25-12-2013
لم تكن قبلة المسلمين في صلاتهم وعبادتهم محض اختيار منهم بل لم تكن نزولا على رغبة احد منهم, فقد كانت قبل البيت الحرام في مكة المكرمة إلى المسجد الأقصى في الأرض المقدسة, ورغم رغبة المسلمين ومعهم النبي صلى الله عليه وسلم في ان يتوجهوا بصلاتهم إلى البيت الحرام إلا أن الله سبحانه انزل أمره في الوقت الذي شاءه بتغيير القبلة إلى البيت الحرام, فقال سبحانه لرسوله الكريم وللمؤمنين "قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ".
ومن يومها والى يوم الدين بإذن الله لن تكون للمسلمين الذين يؤمنون بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا قبلة غير هذه القبلة مهما كانت محبتهم لبقعة في الأرض غيرها, أو مهما عظموا ديارا سواها, فهي تكليف الهي والتشريع الإلهي قد انقطع بتمام القران وبوفاة النبي صلى الله عليه وسلم.
ولم يجرؤ مسلم في يوم من الأيام أن يطالب بوجود قبلة أخرى غير المسجد الحرام غير الفرق الضالة التي تعلن كذبا وزروا أنها تنتمي للإسلام وفي حقيقتها فرق باطنية خبيثة, فأصحاب البهائية الضالة يتوجهون بقبلتهم إلى البهجة بعكا بفلسطين, والبهرة يتوجهون في صلاتهم إلى قبر الداعي الحادي والخمسين طاهر الدين المدفون في مدينة بومباي في الهند ويطلقون عليه اسم الروضة الطاهرة, وغير ذلك من الفرق الضالة المضلة.
واليوم بعد حدوث الكثير من التغيرات في الفكر الشيعي الذي بات يعلن الكثير من أفكاره بوضوح بعد تخليه عن فكرة التقية تتوالى تباعا معتقداتهم وأفكارهم البعيدة تماما عن الإسلام والتي تخالف ما عليه المسلمون من ثوابت عقائدية أو تعبدية.
ولهذا أعلن رئيس الوزراء العراقي الشيعي في لقاء مصور مرئي بث على المواقع الإخبارية بأنه يطالب بان تكون كربلاء هي قبلة المسلمين الذين يتوجهون إليها خمس مرات يوميا والسبب كما ادعى لوجود قبر الحسين بن علي رضي الله عنهما فيه.
فقال نورى المالكى: "إن كربلاء لابد أن تكون قبلة العالم الإسلامي لأن فيها الإمام الحسين, وأعرب عن أمله في تطوير منطقة كربلاء لتليق باستقبال زوار الإمام.
وأضاف في كلمته التي ألقاها في احتفال أقيم بمناسبة ذكرى أربعين الحسين الذي يحتفل به الشيعة أن: "زائري الأمام الحسين ليسوا فقط في المناسبات التي نحياها في العاشر من المحرم والأربعين وإنما في كل جمعة وكل يوم 5 مرات"، ويعني بذلك في الصلوات الخمس معتبرًا أن قبره- رضي الله عنه - يجب وأن يكون قبلة للمسلمين في كل العالم الإسلامي!!.
وعلى الرغم من هذا فان تعيين مكان قبر الحسين رضي الله عنه على وجه الدقة فمتعذر منذ زمن طويل وفيه اختلاف أقوال كثيرة, وذلك أيضا لوجود أكثر من مسجد يدعى أن بعضا من جسد الحسين مدفون فيه منه المسجد المنسوب باسمه في مصر وعسقلان وغيرهما, وفي روايات افتراق الرأس عن الجسد اضطراب كبير, وذكر بعضا منها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وكذلك مشهد الرأس الذي بالقاهرة، فإن المصنفين في مقتل الحسين اتفقوا على أن الرأس لم يعرف، وأهل المعرفة بالنقل يعلمون أن هذا أيضاً كذب، وأصله –أي المشهد الذي بالقاهرة– أنه نقل من مشهد بعسقلان، وذاك المشهد بني قبل هذا بنحو من ستين سنة، في أواخر المائة الخامسة، وهذا بني في أثناء المائة السادسة، بعد مقتل الحسين بنحو من خمسمائة عام، والقاهرة بنيت بعد مقتل الحسين بنحو من ثلاثمائة عام، وهذا المشهد بني بعد بناء القاهرة بنحو مائتي عام"(1).
والأغرب من هذا أنهم يتشابهون مع النصارى في أنهم يحتفلون في كربلاء بالحسين وأسلافهم الذين خذلوه وتخلوا عنه في ذات المكان, فمثلهم كمثل النصارى إذ يحتفون بالصليب وأصله الخشبة التي يدعون أن المسيح عليه السلام صلب عليها, وهذا لا نقره ولا نؤمن به لقوله تعالى: "وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ" فلم يكن أحرى بالفريقين أن يشعرا بالخزي والعار من الشعار والمكان بدلا من الاحتفاء بهما؟.
إن هذا الوضوح الكبير في تمايز الشيعة اليوم ينبئ بأنهم تخلوا تماما عن أفكار التقية وما بقي غير التمايز الذي سيظهر صورتهم الحقيقية لمن كان مخدوعا فيهم سواء من شيعة العرب أو من بعض السنة الذين لا يزالون في غفلتهم.
المصدر : مركز التأصيل للدراسات والبحوث
ـــــــــــــ
(1) مجموع الفتاوى (6/296)