تصاعد موجة التهديدات ضد الفلسطينيين في العراق
تداعيات الصراع الطائفي والتدهور في الأوضاع الأمنية بدأ ينعكس وبشكل كبير جداً على التواجد الفلسطيني (وخصوصاً في مناطق التوتر) مع أنهم ليسوا طرفاً في الصراع القائم والنزاع المتبادل، لكن تأبى بعض هذه الأطراف إلا أن تقحمهم في ذلك.
ويظهر ذلك جلياً في ظاهرة بدأت تقلق معظم الفلسطينيين الذين تربوا وترعرعوا في العراق، وهي كثرة وتوالي التهديدات الشفوية والمكتوبة ضد العديد من العوائل والأفراد الفلسطينيين وفي مناطق مختلفة، وبما أن الحابل قد اختلط بالنابل لابد من أخذ الموضوع بنظر الاعتبار وعدم إهماله تحسباً لأسوء الاحتمالات.
فبين الحين والآخر كنا قبل أكثر من سنة نسمع بتهديد للمجمع الفلاني بشكل عام أو لبعض العوائل، أو للشخص الفلاني بضرورة ترك مكان عمله والآخر بترك محله أو متجره وهكذا، وبعد الأحداث الأخيرة في 22/2/2006م بدأت حملة كبيرة من هذا النوع تستهدف الفلسطيني في معظم مناحي الحياة.
فقد اضطرت عدة عوائل للخروج من أماكن سكناهم ومنازلهم بعد أن قضوا فيها سنوات طوال، بسبب التهديدات الطائفية والعنصرية، كما حصل ذلك في مناطق شارع فلسطين والغزالية وحي أور والعبيدي والكمالية وغيرها من المناطق والتي حصل فيها حالات قتل لعدد من الفلسطينيين مؤخراً.
وكذلك صعوبة التنقل والخروج من مكان لآخر بسبب التهديد الأكبر لحياة الفلسطيني وهو هويته التي أصبحت تهمة كبيرة قد تعرض صاحبها للقتل أو الضرب المبرح أو الاعتقال أو الإهانة والابتزاز على أقل تقدير، وهذا تهديد مجهول من نوع آخر لا يستثني أياً من الفلسطينيين، ففي مطلع شهر آذار المنصرم من هذا العام وبينما أحد الفلسطينيين ذهب لكي يعيد شقيقه من مدرسته في منطقة المشتل القريبة جداً من مجمع البلديات استوقفه شخصان بينما هو قريب من نادي حيفا الرياضي فقال له أحدهم: هل أنت فلسطيني؟!! فأجابه بالنفي!! وفي هذه الأثناء أراد أحدهم إخراج مسدس وضربه به إلا أنه ركض بسرعة باتجاه معمل لصنع قواعد الستالايت قريب من الشارع العام وخرج لنجدته عمال المعمل وهرب هؤلاء المعتدون.
وفي صباح يوم الخميس الموافق 30/3/2006م وبينما كان الأستاذ الجامعي (أ.ح.) متوجهاً للمعهد الذي يدرس به وهو في الطريق اتصل به أحد زملاءه وقال له: بأن مجموعة بسيارات مدنية قالوا: أين الأستاذ فلان الفلسطيني!؟؟ وحثه بأن لا يتواجد في المعهد، ويبدو أنهم ينتمون لإحدى الميليشيات المكونة لفرق الموت وينوون تصفيته.
وفي نفس اليوم وجد عدد من العوائل في مجمع الحرية أوراق يبدو أن أصحابها لم يحسنوا التعبير أو أرادوا شيئا ولكن عند التأمل بمضمونها نجد ما يبرر قتل أي فلسطيني باعتباره ينطبق عليه وصف النواصب أو التكفيريين أو .... أو .... هذه التهم التي تلصق بكل فلسطيني ونص الكلام ( بسمه تعالى إلى أتباع أهل البيت (ع) اطمأنوا يا أتباع علي والحسين ( عليهما السلام ) فأننا لا نقتل على الشبهة والظنة وإنما نحن من إخوانكم الذين يقتلون النواصب والبعثية فقط فلا ترحلوا من بيوتكم ولا من محلاتكم فإن المذنب يعرف نفسه والمحسن يعرف نفسه هذا والسلام والتوقيع : كتائب الدماء الزكية).
قد يقول قائل تبعاً لظاهر الكلام أنهم يريدون أن يتظاهروا من أنهم لا يقتلون أحداً إلا ببينة كما يدعون ولا يستهدفون عموم الفلسطينيين إلا من كان منهم ناصبياً أو بعثياً، والسؤال هل الذين تم تصفيتهم من الأبرياء الفلسطينيين في منطقة الحرية أو غيرها من المناطق هم من النواصب أو البعثية، قطعاً لا؟!! ولكن هذه دعوى من قبيل التقية، بل هذا الخطاب يسوغ لهم قتل أي إنسان والمبرر جاهز.
وكذلك في أواخر الشهر الماضي تعرض أحد الطلبة الفلسطينيين في المرحلة الإعدادية لتهديد شفوي من قبل طلاب معه وتبين إضافة لذلك أنهم قد وضعوا له قصاصة في أحد الكتب العائدة له واكتشفها لاحقاً، ولكن لم يبالي في ذلك، وفي اليوم التالي أوقفه ثلاثة أشخاص قرب المدرسة وقالوا له: لماذا لا تستجيب لما وصلك من تهديد وضربوه، وتم الاتصال بوالدته وإبلاغها وبشكل تهديدي أيضاً بأن لا يباشر الدوام في تلك المدرسة، والسؤال هو: من أين لهم هاتف الطالب إلا إذا كان هنالك تنسيق وتعاون مع إدارة المدرسة!! والطالب الآن وأهله في حيرة وخصوصاً مع قرب نهاية العام الدراسي الحالي، وهنالك الكثير من طلبة الثانوية والكليات بل حتى طلاب الابتدائية والمتوسطة جلسوا في بيوتهم خوفا من استهدافهم؟!!
وفي صبيحة يوم الثلاثاء الموافق 4/4/2006م وضع مجهولون أوراق في محل للحلاقة عائد لفلسطيني قرب مجمع البلديات فيها تهديد لفلسطينيين (هما كل من وسام وعلي) لهم سنوات طويلة في تلك المنطقة ونفس التهمة التكفيرية والنواصب ؟!! مطالبين إياهم أن يتركوا محلاتهم ويرجعوا إلى العمارات الفلسطينية في المجمع، علماً بأن هذين الشخصين ليس لهما أي صلة بأي جهة تنظيمية أو حزبية أو حتى سياسية وهما مشغولان بعملهما. مع العلم بأنه تم تصفية الحلاق الفلسطيني عادل محمد عطية بعد اختطافه من محل عمله في منطقة البلديات في منتصف شهر كانون الثاني من العام الحالي.
والآن جميع الفلسطينيين يمرون بمحنة كبيرة فلا يحق لهم أن يغادروا البلاد حفاظاً على حياتهم وهرباً من القتل ولا يجوز لهم أن يعملوا أو يسكنوا في منازلهم ولا أن يتنقلوا، ولا ندري ما الذي يرده هؤلاء منهم؟!!.