أنور مالك
4-1-2015
الحقيقة الثابتة التي لا شكّ فيها أبداً أن حسن نصر الله هو أكبر من خدم ويخدم "إسرائيل"، لأنه لو كان الأمر عكس ذلك لقامت المخابرات الصهيونية باغتياله والتخلّص منه نهائياً كما فعلت مع الكثيرين ممن يشكلون خطراً عليها.
وكما هو معلوم أن "إسرائيل" تعرف كل تحركات أمين عام "حزب الله" من خلال عملائها في الحزب، الذين بينهم من يحتلون مناصب عليا مثل محمد شوربة، مسؤول تنسيق العمليات الخارجية لتنظيم إيران في لبنان، وأيضاً نجد عملاء آخرين مثل محمد الحاج ومحمد العطوي وهما يشغلان مناصب عسكرية حساسة في الحزب.
هؤلاء من المعروفين فقط، وتؤكد مصادر استخباراتية أن "حزب الله" مخترق من رأسه حتى أخمص قدميه، ولا يوجد تنظيم مخترق في العالم مثل حزب حسن نصر الله الإيراني، وقد بلغت عملية الاختراق الدائرة المحيطة من أمينه العام، وحتى زعيمه أصلاً يعمل لصالح جهات خارجية، سواء مباشرة أو عبر بوابة طهران.
نصر الله يخطب على أتباعه في مناسبات معروفة لدى كل العالم، ويبقى في خطاباته لأكثر من ساعة بينها التي ظهر فيها شخصياً وأخرى مباشرة عبر الأقمار الصناعية التي يُتحكّم فيها من أمريكا حيث النفوذ الكبير للوبي الصهيوني. وتحديد مكانه لن يكلف سوى ثوانٍ معدودة، وأما قصفه فلا يكلف إلا بعض الدقائق فقط.
لكن "إسرائيل" لم تفعل، ليس خوفاً من الحزب أو إيران كما يتوهّم البعض، بل لأن وجود نصر الله هو أكبر خدمة لـ "إسرائيل"، وبقاؤه في الواجهة الإعلامية والعسكرية والسياسية مصلحة استراتيجية لا يمكن أن يستغني عنها الإسرائيليون أبداً.
كل التهديدات التي أطلقها "حزب الله" ضد "إسرائيل" لم تتجاوز الكلام الذي يخدم العدو أكثر، كما سبق أن ذكرنا. كما أنه لا يستطيع تنفيذ تهديداته مهما كانت ادعاءاته، فقوات حفظ السلام الأممية تفصل بين "إسرائيل" ولبنان، وإيران ليس من مصلحتها الدخول في حرب أخرى وهي التي تغرق في مستنقعات بسوريا واليمن والعراق وغيرهم، كما أنها في مسلسل مفاوضات مع الغرب حول برنامجها النووي، ومشروعها الصفوي يواجه تحديات كبيرة داخلياً وخارجياً لها تأثيرها البالغ على نفوذها.
توجد علاقات سرية ووثيقة بين "حزب الله" و"إسرائيل"، بينها المباشرة وأخرى تمرّ عبر طهران، والعداء المعلن بين الطرفين هو لذر الرماد في العيون فقط، كما أن العداء لأهل السنّة لدى "حزب الله" يحتل المرتبة الأولى دائماً وأبداً، على عكس العداء مع الصهاينة الذي يسوّق له حسب مصالح إيران، والحرب قد تتحوّل بين عشية وضحاها إلى حب ما دام سيكون على حساب العرب والمسلمين، هذا إن سلّمنا جدلاً بوجود عداء أصلاً بين الصهيونية والصفوية، رغم أن كل المعطيات تؤكد بأنهما وجهان لعملة واحدة.
اغتيالات غامضة لقيادات في "حزب الله"
حدثت عمليات اغتيال لبعض قادة تنظيم "حزب الله"، وسوّق لها حسن نصر الله على أن "إسرائيل" هي التي قامت باغتيالهم، وراح يستغلّ الحادثة لإبراز أن تنظيمه مستهدف من قبل المخابرات الصهيونية، وهذا كي يؤكد وجود العداء بين الطرفين، بما يتنافى مع الحقيقة القائمة التي تؤكد أن العلاقة بينهما وطيدة إلى أبعد الحدود، وما التصريحات النارية إلا لمخادعة عوام الشعوب الإسلامية فقط.
فقد اغتيل عماد مغنية بدمشق في 12/ 02/ 2008 وهو الذي لديه أسرار قضية مقتل هادي نجل حسن نصر الله في ملهى ليلي ببيروت، ثم حوّلوه إلى شهيدٍ حفاظاً على سمعة والده، ودعاية له في العالم العربي والإسلامي. كما أن العملية بحدّ ذاتها ما زالت غامضة ومشبوهة وتلاحق الشبهات كلاً من نظام الأسد وحسن نصر الله شخصياً.
في سياق تصفية لقيادي آخر، نجد وثيقة مسرّبة لمخابرات الأسد تكشف معلومات خطيرة عن واقع "حزب الله" وما يعانيه زعيمه نصر الله بعد تورّطه في الحرب على الشعب السوري:
"يعيش حزب الله وسماحة السيد حسن نصر الله خلال هذه الفترة ضغوطات كبيرة من بعض الأطراف في قيادة الحزب والمقاومة اللبنانية بسبب مواقفه الداعمة سياسياً وعسكرياً لسورية في معركتها مع قوى الشر العالمية.
من أبرز الذين يقودون حملة مناهضة توجهات السيد حسن نصر الله تذكر محطتنا اسم القائد العسكري حسان هولو اللقيس الذي لديه نفوذ قوي، واستشهد نجله في حرب تموز 2006. وقد طالب هذا الأخير صراحة في عدة اجتماعات بضرورة نأي حزب الله بنفسه بما يتوافق وتوجهات الدولة اللبنانية، وذلك بسحب قواته المتواجدة في سورية لأن ذلك كبده خسائر بعض القيادات البارزة وعناصر مهمة من قوات النخبة، وسيزداد حجم الخسائر مع مرور الوقت، وهذا الذي سيضعف قدرات الحزب العسكرية ويؤثر عليه داخلياً وإقليمياً.
ويرى المسمى اللقيس أن وجود الحزب في داخل سورية سيؤدي إلى اشتعال حرب طائفية في لبنان والمنطقة، خاصة بعد الظهور العلني، وهذا ما سيخدم الكيان الصهيوني.
ويؤكد هولو اللقيس في كل اجتماعات الحزب القيادية أن الجيش العربي السوري بإمكانه حسم المعركة لصالحه بعيداً عن التدخل المباشر لقوات المقاومة. وقد وصل بعضهم من الداعمين لسماحة السيد الأمين العام وعلى رأسهم نائبه الشيخ نعيم قاسم إلى اتهام اللقيس بالعمالة للصهاينة من خلال موقفه الذي يخدم المتآمرين على الدولة السورية.
ويواجه السيد حسن نصر الله هذه المعارضة التي لا تزال محدودة بصمود كبير، ورفض قاطع لأي عودة للوراء مما يجري في سوريا. والشيء المخيف لدى أنصار سماحة السيد هو توسع دائرة المعارضين له في قيادة المقاومة، وخاصة في حال تسريبها للإعلام، وهذا الذي يعمل عليه حالياً في حزب الله لتفاديه بكل الوسائل، حتى لا يكون تأثيرها سلبياً لدى الرأي العام اللبناني والعربي والدولي".
كانت الوثيقة قد حررت في 2012 تحت رقم 1971، أي بعد أشهر قبل عملية اغتيال حسان اللقيس التي جرت في ديسمبر/كانون الأول 2013، وكان حسن نصر الله من خلال بيان نعي باسم حزبه قد حمّل "إسرائيل" مسؤولية اغتياله كعادته ومن دون أي تحقيقات.
ما ورد في وثيقة مخابرات الأسد يضع زعيم "حزب الله" في دائرة الاتهام، ولا يستبعد أبداً أنه يقف خلف عملية التخلّص من هذا القيادي الذي سبّب له الصداع على خلفية الملف السوري.
لم يقتصر الأمر على حسان اللقيس، إذ إن وثيقة أخرى لمخابرات الأسد أيضاً تكشف بأن "حزب الله" يقتل كل من يتّهمهم بالعمالة والخيانة ثم يقيم لهم الجنائز الرسمية، ويقدم لأهاليهم التعويضات المالية على أساس أنهم سقطوا شهداء في المعارك مع "إسرائيل"، وطبعاً كل من يختلف مع حسن نصر الله فهو خائن وعميل، ويقتل فوراً، سواء بعملية اغتيال في كمين أو محاكمة صورية، ويجري إعدامه سرياً.
تؤكد مصادر أمنية أن أسهل تهمة يمكن أن توجه لقيادات "حزب الله" هي العمالة لـ "إسرائيل" أو أمريكا، لأنه لا يوجد قيادي واحد من هذا التنظيم ليس له ولاء لجهات خارجية، وهذا ما سبق أن أشرنا إليه في قضية الاختراقات.
في هذا السياق، نقلت معلومات مسرّبة من جهات لبنانية أن حسن نصر الله شرع في نهاية العام الماضي 2014 في فتح ملفات الجواسيس من أجل التخلص من المعارضين لتدخّله العسكري في سوريا على غرار ما جرى مع حسان اللقيس، وأيضاً من أجل أن يسوّق للرأي العام كعادته أن حزبه ما زال مستهدفاً من "إسرائيل".
مع أنه لا يوجد قيادي في "حزب الله" لا يعمل لصالح جهات أجنبية وأغلبهم جواسيس مع "إسرائيل"، إلا أن حسن نصر الله يختار الأشخاص الذين يعارضون توجهاته في توريط الحزب بالحرب السورية، والذين يطالبون بإعادة المقاتلين إلى لبنان وتجنيب بلادهم وتنظيمهم ورطة كبرى في المستنقع السوري.
مصدر مقرب من قيادات في "حزب الله" تحدث إلى أحد المواقع الإخبارية بتاريخ 02/ 01/ 2014، كشف أن معظم من قال الحزب إنه تمّ اغتيالهم داخل لبنان خلال السنتين الماضيتين، كانوا يعارضون استمرار زجّ الحزب في القتال إلى جانب الأسد في سوريا، وأنهم كانوا يحذّرون من النتائج السلبية الجمّة التي ستعود على الحزب في المستقبل في حال الاستمرار بدفع المزيد من العناصر نحو سوريا، مؤكداً أن هناك قيادات تم زجّهم قسراً في سوريا من قبل حسن نصر الله، وجرى اغتيالهم من خلال كمائن بغية التخلص منهم.
وحسب الموقع الإخباري، فقد حذّر المصدر كل من يعارض توجهات حسن نصر الله في حربه مع نظام الأسد من رفض الأوامر التي يتلقاها للذهاب إلى سوريا؛ لأن نهايته ستكون وشيكة.
ودلل على صحة كلامه، بالقول: "خلال الستة أشهر الماضية، لاحظنا أن قيادات الحزب الميدانيين المعارضين الذين ارتفعت أصواتهم ضد أمين الحزب وقبلهم كثر، تم اغتيالهم، ومنهم من تمت تصفيته بأمر من حسن نصر الله ".
وقال أيضاً: "لا تستغربوا إن شهدنا قريباً محاولة انقلابية من داخل قيادات داخل الحزب ضد أمينه العام، الذي ارتهن لأوامر ملالي طهران بالكامل على حساب أبناء بلده وطائفته، غير آبهٍ لمصير عناصره، ويقوم بتصفية قياداته في سبيل تمرير المشروع الإيراني في سوريا، ولبنان، والعراق".
هذا ما يؤكد المعلومات التي نشرناها من قبل، وتحدثنا عنها في وسائل الإعلام، والتي تبيّن أن حسن نصر الله يكذب في ملفات الجواسيس، ويستعملها من أجل التخلّص من كل قيادي يعارض توجهاته في سوريا أو علاقاته مع إيران. أما بياناته حول تورّط "إسرائيل" التي يذيعها دائماً بعد كل عملية تصفية فهي مكذوبة، ويراد منها تغليط الرأي العام في لبنان وغيره.
المصدر : الخليج اونلاين