رقم (146) وتاريخ (11/7/1408ه) .
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين، وقائد الغر المحجلين وإمام المتقين، نبينا محمد وعلى آله ذوي الصدق والوفاء، وأصحابه أكرم الصحب وأصدق الشرفاء من أتباع الأنبياء.
وبعد:
فإن مجلس هيئة كبار العلماء قد اطلع في دورته الحادية والثلاثين المعقودة في مدينة الرياض ابتداء من يوم 3/7/1408هـ وانتهاء بيوم 11/7/1408هـ على نتائج مؤتمرات وندوات علماء المسلمين خارج المملكة العربية السعودية في القارة الهندية وغيرها من بلدان المسلمين في آسيا وأفريقيا وفي مصر والسودان وسواها، وتوالت تلك المؤتمرات والندوات تندد وتستنكر وتحذر مما يرتكبه الإيرانيون باسم الإسلام، وهذه المؤتمرات والندوات عقدها هؤلاء العلماء إثر الجريمة النكراء التي قام بها أعوان حكام إيران في موسم حج عام 1407هـ، تلك الجريمة التي هزت العالم الإسلامي أجمع، وأقلقت علماء المسلمين في كل مكان، فنددوا بها في حينها، واستنكروها أيما استنكار، ووصفوها بأنها إلحاد في الحرم، وصد عن سبيل الله وجرأة على حرمه الآمن، وإيذاء لحجاج بيته الكريم. ثم بعد عودة الحجاج إلى أوطانهم ونقلهم الفظائع التي عرفوا واقعها، وأطلعوا على نتائجها المسلمين في بلادهم، وما استحله أعوان الخميني من حرمة الحرم، ودماء الحجاج، هب العلماء لتبصير المسلمين بأحوال قادة هذه الفتنة، وبينوا في قراراتهم خبث مقاصد مثيريها وبعدهم عن الإسلام، وأن ذلك من الإلحاد الذي يجب أن يعرفه المسلمون فيكافحوه، وقد صرحت هذه المؤتمرات والندوات بعدوان من أتى هذه الأعمال الشنيعة وإلحاده في حرم الله.
وبعد استعراض مجلس هيئة كبار العلماء لنتائج هذه المؤتمرات والندوات العلمية لعلماء العالم الإسلامي، رأى إصدار قرار بتأييد ما توصلت إليه تلك المؤتمرات والندوات من استنكار وما أرادته من تنبيه المسلمين إلى خطر هذه الفئة المنحرفة، والطائفة المجرمة التي سفكت دماء الإيرانيين في إيران بلا تمييز بين الفرق، وصدرت جرائمها إلى الحرمين الشريفين تريد إخافة المسلمين، وترويع الحجاج الآمنين،
ونشر المبادئ التي يعلن عنها الخميني في نشراته الإلحادية الشرسة وسطرها في كتبه العربية والفارسية التي تهدف في النهاية إلى صرف المسلمين عن القرآن الكريم وتعطيل سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابتة عنه، والتي نقلها عنه صحابته الكرام رضي الله عنهم، وتسعى هذه الأفكار إلى وصف أكرم هذه الأمة وهم صحابة رسول الله بالنفاق والكفر، وهذا صريح من كلام الخميني وأعوانه، وأن من لم يأخذ بها فدمه هدر عند هؤلاء الطغاة، ولا حرمة لماله أو عرضه. ولقد سبق أن صدر بيان استنكاري عن هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية فور وقوع الجريمة الخمينية على الحجاج والتي أرادوا لها أن تفسد على المسلمين حجهم، ولكن الله لطف، فوفق الحكومة السعودية إلى معالجتها بحكمة وحزم، فحج المسلمون آمنين ورجعوا يحملون أبشع صورة لأعمال الخميني وأعوانه، وقد أوضح المجلس في بيانه المذكور استنكاره لأعمال هؤلاء المجرمين، وإظهار صلتهم بأعداء المسلمين السابقين من القرامطة الذين انتهكوا حرمة البلد الحرام في الشهر الحرام، ومؤتمرات حكومة طهران تظهر مقاصد هذه الفئة الباغية، وما تبيته لدول العالم الإسلامي في جزيرة العرب والمغرب الإسلامي لتحولها إلى حكومات خمينية، وترى أن غير هذه الدول أسهل أمرا، ولكن الله سيخيب آمال الخميني وأعوانه كما خيب آمال أسلافه.
إن مجلس هيئة كبار العلماء يرى من أجل فضح هذه الفئة أن يوضح بعض ما ظهر من أعمالها بمناسبة ما تتابع من مؤتمرات وندوات إسلامية، واستنكارات واسعة النطاق، وذلك بما يلي:
لقد سلكت هذه الفئة المخذولة شتى السبل، واستخدمت كافة الوسائل، بهدف إقناع مختلف الأوساط بأن النظام الإيراني هو قائد الحركة الإسلامية، وحامل لواء الجهاد لتصحيح أحوال المسلمين فيما يزعم هؤلاء، وأن الخميني هو إمام المسلمين، وتهدف هذه الحركة في النهاية إلى تحويل المسلمين لمبادئ الخميني وأتباعه، وخصوصاً في المناطق التي لا تعرف حقيقة دعوته الضالة.
وقد سلكت هذه الفئة المنحرفة مختلف الطرق لنشر ضلالها، وإحداث الفتن في بلاد المسلمين، ومن أعظم ذلك استغلالهم موسم الحج للدعاية والتشويش، وإزعاج الحجيج وإشغالهم عن أداء مناسكهم بالهتافات السخيفة، والمسيرات المزعجة، والتجمعات الصاخبة ورفع صور زعماء الفتنة والهتاف بأسمائهم، وقد كان من نتائج ذلك تلك الجريمة المروعة، حيث انتهكوا حرمة البلد الحرام، في الشهر الحرام، وحملوا السلاح وقاموا بأعمالهم الإجرامية في اليوم السادس من شهر ذي الحجة من عام 1407هـ، وقد سقط فيها مئات القتلى والجرحى وقد سبقهم لمثل هذه الجريمة سلفهم وقدوتهم من القرامطة الملحدين الذين استباحوا حرم الله وقتلوا حجاج بيته العتيق، وملأوا بئر زمزم بجثث القتلى.
إن مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية إذ يسوق هذه الحقائق لينبه المسلمين إلى خطورة الأمر وهو أن المجتمع الإسلامي يواجه هجمة شرسة غريبة عليه، هي امتداد لهجمات الإلحاد والإباحية التي قام بها العبيديون والقرامطة الذين لا تخفى آثارهم السيئة على الإسلام والمسلمين.
فليتنبه المسلمون إلى الخطر المحدق بهم، وليسلكوا كل طريق لمقاومة هذا العدو الخبيث المتمثل في الخميني ودعاته، وعلى علماء المسلمين وأرباب القلم والفكر المسلمين كشف زيف هؤلاء الدخلاء على الإسلام، والحاقدين عليه، وبيان حقيقتهم، وتحذير المسلمين من الانخداع بزيفهم وبنفاقهم. ويكفي لمعرفة ضلال الخميني الرجوع إلى كتبه، والاطلاع على ما أورده فيها، ومن ذلك ما قاله في كتابه (الحكومة الإسلامية تحت عنوان: الولاية التكوينية صفحة (52) حيث يقول:
(إن للأئمة مقاماً محموداً ودرجة سامية، وخلافة تكوينية، وتخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرات هذا الكون، وإن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقاماً لا يبلغه ملك مقرب، ولا نبي مرسل).
ويتجاهل في كتابه هذا حكومة الخلفاء الراشدين الثلاثة الذين سبقوا علياً، فيقول صفحة (26): (لقد ثبت بضرورة الشرع والعقل أن ما كان ضروريا أيام الرسول صلى الله عليه وسلم وفي عهد الإمام أمير المؤمنين من وجود الحكومة لايزال ضرورياً إلى يومنا هذا) .
ويقول في صفحة (71): (وكان الرسول صلى الله عليه وسلم وأمير المؤمنين يقولون ويعملون).
ويقول في موضع آخر من كتابه هذا متهماً الصحابي الجليل سمرة بن جندب رضي الله عنه بأنه يكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم صفحة (60): (ففي الرواة من يفتري على لسان النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث لم يقلها، ولعل راويا كسمرة بن جندب يفتري أحاديث تمس من كرامة أمير المؤمنين).
فهذه مقتطفات من كلام الخميني تؤكد عقيدته ببطلان ما عليه المسلمون، وطعنه وتنقصه لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعدم اعترافه بخلافة الخلفاء الراشدين الثلاثة، وغلوه وتأليهه لبعض المخلوقين.
وإن مجلس هيئة كبار العلماء - بعد هذا الإيضاح - يؤيد حكومة خادم الحرمين الشريفين في جميع الخطوات التي اتخذت لصد الفتنة الخمينية في الحج والقضاء عليها.
كما يرى المجلس أنه يجب على حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز حماية حجاج بيت الله الحرام وتأمين سبلهم، ومنع من تسول له نفسه العبث بأمن الحجيج، ومن لم يلتزم بترك الأذى والشغب والمظاهرات وإيذاء المسلمين، يمنع من دخول الأماكن المقدسة.
وإن المجلس إذ يقرر ذلك يسأل الله سبحانه أن يحفظ لهذه الأمة دينها، ولهذه البلاد المقدسة أمنها وسلامتها، وأن يرد كيد الأعداء في نحورهم، وأن يوفق المسلمين في كل مكان للتمسك بشريعة ربهم والسير على منهج نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضوان الله عليهم إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
هيئة كبار العلماء
رئيس الدورة: عبد العزيز بن باز.
عبد الله خياط
عبد العزيز بن صالح.
عبد الرزاق عفيفي.
سليمان بن عبيد.
محمد بن جبير.
إبراهيم بن محمد آل الشيخ.
صالح بن غصون.
عبد المجيد حسن.
راشد بن خنين.
عبد الله بن منيع.
صالح اللحيدان.
عبد الله بن غديان.
حسن بن جعفر العتمي.
عبد الله البسام.
محمد بن صالح العثيمين.
عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ.
صالح الفوزان.
...................
المصدر : موقع مجلة البرهان