الخبـر: صرح أحد السياسيين اللبنانيين، أثناء زيارة خاصة إلى العاصمة الأمريكية، بأن "لوبي إيراني" برز في واشنطن بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، رفيق الحريري، يدفع الإدارة الأمريكية لتقديم مصالح إيران على مصالح الدول العربية.
التعليـق:
عمـرو نبيـل
مفكرة الإسلام: يأتي هذا التصريح بالتزامن مع الذكرى الخامسة لاغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، رفيق الحريري، وتكمن أهميته في الربط بين اغتيال الحريري وتنامي النفوذ الإيراني في واشنطن، وهو ما يطرح تساؤلًا.. كيف يؤدي اغتيال الحريري إلى تنامي النفوذ الإيراني في واشنطن؟
والحقيقة أن الإجابة على هذا التساؤل إنما تدور في إطار العلاقة بين المصالح الإقليمية والمصالح الدولية؛ فإيران دولة لديها مشروع إقليمي تسعى لتحقيقه في منطقة الشرق الأوسط، وهي تعلم تمامًا مدى الأهمية الإستراتيجية لهذه المنطقة على المستوى العالمي، وأنه لا يمكن تمرير أي مشاريع سياسية بها إلا بموافقة الولايات المتحدة وبمراعاة مصالحها في المنطقة، خاصة وأن مساعي طهران لتنفيذ مشروعها الإقليمي تتزامن مع المساعي الأمريكية لفرض سياسات "العولمة" وتأكيد هيمنتها كـ "قطب أوحد".
وبالتالي فنجاح المشروع الإيراني إنما يقوم على ركيزتين أساسيتين: الركيزة الأولى، أن تثبت طهران أنها الدولة الأقوى في المنطقة، والثانية – وهي مبنية على الركيزة الأولى- أن تثبت إيران للولايات المتحدة أنها الأقدر على حماية مصالحها في المنطقة، وبالنسبة للركيزة الأولى، فتعتمد إيران في حقيقها على إحداث خلل في ميزان القوة العسكرية بالمنطقة لصالحها من خلال البرنامج النووي وتصنيع الصواريخ المتطورة، فضلًا عن تسليح حلفائها وأهمهم "حزب الله" اللبناني، وفيما يتعلق بالركيزة الثانية، بدأت طهران في تكوين "لوبي إيراني" لطرق أبواب واشنطن وتقديم أوراق اعتماد طهران كراعي للمصالح الأمريكية في المنطقة.
وهنا يظهر رفيق الحريري كحجر عثرة أمام المشروع الإيراني؛ فعلى الصعيد الداخلي في لبنان –وهو المتعلق بالركيزة الأولى في المشروع الإيراني- مثل رفيق الحريري قوة سنية متنامية وعصية على الهزيمة، ما يعني تقييد "حزب الله" الحليف الأول والذراع الأقوي لإيران في المنطقة، وبمقارنة بسيطة بين "حزب الله" قبل وبعد اغتيال رفيق الحريري تتضح لنا مدى المكاسب الإقليمية التي عادت على إيران من الاغتيال؛ فلقد أعلنها حسن نصر الله، الأمين العام لـ "حزب الله"، صراحةً أنه ينتمي لـ "ولاية الفقيه"، بل ويفخر بذلك.
وعلى الصعيد الخارجي–وهو المتعلق بالركيزة الثانية في المشروع الإيراني-، وعلى الرغم من صغر حجم لبنان السياسي في المنطقة، ألا أن رفيق الحريري كان المسؤول العربي الثالث، الذي يستقبله الرئيس الأمريكي السابق، جورج دبليو بوش للتعرف على وجهة النظر العربية بعد الرئيس المصري، حسني مبارك، وخادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز، وإذا أخذنا في الاعتبار توتر العلاقات بين بوش ومصر، خلال هذه الفترة، يتبين مدى انعكاس ذلك على مكانة رفيق الحريري الإقليمية بالمنطقة، خاصة مع تطابق مواقفه مع الرياض، كما أن رفيق الحريري كانت تربطه صداقة خاصة بالرئيس الفرنسي السابق، جاك شيراك، وعائة جورج بوش، فلقد كان رفيق الحريري، أكثر رؤساء الوزراء العرب علاقات شخصية مع سياسيي العالم؛ نظرًا لثرائه واستثماراته الخارجية.
سارعت طهران في تكوين لوبيهات وشبكة علاقات دولية في واشنطن والعواصم الغربية –على أنقاض شبكة رفيق الحريري- لتمرير مشروعها الإقليمي، وهو ما يبرر التراجع الملحوظ والمتكرر في المواقف الغربية تجاه طهران، حيث يرجع الفضل في ذلك إلى ضغط اللوبيهات الإيرانية، والتي يدعمها النظام الإيراني بقوة.