العمائم الحمر تحكم لبنان والعراق
جاسم محمد
اختارت إيران ان تلعب لعبة الكبار وتكون بديلا عن الاتحاد السوفيتي السابق، وقلدتهم باختيار من يقاتل بالنيابة عنها وينفذ سياستها اقليميا ودوليا لتنقل مخاطر اللعبة خارج اراضيها. فنفخت المرشد الأعلى في حسن نصر الله في لبنان واستضافت مقتدى الصدر في حوزة قم الفارسية بدلا من حوزة النجف العربية ودعمت أتباع بدر الدين الحوثي وحزب الشباب المؤمن في اليمن برغم اختلافه مذهبيا مع ولاية الفقيه، ومنها عدم إيمانه بالائمة الاثني عشر. ومدت إيران دعمها إلى دول أسيا الوسطى التي كانت تحت سيطرة الاتحاد السوفيتي لتعلن جهارا دورها البديل.
نجحت إيران الملالي بعمائمها السود والبيض بإبعاد شبح الحرب عنها منذ ان تجرع أمامها الخميني السم في 8/8/1988 عمائم قم وخريجي حسينيات طهران أثبتت قدرتها وحنكتها ودهائها بقراءة الأدعية والتعاويذ لترويض شيطانها الأكبر أكثر من زعمائنا العرب حمله شهادات الدكتوراه الشرفية والتقديرية.
بلاد فارس بعد ان فشلت بتصدير الثورة الإسلامية نجحت وببراعة بتصدير العمائم السياسية المفخخة والإرهاب. وهي تنتقم لضحاياها في حرب تصدير الثورة الإسلامية للعراق وتبني إمبراطورية فارس الجديدة على أشلاء العراقيين.
العرب الذين كانوا يوما مادة الحضارة العربية الإسلامية بكل ما تعنيه من علوم وفلسفة وفقه، اليوم يتحولون ليكونوا مادة لامبراطورية محمود احمدي نجاد.
وضعت ايران ما تدعيه من فتاوى إسلامية جانبا وكشرت عن أنيابها وكأنها دراكولا الشرق وجمعت متضادات المذاهب، من تكفيري وشيعي، وتعاملت مع شيطانها الأكبر والأصغر لتجعل من العراق مأتما وعزاء دائما وكربلاء مفجوعة بدم شهدائها لتشفي شيئا من غليلها. وأصبحت إسلامية اكثر من أهل مكة الذين وضعوا الحجر الأسود ونسوا أن يشركوا أهل ساسان وملكها انذاك اردشير. ايران احمدي نجاد اليوم هي من يحدد توقيت الصراع العربي مع اسرائيل لتطمئن من اشغال العرب بحروب استنزاف وتشغل المنطقة لتختصر المسافة باتجاه تحولها الى دولة نووية كاملة الدسم، ولتضم دولا عربية بدل الاكتفاء بجزر الإمارات ابو موسى وطنب الصغرى والكبرى.
حزب الله صناعة إيرانية خالصة من نتاج إمامها الخميني عام 1982 أرضعته من راديكالية الثورة الإسلامية واختارت أمينها العام حسن نصر الله ليكون خامنئي مصغر في لبنان. ومنحته هوية إسلامية جهادية وانتزعت هويته الوطنية مستغلة "مظلومية الشيعة" المزعومة لتكثر اللطم وضرب الزنجيل ولتخفف عنهم ما يعانوه من عقدة اوديب وهاملت لان يوميات العرب باتت متخمة بالكرنفالات والسامبا ليكون حزب الله هو الحامي للبنان. ولم تبخل ايران بتزويده إصدارات ومنشورات الثورة الايرانية ولا تبخل بالتمويل المالي الذي يمتد الى بنوك اوروبا ولا بتزويده بالصواريخ التي تجاوز عددها الـ 20.000 صاروخا.
وفي كل مرة لا تنسى طهران أن تدس الملصقات والجداريات لمرشد الثورة خامنئي لتذكرهم بضرورة الركوع أمامها عند كل مدخل وبيت ليكون حزب الله دولة داخل دولة، ان لم تفق إمكانياته الكثير من الدول. وليتحول حزب الله إلى حلال مشاكل الشيعة في لبنان والى جمعية خيرية تجمع الصدقات وتأوي اليتامى من شهدائها، اما حسن نصر الله فيتحول الى رئيس جهاز استخباري ندا للموساد وهو يخفي تحت عمامته أجهزة إرسال وتنصت عندما يفاوض الموساد باخراج سجنائه مقابل رفات الجنود الاسرائيليين. ويبدو ان التجارة في رميم العظام اصبحت مربحة سياسيا بموازاة ما يتاجر به ساسة العراق في المقابر الجماعية والتي لم تجد عوائلهم غير الشعارات والوعود.
حزب الله يتخذ من الحارات اللبنانية مربعات أمنية لإدارة عملياته الاستخبارية والعسكرية واستطاع التجذر داخل المجتمع اللبناني من خلال الغطاء الانساني. هذا الاسلوب اتبعه المستشارون الامنيون لحزب الله مع جيش المهدي في العراق واصبحوا يديرون الحلقات الدراسية لنشر افكارهم. اتباع حزب الله هم افغان الشيعة، مع فارق واحد وهو اضافة اللون الاسود على العمائم الى جانب اللون الابيض، ولربما يجعلها حسن نصر الله عمائم صفراء أو حمراء لتعيد أمجاد الصفويين.
حسن نصرالله ما زال امينا عاما للحزب منذ 1992، وللمرة الخامسة برغم ان النظام الداخلي اشار الى تحديدها لفترتين لكنه يبدو غير مقاس الامانة العامة ووسع حجم جدارياته لتتماشى مع مقاسه الخاص.
فأي حزب هذا الذي يملك قوة عسكرية تفوق قوة الدولة؟
ما كشفت عنه القوات الامنية العراقية والجيش الاميركي بتورط قيادات حزب الله اللبناني في العراق وتحالفهم مع تنظيمات القاعدة ووجودهم حتى في المناطق ذات الاغلبية السنية المغلقة ومنها الاعظمية يؤكد بان طهران لا دين لها ولا مذهب وما يحدد سياستها هو اطماع احمدي نجاد الصفوية.
وكان قرار مجلس الامن 1701 الصادر في 8/2/2006 نقطة لاعادة تأهيل وترميم قوة حزب الله العسكرية. ولم يتردد حسن نصرالله من تحويل خطابه الى خطاب طائفي والتدخل في شؤون العراق الداخلية كأن العراق اصبح تحت وصاية الراية الصفراء وولايه الفقيه.
ايران وحزب الله شجعتا عمليات الغوغاء التي قام بها اتباع الصدر لتكون في مواجهة مع المذهب السني والتي لم يشهدها التاريخ منذ التبشير بالمذهب الشيعي من قبل الصفوييون بزعامه جنيد وحيدر للفترة 1450/ 1722. ولم يتردد حزب الله من ازالة اللثام والنزول ميدانيا لمساندة "اطلاعات" (جهاز المخابرات الإيراني) وتشكيل فرق الموت من العناصر الهاربة الى ايران والمطلوبين من قبل النظام السابق لتصفية الضباط العراقيين ولارجاع العراق الى الفترة المظلمة وانتزاع خوذ ضحاياها التي سطرها العراقيون تحت قوس النصر.