حسان القطب
عندما اندفعت الولايات المتحدة الى احتلال افغانستان ومن ثم العراق ... اعتبرت ايران انها تخلصت من اهم عدوين لها على حدوديها الشرقية والغربية... نظام طالبان في افغانستان وهو المتشدد دينياً.. ونظام صدام حسين البعثي العلماني والقومي العربي، الذي حارب ايران لسنوات .. واعتبرت حينها ايران انها تخلصت من هذين النظامين دون تكلفة مادية سواء كانت عسكرية او بشرية.. وخلصت الى القول بان الشيطان الأكبر الاميركي كان في خدمة استقرار نظام الولي الفقيه في ايران من حيث تخفيف عبء المواجهة عنه .. كما انه سمح لهذا النظام بالتغلغل في افغانستان كما في العراق...دون عناء..؟؟
وعندما عاد الصراع المسلح الى الواجهة في العراق وافغانستان، اعتبرت ايران انها قد استدرجت الولايات المتحدة الى مستنقع دموي وصراع استنزاف طويل الأمد مما سوف ينهك اقتصاد وجيش الولايات المتحدة في حربٍ طويلة الأمد في هذين البلدين.. وان ايران تكتفي بدعم المقاتلين بالسلاح والمال ولو بالحد الأدنى...فكانت الحدود السورية – العراقية ممراً للمسلحين والسلاح الى الداخل العراق... برعاية ايرانية – سورية مشتركة..؟؟ ليس لتحرير العراق من الاحتلال الأميركي بل لتعزيز الانقسام المذهبي بين السنة والشيعة وتدمير مقدرات العراق الاقتصادية وتفتيت نسيجه الاجتماعي وتعزيز الصراع بين مكوناته...كما والسماح بعبور مقاتلي تنظيم القاعدة عبر الحدود الإيرانية – الافغانية كما كشفت التقارير الاميركية لإطالة امد الحرب في افغانستان...؟؟؟
خرجت الولايات المتحدة من العراق كما من افغانستان .. ولكن بعد ان اسست لانقسام حاد بين أطياف هذين البلدين بتفاهم مع ايران او من دونه..؟؟؟ وبعد ان تركت ايران تتمادى في تدخلها العلني في شؤونهما..؟؟ فاعترفت ايران بدعم نظام قرضاي في افغانستان كما أكدت بشكل علني وسافر تدخلها في العراق وسوريا سياسياً ودينياً وعسكرياً..؟؟ ولاحقاً في اليمن كما سابقاً في لبنان..؟؟
الخميس 24 مارس/آذار، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن موسكو وواشنطن اتفقتا على مواصلة تنسيق جهودهما لتعزيز الهدنة في سوريا..... ومع ذلك فقد نشرت العربية نت..تقريراً ورد فيه ما يلي: (قال سعد الله زارعي رئيس «معهد دراسات الفكر» التابع للحرس الثوري الإيراني في مقال بصحيفة كيهان، إن روسيا أرسلت قواتها إلى سوريا بعد يومين من زيارة الوفد العسكري الإيراني لموسكو، حيث طلب الوفد إرسال قوة جوية وصاروخية إلى الحرب في سوريا. هذا في حين تقول الرواية الروسية إن التدخل العسكري الروسي في الأراضي السورية بدأ بتاريخ 30 أيلول 2015، بعد أن طلب الأسد حضورا عسكريا من موسكو ووافق مجلس الاتحاد الروسي على تفويض الرئيس فلاديمير بوتين استخدام القوات المسلحة الروسية خارج البلاد. وقال زارعي إن طلب إيران جاء بسبب حاجة القوات الموالية لنظام الأسد وحلفائه العسكريين في سوريا إلى «صدمة»، إثر الانتصارات التي حققتها المعارضة في مناطق مثل إدلب وشيخ مسكين وسخنه.. وكشف المحلل الإيراني التابع للحرس الثوري أن قوات بلاده تتحكم في معارك في الوسط والشمال والجنوب السوري بشكل مباشر، مناقضا بذلك تصريح السلطات الإيرانية أن مشاركة قواتها يقتصر على «العمل الاستشاري» فقط... وأضاف رئيس «معهد دراسات الفكر» أن إيران منذ وقت طويل توفر «الأسلحة الاستراتيجية» لقوات بشار أسد ومواليه من حزب الله وغيرهم بغية الاستمرار في المعارك في سوريا...)...
من يتابع الشأن السوري يرى ان ...روسيا تنسق مع الولايات المتحدة ..؟؟ وفي حين ان ايران تقول انها طلبت من موسكو التدخل في سوريا...؟؟ ولكن على العكس من ذلك فإن روسيا تقول انها تدخلت بطلب من بشار الاسد..؟؟ تناقض واضح في مضمون التصريحات..؟؟ ولكن الخلاصة المهمة التي يمكن ان نستنتجها من هذ التصريحات هي ان الوجود العسكري الايراني في سوريا الان..أصبح واقعاً رسمياً.. فقد اعلن ..أمير علي أراسته، نائب منسق القوات البرية في الجيش الإيراني أن بلاده أرسلت عناصر من الوحدات الخاصة -المعروفة بأصحاب القبعة الخضراء التي تشكل اللواء 65 - للقيام بما سماها مهام استشارية في سوريا....من المؤكد ان التورط الايراني في هذه الحرب سوف يستنزف اقتصاد ايران وجيشها وحرسها الثوري والميليشيات الحليفة لها...وحزب الله اول المتورطين والمستنزفين..؟؟ والشيطان الأكبر شاهد على هذا التورط ومتجاهل له بل سوف يسعى لتعميقه وزيادة الجراح لإيرانية ... إذ في تقرير نشرته جريدة الحياة لمراسلتها في واشنطن ..جويس كرم . تحت عنوان..خطة أميركية لتزويد المعارضة صواريخ مضادة للطائرات، قالت : (كشفت صحيفة “وول ستريت” جورنال» الأميركية أمس، أن وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي أي) و”شركاءها الإقليميين وضعوا خططاً لتزويد الثوار المعتدلين في سورية بأسلحة أكثر قوة ولمحاربة النظام المدعوم من روسيا وفي حال انهيار اتفاق وقف العمليات القتالية» وكتبت الصحيفة مقالاً بعنوان: “أميركا تعد الخطة ب لتسليح الثوار السوريين». ونقلت عن مسؤولين أميركيين قولهم إن هذه الاستعدادات تشمل تزويد وحدات عسكرية بـ ”أنظمة أسلحة للتصدي للطيران السوري ...)...حرب استنزاف طويلة تنتظر ايران في سوريا دون شك .. وبعد ان كان العراق ملعباً ايرانياً عقب الانسحاب الاميركي منه ..؟؟ اصبحت ساحة العراق مرتعاً دولياً تتواجد فيه قوى عسكرية دولية فرنسية لتدريب الجيش العراقي واميركية لمساعدة الجيش العراقي على مواجهة داعش.. والصراع السياسي بين حلفاء ايران يظهرهم غير مؤهلين لحكم العراق كما لمواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية والسياسية عقب فضائح الفساد والرشاوى...؟؟ التي طالت الطبقة الحاكمة المدعومة من ايران..؟؟؟ واسطورة قاسم سليماني، تحطمت نتيجة فشله في حسم معركة العراق كما سوريا.. وغيابه عن المشهد العلني يؤكد انتهاء دوره او ضعفه.؟؟؟
على الحدود مع افغانستان وباكستان تواجه ايران مشكلة جدية وجديدة مع المقاتلين البلوش الذين يطالبون بالاستقلال والذين استفادوا من الحرب الدائرة في افغانستان ووفرة السلاح ومساحات التدريب والاعداد...(فقد أبدت إيران في تصريحات لوزير داخليتها عبد الرضا رحماني فضلي، قلقها حيال توسع أنشطة التنظيمات البلوشية المسلحة التي تشن هجمات ضد أهداف الحرس الثوري والقوى الأمنية في إقليم بلوشستان، الواقع جنوب شرق إيران... يذكر أن عددا من التنظيمات البلوشية كـ «جيش العدل» و«جيش النصر» و»الفرقان» وغيرها من المجموعات البلوشية تقاتل ضد الحرس الثوري والقوات الأمنية، للرد على ما تعتبره «ممارسات طائفية وعنصرية» تقوم بها الحكومة الإيرانية ضد أهل السنة والشعب البلوشي المهمش الذي يعد الأكثر فقرا بين القوميات الإيرانية. وتصاعدت وتيرة المواجهات المسلحة بين تلك المجموعات التي تتخذ غالبا من إقليم بلوشستان الباكستاني مقرا لها، وبين الحرس الثوري وقوات الأمن الإيرانية، مما أدى إلى مقتل العشرات من الطرفين خلال السنوات والأشهر الاخيرة...).
التباهي الايراني بان سياسة وليها الفقيه الحكيمة قد ادت لازالة انظمة معادية على جانبي حدودها، وقد تمت بايدي غربية وعلى يد الشيطان الأكبر تحديداً...لم يدم طويلاً.. إذ نرى الأن ان النظام الإيراني والولي الفقيه شخصياً قد وقع في الفخ الذي نصبه للشيطان نفسه....لذا يمكن القول ان ان الكأس الذي شربت منه الولايات المتحدة بتورطها في حروب دول المنطقة بذكاء ايراني كما ادعت ايران... قد انتقل الى شفاه القادة الايرانيين.. ليتذوقوا مرارة التورط والانغماس في صراعات اقليمية، واستعداء دول الجوار كما شعوبها..؟؟ ودفع ثمن باهظ للتورط مالياً وبشرياً خاصةً وان الاقتصاد الايراني يحتاج لسنوات من الترميم ولمبالغ طائلة لانعاشه.. !! وتمويل الحروب في عددٍ من هذه الدول يحتاج لثروات عجزت عن تامينها الولايات المتحدة سابقاً مع قدرتها الاقتصادية الهائلة... فكيف باقتصاد ايران المتواضع..؟؟؟ إذاً يمكن القول ان الولي الفقيه قد وقع في قبضة الشيطان الأكبر... بوعي او من دونه..؟؟
المصدر : خاص المركز اللبناني للأبحاث والاستشارات