بأي دينِ يحكم هؤلاء المعممونُ في إيران؟
صباح الموسوي
مفكرة الإسلام: يعفون عن القاتلة والزانية المحصنة، ويسجنون الداعية إلى الله ويعدمون المناضل في سبيل رفع الظلم عن أبناء شعبه!!. هذه هي عدالة الحاكمين في إيران هؤلاء الذين شرّعوا لهم مسلكاً باسم الدين تخجل منه البهائم قبل البشر.
فمنذ استلام هذه الزمرة المتلبسة بلبوس الإسلام زمام الحكم في طهران والشعوب الإيرانية والمنطقة كلها تكتوي بنيران عنصريتهم وطائفيتهم المقيتة وسياساتهم التوسعية التي يسعون من خلالها إلى إحياء إمبراطوريتهم الغابرة.
هؤلاء الذين أظهروا في أكثر من زمان ومكان أن العمامة والألقاب الدينية ـ ثقة الإسلام , حجة الإسلام , آية الله ـ التي يحملونها لا تحدهم عن ارتكاب أفظع الجرائم والتحالف مع الشيطان إذا اقتضت مصالحهم. وهذا ما صرح به العديد منهم وعلى رأسهم الخميني نفسه، الذي وصف يومًا ما قبوله بوقف إطلاق النار مع العراق بمثابة تجرعه السم والانتحار، بدل أن يشكر الله على حقن دماء المسلمين الذين كانت تـُزهق أرواحهم في تلك الحرب التي أوقدوا نيرانها بجثث أبناء الشعوب الإيرانية والشعب العراقي الشقيق.
وهنا تستحضرني كلمة لأحد السياسيين الإيرانيين قال فيها: ' عندما كنا نـُظلم في عهد الشاه كنا نلتجئ إلى رجل الدين, ولكن اليوم أصبحنا نـُظلم من قبل رجل الدين فإلى من نلجأ؟
ولكن هل حقًا هؤلاء رجال دين؟. يقال إن بعض المسؤولين الحكوميين جاءوا إلى أحد مراجع الشيعة البارزين آنذاك وهو آية الله المدرس يشكون له سوء تصرفات بعض المعممين وسرقاتهم. فرد عليهم قائلاً, لا تقولوا: معمم يسرق، بل قولوا: حرامي يلبس عمامة. وهذا المثل أصبح ينطبق على هؤلاء الحاكمين اليوم في إيران.
فتصوروا أن حاكمًا يدعي أنه رجل دين مسلم، ويحكم بإعدام أناس ذنبهم الوحيد أنهم طالبوا بصوت عالٍ برفع الظلم عن بني قومهم. ويلقي في غياهب السجون داعية من أهل السنة والجماعة ـ وهو الشيخ عبد الحميد الدوسري ـ لمجرد أن الشيخ رفض وقف خطبة صلاة الجمعة التي كان يلقيها في مسجد الشافعي في مدينة عبادان وهو المسجد الوحيد لأهل السنة في الأحواز.
هذا الحاكم باسم الدين الذي يعدم المناضل ويسجن الداعية إلى الله نراه يعفو عن القاتلة والفاجرة ويتجاهل الاستجابة لدعوة العفو عن المظلومين.
وهذا ما حصل قبل أيام حيث تم العفو عن ثلاثة نساء إيرانيات كانت قد صدرت بحقهن أحكام بالسجن والرجم بعد إدانتهن بالقتل وارتكاب فاحشة زنا المحصنة. إلا أن رئيس المحاكم الإيرانية الملا محمود الشاهرودي وبصفته حاكم شرع أصدر أحكامًا بالعفو عنهن وإطلاق سراحهن.
والنسوة الثلاثة الأولى: تدعى 'أشرف' عمرها 37 عامًا، وقد أدينت قبل خمسة سنوات بتهمة الاشتراك بجريمة قتل زوجها وارتكاب فاحشة الزنا، وقد حكم عليها بالرجم حتى الموت.
وقبل شهر تقريبًا من إطلاق سراحها كان قد تم إبلاغها من قبل إدارة السجن أنها سوف تُرجم عن قريب وعليها أن تهيئ نفسها لذلك. عندها قامت بتوجيه رسالة إلى رئيس المحاكم الملا شاهردوي طالبة منه العفو. وقد استجاب لطلبها وأمر بإطلاق سراحه.
المرأة الثانية عمرها 35 عامًا وتدعى 'حاجية'، وهي الأخرى كان قد صدر بحقها حكمًا بالرجم عن جريمة الزنا والاشتراك في قتل زوجها. وعندما كانت تعد نفسها لتنفيذ الحكم الصادر بحقها كتبت رسالة إلى الملا شاهرودي شارحة فيها قصة حياتها وأمر بالعفو عنها وإطلاق سراحها!
أما المرأة الثالثة وهي في الأربعين من عمرها، وكانت قد أدينت بالمساعدة على قتل زوجها وارتكاب فاحشة الزنا، وبحسب الرواية الحكومية أن الملا شاهرودي عفا عنها وأمر بإطلاق سراحها لإعلانها التوبة!
لقد شكل قرار رئيس المحاكم الإيرانية الملا محمود الشاهرودي بالعفو عن هؤلاء النسوة الفواحش حافزًا لدى أمين عام رابطة الدفاع عن السجناء السياسيين في إيران السيد عماد الدين باقي للقيام بتوجيه رسالة إلى الشاهرودي مناشدًا إياه العفو عن تسعة أحوازيين حكم عليهم مؤخرًا بالإعدام ظلمًا بتهمة العمل على إعداد القنابل وتفجير أنابيب النفط في عدد من مناطق الأحواز العام الماضي ومطلع السنة الجارية، وهم:
1- يحيى بن منصور الناصري.
2- ناظم بن صكبان بريهي.
3- عبد الإمام بن محمود زائري.
4- عبد الزهرة بن خزعل الهليجي.
5- علي بن عبد النبي ألحلفي.
6- ريسان سواری.
7- جعفر السواری.
8- ناظم بريهی.
9- زامل بن سالم الباوي.
وتتراوح أعمارهم ما بين 18و20 عامًا وبعضهم طلبة جامعيون.
وقد أكد السيد باقي أنه وجه هذه الرسالة لرئيس المحاكم لأن هناك أربعة عشر سببًا قانونيًا وإنسانيًا يمنع إعدام أياً من هؤلاء المتهمين.
وقد عدد السيد باقي هذه الأسباب، والتي من أهمها:
أولاً: أن هؤلاء الأشخاص لم يكن يجمعهم أي تنظيم سياسي وأن بعضهم لم يكن يعرف الآخر من قبل نهائيًا، ولكن ملف القضية رتب بطريقة تظهر المتهمين وكأنهم منتظمون في حركة واحدة وهذا خلاف الحقيقة.
ثانياً: أن أياً من هؤلاء الأفراد لم يثبت تورطه في أي عملية تفجير ولا يوجد قتلى أو مدع خاص في القضية يستوجب إنزال حد القصاص بهم.
ثالثًا: ـ ليس فقط حكم القصاص لا يشمل هؤلاء الأشخاص وحسب وإنما تهمة المحارب التي أدينوا بها لا تنطبق عليهم أيضًا؛ حيث إن عنوان المحارب لا يكفي لكي يكون مبررًا لإعدام المتهم، وأن مجرد امتلاك السلاح حسب رأي جمهور فقهاء السنة والشيعة لا يكون موجبًا لتطبيق عقوبة المحارب. فحكم المحارب ينطبق على المتهم عندما يثبت أنه استخدم السلاح من أجل إخافة وإرهاب الناس. وبغض النظر عن الجدل الموجود حول هذا البحث فلو افترضتا جدلاً أن التخويف والإرهاب دليل لمعاقبة المتهم بالموت فمن الناحية العملية لم يصدر من هؤلاء الأشخاص مثل هذا الأمر.
لذا فإن هؤلاء الأشخاص أو على الأقل أغلبهم لا يمكن إعدامهم لمجرد إدانتهم بتهمة حمل أسلحة وذخائر غير مرخصة. وإذا لم يتم العفو عنهم فإنهم على أقل تقدير لا يستحقون مثل هذه العقوبة الثقيلة.
رابعاً: إن هؤلاء المحكومين ولمدة عشرة إلى أحد عشر شهرًا كانوا معتقلين في زنزانات انفرادية، وتمت محاكمتهم في مدن مختلفة من دون أن يجروا أي لقاء مع محاميهم، حتى إن المحامين أثناء المحاكمة لم يكونوا يعرفون موكليهم. هذا في الوقت الذي يعطي القانون الحق للمحامي في الاجتماع بموكله على انفراد وهذا لم يحصل.
علمًا أنه وحسب العرف القانوني فإن عدم حضور المحامي أثناء التحقيق مع المتهم يلغي شرعية التحقيق. بالإضافة إلى ذلك فإن وكلاء الدفاع لم يعطى لهم الوقت المعقول لدراسة القضية والإطلاع على حيثياتها، وإنما قبل عقد المحكمة بأربعة وعشرين ساعة فقد سنحت لهم الفرصة الاطلاع على ملف القضية الذي يتكون من ثمانمائة صفحة.
كما أن المتهمين أعلنوا أن الاعترافات أخذت منهم تحت الضغط، وأن واحدًا منهم كان قد اعتقل قبل وقوع الانفجارات بشهرين.
ويختم السيد عماد الدين باقي رسالته قائلاً: إن ملف الأحكام الصادرة بحق هؤلاء المتهمين أصبح الآن في ديوان القضاء الأعلى للمصادقة عليه من قبلكم، وأن تأييد هذه الأحكام وتنفيذها سوف تكون له ردود فعل مأساوية؛ لذا فإن المصلحة الوطنية وحرمة الروح الإنسانية تستدعي أن تأمروا بإعادة النظر في هذه الأحكام، وتشكيل هيئة خاصة لمناقشة القضية وإجراء تحقيق مع المتهمين والاجتماع مع ذويهم وموكليهم والاستماع لهم.
وفي الختام يذكره فيها بعهد الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام إلى مالك الأشتر الذي عينه واليًا من قبله على مصر والتي يقول له فيها: 'إن الناس صنفان؛ إما أخٌ لك في الدين، وإما نظيرٌ لك في الخلق'.
رسالة أمين عام رابطة الدفاع عن السجناء السياسيين إلى رئيس المحاكم الإيرانية كانت قد سبقتها رسالة مشابهة أخرى وجهها سبعة من المحامين الموكلين بالدفاع عن هؤلاء المتهمين الأحوازيين التسعة إلى رئيس الشعبة الثالثة في محكمة الثورة الإيرانية في الأحواز شارحين فيها ملابسات القضية والطعون الناقضة لهذه الأحكام الجائرة والتي يمكن ذكر بعض ما جاء فيها:
بسمه تعالى ،،،،
رئيس الشعبة الثالثة في محكمة الثورة الإسلامية - الأحواز .
السلام عليكم
بعد تقديم الاحترام نحن جمع من الوكلاء عن المتهمين في القضية رقم ٨٥/.٢٩٤نعرض لمعاليكم ما يلي:
إن من حقوق المتهم أن يحظى بحق توكيل محامٍ للدفاع عنه، وهذا ما نصت عليه المادة 35 من الدستور وغيرها من القوانين ذات الشأن، إلا أن بعضنا لم يطلع على ملف القضية إلا قبل يوم أو يومين من موعد عقد جلسة المحاكمة التي تمت بتاريخ 2/3/1385 ش [الموافق 22/6/2006م] وبما أن ملف القضية يبلغ أكثر من 800 صفحة لذا كان من الصعب علينا مراجعتها كاملة خلال هذه المدة القصيرة الممنوحة لنا.
علمنا أن المادة 64 من قانون الجزاء في القضايا العادية توجب إبلاغ وكيل الدفاع قبل خمسة أيام من موعد جلسة المحاكمة وهذا لم يحصل بالنسبة لنا. ومع أنا كنا قد طلبنا من مقامكم العالي كتابياً وشفهياً السماح لنا بالاجتماع بموكلينا على انفراد لكن مع الأسف وعلى الرغم من أن هذا الطلب يعد من بديهيات حقوق المتهم والمحامي إلا أنه قد تم رفضه، ولا ندري كيف يمكن لنا في هذا الحال الدفاع عن موكلينا الذين وجهت لهم تهمة حمل السلاح ضد النظام والتي أحد عقوباتها الإعدام؟
كما قد طلبنا من مقامكم المحترم ومن أجل إجراء محاكمة عادلة أن يتم تأجيل عقد جلسة المحكمة لمدة خمسة عشر يومًا على أقل تقدير لكي تتاح لنا فرصة مراجعة ملف القضية والاجتماع على انفراد بالمتهمين حتى نتمكن بإذن الله من الإيفاء بتعهدنا تجاه مهنتنا.
ونود أن نشير أيضًا إلى أن جلسة المحاكمة كانت تجري لكل متهم على انفراد وبدون حضور سائر المتهمين الآخرين أو وكلائهم وهذا خلافًا للقانون، وعليه فإننا واعتراضًا على هذا الإجراء غير القانوني والمخالف لأصول القضاء مضطرون لإعلان ترك المحكمة.
الموقعون
1- المحامي فيصل سعيدی.
2- المحامي جواد الطريری.
3- المحامي خليل سعيدی.
4 – المحامي حميد محمودي.
5- المحامي لفته عطاشنه.
6 – المحامي سيد يزدان طاهری نسب.
7 - المحامي عبد الحسين حيدری.
هذه الرسائل والنداءات التي وجهت إلى رئيس المحاكم الإيرانية والتي جميعها تحمل حجج قانونية دامغة تؤكد بطلان المحاكم الصورية وأحكام الإعدام الصادرة بحق هؤلاء الشبان الأحوازيين لم تلاقي أي اهتمام من الملا شاهرودي، ولم يدفعه ضميره للرد عليها، بينما نراه وقد تعاطف مع رسائل اللواتي ثبت بالدليل القاطع اشتراكهن في قتل أزواجهن وارتكابهن لفاحشة الزنا وأمر بالعفو عنهن!
فيا سبحان الله بأي دينٍ يحكم هؤلاء المعممون في إيران؟