بوعوده المعسولة أوهم خميني، طوائف الشعب الإيراني، أنه سينهي عهد الاضطهاد والتعصب الفارسي بإسقاط نظام الشاه محمد رضا بهلوي، وسيقيم دولة "العدل والإيمان"، ويعيد للأقليات العرقية حقوقها المسلوبة؛ ولذا حصل على تأييد الطوائف والشرائح المختلفة باعتباره الشخص المخلص.
تفريس المناطق العربية
وقد وضع عرب إيران آمالهم في ما سمي «الثورة الإسلامية»، التي اتضح فيما بعد أنها «شيعية فارسية» بامتياز، وتحمل مشروعًا طائفيًّا يناقض شعاراتها الكبيرة التي لا تكل عن الحديث عن الوحدة الإسلامية، فبعد حصول خميني على دعم كبير من العرب ضد نظام الشاه، التقى وفد منهم من مدينة الأحواز مع خميني في مقره بمدينة قم؛ لتهنئته بنجاح الثورة ورغم أنهم كانوا من الشيعة، وخميني يتقن العربية ويتكلمها بطلاقة؛ فإنه رفض أن يكلمهم بكلمة عربية واحدة، وأصرَّ على أن يكلمهم بالفارسية؛ ما أثار استغراب الوفد واستياءه، وكانت رسالةً للوفد من خميني بأنه ليس للعرب والعربية في هذه البلاد مكان، وفقًا لما ذكره الدكتور موسى الموسوي في كتاب الثورة البائسة.
وعمليًّا فقد واصل خميني سياسة «تفريس المناطق العربية»، التي كانت متبعة إبان حكم الشاه، وتم تطويرها ودعمها، فتم منع تعلم اللغة العربية أو استعمالها في المناسبات أو تسمية الأطفال بأسماء عربية، وواصل سياسة توطين الأقليات الأخرى، كاللور البختياريين في أماكن العرب في إطار خطة تغيير ديموغرافي ممنهجة.
وشهدت الساحة العربية الأحوازية ثورات تحررية، وخلال عمليات تمرد مسلحة وحركات غير مسلحة لا تعد ولا تحصى، كرر عرب الأحواز عزمهم على مواصلة "نضالهم" ومقاومتهم للاحتلال الإيراني.
وإلى جانب العرب تضم إيران 5 شعوب رئيسية هم الفرس والترك والكرد والبلوش والتركمان، وتتوزع هذه الشعوب في أنحاء مختلفة في إيران، ولكلٍّ منها لغة وثقافة وأعراف وتقاليد مختلفة.
وتعكس أسماء الشعوب غالبًا أسماء الأقاليم التي تقطنها، مثل إقليم أذربيجان وهو موطن الترك الآذريين – علمًا بأن هناك شعوبًا تركية أخرى، فضلًا كالتركمان والقشقائي والأفشار- ثم هناك الكرد في كردستان وكرمنشاه شمال غرب البلاد، والبلوش في سيستان بلوشستان وخراسان الجنوبية وخراسان الرضوية، بخلاف الأحواز؛ إذ كانت تسمى حتى عام 1925 عربستان، أي أرض العرب باللغة الفارسية، لكن تم تغييرها إلى خوزستان؛ لمحو الهوية العربية للإقليم.
ولا توجد إحصاءات رسمية تبين تعداد شعوب إيران غير الفارسية؛ إذ ترى سلطات طهران في الانتماءات القومية تهديدًا ينذر بتجزئة البلاد وتقسيمها؛ لأنهم يمثلون تقريبًا نصف سكان البلاد؛ ما يناقض الصورة التي يصدرها النظام عن إيران باعتبارها دولة سكانها من قومية الفرس.
كذلك أقدمت على إعادة تقسم الوحدات الادارية بما يضمن تشتيت وتفكيك الأقليات العرقية في أطراف الدولة المختلفة، فضمت مدن كردية مثل مهاباد وسردشت إلى إقليم أذربيجان وتعرض إقليم سيستان – بلوشستان؛ إلى تقسيمات إدارية واسعة على مرّ السنين؛ فقسم إلى 3 محافظات، إلى آخر تلك الآلاعيب المستمرة حتى الآن والتي ليس لها غرض سوى تشتيت وتفتيت المكونات غير الفارسية.
وخلال عهدي حكم خميني وخامنئي اشتعلت احتجاجات عديدة في مناطق الأقليات العرقية تم التصدي لها بمنتهى العنف والقسوة من جانب "الحرس الثوري" وقوات الباسيج، وغالبًا ما كانت تلك الانتفاضات تشتعل على خلفية حادثة اعتقال أو إعدام أو اغتصاب أو اغتيال تتم ضد أبناء الأقليات المضطهدة.
40 عامًا من الاضطهاد
وخلال السنوات الأربعين الماضية واصل نظام الملالي سياساته التمييزية والاضطهاد الممنهج للأقليات، وهي السياسة التي ما زال يتبعها حتى اليوم، ففي الشهر الماضي أصدرت منظمة العفو الدولية بيانا قالت فيه: إن السلطات الإيرانية شنت حملة قمع مشينة خلال عام 2018، كاشفة عن أرقام جديدة صاعقة تُظهر مدى القمع الذي قامت به السلطات الإيرانية خلال 2018. فعلى مدار العام اعتُقل ما يزيد على 7000 شخص من المحتجين، كما واجه المئات من الأشخاص المنتمين إلى مجموعات الأقليات العرقية، من بينهم الأحواز العرب، والأتراك الأذربيجانيون والبلوش، والأكراد، والتركمان، انتهاكات لحقوقهم الإنسانية، بما في ذلك التمييز والاعتقال التعسفي، وفقًا لبيان المنظمة.
المصدر : المرجع
30/5/1440
5/2/2019