40‏ أسرة يهودية هدية طهران لإسرائيل

بواسطة إلهامي المليجي قراءة 2132
40‏ أسرة يهودية هدية طهران لإسرائيل
40‏ أسرة يهودية هدية طهران لإسرائيل

40‏ أسرة يهودية هدية طهران لإسرائيل

ليبراني اللغز الإيراني

 

الأهرام العربي 5 / 1 / 2008

تحقيق ـ إلهامي المليجي


الأسبوع قبل الماضي استقبلت إسرائيل‏40‏ يهوديا ـ إيرانيا وصلوا إليها سرا‏،‏ كان في استقبالهم وفد من أقاربهم وجري الاحتفال بمقدمهم تحت أضواء أجهزة التصوير التليفزيونية‏،‏ وترددت أنباء أخري بأن المهاجرين الجدد عبروا دولة ثالثة هي مدينة اسطنبول التركية‏،‏ وكانت النمسا محطتهم الأولي حيث شنت منظمة الصداقة العالمية لليهود والمسيحيين‏،‏ حملتها لتشجيع اليهود الإيرانيين علي الهجرة‏.‏ فور وصول المهاجرين تلقوا مساعدة من الحكومة الإسرائيلية وأخري مادية من منظمة مسيحية إنجيلية ـ أمريكية‏،‏ ورفض القادمون الجدد إلي إسرائيل الكشف عن ألقاب عائلاتهم خوفا علي أقاربهم في إيران‏،‏ وقد أحدث الخبر دويا‏،‏ إلا أن مصدرا مسئولا في رابطة اليهود الإيرانيين وهي هيئة رسمية تمثل الجالية اليهودية في إيران‏،‏ نفي بشكل قاطع إن كان خروج‏40‏ أسرة يهودية من إيران باتجاه إسرائيل دليلا علي خوف اليهود حيال التهديدات والحملات الموجهة ضد إسرائيل‏.‏


وأوضح المصدر أن رئيس الرابطة الدكتور سيامك مره صدق ونائب اليهود في البرلمان المهندس موريس معتمد كليمي سبق أن أصدرا بيانا أكدا فيه تمسك اليهود الإيرانيين بهويتهم الوطنية‏،‏ بحيث فشلت جهات خارج إيران بإغراءات مالية ضخمة في دفع اليهود الإيرانيين الذين تعود جذورهم إلي عهد الإمبراطور كورش‏(‏ سيروس‏)‏ الإخميني أي قبل‏2500‏ عام إلي مغادرة وطنهم‏.‏ مشيرا إلي أن مشاركة أبناء الجالية في الحرب الإيرانية ـ العراقية‏،‏ حيث إن سقوط عدد منهم خير دليل علي أنهم ليسوا أقل إيرانية من المسلمين الإيرانيين‏.

‏يذكر أنه في بدايات الثورة ونتيجة للخطاب الديني المتشدد والداعم للفلسطينيين‏،‏ حدثت بعض حالات الخروج اليهودي من إيران واستقر أغلبهم في أوروبا‏،‏ حيث كانوا من كبار التجار‏،‏ وخلال فترة رئاسة هاشمي رافسنجاني ومن ثم محمد خاتمي التي تحسن فيها وضع الأقليات الدينية بشكل عام واليهود بشكل خاص‏،‏ قلما غادرت أسرة يهودية إيران وبرغم أن سلطات الأمن قد اعتقلت أوائل عهد خاتمي عشرة من المواطنين اليهود بتهم منها التجسس لصالح إسرائيل‏،‏ إلا أن هذه الاعتقالات لم تغير شعور الجالية اليهودية‏.‏ ووفقا لدراسة أعدها مركز الدراسات الإيرانية‏،‏ فإن المهاجرين الأوائل من اليهود الإيرانيين سافروا بعد الثورة إلي الخارج‏،‏ كان معظمهم من الأثرياء اليهود‏،‏ فيما تسعون بالمائة ممن بقوا في إيران هم من الطبقة المتوسطة وقليلا منهم من الفقراء‏.‏ كما أن هناك المئات من المثقفين والأطباء والفنانين والتقنيين اليهود الذين يزاولون أنشطتهم بحرية في إيران‏.‏


إن الثورة الإيرانية تعترف بالدين اليهودي دستوريا‏،‏ و البازار الذي لعب دورا كبيرا في الثورة الإيرانية يضم نسبة كبيرة من اليهود‏.‏

والرأي الإيراني حول اليهودية يقوم علي الأساس نفسه الذي وضعه الإمبراطور كورش الأول مؤسس أول إمبراطورية فارسية عند تحريره اليهود من السبي البابلي‏،‏ وهو أن اليهود جنس له شبه كبير بالجنس الآري‏،‏ ويمكن الاستفادة منه من خلال إغرائه بالمال‏.‏ وقد استفاد النظام الإيراني من اليهود استفادة كبيرة خلال الحرب مع العراق كوسطاء يعقدون الصفقات مع الدول الغربية لإمداد إيران بما تحتاجه من المؤن والعتاد خلال فترة الحصار الأمريكي‏.‏

مازالت إسرائيل من أهم مراكز الاتجار في السجاد الفارسي‏(‏ العجمي‏).‏

وإذا ما جري حديث عن علاقات إسرائيلية ـ إيرانية فإن هناك شخصا لابد أن يكون حاضرا‏،‏ إنه أوري ليبراني مهندس العلاقات الإسرائيلية ـ الإيرانية والذي كان آخر سفراء إسرائيل في إيران حتي جاءت الثورة وطردته ليعود مرة أخري ولكن من بوابة العلاقات العسكرية الإيرانية ـ الإسرائيلية والتي كانت صفقة إيران كونترا أو إيران جيت أحد أبرز مظاهرها‏،‏ وليبراني كان صاحب فكرة خط أنابيب النفط إيلات‏-‏ أشكلون أثناء وجوده في إيران‏،‏ وعمل علي إخراج فكرة ديفيد بن جوريون القاضية بإيجاد ميجور ماروني ينفصل بجنوب لبنان الشيعي عن الدولة إلي حيز الوجود وفيما بعد تبلورت بما سمي بجيش لبنان الجنوبي بقيادة الرائد سعد حداد وهو صاحب هذا الاختيار‏،‏ وكان من الصقور التي أيدت ذهاب الجيش الإسرائيلي إلي بيروت فيما سمي بعملية سلام الجليل في الرابع من يونيو‏82،‏ وأسندت إليه منذ ذلك التاريخ رسميا المنسق الإسرائيلي للشئون اللبنانية حتى تاريخ قريب‏،‏ ويعتقد أنه من تفاوض مع حزب الله في السابق‏.‏

ويري مراقبون أن الأخبار التي ترددت أخيرا حول تقليص صلاحيات السيد حسن نصر الله في المجال العسكري بقرار من علي خامنئي يأتي في إطار التهدئة التي بدأت تشهدها العلاقات الإيرانية ـ الأمريكية بعدما صدر تقرير المخابرات الأمريكية حول السلاح النووي الإيراني الذي يفيد توقف المشروع النووي العسكري الإيراني عام‏ 2003 .

وليبراني لعب دورا تخطيطيا في الاختراق الأمني الإسرائيلي لمنطقة كردستان العراق وذلك بمجموعة من اليهود الفرس‏،‏ اعتمادا علي العلاقة الوثيقة التي تربط بين مصطفي البرازاني وليبراني‏.

إن المراقبين يرجعون بداية التعاون الإسرائيلي ـ الإيراني في مجال السلاح إلي اجتماع سري جري بين علي أكبر خامنئي وشمعون بيريز علي هامش اجتماعات الأمم المتحدة في نيويورك‏،‏ إبان الحرب العراقية ـ الإيرانية‏،‏ حيث أبدي خامنئي استعداده للإفراج عن الرهائن الأمريكيين في لبنان حينذاك كخطوة نحو تحسين العلاقات بين الطرفين الإيراني والإسرائيلي مقابل تزويد إسرائيل طهران بصفقة أسلحة تتضمن صواريخ أرض ـ جو وقطع غيار لطائرات الفانتوم الأمريكية لدي إيران لتستخدمها في حربها مع العراق‏.‏

إن إمدادات من الأسلحة الإسرائيلية توافدت علي إيران‏،‏ ومن المؤكد أن أخبارا تواترت عبر مصادر مختلفة حول الاستفادة الإيرانية من الخبرات الإسرائيلية في المجال التدريبي العسكري وفي مجال الاستفادة من الأسلحة الإسرائيلية المتنوعة‏،‏ وما تبع ذلك من استعداد الإدارة الإسرائيلية لتطوير سلاح الجو الإيراني والبحث في إعادة تشغيل طائرات الفانتوم وما يتبع ذلك من تزويد إيران بقطع غيار لها‏.‏

وما نشر عن موضوع الأسلحة والتعامل به بين الإيرانيين واليهود ظل بالنسبة للإيرانيين بين الإنكار والتشكيك‏.‏

وفي هذا الإطار يأتي ما كشف عنه أخيرا والذي تضمن تقريرا أرسله سكرتير لجنة الأمن القومي بمجلس الدوما الروسي كوزنيتسوف ردا علي طلب السيناتور الجمهوري لي هاملتون بالمساعدة في التحقيق في فضيحة إيران جيت وكان الرد عبر السفارة الأمريكية في موسكو في‏11‏ نوفمبر‏1993،‏ أن العلاقة نشأت منذ احتجاز الرهائن في السفارة الأمريكية وتدخل الجناح الجمهوري ريجان وبوش عبر وليام كاسي مدير حملة ريجان حيث التقي مسئولين إيرانيين ثلاث مرات للتفاهم للإفراج عن المحتجزين مقابل صفقة سلاح أمريكي عبر إسرائيل وتأخير الإفراج لحين نهاية حكم الرئيس الديمقراطي كارتر حتى تكون سببا في إسقاطه‏،‏ وقد حدث وتولي ريجان وأفرج عن الرهائن في عهده وانكشفت فضيحة إيران جيت عام‏1986‏ وكلف السيناتور تاور برئاسة لجنة تحقيق وأعدت اللجنة تقريرها في‏250‏ صفحة جاء فيها‏:"‏ إن الولايات المتحدة الأمريكية يتعين عليها أن تشجع حلفاءها الغربيين وأصدقاءها علي مساعدة إيران في الحصول علي طلباتها واحتياجاتها بما في ذلك المعدات الحربية التي تحتاج إليها‏".‏ثم يشير تقرير لجنة‏"‏ تاو‏"‏ إلي أن إسرائيل ظهرت في الأفق بعلاقات خاصة مع إيران ويستطرد‏،‏ ليقول‏:"‏ إن إسرائيل لها مصالح وعلاقات طويلة مع إيران‏،‏ كما أن هذه العلاقات تهم أيضا صناعة السلاح الإسرائيلي‏.‏ فبيع السلاح إلي إيران قد يحقق الهدفين في الوقت نفسه‏:‏ تقوية إيران في حربها ضد العراق وهو عدو قديم لإسرائيل‏،‏ كما أنه يساعد صناعة السلاح في إسرائيل‏.‏ ويفهم ما جاء في التقرير مع ما نشر في جريدة التايمز في‏18‏ يوليو‏1981‏ حيث نشرت خبر عن إسقاط الدفاع الجوي الروسي طائرة أرجنتينية تابعة لشركة أروريو بلنتس وكانت الطائرة التي سقطت ممتلئة بشحنة من السلاح الإسرائيلي‏،‏ وكانت متجهة لإيران‏،‏ وفي مقابلة مع جريدة‏(‏ الهيرالد تربيون‏)‏ الأمريكية في‏24‏ أغسطس‏1981‏ م اعترف الرئيس الإيراني السابق‏"‏ أبو الحسن بني الصدر‏"‏ بأنه أحيط علما بوجود هذه العلاقة بين إيران وإسرائيل وأنه لم يكن يستطع أن يواجه التيار الديني هناك الذي كان متورطا في التنسيق والتعاون الإيراني‏-‏ الإسرائيلي‏،‏ وفي‏3‏ يونيو‏1982‏م‏،‏ اعترف‏"‏ مناحيم بيجين‏"‏ بأن إسرائيل كانت تمد إيران بالسلاح وعلل شارون أسباب ذلك المد العسكري الإسرائيلي إلي إيران بأن من شأن ذلك إضعاف العراق‏.‏

وقد ذكر الكولونيل أوليفر نورث‏(‏ مساعد مستشار الأمن القومي الأسبق‏)‏ في البيت الأبيض والمسئول الأهم في ترتيب التعاون العسكري بين إسرائيل وإيران‏،‏ في مذكراته التي نشرها في أواخر عام‏1991‏ م بعنوان‏"‏ تحت النار‏"‏ أن حجم مبيعات السلاح الإسرائيلي لإيران وصل إلي عدة بلايين من الدولارات‏.‏

وعلي الصعيد الفلسطيني فإن إيران توثق علاقاتها بالفصائل ذات المرجعية الدينية كحماس والجهاد علي حساب الفصائل الأخرى‏،‏ وكانت إيران قد نددت باتفاق أوسلو واتهمت منظمة التحرير وفتح بالعمالة وخيانة الشعب الفلسطيني وخيانة الإسلام لأنها فرطت في القدس الشريف‏.‏

بيد أن هذا الموقف من الحقوق الفلسطينية شهد تحولا في مرحلة تالية‏،‏ حيث صرح سفير إيران في ألمانيا لمجلة إكسبريس الألمانية بأن‏"‏ طهران لا تعارض السلام في الشرق الأوسط بأي وجه من الوجوه وليست ضد اليهود‏،‏ ولكن ينبغي أن يسمح لنا أن نعلن رأينا في السلام الدائم‏".‏

ومع أن إيران لديها خبرات جيدة في مجال التفاوض‏، ‏فإنها لم تعرض هذه الخبرات علي الفلسطينيين في مفاوضاتهم مع إسرائيل واكتفت بهذا الموقف السياسي الذي يبدو في ظاهره داعما للحقوق الفلسطينية‏،‏ ولكنه لا يقدم دعما واقعيا للموقف الفلسطيني‏.‏

كما أن جيش القدس دخل دائرة النسيان‏،‏ وبقي يوم القدس شعارا يطمحون إلي جلب التفاف المسلمين حوله تحت زعامتهم‏.‏

وهكذا فإن العلاقات الإسرائيلية ـ الإيرانية ظلت ملتبسة‏،‏ حيث نري خطابا معلنا معاديا من كلا الطرفين للآخر بينما تتكشف بين الفينة والأخرى تقارير تشير إلي تواصل بل وتعاون أحيانا.

 

 نقلاً عن شبكة الراصد الإسلامية

http://www.alrased.net

 



مقالات ذات صلة