الولاء لإيران عقيدة أم موقف سياسي؟

بواسطة زكريا النوايسة قراءة 721

الولاء لإيران

عقيدة أم موقف سياسي؟

 

                                                                          زكريا النوايسة

 

لا يكاد يختلف اثنان على أن إيران استطاعت أن تدخل في أدق تفاصيل الحياة العربية السياسية والاجتماعية والدينية والثقافية ،ولم تقف عند حدود التأثيـر الجانبي في هذا القرار أو ذاك ،بل أصبحت صانعة له في كثير من الأحيان ، كيف لا وهي تتحكم بخبثٍ ودهاء بأهم محفزات الاستفزاز عند الإنسان العربي ، من قضية فلسطين إلى قضية العراق إلى الحالة الهلامية في لبنان .

وربما سنجد من ينكر هذا الولاء ويصوره على أنه مجرد موقف استراتيجي أملته الظروف السياسية على الأرض ،وسيجاهد بشدة لإقناع الآخرين بأن إيران دولة ( شقيقة ) أو بأحسن الأحوال دولة جارة تسعى ببراءة لمد يدها لمحيطها لصياغة علاقات أخوية متوازنة ، وبالرغم من أن إيران نفسها تفصح نواياها التي تناقض ما يذهب إليه هؤلاء إلا أن البعض سيصر على أن إيران هي الخيار السياسي والأمني الأفضل للعرب .

وفي موقف غير مستغرب من أحد أهم الحركات المذهبية في الوطن العربي ولاءً لإيران ( حركـة أمل ) فقد صرح نائبها في البرلمـان اللبناني أيـوب حميد : ( كيف يمكن للعرب أن يوافقوا على احتضان النظام الليبي للقمة العربية ودوره في التآمر على سوريا وإيران معروف وهو مطلوب للعدالة والقضاء اللبنانيين) ونائب أمل في تصريحه هذا حرص على زج اسم سوريا ليثير انطباعاً بأنه وحركته حريصون كل الحرص على قضايا الأمة ومصالح العرب الكبرى التي طالما وقف منها القذافي موقفاً عجيباً لا يستدعي إلا السخرية ، ولكن المعطيات العديدة للحراك الإيراني في المنطقة ستدفعنا إلى الثابت واليقيني في تصريح هذا النائب والذي لا يمكن تفسيره إلا من باب الهمّ المذهبي ، فالخلاف الإيراني والشيعي عموماً مع ليبيا ينطلـق من اتهامهم لها باختطاف موسى الصـدر فـي سبعينيات القرن الماضي ، وسوى ذلك من اتهامات تأتي في سياق تجميل ودعم هذا الاتهام .

ومن المفيـد الإشارة إلى أن لبنان لم يعد ذلك البلد صاحب القرار السيادي المستقل ، فحركة أمل وحزب الله ومن دار في فلكهم يطبقون على القرار اللبناني ، ولا يسمحون أن يكون هناك موقفاً لهذا البلد إذا لم يتوافق تماماً مع فتاوى وأحلام ورغبات سماحة المرشد في إيران ، وهذا يجعلنا نعيد التفكير ألف مرة بقدرة لبنان على الخلاص من الشرك المذهبي الذي نصبته له إيران واستطاعت من خلال أذرعها اختطاف مواقفه السياسية وقراراته السيادية .

وفي اتجاهٍ مشابه تخرج علينا الصحافة بخبر وزير الدولة البحريني المتهم بعملية واسعة لتبييض الأموال لصالح الحرس الثوري الإيراني ، وهذا يجعلنا نعيد السؤال الذي سأله ذات يوم الرئيس المصري: هل ولاء الأقليات الشيعية في المناطق العربية لدولها أم أنّ هذا الولاء منسحب كليةً لصالح دولة الوليّ الفقيه ؟ ولعل حادثة هذا الوزير وتصريح نائب أمل وربط ذلك بالدعوات التي تنادي جهاراً نهاراً لتسليم مفاتيح القرار العربي لإيران تعطي مؤشراً واضحاً عن شكل العلاقة بين الجمهوريات المذهبية التي تشكلت في رحم السياسة العربية والجهد الإيراني الحثيث لفرسنة المنطقة تحت مزاعم المقاومة والممانعة تارةً ، أو تحت ستار الجبة الدينية تارةً أخرى .

 

 



مقالات ذات صلة