26-09-2013
لا دبلوماسية في حالة الحروب، بل تصريح لا شك في عباراته، وتهديد يتلوه فعل، ثم ردات فعل من قِبل الطرف المقابل. هكذا تكون العلاقة بين الدول المتحاربة، فهي قاعدة عامة لا نكاد نرى فيها شذوذاً أو تغيراً إلا فيما نراه من ادعاءات أمريكية (إسرائيلية)/ إيرانية، حيث يتبدى للمتابع من خلال تصريحات الجانين أن حالة العداء-المنذرة بحرب وشيكة- قد بلغت ذروتها.
فأمريكا التي تخنق إيران اقتصادياً- كما يراد لنا أن نفهم- وإيران التي تتوعد قادة الشر- في أمريكا وإسرائيل- ليل نهار، كما يُصدر لنا، لا مكان للمجاملات السياسية، ووصلات الود والوصال بينهما، فضلاً عن التعاملات الأخرى!!
غير أن المشهد البادي لكل متابع يختلف إلى حد بعيد مع هذه القاعدة، مما يؤكد أن حالة العداء المزعومة بين الطرفين، لا تكاد تتجاوز حد المنافسة، والخلاف حول المصالح، وهو أمر طبيعي يحدث بين كل الدول، لذلك لا يمكننا بأي حال من الأحوال وضع مثل هذه الأجواء تحت مظلة العداء الحربي.
وهناك العديد من المواقف والتصريحات بل والأفعال التي تهدم أكذوبة العداء الإيراني لأمريكا وإسرائيل، ففيما يخص الجانب الإسرائيلي على وجه الخصوص، لم نر من كلا الطرفين (إسرائيل، وإيران) ما يشير إلى عداء صريح، فضلاُ عن حرب وشيكة.
وكان من آخر الدلالات على صفاء العلاقة الإيرانية/الإسرائيلية، اعتراف الرئيس الإيراني الجديد حسن روحاني بما يسمى بالهولوكوست، وذلك خلال مقابلة أجراها في أمريكا مع شبكة السي إن إن.
فرداُ على سؤال عما إذا كان يقرّ بحدوث محرقة "الهولوكوست"، قال الرئيس الإيراني: "كما سبق وصرحت فأنا لست مؤرخاً.. وعندما يتعلق الأمر بالحديث عن أبعاد المحرقة فان المؤرخين هم من ينبغي أن يحكموا بذلك".
مضيفاً: "لكن إجمالا يمكنني أن أقول لك إن أي جريمة تحدث في التاريخ ضد الإنسانية، وبما في ذلك المحرقة التي ارتكبها النازيون ضد اليهود، وغير اليهود كذلك، فهي جديرة بالاستنكار والإدانة".
وفي هذا التصريح، وفي تواجد روحاني بأمريكا دلائل عدة، منها: اعترافه الصريح بحدوث ما يسمى بـ"الهولوكوست" رغبةً منه في إرضاء اليهود، رغم معرفة الإيرانيين أن "الهولوكست" وما يثار حولها مجرد أكذوبة من صنع الآلة الإعلامية اليهودية. وعلى هذا الأساس شكك الرئيس السابق لروحاني "أحمدي نجاد" في هذه المحرقة واصفاً إياها بـ"الخرافة".
وكان روحاني قد كتب منذ أيام تغريدة يهنيء فيها "كل اليهود" سيما اليهود الإيرانيين بعيد رأس السنة اليهودية، متمنيا لهم عاماً يهوديًا سعيدًا.
وروحاني يعرف بأنه من أكثر الرؤساء "اعتدلاً" بالمفهوم الغربي، حيث يتميز ببعده عن المواقف الصدامية مع الغرب، وسعيه إلى إحداث حالة من التوافق الإيراني مع كل من أمريكا وإسرائيل.
أما فيما يخص ما يسمى بـ"الهولوكست"، فهي محرقة مزعومة، روَّج لها اليهود، جلباً لاستعطاف العالم، فاليهود يروجون لقصة مفادها أن النازيين بزعامة هتلر قاموا بإحراق ما يقرب من ستة ملايين يهودي في أفران الغاز حتى الرماد، إبان الحرب العالمية الثانية.
وقد كُذِّبت هذه الأسطورة من قبل الكثيرين، ولعل كتاب "الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية" للفيلسوف الفرنسي روجيه غارودي، يكون من أكثر المصادر دقة في طرحه لهذا الأمر والرد عليه.
وكلامنا هذا لا يعني إنكارنا لقيام النازيين بمذابح جماعية، بل كان للنازيين جرائم يعرفها القصاي والداني، لكنها لم تكن بحق اليهود وحدهم بل طالت غير اليهود أيضا كالغجر والسلافيين والمعاقين فضلاً عن المعارضين السياسيين.
المصدر : مركز التأصيل للدراسات والبحوث