حول الانتهاكات التي يتعرض لها الفلسطينيون في العراق

بواسطة تقرير منظمة العفو الدولية قراءة 1771

تقرير منظمة العفو الدولية الصادر بتاريخ 1/10/2007

حول الانتهاكات التي يتعرض لها الفلسطينيون في العراق

 

العراق : ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان ضد اللاجئين الفلسطينيين:

1. المقدمة:

ذهب حداد لتناول الطعام في مطعم محلي ولم يعد إلى منـزله قط. وبعد يومين عُثر على جثته في مشرحة وعليها علامات التعذيب. وخطف رجال مسلحون تاجراً، متزوجاً ولديه خمسة أطفال، من سيارته، تاركين اثنين من أطفاله في السيارة. وفيما بعد أردوه بالرصاص وتركوا جثته ملقاة في الشارع. وخطف رجال مسلحون سائق سيارة أجرة كان ينتظر في محطة وقود. وبعد يومين استخدم الخاطفون هاتفه الجوال (المحمول) لإبلاغ عائلته بتسلم جثته من المشرحة. وكانت الجثة تحمل علامات واضحة على التعذيب، بما في ذلك ثقوب حُفرت بمثقاب. وقبضت قوات الأمن العراقية على أربعة رجال، بينهم شقيقان. وفي الشهر ذاته، ظهروا على شاشة التلفزيون واعترفوا بتنفيذ عملية تفجير في بغداد. ورشحت معلومات أفادت أنهم تعرضوا للتعذيب لمدة 27 يوماً – وضُربوا بالكبلات وصُعقوا بالصدمات الكهربائية وأُحرقوا بالسجائر. ووقعوا اعترافات بمسؤوليتهم عن ستة هجمات بالقنابل، بينها خمسة لم تحدث قط فعلياً.

ويجمع بين ضحايا هذه الانتهاكات الصارخة قاسم واحد مشترك، إنهم جميعاً فلسطينيون. وفي خضم كل هذا العنف الدائر في العراق منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في العام 2003، قلماً تُنقل أخبار استهداف الفلسطينيين ومعاناتهم المتزايدة.

لقي عشرات اللاجئين الفلسطينيين(1) في العراق مصرعهم منذ غزو العراق بقيادة الولايات المتحدة في العام 2003. وخُطف معظمهم على أيدي الجماعات المسلحة وعُثر على جثثهم بعد بضعة أيام في المشرحة أو ملقاة في الشارع، غالباً مشوهة أو تحمل علامات واضحة على التعذيب. وقد فر العديد من الفلسطينيين من منازلهم، معظمهم في بغداد، عقب تلقيهم تهديدات خطية تنذرهم بمغادرة البلاد أو مواجهة الموت. ويختبئ بعضهم داخل العراق؛ بينما تقطعت السبل بآخرين في مخيمات مؤقتة أُقيمت على الحدود العراقية/السورية بدون إيجاد حل واضح لمحنتهم. وألقت قوات الأمن العراقية والقوات متعددة الجنسية القبض على بعض الفلسطينيين واعتقلتهم للاشتباه بمشاركتهم في أنشطة التمرد أو بوجود صلات لهم بالمتمردين السنَّة. وأُطلق سراح معظم الموقوفين بدون تهمة، لكن كثيرين منهم يقولون إنهم تعرضوا للتعذيب أو غيره من ضروب سوء المعاملة في الاعتقال.

لقد استُهدف اللاجئون الفلسطينيون من جانب جماعات الميليشيا المسلحة المرتبطة بالأحزاب الدينية الشيعية بسبب إثنيتهم ولأنه يُعرف بأنهم تلقوا معاملة مميزة خلال حكم البعث السابق بقيادة صدام حسين. ومع تخبط العراق في الفوضى واحتدام الصراع الطائفي بين الشيعة والسنّة، بات الفلسطينيون أكثر عرضة للانتهاكات، لأنهم، على عكس الطائفتين الشيعية والسنية في العراق، لا يملكون جماعة أو ميليشيا مسلحة لحمايتهم أو للانتقام من الذين يهاجمونهم. وحاولت بعض الجماعات الدينية الشيعية ربط الفلسطينيين بالمتمردين الذين يقاتلون القوات العراقية والقوة متعددة الجنسية في العراق. وأدت حقيقة توجُّه مئات المتطوعين السنة من الدول العربية إلى العراق والتحاقهم بالمتمردين إلى نشوء مشاعر قوية معادية للعرب السنَّة في صفوف بعض العراقيين، لاسيما الشيعة.

ويعيش الفلسطينيون، الذين يقارب عددهم الـ 15,000 والذين ما زالوا في العراق، بمن فيهم أولئك الموجودون في المخيمات المقامة بالقرب من الحدود السورية، في حالة نسيان قانوني. وتعترف المفوضية العليا للاجئين بهم كلاجئين. بيد أن قلة من الدول في المنطقة أو ما ورائها مستعدة للقبول بتوطينهم. وحتى الآن، تقاعست الحكومة العراقية والقوات متعددة الجنسية عن توفير درجة كافية من الحماية لهم.

وينظر هذا التقرير في الوضع الخطر للاجئين الفلسطينيين في العراق. ويتضمن خلفية تاريخية لهؤلاء اللاجئين، ووصفاً للانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان التي تُرتكب ضدهم، والأوضاع المريعة السائدة في المخيمات المقامة بالقرب من الحدود العراقية – السورية، وبخاصة في مخيمي الوليد والطنف. وتدعو منظمة العفو الدولية من ضمن جملة توصيات :

الحكومة العراقية إلى حماية جميع الفلسطينيين في العراق؛ وتقديم مساعدة فورية إلى اللاجئين في مخيمي الوليد والطنف؛ والتحقيق في الهجمات وانتهاكات حقوق الإنسان التي يتعرض لها الفلسطينيون وتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة؛ وتوجيه تهم جنائية معروفة إلى المعتقلين الفلسطينيين أو إطلاق سراحهم.

القوة متعددة الجنسية إلى حماية الفلسطينيين في العراق ومساعدتهم؛ وضمان عدم تسليم أي معتقلين فلسطينيين وغيرهم من المعتقلين إلى قوات الأمن العراقية إلى حين توافر ضمانات كافية ضد التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة.

الحكومتين السورية والأردنية إلى السماح بدخول اللاجئين الفلسطينيين القادمين من العراق طلباً للحماية من الاضطهاد؛ وضمان عدم معاقبتهم لاستخدامهم جوازات سفر مزورة؛ واحترام حقوقهم الإنسانية وحمايتها.

حكومتي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والأعضاء الآخرين في المجتمع الدولي إلى تقديم مساعدة فعالة في توطين اللاجئين الفلسطينيين القادمين من العراق.

قادة الجماعات المسلحة في العراق إلى الوقف الفوري للهجمات التي تُشن ضد اللاجئين الفلسطينيين وجميع المدنيين الآخرين، بما في ذلك عمليات الخطف واحتجاز الرهائن والإعدام والتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة والتهديدات بالقتل أو الخطف؛ والالتزام علناً باحترام القانون الإنساني الدولي؛ والإيضاح لمقاتليهم وأنصارهم بأنهم لن يسمحوا بشن هجمات على المدنيين.

القادة الدينيين ووجهاء المجتمع في العراق والخارج إلى التنديد العلني بجميع الهجمات التي تشنها الجماعات المسلحة ضد اللاجئين الفلسطينيين وغيرهم من المدنيين والدعوة إلى وقفها.


2. الخلفية:

فر آلاف الفلسطينيين إلى العراق بعد العام 1948 عقب قيام دولة إسرائيل. وجاءت المجموعة الأولى من القرى المحيطة بحيفا ويافا. وحدثت الموجات الأخرى من الهجرة الفلسطينية إلى العراق في أعقاب الحرب العربية – الإسرائيلية في العام 1967 وحرب الخليج في العام 1991 عندما أُجبر آلاف الفلسطينيين على مغادرة الكويت. وفي مايو/أيار 2006، أشارت تقديرات المفوضية العليا لشؤون اللاجئين إلى وجود 34,000 فلسطيني في العراق، تعيش أغلبيتهم العظمى في بغداد، لكن بعضهم يعيش في الموصل والبصرة أيضاً. ومن أصل هؤلاء تم تسجيل 23,000 لدى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في بغداد في العام 2003 قبل إجلاء موظفي الأمم المتحدة في أعقاب تفجير مقر الأمم المتحدة في بغداد الذي تسبب في سقوط قتلى.(2)

وأُسست وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 302 الصادر في ديسمبر/كانون الأول 1949 لتقديم مساعدة طارئة إلى الفلسطينيين الذين هُجروا بسبب حرب العام 1948. وتم تجديد تفويضها بصورة منتظمة وتواصل تقديم المساعدات، بما في ذلك خدمات التعليم والصحة والإغاثة إلى "اللاجئين الفلسطينيين". وهؤلاء تُعرِّفهم الأونروا بأنهم :

"الأشخاص الذين كان محل إقامتهم المعتاد في فلسطين بين يونيو/حزيران 1946 ومايو/أيار 1948 والذين خسروا منازلهم ومصادر رزقهم نتيجة النـزاع العربي – الإسرائيلي العام 1948 ... ويغطي تعريف اللاجئ أيضاً ذرية الأشخاص الذين أصبحوا لاجئين في العام 1948. وقد ارتفع عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين فيما بعد من 914,000 في العام 1950 إلى ما يزيد على 4,4 مليون في العام 2005، ويواصل الارتفاع بسبب النمو الطبيعي للسكان."(3)

ويقتصر تفويض الأونروا على اللاجئين الفلسطينيين الذين يقيمون في الأردن ولبنان وسورية وقطاع غزة والضفة الغربية. ويُعتبر الفلسطينيون المهجرون في الدول الأخرى وأولئك الذين هُجروا، لأسباب أخرى من جملتها النـزاع العربي – الإسرائيلي للعام 1967 يُعتبرون لاجئين، لكنهم لا يندرجون ضمن تفويض الأونروا؛ والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين هي الوكالة المسؤولة عن تلبية احتياجاتهم إلى الحماية.

ويشكل اللاجئون الفلسطينيون أكبر وأقدم مجموعة من السكان اللاجئين في العالم، حيث يظلون محرومين من حل دائم لمحنتهم. ولا تتوافر لهم في المستقبل المنظور إمكانية السماح لهم بالعودة إلى أراضيهم وديارهم التي غادروها عندما نزحوا عن ما يعرف الآن بإسرائيل والأراضي الفلسطينية التي تحتلها، برغم أنهم يتمتعون بحق راسخ في العودة بموجب القانون الدولي.(4)

ولا تشمل صلاحيات المفوضية العليا لشؤون اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى الأونروا في الدول التي تعمل فيها. بيد أن اللاجئين الفلسطينيين في العراق، بمن فيهم أكثر من 2100 لاجئ تقطعت بهم السبل الآن في المخيمات المقامة على الحدود العراقية – السورية، ليسوا مسجلين لدى الأونروا، وبالتالي يندرجون ضمن تفويض المفوضية العليا لشؤون اللاجئين.

لم يُصدِّق العراق على اتفاقية العام 1951 المتعلقة بوضع اللاجئين (اتفاقية اللاجئين). ولم تمنح الحكومات العراقية المتعاقبة اللاجئين الفلسطينيين صفة المواطنية،(5) ومنعتهم من تملك المنازل أو الأراضي. بيد أنه قبل غزو العراق بقيادة الولايات المتحدة في العام 2003، كان الفلسطينيون يحصلون على الخدمات بصورة جيدة. وكانوا يُمنحون وثائق سفر خاصة وأذون إقامة. وكان يُسمح لهم بالعمل ويستفيدون استفادة كاملة من الخدمات الاجتماعية، بما فيها الصحة والتعليم. وكان معظم الفلسطينيين يعيشون في شقق تملكها الدولة قدمتها لهم السلطات العراقية. وكان الآخرون يعيشون في شقق مملوكة للقطاع الخاص، لكن السلطات العراقية كانت تدفع جزءاً من بدلات إيجارهم. وقيل إن بعض المالكين العراقيين لهذه الشقق تعرضوا لضغط من الحكومة لتأجيرها بأسعار رخيصة إلى وزارة الشؤون الاجتماعية حتى يستطيع الفلسطينيون أن يعيشوا فيها. وكان الفلسطينيون في بغداد يتجمعون بصورة رئيسية في أحياء البلدية والحرية والدورة وحي الساحة وحي السلام وتل محمد وحي الأمين الثانية.

وبعيد سقوط بغداد في إبريل/نيسان 2003، بدأ استهداف الفلسطينيين بمختلف ضروب سوء المعاملة والتخويف والتهديد بالقتل والخطف على أيدي الميليشيات. وتعرض آخرون للتوقيف والاعتقال التعسفيين والتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة من جانب القوات العراقية والقوات متعددة الجنسية للاشتباه في إمكانية تعاملهم مع الجماعات المتمردة السنية أو دعمهم لها. وقد استاء العديد من الشيعة العراقيين، ومن ضمنهم جماعات سياسية ودينية شيعية مثل أتباع مقتدى الصدر والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، وهما أكبر كتلتين سياسيتين شيعيتين، من المعاملة المتميزة التي لقيها الفلسطينيون قبل العام 2003. ويتحمل الجناحان العسكريان لهاتين المجموعتين، وهما على التوالي جيش المهدي وتنظيم بدر، مسؤولية الانتهاكات الصارخة المرتكبة ضد المدنيين، بما في ذلك الخطف واحتجاز الرهائن والتعذيب والقتل غير القانوني، ومن ضمن ذلك قتل الأشخاص الذين خطفاهم.

وقد طُردت العائلات الفلسطينية، التي كانت تعيش في شقق مؤجرة يملكها عراقيون، من هذه المنازل بالقوة من جانب أصحابها، وتعرض الفلسطينيون للخطف والتعذيب والقتل على أيدي رجال مسلحين، ورد أنهم ينتمون إلى جيش المهدي، وكذلك للتوقيف والاعتقال.

وحاولت مئات العائلات الفلسطينية الهروب من العراق وعبور الحدود إلى الأردن. وسمحت السلطات الأردنية بدخول 386 لاجئاً فلسطينياً متزوجين من مواطنين أردنيين، لكنها رفضت السماح بدخول الفلسطينيين الآخرين القادمين من العراق. وتم إيواء بعض اللاجئين الفلسطينيين الذين استطاعوا الدخول إلى الأردن، مع الأكراد الإيرانيين في مخيم الرويشد الذي يبعد حوالي 50 كيلومتراً عن الحدود. وظلوا في المخيم قرابة الأربع سنوات. وأرادت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين إغلاق المخيم في العام 2006 بسبب الأوضاع المعيشية القاسية، لكن أياً من دول المنطقة رفضت استقبال اللاجئين. وفي النهاية، وافقت كندا ونيوزيلندا على استقبال 54 و22 لاجئاً فلسطينياً على التوالي. وظل سبعة وتسعون آخرون في المخيم حتى يوليو/تموز 2007، عندما وافقت الحكومة البرازيلية على توطينهم في البرازيل. وكان من المقرر نقل هذه المجموعة في منتصف سبتمبر/أيلول 2007 وفقاً للمفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.(6)

وينبغي على الفلسطينيين الذين بقوا في العراق تجديد أذون إقامتهم كل شهرين في وزارة الداخلية، حيث ورد أنهم يتعرضون للتخويف والإذلال من جانب الموظفين. وهذه الوثائق ضرورية. وبدونها يزداد كثيراً خطر تعرضهم للتوقيف عند نقاط التفتيش.

وقد شجعت بعض التصريحات التي أدلى بها المسؤولون الحكوميون العراقيون المشاعر المعادية للفلسطينيين. وأعربت المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن قلقها في أكتوبر/تشرين الأول 2005 إزاء تصريح أدلى به الوزير العراقي للتهجير والهجرة الذي تتحمل وزارته مسؤولية قضايا اللاجئين، دعا فيه إلى طرد الفلسطينيين من العراق إلى غزة.(7)

وازداد وضع الفلسطينيين سوءاً بشكل كبير عقب تفجير المرقد الشيعي المقدس في سامراء في 22 فبراير/شباط 2006 الذي لم تُعلن أية مجموعة مسؤوليتها عنه. وفجَّر الهجوم عنفاً طائفياً واسع النطاق في العراق بين المسلمين الشيعة والسنَّة أدى إلى مقتل آلاف المدنيين. ولم ينجُ الفلسطينيون منه. بل على العكس ازدادت الكراهية لهم وتعرضوا لهجمات عديدة في الأسابيع والأشهر التي أعقبت عملية التفجير. وفي مارس/آذار 2006، فر حوالي 180 فلسطينياً من بغداد ولجئوا إلى الحدود العراقية – الأردنية، لكن لم يُسمح لهم بالدخول إلى الأردن. وانضم إلى بعضهم أفراد العائلة الأقربين ومكثوا جميعهم على الحدود إلى أن وافقت سورية على استقبالهم في مايو/أيار 2006.(8) وفي 22 إبريل/نيسان 2006 أعلنت الحكومة السورية أنها ستستقبل المجموعة في سورية تحت رعاية الأونروا. وبحسب ما ورد استغرقت ترتيبات النقل أسبوعين بسبب الوضع الأمني في العراق. وتم إيواء هذه المجموعة البالغ عددها 305، بمن فيها أكثر من مائة امرأة وطفل، في مخيم الحول للاجئين في محافظة الحسكة في شمال شرق سورية بالقرب من الحدود العراقية.(9)

كذلك هناك حوالي 400 فلسطيني في مخيم الطنف في المنطقة المحايدة الواقعة بين سورية والعراق، وما يقرب من 1550 في مخيم الوليد في العراق الذي يبعد نحو 3 كيلومترات عن الحدود مع سورية.

وبحسب تقديرات المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، يظل أقل من 15,000 فلسطيني يعيشون في العراق. ويُعتقد أن جميعهم تقريباً يريدون مغادرة البلاد بسبب الوضع الأمني المحفوف بالمخاطر. ويتعرض أفراد هذه المجموعة بشكل خاص لانتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك القتل والخطف والاحتجاز كرهائن والاعتقال التعسفي والتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة. ويُعتقد أن الآلاف غادروا العراق بجوازات سفر مزورة، لكن مكان وجود معظمهم يظل مجهولاً ويبدو أن قلة منهم توجهوا إلى مكاتب المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وبخاصة في دول آسيوية طلباً للمساعدة.

3. خطف الفلسطينيين واحتجازهم رهائن وتعذيبهم وقتلهم على أيدي الجماعات المسلحة:

لا تتوافر أرقام دقيقة لعدد الفلسطينيين الذين قُتلوا في العراق منذ حرب العام 2003. وقدَّر بيان مشترك صادر عن الفلسطينيين والمركز الإعلامي الدولي للشرق الأوسط عدد الذين قُتلوا في العراق بأكثر من 320 بحلول مطلع العام 2007.(10) وصرحت المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنه بين إبريل/نيسان 2004 ويناير/كانون الثاني 2007 تأكد مقتل ما لا يقل عن 186 فلسطينياً في بغداد. وفي 24 يناير/كانون الثاني 2007، بعث ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان إلى منظمة العفو الدولية قائمة بأسماء زهاء 500 فلسطيني ورد أنهم قُتلوا في العراق منذ العام 2003.

ودفع الاستهداف المتزايد للفلسطينيين آية الله السيستاني أعلى مرجع روحي شيعي في العراق إلى إصدار فتوى في 30 إبريل/نيسان 2006 تُحرّم كافة الهجمات ضد الفلسطينيين وتحث السلطات العراقية على توفير الحماية لهم.(11) بيد أن الفتوى لم يكن لها تأثير يُذكر واستمر العنف ضد الفلسطينيين بلا هوادة.

وفي 22 فبراير/شباط 2006، وهو اليوم الذي تم فيه تفجير المرقد الشيعي في سامراء، خُطف الشقيقان الفلسطينيان نزار وزياد عبد الرحمن على أيدي رجال مسلحين ورد أنهم من جيش المهدي في حي الأمين ببغداد. وعُثر على جثتيهما بعد ثلاثة أيام في المشرحة وقد ظهرت عليهما آثار التعذيب الواضحة.

كذلك في 22 فبراير/شباط ذهب سمير خالد عيسى الجيّاب لإحضار ابنه من المدرسة في حي البلدية ولم يعد قط. وبعد ثلاثة أيام، عُثر على جثته في المشرحة. وبحسب ما ورد أُبلغت عائلته أن أفراد من مركز شرطة الرافدين وجدوا الجثة في مدينة الصدر ببغداد ونقلوها إلى المشرحة. وكانت الجثة كما يبدو تحمل علامات على التعذيب.

وخُطف محمد الجيَّاب، قريب سمير الجياب، وهو يبلغ من العمر 35 عاماً ومتزوج ولديه أطفال، على أيدي رجال مسلحين من مقر عمله في حي البلدية في نهاية فبراير/شباط 2006. وبحسب ما ورد اتصل الخاطفون بعائلته هاتفياً وطلبوا فدية قدرها 20,000 دولار أمريكي للإفراج عنه. وبعد إجراء مفاوضات دفعت العائلة 10,000 دولار أمريكي. بيد أن جثة محمد الجيّاب سُلِّمت للعائلة وهي تحمل علامات التعذيب.

خرج صباح عبد القادر عبد الخالق، وهو حداد عمره 31 عاماً، لتناول طعام العشاء في 16 مايو/أيار 2006 في سوق محلية تقع بالقرب من منـزله في حي السلام. ولم يعد إلى منـزله قط. وعندما استفسرت العائلة عنه في المنطقة، أبلغها شهود أنه تم العثور على جثة ليلة 16 مايو/أيار. وفي 18 مايو/أيار تعرفت العائلة على جثته في المشرحة التابعة لإدارة الطب الجنائي ببغداد. وقيل لها إنه تم العثور عليها في حي الإسكان ببغداد وأن صباح عبد الخالق أُصيب بطلق ناري في رأسه. وبحسب ما ورد كانت الجثة تحمل علامات التعذيب.

هرب نديم إبراهيم محمود، البالغ من العمر 23 عاماً والذي يعيش في حي الجامعة في بغداد، مع عائلته من الكويت إلى العراق في العام 1991، وفي يناير/كانون الثاني 2007 هرب مرة أخرى إلى مخيم الوليد. وأبلغ منظمة العفو الدولية أنه مصاب بمرض السرطان ويعاني من مشاكل في القلب. وكان يعمل في القناة الفضائية العراقية تلفزيون بغداد الذي تعرض للتفجير.(12) وقبل شهر من مغادرته العاصمة تلقى رسالة بريدية إلكترونية تأمره بترك وظيفته وإلا سيتحمل عواقب وخيمة. وقال إن الرسالة كانت موقعة من جانب القاعدة في العراق. وبعد بضعة أيام تلقى رسالة خطية سُلّمت إليه عند باب منـزله. وقالت "غادِر خلال 24 ساعة وإلا". ولم تكن الرسالة موقعة لكنه يعتقد أنها كانت من المجموعة ذاتها التي أرسلت إليه رسالة البريد الإلكتروني أو من ميليشيا شيعية. وغادر نديم إبراهيم محمود بغداد على الفور مع أفراد عائلته، والداه وأشقاءه وشقيقاته، وتوجهوا إلى الحدود. فأحاله الطبيب المناوب في المخيم إلى مستشفى القائم في إبريل/نيسان 2007. وأمضى 24 ساعة هناك، لكنه قال إن المستشفى يفتقر إلى الأجهزة والعقاقير الضرورية. ولم يُعطَ إلا مسكنات. وقبيل عودة العائلة إلى مخيم الوليد، ذهبت إلى مطعم في القائم. وفي المطعم هددتهم مجموعة من رجال الشرطة وقوات الأمن بتوقيفهم لأنها اعتقدت أنهم "إرهابيون" أو متطوعون عرب. واستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن يتمكنوا من إقناع رجال الأمن المسلحين أنهم لاجئون فلسطينيون من مخيم الوليد.

اعتُقل زياد محمد عبد الله، وهو حارس أمن عمره 37 عاماً ومتزوج ولديه طفلان، على أيدي رجال مسلحين اقتادوه بينما كان متوجهاً سيراً على الأقدام إلى مكان عمله في حي الكرادة في 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2006. وفي اليوم التالي، تلقت عائلته اتصالاً هاتفياً من رجال زعموا أنهم يحتجزونه. وطالبوا بفدية قدرها 60,000 دولار أمريكي. وبعد مفاوضات استمرت 10 أيام، خفضت العائلة المبلغ إلى 6500 دولار أمريكي. وأخذ شقيق زياد المال بالسيارة للقاء الخاطفين في مكان متفق عليه في العبيدي. وعندما وصل، جاء خمسة رجال مسلحين يبدو أنهم كانوا يتعقبونه. فأخذوا المال وطلبوا منه العودة وقالوا له إنه سيتم الإفراج عن شقيقه بعد ساعتين. بيد أنه لم يُفرج عن شقيقه. وتلقت العائلة طلبات أخرى مشابهة لدفع فدية ودفعت في مناسبتين أخريين 4000 دولار أمريكي و1000 دولار أمريكي. واعتباراً من يونيو/حزيران 2007، ظل مصير زياد محمد عبد الله ومكان وجوده في طي المجهول.

خُطف أيسر بادي (بديع) حسين، وهو سائق سيارة أجرة عمره 35 عاماً من حي المنصور، متزوج ولديه طفلان، في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2006 على أيدي رجال مسلحين، زُعم أنهم من جيش المهدي. واقتاده الرجال المسلحون معهم وأخذوا سيارة الأجرة. وفي يوم اختطافه، اتصل شخص بقريب له مستخدماً الهاتف المحمول العائد لأيسر للسؤال عما إذا كان أيسر سنياً أو شيعياً. فكذب القريب وقال إنه شيعي. وانقطعت أخباره طوال 12 يوماً. وزارت العائلة مراكز الشرطة والمشرحة التابعة لإدارة الطب الشرعي في حي باب المعضم، لكن بلا جدوى. وفي 11 ديسمبر/كانون الأول 2006 قيل لعائلته إن الشرطة عثرت على جثة في حي الخضرا. وتوجهت العائلة إلى المشرحة واكتشفت أن الجثة كانت جثة أيسر بالفعل. وأبلغ أحد أشقائه منظمة العفو الدولية أنه لم يرد هو وأي من أقربائه الذكور الذهاب إلى المشرحة لأنهم كانوا يخشون من التعرض للخطف أو القتل. فأرسلوا قريباتهم الإناث وأعطوهن مالاً لرشوة الموظفين الرسميين من أجل تسلُّم الجثة. وبحسب ما ورد كانت الجثة تحمل علامات على التعذيب تضمنت كما قال شقيقه استخدام مثقاب والصعق بالصدمات الكهربائية على مختلف أنحاء الجسد، فضلاً عن وجود كدمات.

وخُطف أحد أشقاء أيسر واسمه رائد بادي حسين، وعمره 37 عاماً، في مارس/آذار 2006 واحتُجز لمدة تقارب الخمسة أيام. وأُطلق سراحه بعدما دفعت العائلة فدية قدرها 6000 دولار أمريكي. وقيل إنه تعرض للتعذيب في الأسر.

كان حامد علي محمد الحانوتي، وهو تاجر صغير من حي السلام من مواليد العام 1961 ومتزوج ولديه خمسة أطفال، يقود سيارته في 13 مارس/آذار 2007 عند قرابة الساعة السابعة مساء في الحي نفسه عندما توقفت سيارة أخرى أمامه. وخرج منها أربعة رجال مسلحين، وأرغموه على الخروج من سيارته، تاركين طفليه فيها، واقتادوه معهم. وقال الشهود للعائلة إنهم شاهدوا حامد وهو يُقتاد إلى حي الإسكان الذي تقطنه أغلبية شيعية، وتُطلَق عليه النار من جانب الرجال الأربعة المسلحين. وظلت جثته ملقاةً في الشارع. وفي اليوم التالي عثرت عائلته على جثته في مشرحة إدارة الطب الشرعي في بغداد.

وقُتل عدد من الفلسطينيين أو أُصيبوا بجروح خطيرة نتيجة هجمات صاروخية شُنت على مناطق تقطنها أغلبية فلسطينية وبخاصة حي البلدية. وفي 2 فبراير/شباط 2006، أصاب صاروخان منطقة في حي البلدية، فأصيب رجلان فلسطينيان بجروح هما محمد علي حسين النمر، وهو ميكانيكي، وشريكه فراس جبر مسعد الذي كان في المبنى ذاته. وأُصيب محمد بجروح خطيرة في ذراعه اليسرى وساقه اليمنى. وكان قد تلقى تهديدات من ميليشيا مسلحة بوجوب مغادرة العراق أو التعرض للقتل. فغادر بغداد في 17 يوليو/تموز 2006 وتوجه إلى سورية. واحتُجز في سورية مدة تقارب الستة أشهر لأنه دخل البلاد بجواز سفر مزور، ثم أُعيد قسراً إلى العراق. وغادر فراس بغداد مرة أخرى في 27 يناير/كانون الثاني 2007. ويعيش الآن كلا الرجلين في مخيم الوليد.

وفي 13 ديسمبر/كانون الأول 2006 ورد أن رجال الميلشيا قصفوا حي البلدية الفلسطيني طوال ثلاث ساعات تقريباً. فقُتل سبعة فلسطينيين، بينهم امرأة تدعى عائشة أحمد إسحاق، وعدة أطفال. وأُصيب ما لا يقل عن 32 آخرين بجروح، بعضها خطرة. وبحسب بيان أصدرته المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في 14 ديسمبر/كانون الأول 2006، دام الهجوم ثلاث ساعات من دون أن تحاول الشرطة العراقية أو القوة متعددة الجنسية التدخل. كما أن رجال الميليشيا منعوا سيارات الإسعاف من نقل القتلى والجرحى إلى المستشفى.(13)

وفي عدد من المناسبات، عُثر على منشورات في الأحياء الفلسطينية تهدد بقتل العائلات الفلسطينية إذا لم تغادر العراق خلال 10 أيام. واتهمت هذه المنشورات الفلسطينيين بأنهم "خونة" و"صداميون" و"بعثيون" وبمساندة المتمردين السنة أو "الوهابيين" كما تُسميِّهم. فمثلاً في 24 مارس/آذار 2006 تلقت أكثر من مائة عائلة فلسطينية في حي الحرية بشمال بغداد منشورات من جماعة مسلحة نعتت العائلات بالخونة. وجاء في المنشورات : "إننا نحذركم بأننا سنصفيكم إذا لم تغادروا المنطقة نهائياً خلال أيام". ووقعت المنشور جماعة تُطلق على نفسها كتيبة يوم الحساب.(14)

وبحسب ما ورد قال الشيخ محمود الحسني، أحد الناطقين باسم جيش المهدي إن "الفلسطينيين جلبوا المعاناة على أنفسهم... فالشيعة يعتقدون أنهم متحالفون مع المتطرفين السنَّة والقاعدة. ونحن متأكدون من أن جميع الفلسطينيين في العراق متورطون في قتل الشيعة وعليهم أن يدفعوا الثمن الآن ... وقد امتصوا دماءنا في عهد صدام. وكنا جائعين من دون طعام و(كانوا) مرتاحين وبطونهم ملئ. وعليهم أن يغادروا الآن وإلا سيدفعون الثمن".(15)

كان مصطفى أحمد، وهو سائق سيارة أجرة عمره 27 عاماً من حي البلدية، ينتظر عند محطة بنـزين بالقرب من حي البلدية في 13 أغسطس/آب 2007 عندما هاجمه رجال مسلحون يُعتقد أنهم من جيش المهدي. فخُطف وسُرقت السيارة. وبعد يومين استخدم الخاطفون هاتفه المحمول لإبلاغ عائلته بتسلُّم جثته من المشرحة. وفي 16 أغسطس/آب ذهبت شقيقة مصطفى أحمد وقريباته الأخريات إلى المشرحة للتعرف على الجثة وتسلُّمها. فقيل لهن إنه ينبغي عليهن الحصول على تصريح من الشرطة. وفي 18 أغسطس/آب تسلَّمن الجثة عقب الحصول على التصريح. وقال أحد الأقرباء الذي شاهد الجثة لمنظمة العفو الدولية إنها كانت تحمل علامات شديدة على التعذيب، بما في ذلك ثقوب حُفرت بمثقاب في مختلف أنحاء جسده، ويبدو أن أسنانه اقتُلعت بكماشة. كذلك أُصيب مصطفى أحمد بست طلقات في رأسه والقسم العلوي من جسمه.

4. توقيف الفلسطينيين وتعذيبهم على أيدي قوات الأمن العراقية:

 أُلقي القبض على عشرات الفلسطينيين واعتُقلوا على يد قوات الأمن العراقية، التي تنتمي بمعظمها إلى وحدات خاصة تابعة لوزارة الداخلية. وفي حالات عديدة تعرض المعتقلون للتعذيب.

وفي مايو/أيار 2005، مثلاً، اعتُقل أربعة فلسطينيين – الأشقاء فرج عبد الله ملحم، 42 عاماً، وعدنان عبد الله ملحم، 32 عاماً، وأمير عبد الله ملحم، 27 عاماً، ومسعود نور الدين المهدي، 32 عاماً، وتعرضوا للتعذيب على يد قوات الأمن العراقية. وفي ليل 12 مايو/أيار اقتحمت قوات الأمن المنتمية إلى لواء الذئاب، وهو وحدة تخضع لسيطرة وزارة الداخلية، مبنى للشقق في مبنى البلدية الفلسطيني في مخيم البلدية ببغداد وألقت القبض على أربعة رجال للاشتباه في مسؤوليتهم عن هجوم بالقنابل وقع في فترة سابقة من ذلك اليوم في حي الجديدة ببغداد. وقيل إن أفراد لواء الذئاب اعتدوا بالضرب على الرجال الأربعة بأعقاب البنادق عندما ألقوا القبض عليهم. وفي 13 مايو/أيار، أعلنت السلطات عن الاعتقالات وعُرض الرجال الأربعة على شاشة قناة العراقية الفضائية. وفي 14 مايو/أيار عُرضوا على تلفزيون العراقية وظهروا وهم "يعترفون" بمسؤوليتهم عن الانفجار. وقال الأقرباء الذين شاهدوا البرنامج إن الرجال الأربعة كانوا مصابين بجروح في وجوههم ما يوحي بأنه تم استخدام التعذيب لانتـزاع "الاعترافات". وظهر مواطن عراقي كان قد احتُجز بسبب مخالفته لحظر التجول، في البرنامج التلفزيوني كشاهد. وبحسب ما ورد أبلغ قوات الأمن أن أحد الرجال الأربعة، الذي يعرفه هو جيداً، يتحمل مسؤولية الانفجار. وقيل لمنظمة العفو الدولية أن هذا الشخص يعاني من "اضطراب عقلي"، لكن المنظمة لا تعرف تفاصيل حالته العقلية.

وبعد مضي شهرين على الاعتقالات، علمت عائلات الرجال الأربعة أنهم محتجزون في المقر الرئيسي لمديرية الجرائم الكبرى(16) في حي الأعظمية ببغداد. وكلفت العائلات محامياً بزيارتهم في يوليو/تموز 2005. ووصف الرجال للمحامي كيف تعرضوا للتعذيب المنهجي طوال 27 يوماً أثناء احتجازهم لدى لواء الذئاب في مبنى تابع لوزارة الداخلية بحي الزيونة في بغداد. وقالوا إنهم تعرضوا للضرب بالكبلات وصُعقوا بالصدمات الكهربائية على أيديهم ومعاصمهم وأصابعهم وكواحلهم وأقدامهم، وأُحرقت وجوههم بالسجائر، وتُركوا في غرفة يوجد على أراضيتها ماء بينما تم استخدام تيار كهربائي في الماء. ووقَّع الرجال على اعترافات يزعمون فيها مسؤوليتهم عن خمسة تفجيرات في أماكن أخرى في بغداد. وعندما تحرى المحامي عن هذه التفجيرات الخمسة، حصل على وثائق تبين أن التفجيرات لم تحصل قط في الواقع. وبعد نقل الرجال إلى مديرية الجرائم الكبرى، توقف التعذيب كما يبدو، واعتباراً من أغسطس/آب 2005، استطاع الأقرباء زيارة الرجال مرة واحدة في الأسبوع.

وفي نهاية المطاف تم إطلاق سراح الرجال الأربعة في 21 مايو/أيار 2006 بأمر من المحكمة الجنائية المركزية العراقية التي لم تعثر على أية أدلة على مشاركتهم في التفجيرات. وفي أعقاب الإفراج عنهم، توارى الرجال الأربعة عن الأنظار وفروا من البلاد.

وفي 22 مايو/أيار 2005، قُبض على كمال سليم غنام، وهو مدرس فلسطيني، في منـزله بحي البلدية من جانب رجال مسلحين ينتمون إلى القوات الخاصة التابعة لوزارة الداخلية. وفي 7 يونيو/حزيران 2005، عرضت قناة الفرات التلفزيونية العراقية، مشاهد لكمال سليم غنام ولفلسطينيين اثنين آخرين اعترفوا فيها أنهم خططوا لتفجيرات. وفي 1 ديسمبر/كانون الأول 2005، أُطلق سراح كمال سليم غنام. وأعيد القبض عليه، ثم أُفرج عنه مجدداً ومن ثم غادر البلاد.

قُبض على زهير حسن غنام، وهو حداد يناهز عمره الـ 55 عاماً، مع ستة فلسطينيين آخرين في 25 يونيو/حزيران 2005 في حي النعيرية ببغداد من جانب رجال مسلحين ورد أنهم أفراد في لواء الذئاب. وأُخلي سبيل الستة الآخرين بعد بعضة أسابيع، لكن في 2 يوليو/تموز 2005 عُثر على جثة زهير حسن غنام في المشرحة، وهي تحمل علامات على التعذيب كما ورد.

كان رامي جمال علي شفيق المولود في العام 1979 والعازب، في منـزل عائلته في حي الكرادة ببغداد عندما ركن رجال مسلحون يستقلون سيارات الشرطة سياراتهم خارج المنـزل في 26 يوليو/تموز 2006. واقتحم الرجال المسلحون الذين يرتدون زياً رسمياً المنـزل واقتادوا رامي معهم. وقال شقيقه لمنظمة العفو الدولية إن العائلة لم تعرف مصير رامي ومكان وجوده حتى نهاية يوليو/تموز 2007 عندما شاهدت رامي صدفةً على شاشة قناة الشرقية. وذكرت المحطة أن القوات الأمريكية اقتحمت مرفق اعتقال سرياً، قيل إنه تابع لوزارة الداخلية، بالقرب من إستاد الشعب الدولي لكرة القدم وعثرت على مئات السجناء المحتجزين سراً. وعُرض بعض هؤلاء السجناء، ومن ضمنهم رامي، على شاشة التلفزيون. وقال أصدقاء العائلة لها إن هؤلاء السجناء ستستجوبهم القوات الأمريكية، ولكن اعتباراً من 15 أغسطس/آب 2007، كان مصير رامي ومكان وجوده مجهولين. وأبلغ شقيق رامي منظمة العفو الدولية أن العائلة لم تستفسر عن مصير شقيقه لأن الفلسطينيين يخشون كثيراً طرح الأسئلة في وزارة الداخلية. وأضاف أنه يخشى من توقيفه أو قتله إذا اقترب من أي مبنى لوزارة الداخلية.

قُتل علي حسين الزيناتي، وهو شاعر عمره 56 عاماً ومستشار تربوي متزوج ولديه أطفال، في 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2006. وخُطف خارج منـزله في حي الغزالية على أيدي رجال مسلحين أرغموه على ركوب سيارة. وقال أحد أقربائه في مخيم الوليد لمنظمة العفو الدولية إن بعض الجيران أخبروا العائلة أنهم شاهدوا علي وهو يُرغم تحت تهديد السلاح على الركوب في سيارة للشرطة. وبعد ثلاث ساعات، قالت الشرطة للعائلة إنها عثرت على جثة علي وأن عليها الذهاب إلى مركز شرطة الغزالية لتسلُّمها. وبحسب ما ورد أُصيب علي بطلقين ناريين في رأسه وصدره. وبعد بضعة أيام، خُطف بهاء الدين الشقيق الأكبر لعلي، وهو طبيب تخرج حديثاً، خارج أحد المستشفيات في حي الكاظمية. وفيما بعد عُثر على جثته في مشرحة وهي تحمل علامات على التعذيب، بما في ذلك استخدام المثقاب الذي أدى إلى إحداث ثقوب في أجزاء من جسده.

وفي 14 مارس/آذار 2007 قامت قوات الأمن العراقية بمداهمة حي البلدية الفلسطيني استخدمت خلالها الأسلحة النارية. وبحسب المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ذكرت الشرطة العراقية والقوة متعددة الجنسية أن المداهمة جزء من خطة أمن بغداد أو "الاندفاع". ونتيجة لذلك، توفي فلسطيني واحد متأثراً بجروح أُصيب بها في رأسه وألقي القبض على قرابة 60 شخصاً. وأُطلق سراح معظمهم بعد أيام قليلة، لكن أربعة منهم يظلون محتجزين (انظر أدناه). وقد فر 41 فلسطينياً آخر على الأقل من بغداد بعيد الحادثة وذهبوا إلى الحدود مع سورية. وبحسب المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، قال الفلسطينيون الذين وصلوا إلى الحدود إن القوات الخاصة داهمت منازلهم وألقت بأثاثها في الخارج وأنهم أُبلغوا أن أمامهم يومين فقط لمغادرتها. وزعم فلسطينيون آخرون أنهم اعتُقلوا وأُسيئت معاملتهم قبل الإفراج عنهم.(17) وأضافت المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنها في الآونة الأخيرة "تلقت أنباء بأن عائلات عدة معتقلين فلسطينيين اضطرت إلى دفع آلاف الدولارات إلى بعض أفراد قوات الأمن العراقية ... بزعم حماية أفرادها من التعذيب والتشويه أثناء اعتقالهم. وبحسب ما ورد طُلب منها دفع مبالغ أكبر لتأمين الإفراج عنهم".(18)

والفلسطينيون الأربعة الذين يظلون محتجزين هم رأفت محمود عوض ومحمد خالد أحمد محمد وصالح مصطفى وشخص يُعرف باسم كمال. وقبض عليهم أفراد الشرطة من منازلهم في حي البلدية في 14 مارس/آذار 2007. واقتيدوا إلى مركز شرطة الرشاد في حي المشتل ببغداد حيث احتُجزوا لمدة 15 يوماً. وبحسب ما ورد تعرضوا للضرب في اليوم الأول لاعتقالهم لهم خلال الاستجواب. ثم نُقلوا إلى مديرية الجرائم الكبرى، فرع حي الأعظمية. وبعد بضعة أسابيع نُقلوا إلى المقر الرئيسي لمديرية الجرائم الكبرى في ميدان (ساحة) الأندلس.

وفي بداية يوليو/تموز 2007، نُقلوا إلى سجن التسفيرات الكائن بالقرب من وزارة الداخلية في وسط بغداد. واعتباراً من منتصف أغسطس/آب كانوا ما زالوا محتجزين بدون تهمة أو محاكمة. وقد تسلَّم المحامي الفلسطيني ونائب رئيس الجمعية الفلسطينية لحقوق الإنسان في العراق سعيد مصطفى سعيد أحمد العامر، وعمره 58 عاماً وهو متزوج ولديه سبعة أطفال، قضية الأربعة. وفي 21 يونيو/حزيران 2007 غادر منـزله في سيارته ولم يعد إليه قط. وبعد ثلاثة أيام عُثر على جثته في المشرحة وهي تحمل علامات التعذيب كما ورد. وسُرقت سيارته وهاتفه المحمول وحقيبة أوراقه التي تحتوي على ملفات الفلسطينيين المعتقلين الأربعة. ولا تعرف عائلته من يقف وراء جريمة القتل. وبعد بضعة أيام من اكتشاف الجثة، هربت زوجة سعيد العامر وأطفاله من العراق خوفاً من القتل.

وقبض الجنود الأمريكيون على بعض الفلسطينيين للاشتباه بمشاركتهم في أنشطة التمرد أو الاتصال بالمتمردين السنّة أو مساعدتهم. ويظل قلة منهم محتجزين بدون تهمة أو محاكمة. فمثلاً، يظل عوني رفعت الماضي، البالغ من العمر 66 عاماً والذي يعاني كما ورد من اعتلال صحته، بما في ذلك ارتفاع ضغط الدم والسكر، محتجزاً بدون تهمة أو محاكمة طوال أكثر من سنتين ونصف السنة. وكان الجنود الأمريكيون قد ألقوا القبض عليه في 2 ديسمبر/كانون الأول 2004 في منـزله بحي الجديدة في بغداد. ويبدو أن الجنود الأمريكيين كانوا يبحثون عن شقيقه قصي رفعت، لكن عندما لم يجدوه قبضوا على عوني كسجين بديل إلى حين مبادرة قصي إلى تسليم نفسه. وبحسب ما قاله أحد أقربائه الذين اتصلت به منظمة العفو الدولية لا أحد يعرف ماذا حدث لقصي. ويظل عوني محتجزاً في معسكر بوكا الكائن بالقرب من البصرة. وقد زارته عائلته عدة مرات، لكن خلال الأشهر الأربعة عشر الأخيرة لم تزره لأسباب أمنية.

5. الأوضاع في المخيمات المقامة على الحدود العراقية – السورية:

دفعت أعمال العنف الجارية في العراق والتهديدات المتواصلة التي يواجهونها، مئات الفلسطينيين إلى الفرار من ديارهم في بغداد والتوجه إلى الحدود مع سورية. وكانوا يأملون بالدخول إلى سورية، لكن انتهى بهم المطاف في المخيمات التي تتسم فيها الأوضاع المعيشية بانعدام الاستقرار. وعموماً، لم تُبدِ أية دولة أي استعداد لاستقبال هؤلاء اللاجئين.

وخلال بعثة لتقصي الحقائق قامت بها منظمة العفو الدولية إلى سورية في يونيو/حزيران 2007، أثار مندوبو منظمة العفو الدولية مع السلطات السورية وضع اللاجئين الفلسطينيين الذين منعوا من الدخول إلى سورية. وقيل لمنظمة العفو الدولية إن سورية لن تسمح لأي فلسطيني بالدخول إلى البلاد أو المرور عبر الأراضي السورية إلا مروراً مؤقتاً إلى إسرائيل أو إلى المناطق التي تخضع للسلطة الفلسطينية. وطلبت منظمة العفو الدولية زيارة المخيمين، لكن السلطات السورية رفضت ذلك، قائلة إن الذهاب إليهما غير آمن. وفي نهاية يوليو/تموز 2007 وافقت إسرائيل على السماح لـ 41 لاجئاً فلسطينياً، أصلهم من شمال إسرائيل، لكنهم كانوا يعيشون في المخيمات المقامة على الحدود العراقية – السورية، بالدخول إلى الضفة الغربية وجمع شملهم مع أقربائهم.(19) بيد أن السلطات الإسرائيلية رفضت طلباً تقدم به 10 لاجئين فلسطينيين آخرين في العراق للانضمام إلى أقربائهم في غزة.

وهناك ثلاثة مخيمات تؤوي الفلسطينيين على الحدود العراقية – السورية وتديرها المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين :

· مخيم الحول الكائن في محافظة الحسكة في شمال – شرق سورية ويؤوي 304 فلسطينيين، أغلبيتهم العظمى من الذين تقطعت بهم السبل على الحدود العراقية – الأردنية قبل السماح بدخولهم إلى سورية في مايو/أيار 2006. أما البقية فهم أقارب انضموا إليهم. وليس لدى الفلسطينيين في هذا المخيم بواعث قلق أمنية. ويرسلون أطفالهم إلى مدارس سورية قريبة ويمكنهم الذهاب إلى الأطباء المحليين لتلقي العلاج. ويبقون في المخيم خلال الليل، لكنهم يستطيعون التجول في المنطقة خلال النهار. وفي مناسبات نادرة فقط يستطيع فلسطيني من هذا المخيم أن يسافر إلى دمشق، عادة لتلقي العلاج الطبي العاجل. وتقدم الأونروا والمفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مساعدات إنسانية إلى اللاجئين في المخيم. وتُنظم كلا الوكالتين أنشطة مهنية مثل ورش عمل للتدريب على الحاسوب والخياطة والحياكة. وفي يونيو/حزيران 2007 قال موظفو المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في دمشق لمنظمة العفو الدولية إن كندا قبلت توطين 19 لاجئاً فلسطينياً في مخيم الحول من خلال برنامج رعاية خاص. وأُجريت مقابلات مع التسعة عشر وهم ينتظرون السفر إلى كندا.

· يقع مخيم الطنف في المنطقة المحايدة على الحدود بين سورية والعراق. وترفض السلطات السورية منذ مايو/أيار 2006 السماح بدخول الـ 389 فلسطينياً المقيمين فيه إليها. والأوضاع المعيشية في المخيم صعبة، حيث تصل درجات الحرارة في الصيف إلى 50 درجة مئوية أو أكثر. والمخيم قريب جداً من الطريق العام الرئيسي، ما يجعله خطراً، لاسيما بالنسبة للأطفال. وقالت المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لمنظمة العفو الدولية إن فتى قُتل مؤخراً بعدما ضربته سيارة بينما كان يلعب على الطريق العام. وفي 25 إبريل/نيسان 2007، شبت في المخيم نيران قيل إنها ناجمة عن شرارة من كبل كهربائي في إحدى الخيم أشعلت علبة مازوت واسطوانة غاز. وبحسب ما ورد أصيب ثلاثة لاجئين فلسطينيين بجروح شديدة وأصيب 25 آخرون، معظمهم من الأطفال بجروح طفيفة وتنشقوا الدخان.(20) وأعلن مسؤول في المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن : "هذه هي المرة الثانية التي تندلع فيها النيران في هذا المخيم. وهو مثال على مدى خطورة هذا المكان وعدم ملاءمته لعيش البشر ويسلط الضوء على الحاجة لنقل هؤلاء اللاجئين إلى مكان مناسب وآمن".(21)

وتوزع المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وبرنامج الغذاء العالمي على السواء أغذية في المخيم. وتقدم الأونروا الخدمات الصحية، بما فيها زيارات أسبوعية يقوم بها طبيب وممرضة، فضلاً عن وحدة نقالة لطب الأسنان. وقد أسست الأونروا بالتعاون مع صندوق الطفولة التابع للأمم المتحدة (اليونيسف) مدرسة لـ 86 تلميذاً في المرحلتين الابتدائية والإعدادية، فضلاً عن حضانة للأطفال من أجل 28 طفلاً. وتنظم المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين زيارات شبه يومية إلى المخيم من مقرها الرئيسي في دمشق لمعرفة ما إذا كان أحد بحاجة لرعاية طبية عاجلة. وفي تلك الأوضاع، تنقل المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين المرضى إلى دمشق للعلاج.

· مخيم الوليد يقع في العراق على مسافة 3 كيلومترات فقط من الحدود مع سورية. وقد افتُتح في العام 2006 واعتباراً من أغسطس/آب 2007، كان هناك 1550 فلسطينياً يعيشون فيه. وتدير المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (في الأردن) المخيم، لكن لأسباب أمنية لا يمكنها أن ترسل موظفيها إلا بين الفينة والأخرى، أحياناً مرة في الشهر. وبحسب الوكالات التابعة للأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية، فإن الأوضاع في هذا المخيم هي الأكثر قسوة بين الثلاثة. وزار وفد عن المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مخيم الوليد في 13 مايو/أيار 2007، وأصدر بعد يومين بياناً يقول إن الأوضاع المعيشية هناك مروعة.

فالمخيم المؤلف من خيم يعاني من الاكتظاظ والعديد من الناس يعانون من أمراض مختلفة، من ضمنها مشاكل في التنفس، تحتاج إلى علاج طبي في المستشفى. بيد أن أقرب مستشفى في العراق يقع في القائم على مسافة أربع ساعات بالسيارة، وتمر الطريق عبر مناطق تشن فيها الجماعات المسلحة هجمات بصورة منتظمة. ومنذ افتتاح المخيم توفي ثلاثة أشخاص على الأقل، بينهم طفل رضيع عمره ستة أشهر، بسبب أمراض يمكن علاجها.(22) ولم يتمكن فريق المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلا من تقديم إسعافات أولية لبعض النساء الحوامل، ولرجل فلسطيني تعرض للتعذيب أثناء اختطافه في بغداد وامرأة على وشك الانتحار أُصيبت بصدمة أليمة بسبب مقتل ابنها وزوجها.(23) وقد حذرت المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من أن الأوضاع المعيشية يمكن أن تتدهور خلال أشهر الصيف مع ارتفاع درجات الحرارة.

وفي 24 مايو/أيار 2007 زار وفد عن الحكومة العراقية مخيم الوليد. وضم الوفد مسؤولاً رفيعاً في وزارة الداخلية ومدير المديرية العامة للجنسية والجوازات والإقامة وضباطاً عسكريين وأمنيين كبار. وبحسب ما قاله اللاجئون الفلسطينيون المقيمون في المخيم الذين اتصلت بهم منظمة العفو الدولية، قال الوفد لهم إنه ليست هناك دولة عربية تريدهم. وقدم الوفد ثلاثة مقترحات : يمكن للاجئين أن يعودوا إلى منازلهم في بغداد وأن تهتم السلطات العراقية بحمايتهم وسلامتهم؛ أو يمكن أن يعودوا إلى منازلهم وينتظروا بأن تدبر المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أمر توطينهم خارج العراق؛ أو يمكن للسلطات أن تنشئ مخيماً كبيراً للاجئين في حي البلدية ببغداد يستطيع استضافة 750 عائلة على الأقل وأن تحافظ على أمنه. ورفض اللاجئون هذه المقترحات لأنهم يعتقدون أن الحكومة العراقية لا تستطيع ضمان حمايتهم.

ويحول الوضع الأمني دون قيام وجود دائم للمنظمات الإنسانية الدولية والوكالات التابعة للأمم المتحدة، ومن ضمنها المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في مخيم الوليد. ولا تستطيع الوكالات زيارة المخيم إلا خلال النهار في زيارات متقطعة. واللجنة الدولية للصليب الأحمر، على سبيل المثال، تجلب إغاثة إنسانية بين الفينة والأخرى من دمشق، ويتولى توزيعها أشخاص من المخيم.

وأبلغ الفلسطينيون الذين يعيشون في مخيم الوليد منظمة العفو الدولية عبر الهاتف أن منظمة غير حكومية دولية واحدة هي الكونسورتيوم الإيطالي للتضامن، تستخدم الفلسطينيين والعراقيين وتستطيع توزيع الإغاثة الإنسانية. وبحسب الفلسطينيين الذين أُجريت مقابلات معهم، فإن الأوضاع المعيشية في مخيم الوليد مريعة، حيث لا تتوافر كميات كافية من مياه الشرب والخبز، والطعام الذي يُوزَّع غالباً ما تكون صلاحيته منتهية. وتشهد درجات الحرارة ارتفاعاً هائلاً في الصيف، مع نشوب عواصف رملية شديدة تعمي الأبصار، كما أن المنطقة تعج بالأنواع الخطرة من الحيوانات، من ضمنها الأفاعي والعقارب السامة.

ومن المشاكل الخطيرة جداً الحصول على الرعاية الصحية. فهناك نقص في العقاقير ولا يوجد إلا طبيب واحد في المخيم. وكل أسبوعين يجمع الكونسورتيوم الإيطالي للتضامن الأشخاص الذين يعانون من المرض الشديد ويأخذهم في شاحنات صغيرة مقفلة (فانات) في رحلة محفوفة بالمخاطر تستغرق أربع ساعات إلى مستشفى القائم. والمرض الأكثر شيوعاً هو الربو. ويعاني بعض المقيمين في المخيم من مشاكل خطيرة في القلب ومن السرطان والأمراض الأخرى. وفي بداية أغسطس/آب 2007، سمحت السلطات السورية لأربعة شبان فلسطينيين يعانون من المرض الشديد ويعيشون في المخيم بالدخول إلى البلاد لتلقي العلاج الطبي العاجل.(24) وسيُسمح لاثنين منهم بالبقاء في سورية مع أقربائهما أثناء تلقيهما العلاج؛ وسيذهب الآخران إلى دول ثالثة لتلقي العلاج التخصصي.(25)

وفي نهاية يونيو/حزيران 2007 قالت المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن ما لا يقل عن اثني عشر لاجئاً فلسطينياً في المخيم بحاجة إلى علاج طبي عاجل.(26)

وقال فلسطينيون اتصلت بهم منظمة العفو الدولية هاتفياً، إنه فضلاً عن عمال الإغاثة في دمشق، هناك مشكلة أمنية خطيرة في مخيم الوليد. ويبدو أن قوات الأمن العراقية التي لديها مركز في الجوار غالباً ما تُعرِّج على المخيم، ويشعر الفلسطينيون فيه بالخوف والهلع من هذه الزيارات. وأحياناً يوجه أفراد قوات الأمن الشتائم إلى الفلسطينيين. وعلاوة على ذلك أشار اللاجئون إلى وقوع العديد من الاشتباكات بين المتمردين والقوة متعددة الجنسية التي ترافقها قوات عراقية بالقرب من المخيم. كذلك يأتي إلى المخيم أشخاص مجهولون في سيارات لا تحمل لوحات. وبحسب الأنباء، أقدم هؤلاء الغرباء على التحرش الجنسي بالنساء والفتيات داخل المخيم.

6. القانون الدولي:

يتضمن الإطار القانوني الدولي الذي ينطبق على النـزاع المسلح الدائر في العراق القواعد والمبادئ الواردة في المعاهدات والقانون الدولي العرفي. وينطبق هذا القانون على جميع أطراف النـزاع المسلح. وفي العراق، يُصنف الوضع الراهن كنـزاع مسلح غير دولي، حيث تضم أطرافه الحكومة العراقية ومختلف الجماعات المسلحة. وبرغم أن النـزاع ليس دولياً، إلا أنه تم تدويله بوجود القوة متعددة الجنسية. لذا يخضع لأحكام المادة 3 المشتركة بين اتفاقيات جنيف التي تنطبق على "النـزاع المسلح الذي ليس له طابع دولي"، وهي قاعدة في القانون الدولي العرفي. كما أنه يخضع لقواعد القانون الإنساني الدولي العرفي المنطبق على النـزاعات المسلحة غير الدولية.(27) وأخيراً ينطبق أيضاً القانون الدولي لحقوق الإنسان على سلوك القوات العراقية والقوة متعددة الجنسية.(28)

ويرد مبدأ عدم التمييز في كل صكوك القانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان. فموجب القانون الإنساني الدولي العرفي، "يُمنع التمييز السلبي في تطبيق القانون الإنساني الدولي لأسباب العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو المعتقد أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو النسب أو أي وضع آخر، أو بناء على أية معايير مشابهة أخرى."(29) ووفقاً للمادة 2(1) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يشكل العراق طرفاً فيه.(30) ينبغي على الدولة أيضاً أن تحترم حقوق الإنسان وتكفلها بدون مثل هذا التمييز. 

وبموجب القانون الإنساني الدولي، ينبغي على أطراف النـزاع المسلح أن تميز في جميع الأوقات بين غير المقاتلين (بمن فيهم المدنيون وأسرى الحرب والجرحى والمرضى وسواهم) والمقاتلين، وبين الأهداف المدنية والعسكرية. ولا يجوز أبداً استهداف المدنيين، وسواهم من غير المقاتلين أو الأهداف المدنية. وهذا المبدأ المعروف بمبدأ التمييز مقنن في اتفاقيات جنيف الأربع والبروتوكولين الإضافيين الملحقين بها. كذلك يشكل مبدأ التمييز قاعدة في القانون الإنساني الدولي العرفي، ملزمة لجميع أطراف النـزاعات المسلحة، أكانت دولية أم غير دولية. ويُعرِّف القانون الإنساني الدولي المدني بأنه أي شخص ليس عضواً في القوات المسلحة لأحد أطراف النـزاع.(31) ويتألف أفراد القوات المسلحة من جميع القوات المسلحة والمجموعات والوحدات الخاضعة لقيادة مسؤولة تجاه الطرف، بمن فيها الميليشيات وفرق المتطوعين التي تشكل جزءاً من هذه القوات.(32)

وتوسع المادة 3 المشتركة الحماية لتشمل الأشخاص الذين لا يشاركون مشاركة فعلية في العمليات العدائية. وتنص المادة على أنه "في جميع الأحوال" فإن هؤلاء الأشخاص "يعاملون معاملة إنسانية، دون أي تمييز ضار يقوم على العنصر أو اللون أو الدين أو المعتقد أو الجنس أو المولد أو الثروة أو أي معيار آخر." ويحظر هذا النص أفعالاً معينة ضد هؤلاء الأشخاص "في جميع الأوقات والأماكن"، بما فيها : "(أ) الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية، وبخاصة القتل بجميع أشكاله والتشويه والمعاملة القاسية والتعذيب؛ و(ب) أخذ الرهائن؛ و(ج) الاعتداء على الكرامة الشخصية، وعلى الأخص المعاملة المهينة والحاطة بالكرامة".

وبموجب القانون الإنساني الدولي العرفي، قد تنشأ المسؤولية عن جرائم الحرب بالنسبة للسلوك المرتكب خلال النـزاعين المسلحين الدولي وغير الدولي. والسلوك الذي يرقى إلى مستوى جرائم الحرب، يشمل على سبيل المثال لا الحصر أفعالاً مثل القتل العمد؛ أو التعذيب أو المعاملة اللا إنسانية؛ أو احتجاز الرهائن؛ وتعمُّد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين؛ وتعمُّد توجيه هجمات ضد أشخاص مشاركين في تقديم المساعدات الإنسانية أو حفظ السلام؛ والهجمات التي تُشن بلا تمييز وتنتهك المبادئ الأساسية للقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك التمييز بين المدنيين والأهداف المدنية من ناحية، وأفراد القوات المسلحة والأهداف العسكرية من ناحية أخرى.

وكما تبين الأمثلة الواردة في هذا التقرير، يمكن للعديد من الأفعال التي ترتكبها الجماعات المسلحة في العراق ضد الفلسطينيين، ومن ضمنها القتل واحتجاز الرهائن والتعذيب والمعاملة اللا إنسانية والهجمات ضد المدنيين والأهداف المدنية، أن تشكل جرائم حرب.

والسلطات العراقية والقوة متعددة الجنسية ملزمة باحترام المعايير ذات الصلة لحقوق الإنسان وحماية الحقوق الإنسانية لجميع الأشخاص في العراق، بصرف النظر عن جنسيتهم. والحظر المفروض على التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة الوارد في المادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، حظر مطلق بموجب القانون الدولي. وفي الحالات التي زُعم أن المعتقلين الفلسطينيين تعرضوا فيها للتعذيب أو لغيره من ضروب سوء المعاملة على أيدي قوات الأمن العراقية، فإن السلطات العراقية ملزمة بالتحقيق في هذه المزاعم، وتقديم الجناة المشتبه بهم إلى العدالة، وتقديم تعويضات كاملة إلى الضحايا.(33) والأدلة المنتـزعة تحت وطأة التعذيب لا يجوز أن تستخدم في إجراءات ضد المعتقلين.(34)

وبموجب القانون الإنساني، لا يجوز تعريض أحد للتوقيف أو الاعتقال التعسفي أو حرمانه من حريته، إلا لهذه الأسباب، ووفقاً للإجراءات التي يحددها القانون (المادة 9(1) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية). كما ينص العهد المذكور على أنه يجب إحاطة أي شخص يُقبض عليه، عند توقيفه، علماً بأسباب هذا التوقيف وإبلاغه دون إبطاء بأية تهم منسوبة إليه.

وتنص المادة 9 على أن "يقدم الموقوف أو المعتقل بتهمة جزائية، سريعاً، إلى أحد القضاة أو أحد الموظفين المخولين قانوناً مباشرة وظائف قضائية، ويكون من حقه أن يحاكم خلال مهلة معقولة أو أن يُفرج عنه. ولا يجوز أن يكون احتجاز الأشخاص الذين ينتظرون المحاكمة هو القاعدة العامة، ولكن من الجائز تعليق الإفراج عنهم على ضمانات لكفالة حضورهم المحاكمة في أية مرحلة أخرى من مراحل الإجراءات القضائية، ولكفالة تنفيذ الحكم عند الاقتضاء."

ويترتب على جميع الدول واجب عدم إعادة أي شخص إلى بلد يمكن أن يتعرض فيه لخطر الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان (واجب عدم الإعادة القسرية). وهذا معيار عرفي في القانون الدولي ملزم لجميع الدول. ولا يعني ضمناً وجوب عدم طرد الأشخاص الموجودين أصلاً في أراضي الدولة وحسب، بل أيضاً عدم رفض دخول هؤلاء الأشخاص الذين يحاولون الدخول إلى الدولة.

كذلك يمكن العثور على مبدأ عدم الإعادة القسرية في معاهدات مثل اتفاقية اللاجئين واتفاقية مناهضة التعذيب. وكل من الأردن وسورية طرف في اتفاقية مناهضة التعذيب، التي تنص المادة 3 منها على أنه "لا يجوز لأية دولة طرف أن تطرد أي شخص أو أن تعيده ("أن ترده") أو أن تسلمه إلى دولة أخرى، إذا توافرت لديها أسباب حقيقية تدعو للاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب".

7. الخلاصة:

تعرض اللاجئون الفلسطينيون في العراق لانتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، بما في ذلك الخطف والاحتجاز كرهائن والقتل غير القانوني والتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة على أيدي جماعات الميليشيا المسلحة التي يقال إنها مرتبطة ببعض الأحزاب السياسية والجماعات الدينية. وقد استُهدفوا كأقلية بسبب المعاملة التفضيلية التي ورد أنهم لقوها في عهد الحكم السابق لصدام حسين بسبب ممارسته التمييز ضد الشيعة وارتكابه انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ضدهم. وبوصفهم من العرب السنة بأغلبيتهم، تحوم الشكوك أيضاً حول مساندتهم للعراقيين السنَّة المشاركين في التمرد ضد الحكومة التي يهيمن عليها الشيعة وضد القوات متعددة الجنسية أو تعاطفهم معهم. وقد قبض على العديد من الفلسطينيين واعتُقلوا على يد قوات الأمن العراقية للأسباب نفسها. وزُعم أن بعضهم تعرض للتعذيب في الاعتقال. وشهد استهداف الفلسطينيين زيادة حادة عقب تفجير المرقد الشيعي المقدس في سامراء في 22 فبراير/شباط 2006.

وقد تقطعت السبل بـ 2100 فلسطيني على الأقل في ثلاثة مخيمات مؤقتة أُقيمت على الحدود مع سورية في أوضاع فظيعة، وبخاصة في مخيم الوليد، من دون أن تلوح في الأفق بارقة أمل بإيجاد حل لمحنتهم.

ويظل نحو 15,000 فلسطيني في العراق، وكما بيَّن هذا التقرير، فهم معرضون للهجمات التي تشنها الجماعات المسلحة والانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان التي ترتكبها قوات الأمن العراقية. وهم بأمس الحاجة للحماية. ولم تتمكن الحكومة العراقية والقوة متعددة الجنسية على السواء من توفير الحماية الفعالة لهؤلاء اللاجئين أو لم تكن راغبة بذلك. وقد دعت المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مناسبات عديدة السلطات العراقية والقوة متعددة الجنسية إلى زيادة توفير الأمن والحماية القانونية للاجئين الفلسطينيين في العراق.

8. التوصيات:

إلى الحكومة العراقية :

· تقديم مساعدة فورية إلى اللاجئين الفلسطينيين في مخيمي الوليد والطنف لتلبية احتياجاتهم، بما في ذلك الإمدادات المنتظمة والكافية من الطعام والماء والعقاقير والرعاية الطبية.

· التحقيق في الهجمات التي تشنها الجماعات المسلحة والميليشيات على الفلسطينيين وتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة في محاكمات عادلة وبدون استخدام عقوبة الإعدام.

· إجراء تحقيقات سريعة وحيادية في مزاعم التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة ضد الفلسطينيين وغيرهم من المعتقلين على يد قوات الأمن العراقية.

· توجيه تهم بارتكاب جرائم جنائية معروفة وإجراء محاكمات سريعة وعادلة للفلسطينيين وغيرهم من المحرومين من حريتهم أو الإفراج عنه.

· إصدار تعليمات واضحة بعدم السماح بانتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها الموظفون الرسميون العراقيون ضد الفلسطينيين، والتحقيق فيها، وتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة بدون اللجوء إلى عقوبة الإعدام.

· ضمان حماية جميع الفلسطينيين في العراق، بمن فيهم أولئك الذين يتلقون التهديدات أو الذين يتعرضون لخطر الانتهاكات على أيدي الجماعات المسلحة.


إلى القوة متعددة الجنسية، وبخاصة حكومة الولايات المتحدة :

· تقديم الحماية للفلسطينيين في العراق.

· ضمان عدم نقل أي فلسطيني أو معتقلين آخرين إلى قوات الأمن العراقية إلى حين توفير ضمانات كافية ضد التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة.

· التعاون مع حكومتي العراق وسورية لضمان تقديم المساعدات فوراً إلى اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات الثلاث المقامة بالقرب من الحدود العراقية – السورية من خلال تقديم مساعدات مالية وتقنية وعينية.

· اتخاذ خطوات فورية لزيادة توطين الفلسطينيين، الذين هربوا من العراق وأولئك الذين ما زالوا في العراق، في الولايات المتحدة الأمريكية، بإعطاء الأولوية للحالات الأكثر تعرضاً للانتهاكات. ويجب أن يتجاوز ذلك مجرد الأعداد الرمزية، وأن يشكل جزءاً من زيادة عامة في توطين اللاجئين المهجرين بفعل النـزاع الدائر في العراق، وجزءاً ملموساً من تسوية الأزمة الراهنة.


إلى الحكومتين السورية والأردنية :

· السماح للفلسطينيين الراغبين بمغادرة العراق بدخول أراضيهما وفقاً للواجبات المترتبة عليهما وفقاً للقانون الدولي بوجوب السماح بدخول أولئك الذين ينشدون الحماية من الاضطهاد.

· التأكد من عدم اعتقال اللاجئين الفلسطينيين أو معاقبتهم على أي نحو آخر لاستخدامهم جوازات سفر مزورة لمغادرة العراق.

· احترام الحقوق الإنسانية للاجئين الفلسطينيين القادمين من العراق وحمايتها.


إلى الدول الأخرى المحاذية للعراق والدول العربية والاتحاد الأوروبي والدول الأخرى الأعضاء في المجتمع الدولي :

· انطلاقاً من روح تقاسم المسؤولية والتعاون الفعال مع المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فضلاً عن الحكومتين الأردنية والسورية، توطين اللاجئين الفلسطينيين القادمين من العراق وأولئك الذين يظلون في العراق، مع إعطاء الأولوية للحالات الأكثر عرضة للانتهاكات وفقاً للمبادئ التوجيهية للمفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الخاصة بالتوطين.

· وقف نقل الأسلحة والمعدات التي تُستخدم في ارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان وانتهاكات القانون الإنساني الدولي في العراق.


إلى قادة الجماعات المسلحة في العراق :

· الوقف الفوري لجميع الهجمات ضد المدنيين، ومن ضمنهم اللاجئون الفلسطينيون، بما في ذلك عمليات الخطف واحتجاز الرهائن والإعدام والتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة والتهديدات بالقتل أو الخطف.

· الالتزام علناً باحترام القانون الإنساني الدولي.

· التوضيح لجميع المقاتلين والمناصرين بأنهم لن يتسامحوا إزاء الهجمات التي تُشن على المدنيين وغيرها من الانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي.

· إبعاد المشتبه في ارتكابهم انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي من صفوفهم.


إلى القادة الدينيين ووجهاء المجتمع في العراق وسواه من الأماكن التي يمكنهم التأثير فيها :

· التنديد العلني بجميع الهجمات التي تشنها الجماعات المسلحة ضد اللاجئين الفلسطينيين وغيرهم من المدنيين، بما في ذلك الهجمات غير المتناسبة والتي تشن بلا تمييز واحتجاز الرهائن وعمليات الإعدام والتعذيب وسوء المعاملة، والإعلان بأن هذه الأفعال لا يمكن تبريرها أبداً ولا يجوز تنفيذها تحت أي ظرف من الظروف، ونشر هذا الإعلان على أوسع نطاق.

 

********************************

(1) يُعتبر جميع الفلسطينيين في العراق لاجئين، ومن ضمنهم الذين استطاعوا الهرب وأولئك الذين تقطعت بهم السبل عند الحدود السورية.


(2) ملاحظات موجزة للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين، 2 مايو/أيار 2006 (العراق : المفوضية العليا لشؤون اللاجئين ترحب بفتوى آية الله العظمى المتعلقة بالفلسطينيين)؛ المفوضية العليا لشؤون اللاجئين : مذكرة، حماية الفلسطينيين في العراق والسعي لإيجاد حلول إنسانية للذين فروا من البلاد، ص 1. http://www.unhcr.org/cgi-bin/texis/vtx/home/opendoc.pdf?tbl=SUBSITES&id=45b9c1672.

(3) وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، http://www.un.org/unrwa/refugees/whois.html.

(4) تدعو منظمة العفو الدولية إلى الاعتراف بحق المنفيين قسراً في العودة إلى بلدهم. ولا ينطبق حق العودة على أولئك الذين طردوا مباشرة وأفراد عائلاتهم المباشرين وحسب، بل أيضاً على ذريتهم الذين حافظوا على ما تسميه لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان "صلات وثيقة ودائمة" بالمنطقة. وينطبق المبدأ ذاته على المواطنين الإسرائيليين الذين كانوا في يوما ما مواطنين عراقيين والذين فروا وطُردوا من ذلك البلد. وإذا حافظوا على روابط حقيقية بهذه البلدان ويرغبون في العودة، فيجب السماح لهم بأن يفعلوا ذلك.


(5) هذا موقف اتخذته معظم الدول العربية بموجب قرار صادر عن الجامعة العربية في 11 سبتمبر/أيلول 1965، من أجل عدم المساس بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة.


(6) بيان صحفي صادر عن المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تلته جنيفر باغونيس في 3 يوليو/تموز 2007 في قصر الأمم بجنيف.


(7) غبرييلا ونغرت وميشيل ألفارو : "هل يستطيع اللاجئون الفلسطينيون في العراق الحصول على الحماية؟" في مجلة فورسد ميغريشن ريفيو، العدد 26، 4/9/2006، ص19

http://www.fmreview.org/FMRpdfs/FMR26/FMR2609.pdf.

(8) ملاحظات موجزة للمفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، 2 مايو/أيار 2006.

http://domino.un.org/UNISPAL.NSF/db942872b9eae454852560f6005a76fb/d6ee7b3f6c95b3f6852571620049ab35!OpenDocument.

(9) مرصد فلسطين : "السماح للفلسطينيين بالدخول إلى سورية بعد قضاء شهرين على الحدود العراقية – الأردنية"، 9 مايو/أيار 2006.

http://www.palestinemonitor.org/nueva_web/updates_news/pngo/palestine_syria_jordan.htm.

(10) المركز الإعلامي الدولي للشرق الأوسط : "استمرار الهجمات ضد اللاجئين الفلسطينيين في العراق..."، 14 فبراير/شباط 2007. http://www.imemc.org/article/47012?print_page=true.

(11) http://www.sistani.org/local.php?modules=extra&eid=2&sid=124.

(12) في 5 إبريل/نيسان 2007 انفجرت شاحنة محملة بالمتفجرات يقودها انتحاري بالقرب من المدخل الرئيسي لمكاتب التلفزيون في حي الجامعة. فقُتل رجل واحد هو نائب مدير محطة التلفزيون وأُصيب 12 شخصاً بجروح. ولحقت أضرار جسيمة بالمبنى. وتعود ملكية المحطة إلى الحزب الإسلامي، أكبر حزب سياسي سني في العراق شارك في العملية السياسية.


(13) بيان صحفي صادر عن المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، 14 ديسمبر/كانون الأول 2006. http://www.unhcr.org/cgi-bin/texis/vtx/print?tbl=NEWS&id=4581769e4.

(14) نيويورك تايمز : "بينما ينتظر الفلسطينيون على الحدود العراقية، يتلقى آخرون تهديدات"، بقلم كيرك سمبل، 25 مارس/آذار 2006.

http://www.nytimes.com/2006/03/25/international/middleeast/25iraq.html?ei=5070&e....

(15) صنداي تلغراف، 21 يناير/كانون الثاني 2007.

http://www.telegraph.co.uk/news/main.jhtml?xml=/news/2007/01/21/wirq121.xml.

(16) مديرية الجرائم الكبرى.


(17) ملاحظات موجزة للمفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، "العراق: انزعاج المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من المداهمة التي قامت بها قوات الأمن في منطقة فلسطينية"، 16 مارس/آذار 2007. http://www.unhcr.org/cgi-bin/texis/vtx/prin?tbl=NEWS&id=45fa703ab.

(18) المصدر ذاته.


(19) هآرتس : "إسرائيل ستسمح للفلسطينيين العراقيين بالدخول إلى الضفة الغربية" بقلم أكيفا إلدار، 30/7/2007. وقيل إن هذا القرار اتُخذ في أعقاب ضغط مارسته الولايات المتحدة والأمم المتحدة، لكنه جاء أيضاً بمثابة التفاتة نحو محمود عباس في خصامه مع حماس. وبحسب المقال نفسه، لا تعتبر الحكومة الإسرائيلية السماح بدخول اللاجئين الفلسطينيين في العراق سابقة تؤذن بعودة الفلسطينيين إلى الأراضي (المحتلة). والفلسطينيون الواحد والأربعون الذين سيدخلون إلى الضفة الغربية سيُسجلون كمواطنين نظاميين في أراضي السلطة الفلسطينية وليس كلاجئين.


(20) التقارير الإخبارية للمفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين : "النيران تجتاح مخيم الطنف وتصيب 28 لاجئاً فلسطينياً بجروح"، 25 إبريل/نيسان 2007. http://www.unhcr.org/cgi-bin/texis/vtx/print?tbl=NEWS&id=462f8b634.

(21) المصدر نفسه.


(22) ملاحظات موجزة للمفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، 15 مايو/أيار 2007، المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين يساورها القلق إزاء أوضاع الفلسطينيين في المخيم الحدودي. http://www.unhcr.org/cgi-bin/texis/vtx/iraq?page=news&id=4649d40c2.

(23) المصدر نفسه.


(24) رويترز، 3 أغسطس/آب 2007.


(25) المصدر نفسه.

(26) تقرير إخباري للمفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين "الفلسطينيون العالقون على الحدود مع سورية في أمس الحاجة إلى المساعدة"، 26 يونيو/حزيران 2007. http://www.unhcr.org/cgi-bin/texis/vtx/iraq?page=news&id=468112b094.

(27) للاطلاع على مناقشة للقانون الدولي المنطبق على الجماعات المسلحة في العراق، انظر منظمة العفو الدولية، العراق : الانتهاكات التي ترتكبها الجماعات المسلحة بأعصاب باردة، رقم الوثيقة :
MDE 14/009/2005، 25 يوليو/تموز 2005.


(28) أكدت محكمة العدل الدولية أن قانون حقوق الإنسان يظل نافذاً في أوقات النـزاع المسلح. انظر العواقب القانونية المترتبة على إنشاء جدار في الأراضي الفلسطينية المحتلة، الرأي الاستشاري الصادر في 9 يوليو/تموز 2004، تقارير محكمة العدل الدولية للعام 2004. انظر أيضاً لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان، التعليق العام 31 حول طبيعة الواجبات القانونية العامة المفروضة على الدول الأطراف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، UN Doc. CCPR/21/Rev.1/add. 13.


(29) جون ماري هتكارتس ولويز دوزوالد – بك، القانون الإنساني الدولي العرفي، مجلدان : المجلد 1. القواعد، المجلد 2. الممارسة (جزءان)، مطبعة جامعة كمبريدج، 2005، القاعدة 100.


(30) صدَّق العراق على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في العام 1971 (دخل حيز النفاذ في العام 1976). لا يستتبع تغيير الحكم في العراق بأي شكل إنهاء أو تغيير قانون حقوق الإنسان المنطبق في البلاد. وصرحت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، المسؤولة عن الإشراف على تنفيذ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أن الحقوق المكرسة في العهد تعود إلى الشعب الذي يعيش في أراضي الدولة الطرف. وقد تبنت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بثبات، كما يُستدل من ممارساتها القائمة منذ زمن طويل، الرأي القائل إنه حالما يُمنح الناس حماية للحقوق المنصوص عليها في العهد، تنتقل هذه الحماية إلى الأراضي وتظل ملكاً لهم، برغم تغير الحكم لدى الدولة الطرف...". انظر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان : التعليق العام رقم 26 : استمرارية الواجبات، 8 ديسمبر/كانون الأول 1997، CCPR/C/21/Rev.1/Add.8/Rev.1، الفقرة 4.


(31) المادة 50 من البروتوكول الإضافي الأول.


(32) المادة 43 من البروتوكول الإضافي الأول.

(33) المادة 3 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.


(34) انظر التعليق رقم 20 للجنة المعنية بحقوق الإنسان : يحل محل التعليق العام 7 المتعلق بحظر التعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية (المادة 7)، 10 مارس/آذار 92.

 

رقم الوثيقة: MDE 14/030/2007

 

1 أكتوبر/تشرين الأول 2007

 



مقالات ذات صلة