حسان القطب
16-12-2015
إيران الثورة والجمهورية الإسلامية، ونظام رجال الدين، والمرجعية الدينية والسياسية، وحكم الحزب الواحد، والميليشيا الثورية التي يطلق عليها اسم الباسيج، وديكتاتورية ولاية الفقيه، الذي يستمد مواقفه واحكامه وقراراته، بإلهام إلهي وإرشاد مباشر باعتبار ان الخامنئي يعتبر نائب الإمام المهدي، وصلة الوصل بينه وبين اتباعه.. وهذا بحسب عقيدة الثورة الإيرانية ومن يستلهم روحها وفكرها ودورها وسياساتها واستراتيجياتها ومعاركها وحروبها..
هذه الجمهورية لا تملك ان تقدم لشعبها، كما لمن يقف معها في العالم العربي والإسلامي، سوى التحريض الديني والمذهبي واستنهاض التاريخ وقراءة الأحداث السالفة بمآسيها وإعادة نكأ جراحها.. لا للإعتبار منها وعدم تكرارها ولكن بهدف التحريض وتعزيز الانقسام وتعميق الخلاف لا اكثر..؟؟ وفي الوقت الذي تنعم به ايران بنسبة مقبولة من الاستقرار، ينغمس حلفاء ايران في العالم العربي والإسلامي في صراعات دموية وحروب مباشرة مع إخوانهم في الدين والقومية وفي اكثر من بلد...؟؟ وعلى وجه التحديد في سوريا والعراق ولبنان واليمن، والباكستان وافغانستان وغيرها..؟؟؟ وفي الوقت الذي تتهدم فيه هذه الدول وتتراجع اقتصادياً واجتماعياً وتنهار سياسياً وامنياً.. تسعى في الوقت عينه ايران مستفيدةً من عامل الوقت السعي لبناء قوة اقتصادية ومنظومة عسكرية لتصبح قوة اقليمية مستفيدةً من تضحيات حلفائها وعلى حسابهم، ومن ثم تعزيز قبضتها على الداخل الإيراني، من خلال ايهام المجتمع الإيراني انه يتعرض لخطر عظيم دولي واقليمي، بعضه لاسباب سياسية، ولكنه في جوهره حرباً دينية يشنها اعداء ايران عليها بسبب انتمائها الديني...وهذا يتطلب التضحيات الجسام والانخراط في حروبٍ اقليمية لدعم اخوانٍ لهم في الدين والعقيدة...فيتم تجنيد الناشطين في ايران لإدارة حروب الاخرين من اتباعها على ارض العرب المسلمين...؟؟ فيبقى حينها المجتمع الإيراني في حالة حربٍ وتوتر وقلق وخوف مع محيطه ويقدم المال والدعم لصالح من يواليه..؟؟؟ وفي الوقت الذي تستنكر فيه ايران دخول قوات تركية مسلحة الى العراق او متطوعين للقتال الى جانب الثوار في سوريا...وتعتبره تدخل سافر وعمل تكفيري كما يقول اعلامها.. حيث (اعتبر نائب وزير الخارجية الايراني للشؤون العربية والإفريقية حسين امير عبد اللهيان، أن الوجود العسكري التركي على الاراضي العراقية امر خاطئ. ومنكر وضد الامن الاقليمي وان مثل هذه الاجراءات التي اتخذتها تركيا ستزيد من الفوضى وانعدام الامن في المنطقة ولن تساعد في القضاء على الإرهاب"...اطل علينا القائد العام للحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري داعياً إلى إلغاء الحدود بين كل من العراق ولبنان وسوريا، والتي تصفها طهران بـ"محور المقاومة". وكشف جعفري مؤكدا أن بلاده تحارب هناك في سوريا دفاعاً عن أمنها الداخلي، ورابطاً مصير النظام الإيراني بنتائج الحرب التي بات كل من إيران وروسيا طرفين مباشرين فيها. جعفري كان يتحدث في مدينة الأهواز العربية في اجتماع مع عوائل جنود وضباط الحرس الثوري والباسيج الإيرانيين الذين سقطوا قتلى في سوريا، وقال إن "أسباب التواجد العسكري الإيراني في سوريا للحفاظ على أمن "الجمهورية الإسلامية الإيرانية"، وأن الحرب في سوريا ستحدد "مستقبل الإسلام والعالم"،.وأن إيران منهمكة في الدفاع عن حدودها، التي تبعد آلاف الكيلومترات في سوريا..؟؟؟ وان التواجد العسكري الإيراني في سوريا له سبب آخر أيضا وهو إلغاء الحدود بين الدول التي أطلق عليها مسمى "دول المقاومة" بغية تحقيق "الوحدة الإسلامية".)...
تناقض واضح بين موقفي المسؤولين الإيرانيين من حيث المنطق وحتى من ناحية الالتزام بالمعاهدات الدولية والقانون الدولي؟؟ إذ إن مطالبة تركيا بالخروج من العراق..في الوقت الذي يتواجد فيه جيش ومتطوعين ايرانيين في كلٍ من العراق وسوريا ولبنان..يشكل تناقضاً ظاهراً..؟ كما ان مطالبة الدول العربية بفتح والغاء الحدود فيما بينها وبين ايران..!! وفي الوقت الذي تغلق فيه ايران حدودها باتجاه داخلها تقوم بفتحها باتجاه العراق، واقتحام الإيرانيين لمعبر حدودي عراقي ليس ببعيد، أي انها تريد فتح الحدود باتجاه واحد فقط نحو الدول العربية التي اشار اليها جعفري واوضحه بقوله ان الدفاع عن الجمهورية الإيرانية يكون في سوريا..؟؟؟، والهدف هو حماية داخل ايران ونقل الصراع الديني والمذهبي نحو الدول العربية وسائر جيران ايران...؟؟؟
إن هذه المواقف الإيرانية المتناقضة لها ما يبررها، وهو الاعتقاد الديني التكفيري الذي تعتنقه ايران ومن يؤيدها، والذي يبرر لها المطالبة بإلغاء الحدود لممارسة التدخل والقتل والتهجير والتدمير والإلغاء حيث تجد لها مصلحةً او حتى رغبة.. ! !ولكن مع الأسف هناك من لا يزال يعتقد بان ايران دولة تسعى للوحدة والتفاهم مع جيرانها وتحرير فلسطين وضرب المشروع الأميركي.. وهذا كله كما يبدو واضحاً عبارة عن شعارات لجذب التأييد واستقطاب النفعيين والماجورين وتجار القضايا العربية..؟؟ فالوحدة الإسلامية لدى ايران لها مفهوم واحد وهو الخضوع والعمل لخدمة نظام ولاية الفقيه وإحياء الامبراطورية الإيرانية القديمة تحت شعار ومسمى ديني ولكن لخدمة اهداف قومية فارسية وطموحات صفوية....تماماً كما كان الحال خلال حكم اكاسرة بلاد فارس حين تعاون معهم مناذرة العرب...؟؟؟
المصدر : المركز اللبناي للأبحاث والإستشارات