فلسطينيو العراق المأساة المنسية

بواسطة منذر الشامي قراءة 1394

فلسطينيو العراق المأساة المنسية

 

بسم الله الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ، أما بعد :

لقد تحمل الشعب الفلسطيني في العراق نفس معاناة الشعب العراقي في جميع مراحلها إن لم نقل أكثرها فمن الحرب العراقية الإيرانية إلى حرب الخليج الثانية إلى الحصار على العراق فترة التسعينيات كل هذه المراحل عانى منها الفلسطيني مثله مثل العراقي كيف لا وهو يعد من نسيج هذا المجتمع لكن هنالك ملاحظة مهمة وهي انه لم تقدم أي هيئة إغاثية دولية أو أممية أي مساعدة لهذا الشعب خلال هذه الفترة علما انه ضمن القوانين الدولية يعد من ضمن اللاجئين وهذا ما نراه من اهتمام باللاجئين الفلسطينيين في لبنان وسوريا والأردن علاوة على غيرهم من لاجئي العالم . 

وبعد هذا الإهمال خلال هذه الحقبة جاءت فترة احتلال العراق ولا أقول مبالغا انه لم يتعرض أي شعب فلسطيني في أي دولة يتواجد فيها مثل ما تعرض له الشعب الفلسطيني في العراق , ففي كل دولة تعرض فيها الفلسطينيون لأذى مثل لبنان أو فلسطين أو غيرها بقى النسيج الفلسطيني كما هو وبعد انتهاء المحنة يمارس هذا الشعب حياته اليومية دون التعرض إلى مشاكل طائفية أو عرقية أو تمييز أو اضطهاد ، وحتى إخواننا في غزة الصامدة رغم صمودهم البطولي أمام العدو اليهودي المجرم فان النسيج الفلسطيني بقي كما هو علما أنهم في أرضهم وبين أبناء شعبهم وملتهم، وكلنا سمع كيف أن المساعدات بكل أنواعها تقاطرت على أبناء غزة من الشعوب و الحكومات وبالمليارات وكيف عقدت المؤتمرات العربية والعالمية لاعمار هذا البلد المنكوب والصامد وهم يستحقون أكثر من هذا ، مع أن حل مشكلة الفلسطينيين في العراق أخف وأيسر وأقل من ذلك بكثير لقلة عددهم !!!.

ولكننا فقط نقارن بين محنتهم ومحنة الأخوة الفلسطينيون في العراق الذين تعرضوا لأبشع أنواع التطهير العرقي والمذهبي من أول يوم للاحتلال, ففي بغداد وبعد التحسن النسبي الأمني أخيرا، كما يقال أضحى الفلسطيني بعد أن فقد احد أفراد عائلته آو مسكنه آو وظيفته غير مرغوب فيه من قبل الحكومة ولا يستطيع التعايش حتى مع الشعب بعد هذا الزلزال الذي حدث , والحملة المنظمة المقصودة لتشويه صورته وإظهاره بمظهر الإرهابي  فأصبحت الجالية شبه محاصرة في تجمعاتها , إضافة إلى تحملها معاناة قلة الخدمات ونقصها وفقدان الآمن وهذا يشترك الفلسطيني مع العراقي فيه .

أما من هرب بنفسه وعائلته و الذين يتواجدون على الحدود العراقية في مخيم الوليد أو بين الحدين السورية - العراقية في مخيم التنف أو داخل سوريا كما هو مخيم الحسكة , فيعيشون منذ سنوات في ظروف- وأقولها وقلبي يعتصر ألما - لا تعيش فيها حتى الحيوانات يتحملون حر الصيف وبرد الشتاء القارص هم وأطفالهم ونسائهم وشيوخهم مع قلة الطعام وغيرها من سبل العيش ومع الأسف لم نر مؤتمرات تعقد من اجلهم ولم نر مساعدات ولم نر هذا الكرم المقدم من قبل الدول الإسلامية بكل أطيافها تجاه غيرها من القضايا حتى لم تتم مناقشة معاناتهم في أي مؤتمر قمة عربي أو أممي .

وفي المقابل  تجد من دول الكفر مع الأسف الشديد ومع الحسرة والألم من مد يد المساعدة على استحياء لأخذ بعض الأفراد كل فترة بعد معاناة شاقة وأليمة لهؤلاء الأفراد في هذه المخيمات وكلنا يعرف قصد هذه الدول من استقبال الفلسطينيين على أراضيها فهم ليسوا جمعيات خيرية وقد قال الله فيهم (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ) 120) سورة البقرة ) والكل يعرف وخاصة من ذهب إلى هناك كيف أن هنالك برامج معدة سلفا لأبناء الوافدين إلى هذه الدول لتغيير أخلاق وعادات ودين أبنائنا ضمن برامج طويلة معروفة للجميع علاوة على تفتيت المجتمع الوافد عبر تفريقه في مناطق متباعدة إلى غير ذلك ولكني لا ألوم الفلسطيني لهجرته لهذه الدول بعد أن سدت كل الأبواب في وجهه ولكني أوصي إخواننا أن يكونوا عل حذر وفي أول فرصة سانحة لهم أن يرجعوا إلى بلاد المسلمين إذا تمكنوا من ذلك حفاظا على أبنائهم وذرياتهم وكما في الحديث النبوي الشريف  " عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ وَعِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ وَوَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ"رواه الترمذي وقال الألباني صحيح .

إن هذه لهي بحق المأساة المنسية بعد عدوان العدو وتقصير وتخلي القريب عنا فإلى الله المشتكى نسال الله أن يفرج الكربات عن إخواننا في كل مكان ويرزقهم عز العيش في الدنيا والآخرة اللهم آمين .

 

24/3/2009

منذر الشامي 



مقالات ذات صلة