السياسة الإيرانية الانتهازية تجاه الإسلاميين.. هل تنجح؟

بواسطة اسامة شحادة قراءة 2585
السياسة الإيرانية الانتهازية تجاه الإسلاميين.. هل تنجح؟
السياسة الإيرانية الانتهازية تجاه الإسلاميين.. هل تنجح؟

أسامة شحادة

رغم حرص نظام الملالي، طيلة سنوات طويلة، على كسب تأييد الجماعات الإسلامية، وخاصة جماعة الإخوان المسلمين، له ولسياساته، إلا أن الربيع العربي تسبب في ابتعاد الإسلاميين وجماعة الإخوان عن إيران وربيبها حزب الله، لاسيما بعد خيانة إيران للثورة السورية.

فمع بداية الربيع العربي، أيدت إيران وباركت الثورة ضد زين العابدين بن علي وحسني مبارك وعلي عبدالله صالح، كما ما حصل في البحرين. وحاولت إيران أن تمد عباءتها على تلك الثورات، فلم يقبل بها إلا الحوثيون في اليمن، والجمعيات الشيعية في دوار اللؤلؤة بالبحرين. أما ثوار تونس ومصر، وعلى رأسهم الإخوان المسلمون، فقد أعلنوا رفضهم للوصاية الإيرانية أوالاقتداء بالثورة الخمينية.
وتصاعد هذا الخلاف وتعمق هذا النزاع مع تورط إيران وحزب الله، من منطلق طائفي، في تأييد جرائم نظام بشار الأسد بحق الثورة السورية؛ هذا التورط الذي شمل الدعم المعنوي والسياسي، كما الدعم المادي بالمال والعتاد والرجال، فأصبحت جماعة الإخوان في الإعلام الإيراني من أتباع وأذناب الصهيونية والاستكبار. ولذلك دعمت إيران المرشح الناصري حمدين صباحي ضد مرشح الإخوان محمد مرسي في انتخابات الرئاسة، واتهمت جهات سورية خالد مشعل بتسريب أسرار عسكرية سورية لإسرائيل مقابل الإفراج عن أسرى فلسطينيين (مجلة الوطن العربي، 1/8/2012).

ولما وجدت إيران أن الإسلاميين وصلوا إلى الحكم في بعض البلاد العربية وأنهم لن يستلهموا التجربة الإيرانية البئيسة في الحكم، وإنما عيونهم تتجه صوب تركيا وماليزيا وسنغافورة لرؤية تجربتها عن كثب، والاستفادة مما يتلاءم مع بلدانهم، زمجرت إيران ودمدمت، وبدأت تهاجم حكومات الإسلاميين في مصر وتونس والمغرب، وتروج لكذبة سياسية تبتزهم بها.

فها هي مجلة الغدير الشيعية اللبنانية، في العدد 59 صيف 2012، تنشر مقالا لسامر عبدالله بعنوان "الإسلام والعلاقات الخارجية"، يقول في خاتمته: "إن فلسطين ستكون المعيار الفاصل الذي سيوضح مدى الالتزام بالبعد الإسلامي الحقيقي لهذه التيارات، إلى جانب الموقف العام من الصراع العربي-الإسرائيلي؛ فهل ستكتفي هذه الحركات، متى توطدت سلطاتها الدستورية، بالمطالبة بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وفق القرارات الدولية، أم ستطالب بكامل فلسطين وترفض


إلى جانب سؤال آخر يتعلق بالنظرة الإسلامية العربية لإيران؛ فهل ستكون إيران صديقة للحكومات العربية–الإسلامية الجديدة، أم سينشأ صراع عربي–فارسي جديد، أو بالأحرى صراع مذهبي سني شيعي يغذيه الغرب، ويسجل نقاطاً لصالح مفهوم الأمن القومي الإسرائيلي لما سيحدثه من شرذمة وتصدع كبيرين؟".

وعلى نفس المنوال، يكتب فهمي هويدي؛ حليف إيران الذي لا تهزه دماء آلاف الضحايا في العراق ولبنان وسورية: "لقد أصبحت العلاقة مع إيران أحد معايير استقلال القرار السياسى المصري، الأمر الذي يسوغ لنا أن نقول إن قرار مصر تطبيع العلاقات مع طهران سيكون إعلانا عن انعتاقها من أسر التبعية وانتقالها إلى فضاء الاستقلال المنشود" (السبيل 13/8/2012).

ولو حللنا هذه الكذبة السمجة، فسنخرج بالنتائج التالية:

تزعم إيران أن قضية فلسطين هي المعيار الثابت الذي يوضح مدى الالتزام بالبعد الإسلامي الحقيقي للتيارات الإسلامية، وخاصة الإخوان المسلمين، فما هو مدى التزام إيران وحلفائها؛ حزب

أليست علاقات إيران بإسرائيل ما تزال مستمرة منذ فضيحة "إيران غيت"؛ هذه العلاقة التي وصفها الشاه بأنها "تشبه تلك القائمة بين عاشقين يعيشان قصة حب غير شرعية"؟ ولقد روى أبو الحسن بنى صدر وغيره تفاصيل صفقات السلاح من إسرائيل التي أذن بها الخميني، والتي منها شراء نظام الملالي ما استولى عليه الجيش الإسرائيلي من المقاومة الفلسطينية في بيروت في العام 1982، بقيمة 100 مليون دولار لمحاربة العراق! وما تزال تجرى إلى اليوم العديد من الصفقات

- شراء إيران من رجل أعمال إسرائيلي، بين العامين 1990 و1994، 150 طنا من مادة كلوريد

- شراء الإيرانيين 22 عربة مزودة بمعدات خاصة بالحرب الكيمياوية من القوات الجوية الإسرائيلية.
-
شراء إيران معدات من شركة "إلبيت" الإسرائيلية، وبموافقة وزارة الدفاع الإسرائيلية، بلغت

- باعت شركة "رابين تيكس" الإسرائيلية لإيران معدات للوقاية من الحرائق، وبموافقة وزارة

- التشاور حول مشروع إسرائيلي لنقل الغاز الطبيعي من إيران إلى إسرائيل عبر تركيا في كانون

- قيام إسرائيل بدفع تعويضات مالية لإيران نتيجة مستحقات نفطية كانت عليها لإيران إبّان حكم الشاه!! واتضح لاحقاً أن إسرائيل تشترى النفط الإيراني عبر وسطاء، وبعلم الطرفين الإسرائيلي والإيراني.
-
مشاركة ثلاثة مهندسين إسرائيليين ولمدة 20 يوما، في ترميم بنى تحتية قريبة من المنشأة النووية

- شراء الإيرانيين قطع غيار إسرائيلية للمعدات الزراعية، خصوصا في مجال زراعة القطن،

- شراء أجهزة إنذار إسرائيلية لسيارات الحكومة والشرطة الإيرانية ومنها سيارة محمود أحمدي نجاد!
هذه بعض نتف من الموقف الحقيقي الذي تقفه إيران من قضية فلسطين وعدوان إسرائيل، أما حلفاء إيران كالنظام السوري وحزب الله فليسوا أحسن حالاً.

فالنظام المجرم في سورية لماذا يلتزم بسلامة إسرائيل طيلة 40 سنة، ويبقي موقفه عن الإيرانيين مشرفا؟ ولماذا حين غزا الإسرائيليون بيروت في العام 1982 بقي جيش النظام في بيروت يصيد العصافير؟
أما حزب الله، أفلم يعقد تفاهمات نيسان مع إسرائيل كحال الأنظمة العربية والتزم بها؟ أليس ملتزماً بعدم المشاركة في القضية الفلسطينية بقصر عمله على الأراضي اللبنانية؟ فلماذا يحق لحلفاء إيران من ممالأة إسرائيل ما لا يحق لغيرهم؟!

أما الكذبة الثانية، وهي أن العلاقات مع إيران هي معيار الاستقلال، فهذه سماجة وقحة. فهل مطلوب أن تشعل إيران المنطقة طائفيا، في العراق ولبنان والبحرين واليمن وسورية والخليج، وتحتل جزر دولة الإمارات العربية، وتتدخل في شؤون العرب، وتمارس الخيانة مع الأميركيين في

إيران وحلفاؤها ينفذون وبدقة السياسة الإسرائيلية: ما هو لي فهو لي وحدي، وما هو لك فهو موضع تفاوض وتقاسم؛ فهم يريدون من الحركات الإسلامية، وخاصة الإخوان المسلمين، أن يكونوا تبعاً وأذناباً لهم، ولو تطلب ذلك الانخلاع عن القيم الإسلامية ونبذ الأخلاق وارتكاب الجرائم بحق الأهل والجيران، كما يفعل اليوم أحمد جبريل في قتل الفلسطينيين والسوريين إرضاء لإيران وبشار، وهي عادة قديمة لشبيحة النظام الأسدي.

هذا ما تريده إيران من الإسلاميين والإخوان، وإلا سلطت عليهم أبواقها الإعلامية، كالمنار والعالم والميادين، فجعلتهم عملاء وجواسيس وخونة! هذه هي سياسة الابتزاز الإيرانية مع الحركات

وإذا كان الإخوان في مصر والأردن وحماس لم يرضخوا بعد لهذا الإبتزاز الإيراني، إلا أن حركة النهضة في تونس يبدوا أنها وقعت في الفخ، فدعت حزب الله إلى مؤتمرها العام، وصرح الغنوشي مؤخراً بتمجيد إيران وخامنئي، وقام المتشيعون في تونس بدعوة سمير قنطار مؤيد بشار الأسد تحت شعار نصرة القدس



مقالات ذات صلة