مشعل النامي
لم يكن المجتمع الدولي يسمح بالتدخل في شؤون الدول الأخرى، وكان ذلك من المحرمات في العرف الدولي، ثم أصبح مسموحا للدول العظمى والكبرى، ولكنه اليوم أصبح متاحا لدول لا تستطيع توفير أبسط مقومات الحياة الكريمة لمواطنيها، كإيران، مثلا، التي عجزت عن توفير الدجاج في سوقها المحلي حتى أصبح الحصول على دجاجة للأكل من المعضلات بالنسبة إلى المواطن البسيط.
استخدمت إيران سلاح “التشيع” لتغزو به الدول المحيطة، بل عبرت به القارات لتصل إلى تشييع الملايين في نيجيريا، وتنصّب رئيسا شيعيا في جز القمر التي ليس بها أي نسبة من الشيعة، وقد استخدمت إيران التشيع كأيديولوجيا لخدمة أجندتها السياسية وليس كدين تدين به، فقد ساندت إيران أرمينيا المسيحية في حربها ضد أذربيجان الشيعية عندما كانتا تتحاربان على أقليم “ناغورنو كاراباخ”، كما أن إيران بخست حقوق جميع الشيعة في الأراضي التي احتلتها وضمتها إلى أراضيها كإمارة الأحواز ومملكة بلوشسان وجنوب أذربيجان وجزء من كردستان وتركمانستان، التي أصبحت مجرد أقاليم مهملة من قبل النظام الإيراني وهي المأهولة بملايين الشيعة. أولئك الذين يغازلهم النظام الإيراني عبر المحيطات وعبر القارات مدعيا أنه المدافع عن الشيعة والتشيع في العالم، ومستخدما التشيع كسلاح لبسط نفوذه وهيمنته على دول أخرى.
إن التدخل الإيراني في شؤون ومصالح دول مجلس التعـاون الخليجي والدول العربية الأخرى، أوضح مـن الشمس في رابعة النهار، خصوصا تدخله في اليمن وسوريا ولبنان الذي بات أوضح من أن ينكره النظام الإيراني نفسه حتى اضطر أن يعترف به.
ولأن التدخل بات مسموحا في العرف الدولي، أو على الأقل بات “مسكوتا عنه”، ولأن النظام الإيراني يعتمد على الطائفية لبسط هيمنته ونفوذه، ولأن النظام الإيراني أضر، ويضر، كثيرا بمصالح دول المنطقة، بات ضروريا على دول الخليج أن تعالج الموضوع بصورة دقيقة وتستفيد من أخطائها السابقة، وأن تعمل على إضعاف إيران ومحاولة استبدال نظامها الحالي بنظام “فاقد للهوية” حتى تنتهي الحالة الطائفية بالمنطقة، وحتى لا تلد لنا حالة أخرى كالقومية أو غيرها.
والاكتفاء بإضعاف إيران دون إسقاطها إنما هو استفادة من درس سابـق وهو إسقاط صدام حسين الذي جلب لنا الويلات وأدخل العراق والمنطقة في نفق لم تتضح لنـا نهايته حتى الآن، فلـو بقي صـدام ضعيفـا لكان أجدى لنا وأسلم من الكلفة العالية لنا التي يجب ألا تتكرر في أي من دول المنطقة.
إن الحفاظ على أمن واستقرار الأقاليم المحتلة المطالبة بالاستقلال يجب أن يكون من أولويات دول الخليج، خصوصا الأحواز وأقاليم الساحل وبلوشسان، لأنها قريبة من مياه الخليج أو مطلة عليه، ودعم جهة محلية انتقالية توافقية لإدارة الإقليم والحفاظ على استقراره يجب أن يكون على رأس سلم الأولويات الخليجية، حتى وإن تم تشكيله في دولة ثالثة ودعمه بشكل غير مباشر، ليكون جاهزا لملء أي فراغ سياسي في أي إقليم يتحرر من إيران، لأن تحرر تلك الأقاليم واستقلالها أقرب إلى الواقع من استمرار النظام الحالي الذي قد تفلت إيران بأسرها في حال سقوطه، مما سيجعل دول الخليج وسط دوامة من الفوضى لا يعلم حجمها إلا الله.
إن إبقاء إيران مشلولة ومنشغلة بوضعها الداخلي هو الحل الوحيد لمنع تدخلاتها في دولنا، وتوقع استقلال الأقاليم المحتلة يجب أن يكون على سلم أولويات دول الخليج، مع توفير الجو الملائم له حتى يتم بسلاسة وسلام، كما هو الحال بشمال العراق حتى لا يعرضنا ويعرض مصالحنا للخطر ويغرقنا في الفوضى.
المصدر : صحيفة العرب