شيعة المغرب العربي تلعب على وتر البربر

بواسطة معاشو بووشمة قراءة 576

شيعة المغرب العربي تلعب على وتر البربر

معاشو بووشمة

 

يشمل خطاب الشيعة كفن للدعاية يحاول ممارسة الجذب والإغواء مقولات يطلقونها في كل مناسبة واتجاه . وتحتوي المقولات مواد علمية أو حمولة معرفية تتفاوت في احتواءها التاريخ والجغرافيا والأنساب والانثروبولجيا وغيرها مما يمكن دسه كسم في عسل أو يعين على غسل الأدمغة وتمرير الأفكار.

إلا أن أشد ما يعاب على المتابعين ممن يشعرون بواجب التصدي أولا إهمالهم لمثل هذه القضايا وتركيزهم على المقولات والتحركات السياسية .

صحيح أن المعركة السياسية جزء من المعركة لكن الجزء الأهم يتم غالبا خارج السياسة فالواجب اليوم هو استدراك النقص والاهتمام بجميع الجوانب.

ثانيا الغياب التام عن بعض الساحات والجهل الكبير بمحتوى ما يتم تمريره من أباطيل وشبهات على أنها حقائق ووقائع ثم جهل كيفيات دحض تلك المزاعم.

إن أهم ما يمكن أن يجده القارئ ويستغرب له أو يصدقه — ربما - مما يكتبه المتشيعة الجدد من قضايا وخاصة التاريخية ترديدهم مقولة إن البربر احتضنوا الإسلام منذ مقتل الحسين .

ويلاحظ المتتبع كيف أن جملة من خمس كلمات قلبت الموازين لصالح فريق دون الأخر وبدون أدلة تاريخية إنها مقولة تحاول أن تؤسس لمفاهيم كثيرة وتلعب على وتر وظف كثيرا من طرف المستعمر والمستشرقين والعلمانيين ألا وهو وتر البربر .

لعل أهم خفايا الموضوع التي قد تستخلص من وراء ذلك الكلام تلخص فيما يلي:

- جعل مقتل الحسين بداية تاريخ ورمزا له.

- ربط الفتوحات بمقتل الحسين.

- التأكيد على رمزية ودلالة مقتل الحسين.

- الإبهام بالقول إن البربر قد تشيعوا منذ الفتح.

وهذه قضايا تحمل بين طياتها الكثير من الأخطار والمغالطات.

المعلوم في التاريخ أن بداية الفتح في شمال إفريقيا قد تمَّ في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه وأن الفتح لم يتم جملة واحدة . كما أن إسلام البربر لم يكتمل في سنة واحدة.

في عهد عثمان أسلمت مغراوة ومن وراءها زناتة"... حتى لقد حصل في أسرهم يومئذ من ملوكهم وزمار بن صقلاب جد بني خزر وهو يومئذ أمير مغراوة وسائر زناتة ورفعوه إلى عثمان بن عفان فاسلم على يده ومن عليه وأطلقه وعقد له... ([1])"ويقول ابن خلدون عن فترات الفتح أيضا "...وكانت بينهم وبينه حروب وحاصروه بجبال درن ونهضت إليهم جموعة زناتة وكانوا خالصة للمسلمين منذ إسلام مغراوة..." ([2]).وظلت هذه القبيلة سنية المذهب على مذهب الأمويين وهي القبائل التي ستظل وفية لهم بعد ذلك. أما قبيلة جراوة الكبيرة التي كانت ترأسها الكاهنة فلم تسلم إلا بعد مقتلها على يد حسان سنة74هجرية"...واستأمن إليه البربر على الإسلام والطاعة وعلى أن يكون منهم اثنا عشر ألفا مجاهد معه فأجابوا واسلموا وحسن إسلامهم...". أما باقي قبائل البربر فلم يتم إسلامهم إلا بعد أحداث كر وفر وارتداد "...وولى على طنجة طارق بن زياد وأنزل معه سبعة وعشرين ألفا من العرب واثنا عشر من البربر أمرهم أن يعلموا البربر القرآن والفقه ثم أسلم بقية البربر على يد إسماعيل بن عبد الله بن أبي المهاجر سنة إحدى ومئة..." ([3]).

والمعلوم البديهي في التاريخ أن الشيعة لم يظهروا على مسرح الأحداث في المغرب العربي إلا بعد قدوم أبي عبد الله الشيعي أو المشرقي الداعي للدولة العبيدية سنة280 هجرية إلى كتامة ونشره لمذهب الرافضة فيهم ولم يتم الأمر كاملا إلا بعد سقوط رقادة عاصمة العباسيين في المغرب العربي سنة296.

تأسيسا على ذلك يستنتج القارئ أن إسلام البربر قد تم قبل قرن ونصف من ظهور الشيعة وان كانت قبيلة كتامة قد احتضنت مذهب الرافضة - رغم ظهور فرق منها معارضة قمعت بقسوة - كما أسلفنا في مقالات سابقة إلا أنها قبيلة اندثرت وتبعثرت وذهبت شذر مذر "... وارتحل المعز رابع خلفائهم فنزلها - القاهرة- وارتحل معه كتامة على قبائلهم واستفحلت الدولة هنالك وهلكوا في ترفها وبذخها..." ([4]) وصار النسب إليها عارا يفرمنه "...ونسب كتامة لهذا العهد بين القبائل المثل السائر في الدولة لما نكرتهم الدول من بعدهم أربعمائة سنة بانتحالهم الرافضة ومذاهبها الكفرية حتى صار كبيرهم من أهل نسبهم يفرون منه وينتسبون فيمن سواهم من القبائل..." ([5]) إلى أن قال في سدويكش احد فروعهم"...وهم ينتفون من نسب كتامة ويفرون منه لما وقع منذ أربعمائة سنة من النكير على كتامة بانتحال الرافضة وعداوة الدول بعدهم فيتفادون الانتساب إليهم..." ([6]).

دعوا البربر في سلام لقد تذوقوا نعمة السنة ولم يعد ذلك الوتر يصدر نغمة.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

([1] ) ابن خلدون العبر ج6ص.108.

([2] ) ابن خلدون نفس المرجع ج6.ص-108. واضطررنا لاستعمال مرجع واحد لافتخارهم بابن خلدون دائما ولاغبار عليه ثانيا.

([3] ) ابن خلدون .ج6.ص-109 .

([4] ) ابن خلدون ج6.ص110..

([5] ) ابن خلدون مرجع سابق .ج6.صص148.

([6] ) ابن خلدون مرجع نفسه ص.149..

 



مقالات ذات صلة