستجاب بعض العلماء الأفاضل في قم لدعوتي، وطلبوا الكتاب لمناقشته، بينما رد البعض الآخر بصورة عنيفة ومتشنجة وقرروا المقاطعة والإهمال، واستنكر قسم ثالث إن أقوم بمراجعة المسلمات الثابتة، واستغرب قسم رابع من مطالبتي بالأدلة على وجود الإمام المهدي واعتبر التشكيك في (وجود الإمام الثاني عشر) مقدمة للتشكيك في النبوة ووجود الله تعالى..!

 

لقد إكتشفت وجود علاقة وثيقة بين موضوع الإمام المهدي ونظرية (الإنتظار) السلبية التي كان يلتزم بها العلماء السابقون، والتي كانت تحرم أي نشاط سياسي في عصر (الغيبة) والتي تفسر سر إنهيار الشيعة وإنعزالهم عبر التاريخ وخروجهم من مسيرة الحياة.

وإن الفكر السياسي الشيعي في (عصر الغيبة) كان ولا يزال يرتكز على نظرية وجود الإمام الثاني عشر (المهدي المنتظر) وولادته من قبل، وقد التزم مرة - ولفترة طويلة - بنظرية الإنتظار، التي لم يتخلَّ عنها تماما، ولا تزال تفعل فعلها في كثير من جوانب الحياة، وعندما تخلى عن نظرية الإنتظار وقع في مطب نظرية (النيابة العامة) و (ولاية الفقيه) التي تعطي للمرجع الديني أو الحاكم صلاحيات مطلقة تشابه صلاحيات الإمام المعصوم أو الرسول الأعظم (ص) وتقضي على إمكانيات مشاركة الأمة في السلطة وإقامة نظام سياسي معتدل .

لذا فاني أشعر بأن المسئولية الكبرى عن تخلف الشيعة وانحطاطهم في التاريخ تقع على عاتق الأفكار الخاطئة والنظريات الدخيلة التي تسربت عبر المتكلمين إلينا .. وان إصلاح أوضاعنا العامة في الحاضر والمستقبل يتوقف على مراجعة ثقافتنا وتصحيحها وتنقيتها ومطابقتها مع روح الإسلام وتراث أهل البيت (ع).

وقد قمت في هذه الكتاب ببحث جميع الأدلة التي قدمها و يقدمها المتكلمون والمؤرخون حول (ميلاد ووجود الإمام الثاني عشر محمد بن الحسن العسكري) وكانت تنقسم إلى ثلاثة أقسام رئيسية هي : الدليل العقلي الفلسفي والدليل التاريخي والدليل الروائي النقلي، ثم قمت بعد ذلك بدراسة هذه الأدلة وتقييمها والتأكد من صحتها .. ودرست بعد ذلك الآثار السلبية التي ألحقتها هذه النظرية بالشيعة الإمامة الإثني عشرية على مدى التاريخ، وسجلت بعد ذلك عمليات الخروج الشيعية من تلك الأزمة المستعصية، ومحاولات الثورة الفقهية والسياسية ضد الفكر السلبي القديم، وتوقفت أخيرا عند المرحلة الأخيرة من تطور الفكر السياسي الشيعي وهي مرحلة (ولاية الفقيه) وتأملت في إيجابياتها وسلبياتها وقدمت في النهاية الصورة المستقبلية التي أرى أتمنى إن يتقدم إليها الفكر السياسي الشيعي، وهي صورة (الشورى) أو الديموقراطية[2]، وولاية الأمة على نفسها.

** والى موعد قريب مع الحلقة القادمة من كتاب: (تطور الفكر السياسي الشيعي)...


[1] ننشر هذا المقال من باب وشهد شاهد من أهلها (الحقيقة)

[2] للعلم فإن الشورى ليست هي الديمقراطية (الحقيقة)



مقالات ذات صلة