المخيمات الفلسطينية في سوريا تحت النار

بواسطة مركز التأصيل للدراسات والبحوث قراءة 2057
المخيمات الفلسطينية في سوريا تحت النار
المخيمات الفلسطينية في سوريا تحت النار

مركز التأصيل للدراسات والبحوث
بدأت معاناة الفلسطينيين منذ عشرات السنين ، عندما اتفقت مصالح الدول الغربية مع الصهيونية العالمية , في فترة الاحتلال البريطاني لفلسطين , على جعل فلسطين وطنا لليهود , وهجر الفلسطينيون في ذلك الوقت من بيوتهم وأرضهم , وما زال الاحتلال الاسرائيلي جاثما على أرضهم حتى الآن.
 واليوم تعود المعاناة إلى الفلسطينيين مرة أخرى , ويهجرون من بيوتهم أيضا , ولكن هذه المرة ليس على يد الاحتلال الصهيوني عدو الاسلام والمسلمين , وإنما على يد نظام دولة عربية مجاورة , لطالما ادعت و زعمت أنها مع الفلسطينيين في جميع مطالبهم وحقوقهم , ولطالما رفعت شعار المقاومة والممانعة منذ أكثر من أربعة عقود ضد الاحتلال الاسرائيلي دون أن تطلق رصاصة واحدة .
 إنهم الفلسطينيون في سوريا , الذين يعيشون في 10 مخيمات منتشرة في أرجائها , منها مخيم الرمل الجنوبي في اللاذقية , والذي شهد اشتباكات عنيفة بينه و بين قوات الأسد منذ بضعة أشهر , ومن  أكبر هذه المخيمات و أشهرها مخيم اليرموك بدمشق , الذي يقع جنوب العاصمة , ويقطنه حوالي 150000 فلسطيني , بالإضافة إلى السوريين المقيمين في المخيم .
 بدأت القصة مع الفلسطينيين في سوريا بعد قيام الثورة السورية المباركة , حيث حاولت الفصائل الفلسطينية جميعا تجنيب الفلسطينيين دخول الصراع القائم بين نظام الأسد المجرم , والمقاومة الشعبية المتمثلة بالجيش الحر , متمسكين فيما يعرف بسياسة الحياد .
ولكن الشعب الفلسطيني الذي عاش مع السوريين منذ أكثر من 60 عاما , و توطدت بينهما وشائج المحبة والمودة والقرابة , بحكم التزاوج فيما بينهم , كان يرى باستمرار الظلم العظيم الواقع على هذا الشعب , فكان لا بد أن يتعاطف معه , خاصة و أن الأحياء الجنوبية المجاورة كانت مشتعلة , والنظام المجرم يقصفها ليل نهار , فهربت بعض العائلات السورية إلى مخيم اليرموك باعتباره منطقة آمنة , لأن الفلسطينيين يعيشون فيه , ومن غير الممكن أن تدك بالدبابات والهاون , كما ظن الناس ,بحكم سياسة الحياد التي انتهجتها الفصائل الفلسطينية .
 ولكن النظام المجرم أبى إلا أن يورط الفلسطينيين في الصراع الدائر , كما حاول توريط بقية الطوائف الموجودة في سوريا , تبعا لمذهبه المعروف : من لم يكن معي فهو ضدي , فلا حياد عند النظام , وكم حاول في بداية الثورة أن يورط قادة حماس ليأخذ منهم و لو تصريحا واحدا , بأن ما يجري ليس ثورة شعبية , بل مجموعات مسلحة تقوم الدولة بالتصدي لها , ولكنه لم يفلح أبدا في ذلك .
 نجح النظام في توريط الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة – بقيادة أحمد جبريل في الصراع الدائر في سوريا , وتبنت الجبهة رواية النظام المجرم , المجموعات المسلحة والمؤامرة الكونية على سوريا المقاومة والممانعة.... و غير ذلك من الشعارات الزائفة , وشكلت لجان شعبية من شبيحة النظام (البلطجية) وأتباع أحمد جبريل , لحماية المخيمات من المجموعات المسلحة كما تدعي , وبدأت الاعتقالات تطال الفلسطينيين أنفسهم على يد هذه اللجان , فثار الفلسطينيون على هذا الظلم , ودارت بعض المعارك هناك , فما كان من النظام إلا أن دك المخيم بالهاون والدبابات , وسقط عدد من الشهداء والجرحى .
 وفي سابقة خطيرة من نوعها , أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الطائرات الحربية السورية , قصفت الأحد 16/12/2012 مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين بدمشق .
و قال اتحاد شبكات أخبار المخيمات الفلسطينية على صفحته على الفيسبوك : إن أكثر من 20 شخصا قتلوا في ثلاث غارات شنتها طائرات سورية على أحياء في مخيم اليرموك بدمشق .
 وأوضح الاتحاد أن الطيران الحربي شن لأول مرة ثلاث غارات على قلب مخيم اليرموك , الأولى على مسجد عبد القادر الحسيني , والثانية بالقرب من مدرسة الفالوجة , والثالثة على محيط مشفى الباسل و حي الجاعونية مما أدى لوقوع عشرات الشهداء و الجرحى .
وتأتي هذه الغارات بعد أيام من الاشتباكات العنيفة بين الجيش الحر من جهة وشبيحة النظام و أتباع أحمد جبريل من جهة أخرى , وأن الغارات جاءت على ما يبدو دعما لأحمد جبريل وأتباعه , بعد أن أعلن ناشطون سوريون أن مائة عنصر من الجبهة انشقوا عن الجبهة وانضموا للجيش الحر , وأن الاشتباكات ما زالت مستمرة للسيطرة على المخيم من قبل الجيش الحر .
 ونقلت وكالة رويترز عن مصادر فلسطينية وناشطون سوريون تحدثوا أمس عن مغادرة جبريل مع عائلته إلى مدينة طرطوس الساحلية مع تفاقم القتال عند أطراف المخيم .
وقد دانت حركة حماس وفتح هذا القصف , وحملت القيادة الفلسطينية النظام بدمشق المسؤولية الكاملة عن القتلى و الجرحى الذين سقطوا .
ونقلت مصادر فلسطينية و ناشطون سوريون أن عدد الشهداء من الفلسطينيين الموجودين في سوريا بلغ حوالي 755 شهيدا منذ بداية الثورة السورية و حتى الآن .
واللافت في الموضوع , أن النظام الذي لبس قناع المقاومة والممانعة منذ عقود , يفعل اليوم بالفلسطينيين ما يفعله الاحتلال الاسرائيلي في فلسطين المحتلة , من قصف وقتل وتهجير , بل ربما سبق اليهود في ذلك .
وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على التقارب الكبير بينهما , تقارب يجيب عن سؤال لطالما ردده السوريون منذ أشهر : ما سر بقاء هذا النظام المجرم , الذي يقتل شعبه منذ أكثر من 21 شهرا , أمام سمع و بصر العالم دون أن يتحرك أحد لإيقافه؟
  وجاء الجواب بعد انطلاق الثورة السورية المباركة , التي كشفت خيوط ذلك  التحالف الخفي الظاهر بين هذا النظام المجرم وبين الاحتلال الإسرائيلي , تحالف يسمح للنظام برفع شعار المقاومة لإسرائيل بالقول , دون أن يطلق رصاصة واحدة تجاه إسرائيل بالفعل منذ عام 1973 .
فهل بقي للنظام قناع يغطي جرائمه وخيانته للدين و الوطن والأمة بعد كل هذا ؟
 



مقالات ذات صلة