لماذا يکرهون الإيرانيين ؟
موقع سني نيوز : د. سلمان حق جو ـ قم :
ليس عيبا ان يحمل شخصاً هويةً مستقلة أو طابعاً خاصاً به , لا سيما لما يُجمع الناس في المحشر, أو لما يطوف المسلمون حول الكعبة, تاركين خلفهم مناصبهم و الوانهم و درجاتهم, اجل انه لجدير بان تتزين الأمم بالمزايا الأخلاقية و الثقافية و الملامح الطيبة المرغوبة التي تُملك, حتى يتعلم منها الملل الأخرى و تتبادل بينهم وجهات النظر .
نعم في مدرسة الحج و العمرة استطاع العرب ان يمثلوا وجودهم و سخائهم بأفضل شكل ممكن, و لقد قدم الأتراك مثلاً سامياً في النظافة و التنسيق و النظام رمزا من ثقافات الأخرين, ويضرب الهنود و الباكستانيين نموذجا للصداقة و محبة الدين, و بعض الناس يعاني من قلة الثقافة و الحضارة لذا أظهروا انفسهم بين الأمم و لهم سمات سلبية, تدمع لهم المقل بالرحمة و الشفقة احيانا و بالبغض و الحقارة أحيانا أخرى .
كم كنت اتمنى بان يصبح الإيرانيون اسوة وقدوة بين الأمم الأخرى, لاسيما و نحن نمثل ثمانين مليون مسلم في ايران و لو جُمع معنا الناطقين بالفارسية من خارج الخريطة السياسية الإيرانية, لأصبحنا مائة و خمسون مليون مسلم, و لا يُعتبر هذا عددًا قليلاً بين مليار و نصف مليون مسلم في العالم.
کنت أتمنی بان نکون نموذجا وقدوة للأخرين في الانضباط و الكرم و الأخلاق الحميدة, والثقافة و الجمال, وكل الصفات الطيبة, و كنت آمل بان يشار بالبنان الي الحجاج الإيرانيين لما يدخلوا الحرم و يمدحوا بما يحملوا من الصفات الحميدة و يقال انه لجدير بان يُتعلم منهم, غيرهم ويتنور الحجاج لما يدخلوا ويخرجوا بأخلاقهم و شيمهم وثقافتهم..
ولكن هيهات هيهات, فقد وجدوا المنظر مغايرا و معكوسا تماماً .
لما وفقت لزيارة بيت الله الحرام , و لم أكن اتقن إلا كلمات بسيطة من اللغة العربية , ولكن فهمت ما تهمس افواه الملل تجاه الحجاج الإيرانيين من صورة سلبية و كريهة بين الأمم.
اثناء الطواف لما تشاهد الناس و هم خاشعون خاضعون لربهم يهتفون بالذكر والدعاء مع ربهم وخالقهم و يتذكرون ذكرى اسماعيل و هاجر عليهما السلام و يتعلمون منهم العبر في سعيهم و طوافهم, تجد قوافل الحجاج الإيرانيين وكأنهم اقبلوا لتخريب صلة الناس بربهم...
تجد ملالي شيعة يرفعون أصواتهم بعبارات عربية متكسرة مغلوطة و الزوار يكررون خلفهم ما يقولون من دون ان يعلموا ما يقولون و لو انهم اقبلوا علي ربهم بلسانهم لكان خيرا لهم من ذلك.
و يذكرني هذا المشهد كأنهم مع امامهم يقومون باحتجاج ضد الاستكبار العالمي أو أنهم من حركة الشباب الأخضر يصرخون في شوارع مدينة طهران ضد الدولة...
و في حينها تجد و تسمع ملامح البغض و الإنكار في وجوه الحجيج من البلدان و انهم يعانون من هذه التصرفات و المناظر الكريهة القبيحة. وبذلك قدم حجاجنا صورة سلبية تؤذي اخوانهم المسلمين.
في شهر رمضان المبارك حيث يقف الناس صفوفا خلف الإمام لأداء صلاة الليل و يهجعون من مضاجعهم للذكر والدعاء و تسيل دموع البكاء والتوبة علي خدودهم و وجوههم, و يتعاهدون مع ربهم على حياة جديدة بعد التوبة و الاستغفار, هنا تجد الإيرانيين إما يتجولون في الأسواق أو يمروا بين صفوف المصلين.
لما تري المؤمنون يتلون كتاب الله بالتضرع و يجلسون في مجالس و حلق الذكر و يتبادلون افراحهم واحزانهم مع بعضهم , قوافلنا ينفرون من بيت الله الحرام الي فنادقهم للمشاركة في حلقات ملالي الشيعة التي تنوح و تبكي فيها على مصائب اهل البيت, وكم ضيعوا حياتنا في عبث هذه الأقاويل في ايران.
اطفالنا تفتح أعينهم على العالم بدروس عقدية وسياسية و تهتف في اذناهم ردود الشبهات على الوهابية و تكرار هذا المشهد المخيف حتى الممات.
زوارنا و حجاجنا يدخلون الحرم خائفين متربصين ملصقين بملالي الشيعة و يؤدون بعض المناسك بشكل عشوائي و ناقص و يفر من باب اخر خشية أن يصيبه شيء من مما اصاب الناس .
وفي المدينة المنورة حيث يجتمع المؤمنون يسألون بعضهم عن بعض عن معاناتهم و همومهم ويتعارفون على ثقافاتهم و أعرافهم ويستأنسون بغيرهم, وملالي الشيعة يسوقون حجاجنا كحمرة مستنفرة يضيعون اوقاتهم بالروايات التاريخية المصنوعة الكاذبة, يضربون خدودهم و يشقون جيوبهم جراء كسر ضلع فاطمة, ويصرخون بالبكاء علي غصب الخلافة من علي !
و كأن فاطمة كانت أمة يتيمة لا تملك من يدافع عنها, أو أن الخلافة كانت اقل شانا من جزار في سوق الخضار و أن علي لا سمح الله كان جبانا لا يحرك ساكنا!
نغرق انفسنا في اساطير وهمية لا ندرك أن هذه الصورة التي نؤمن بها ونصيح لأجلها, تمثل علياً و كأنه رجل ضعيف عليل جبان لا يملك لنفسه شيئا لا قدر الله و كأنه لا غيرة له علي عرضه! كم هي كبيرة هذه الإهانة في شأن علي و زوجته بنت الرسول صلي الله عليه وسلم وسيدا شباب اهل الجنة الحسن والحسين. صورة تمثل أن الأعداء يكسرون ضلع فاطمة و يسقطون طفله ويقف علي و الحسن والحسين مكتوفي الأيدي لا يحركون ساكنا , ثم يضع الأعداء الحبل على عنق فاتح خيبر علي رضي الله عنه ويجرونه للمبايعة مكرها؟!!
هذه الصورة تليق بهؤلاء ملالي الشيعة فقط و لا ترتبط باي صله لأولئك الأحرار الذين كانوا قدوة واسوة للشجاعة و البطولة للبشرية .
ها نحن نري الأمم تحاول النجاة من يد فراعنتها الذين يحكمون الناس بالظلم و التعدي, ويستفيدون من تجارب بعضهم البعض في سبيل حريتهم, و زوارنا يفكرون كيف لهم أن يسرقوا كفا من تراب البقيع أو قطعة من ستار الكعبة حتي يتباركوا و يتباهوا بها عند الناس!
عجبا علي هؤلاء ملالي الشيعة, البائعين دينهم بدراهم بخسة !...
أسفا عليهم لما فعلوا بأمتنا, إن الخرافات و عبادة القبور تجري منا مجري الدم وتجد نواتها في عروقنا و اعضائنا, إن زوارنا حتى الآن لا يفرقون بين حج بيت الله الحرام و بين المزارات المزيفة الكاذبة في مشهد و قم و كربلاء , و كم منهم يظن حتى الآن أن الشفاء بين هذه الجدران و الأبواب.
والذي يروي غليلي بين هذه القوافل و الصور الكريهة و التصرفات المشينة لملالي الشيعة, وجوه تلكم الشباب المتيقظين و الصحوة التي تتربص من امام عيون ملالي الشيعة وتلحق بالعباد الأخرين يذكرون الله معهم و يشاركون معهم في مناسكهم.
من بين هؤلاء الشباب تجد صفوة تأنس بالقرآن, و تقلق بشؤون اخوانهم في العالم الإسلامي , ولا تشارك في برامج ملالي الشيعة الكاذبة و لا تنام بين الصفوف أو تتجول في الأسواق. بل تصرف اوقاتها بالعبادة و التلاوة .
و العجب عند الاستفسار والسؤال يتحرج و يخجل و يعرف بنفسه بانه من حجاج الخارج (ايران) .
وبعون الله فان الثقافة الدينية في بلادنا تخطو خطوة ايجابية و تأتي بمستقبل مشرق, المستقبل التي ستكون موضع فخر و عز لكل مواطن ايراني و يشار بالبنان من قبل العالم كله هذه المرة بالاحترام و التقدير و التمجيد للإيرانيين الذين تركوا الخرافات و البدع وراء ظهورهم وما ذلك على الله بعزيز .
