عمر يونس
6-6-1435
قاد الأزهر منذ الخمسينات ما سُمي بـ"التقريب بين المذاهب" ونتيجة لذلك قرر تدريس الفقه الإمامي الاثنى عشري (الجعفري) في جامعاته ومعاهده وكثير من علماء الأزهر لا يزالون عند موقفهم حتى بعد مايطرح عيهم من أدلة تؤكد جموح الفكر الشيعي وخطورته, فهم يدافعون عن الشيعة ويقللون من الخلاف فعلى سبيل المثال كان شيخ الأزهر الراحل سيد طنطاوى يرى أنه لا فرق بين السنة والشيعة وأن كل من يشهد أن لا إله إلا الله فهو مسلم وأن الخلاف إن وُجد فهو خلاف في الفروع وليس في الثوابت والأصول والخلاف موجود في الفروع بين السنة أنفسهم والشيعة أنفسهم , وقال إن كل من يحاول إشاعة الخلاف بين السنة والشيعة ,فهو إنسان مأجور, ويرى أن التقريب بين المذاهب أمر إيجابي ويجب السعي إليه وتشجيعه لأنه من خير الأعمال ومن التعاون على البر والتقوى ...ومن المعلوم أن الشيخ سيد طنطاوى ,ثم جاء خلفه الصوفى الأشعرى الشيخ أحمد الطيب عضو لجنة السياسات فى الحزب الوطنى المنحل والذى كان يرى الأزهر والحزب الوطنى يتكاملان مثل الشمس والقمر على حسب تعبيره .
وقبل ثورة .ينايررفض شيخ الازهر د. أحمد الطيب مطالبة الشيخ السعودي أحمد بن سعد بن حمدان الحمدان الغامدي أستاذ الدراسات العليا بقسم العقيدة بجامعة أم القرى بأن يسحب الأزهر اعترافه بالمذهب الشيعي «الاثني عشري» مؤكداً أن موقف الأزهر الثابت هو تحقيق الوحدة بين المسلمين ويرجع رفض شيخ الأزهر إلى بغضه للتيار السلفى برمته نظرا لعقيدته الصوفية المتطرفة وكذلك لأن الرجل يشعر أنه لايجب أن يعلو صوت فوق صوت الأزهر ,وأنه أى الأزهر يجب أن يكون المرجعية الإسلامية العليا والأولى فى العالمين العربى والإسلامى فضلا عن المسلمين فى الغرب ..ففي تصريحات نقلتها صحيفة الوطن الكويتية أن أحمد الطيب يقول إن السنة والشيعة هما جناحا الأمة الإسلامية، وأنه عبر أربعة عشر قرنا هي عمر الإسلام لم يحدث أن اقتتل السنة والشيعة، لافتا إلى أن ما يحدث بينهما الآن هو محاولة للنيل من المسلمين عبر سلاح التقاتل المذهبي ,وأكد شيخ الازهرأن التقريب بين المذاهب الإسلامية أحد أهم اهتمامات الأزهر الشريف خلال الفترة المقبلة مشيرا إلى أن الاختلاف بين السنة والشيعة في الفروع فقط وليس في الأسس والثوابت التي يقوم عليها الدين وأكد أن الازهر لا يفرق بين سني وشيعي طالما أن الجميع يقر بالشهادتين ,فذلك يأتي ضمن منهج الأزهر في نشر مفاهيم الاعتدال الفكري والعقائدي.ورحب أحمد الطيب بالطلاب الشيعة من إيران ومن أنحاء العالم المختلفة للدراسة في الأزهر منوها إلى وجود توافق مع عدد كبير من العلماء الشيعة داخل إيران فيما يخص مسألة عدم التبشير للمذهب الشيعي في أوساط السنة أو العكس ,وقد تعرض الدكتور أحمد الطيب شيخ الازهر لهجوم ضار وانتقادات حادة من بعض دعاة الخليج والفضائيات بسبب ما أصدره من قرارات تقضي بعودة تدريس جميع مذاهب الفقه الإسلامي بما فيه مذهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية وما صرح به حول عدم وجود خلافات جوهرية بين مذهب أهل السنة وبعض المذاهب الشيعية..
ويقول الدكتور الراحل عبدالصبور مرزوق الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية: . إن المذهب الشيعي له أتباع أقوياء وله دول وأنظمة ولا يمكن إجبارهم علي التخلي عن مضمون الفكر الشيعي , فإيران التي بلغت من القوة السياسية والعسكرية والتي تجعلها تتحدي أمريكا وتؤكد أنها تمتلك صواريخ تضرب بها إسرائيل وهي دولة إسلامية وليس لها نظير في المحيط العربي والإسلامي... هل من العقل أن أهدم هذه القوة أو أفرط فيها وأهديها للعدو؟.. العقل يقول لا ونقول ليضع الجميع يده بيد أخيه لنكن قوة واحدة.ويؤكد الدكتور مرزوق أنه ثبت بالدليل القاطع أنه لا يوجد لدى الشيعة المغالين قرآن خاص بهم, ولا يوجد ما يقال عنه(مصحف فاطمة) فهو غير صحيح. ويرى أن ثمار جهود العلماء في التقريب بين السنة والشيعة وصلت إلى حد أنه اختير المذهب الجعفري ليدرس في جامعة الأزهر وإلي الآن يدرس بالفعل ونُهدى له هذه الفقرة من كتاب الكافى وهو عندهم كصحيح البخاري عند أهل السنة "عن أبي بصير عن أبي عبد الله قال وإنّ عندنا لمصحف فاطمة عليها السّلام ، قلت : وما مصحف فاطمة عليها السّلام ؟ قال : مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرّات ما فيه من قرآنكم حرف واحد " .)...فتوى رقم 182576 بموقع الإسلام سؤال وجواب للشيخ المنجد .
والمقام لايتسع لسرد كلام المؤيدين لهذا التقريب وفى حقيقة الأمر هم يريدون أن يكون الأزهر هو الحكم والمرجع والمهيمن على كل المؤسسات الدعوية فى العالم الإسلامى فيصنعون من الأزهر فاتيكانا على الطراز الإسلامى ,بل لايخفى فى أحاديثهم الصراع مع علماء السلفية بالتحديد فيما يقولون عنه زعامة العالم الإسلامي .
وكثيرون يرون العقبات الكؤود فى التقريب بسبب قضايا عقدية مثل قضية الإمامة على سبيل المثال ..وقد تمت محاولات للإصلاح والتقريب بين أهل السنّة والشيعة في القديم والحديث، من بعض أهل السنة ومن بعض الشيعة، سواء كانوا جماعات أو أفرادا، لكنها كلها - باعتراف أهلها- باءت بالفشل لاختلاف الأصول والمعتقدات.وثبت من هذه المحاولات أن دافع أهل السنة للتقريب هو حرصهم على الوحدة الإسلامية، ونبذ الفرقة، وأن يكون سببا لأن يترك الشيعة السب والشتم لخيرة الأمة من الصحابة ومن تبعهم بإحسان.أما مقصد الرافضة من التقريب فكان استعمال التقية والنفاق لنشر عقيدتهم في أوساط أهل السنة. لذلك كانت دور التقريب تفتح في المجتمعات السنية فقط، لجلب كتب الشيعة الدعائية إليها.وتواصلت الدعوات للتقريب ليس على مستوى الأزهر فقط ولكن كانت هناك محاولات كثيرة من جمعيات مثل جماعة الأخوة الإسلامية.وهي جماعة تأسست عام 1937م، على يد رجل باطني إسماعيلي يدعى محمد حسن الأعظمي, وكذلك دار الإنصاف وهي أيضا مؤسسة أقيمت لأجل التقريب بين السنة والشيعة عام 1366هـ كما صرح به هاشم الدفتردار، ومحمد الزعبي اللذان يعتبران من الأعضاء المؤسسين..وكذلك كانت هناك محاولات فردية من دعاة السنة مثل محمد عبده مفتي الديار المصرية والشيخ رشيد رضا صاحب مجلة «المنار» والدكتور مصطفى السباعي والشيخ موسى جار الله شيخ مشايخ روسيا والشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ,وكل هؤلاء اعترفوا بفشل التقريب ,بل صاروا حربا عليه من خلال بعض المؤلفات والمؤتمرات..... ولايخفى الدور الذى قامت به دار التقريب بين المذاهب الأربعة وهي أكبر دور التقريب شهرة وتأثيرا، أسست عام 1364هـ بالقاهرة وانضم إليها عدد لا بأس به من علماء مصر وعلماء الزيدية باليمن، بدعوة ومبادرة ظاهرة من شيخ رافضي من قم "بإيران" يدعى محمد تقي القمي، بعد ما فشل عدد من الرافضة في إقامتها وقد أنشئت الدار بسبب تعليمات وتوجيهات سرية من علماء الشيعة بقصد نشر نحلتهم وجعلها مذهبا خامسا يدرس في المراكز التعليمية السنية، إذ اعترف أحمد مغنية- أحد شيوخ الروافض- بأن سبب إنشاء دار التقريب كان عن سابق اتفاق من شيوخ الشيعة فقال: (ليس له - أي القمي - ولا لغيره من الناس أن يقوم بمثل هذا العمل من وراء المراجع ومن غير موافقتهم) .
ونجحت دار التقريب في إنجاز بعض الخطوات ومنها إقناع بعض علماء الأزهر حتى انضموا إليها باسم الوحدة الإسلامية، وإقناع الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر بإدخال كتب الرافضة في مقررات الفقه وأصوله وفي التاريخ وفي مصطلح الحديث ورجاله حتى قال بأن مذهب الشيعة لا يفترق عن مذهب أهل السنة وأصدر فتوى في جواز التعبد بالمذهب الجعفري سنة 1368هـ ,ولكن حال دون تنفيذ ذلك ثلة واعية من علماء الأزهر قاموا بجهود جبارة في كشف حقيقتهم. كما أنشأت دار التقريب مجلة باسم رسالة الإسلام لتمرير شبهاتهم من خلالها، ورأس تحريرها محمد محمد المدني (عميد كلية الشريعة بالأزهر) وقد صدر العدد الأول عام 1368هـ، وتوقفت بصدور آخر عدد منها عام 1392هـ ولم تكن منتظمة الصدور في آخر عهدها ومجموع ما صدر من أعدادها 60 عددا جمعت في 16 مجلداً. ومن علماء السنة الذين انخدعوا بهذه الدعوى: الشيخ محمد عرفة عضو كبار العلماء والشيخ طه محمد الساكت والشيخ السبكي ود. محمد البهي صاحب كتاب «الفكر الإسلامي والمجتمعات المعاصرة»، ولكن الله بصرهم بالحقيقة وبمقاصد القوم وسوء طويتهم فانفضوا عن الدار. (مجلة الراصد الإلكترونية العدد العدد مائة وخمسة وعشرون) ..ولعب بعض دعاة السلفية فى الأزهر مثل الدكتور عبد الله سمك والدكتور مازن السرساوى وعبد الملك الزغبى وغيرهم وكذلك من غير الأزهريين أمثال الحوينى وحسان والعدوى- لعبوا دورا فى نقد الدعاوى للتقريب بين السنة والشيعة ولايخفى صراع هؤلاء مع المؤسسة الرسمية الممثلة فى المشيخة ومن يسير على خطاها .
إن بدعة التقريب بين السنة والشيعة ستلقى مصير كل بدعة رغم أنها تقدم نفسها على أنها لخدمة الحق ونصرة الإسلام وقوة اهله لكن يعلم مبتدعوها أنها جهد فى سبيل الشيطان.
المصدر : موقع المثقف الجديد