د. محمد عمارة
يستغرب البعض استخدام محب الدين الخطيب مصطلح دين الشيعة بدلا من مذهب الشيعة.. لكن الذين خبروا حقيقة عقائد الشيعة الإمامية يدركون دقة هذا الاصطلاح
نعمة الله الجزائري ـ شيخ الشيعة في عصره ـ يصف الأشاعرة بأنهم لم يعرفوا ربهم بوجه صحيح, فلا فرق بين معرفتهم هذه وبين معرفة باقي الكفار
خميني: إن من ضروريات مذهبنا: أن لأئمتنا مقاما لايبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل
كان العلامة المجاهد الشيخ محب الدين الخطيب (1303 ـ 1389هـ 1886 ـ 1969م) علما من أعلام الفكر والجهاد الإسلامي في القرن العشرين. وكانت المكتبة والمطبعة السلفية التي أسسها ـ بالقاهرة ـ مركزا لأحرار الفكر وأعلام الجهاد الإسلامي، وندوة علمية تربى فيها العديد والعديد من المفكرين والساسة والمجاهدين.كان العلامة المجاهد الشيخ محب الدين الخطيب (1303 ـ 1389هـ 1886 ـ 1969م) علما من أعلام الفكر والجهاد الإسلامي في القرن العشرين. وكانت المكتبة والمطبعة السلفية التي أسسها ـ بالقاهرة ـ مركزا لأحرار الفكر وأعلام الجهاد الإسلامي، وندوة علمية تربى فيها العديد والعديد من المفكرين والساسة والمجاهدين. ومن بين الآثار الفكرية التي خلفها لنا هذا الإمام المجاهد كتاب صغير ـ في عنوانه غرابة ـ هو (الخطوط العريضة للأسس التي قام عليها دين الشيعة الإمامية الاثنى عشرية)!.
وقد يستغرب البعض استخدام محب الدين الخطيب مصطلح "دين الشيعة" بدلا من "مذهب الشيعة". لكن الذين خبروا حقيقة عقائد الشيعة الإمامية يدركون دقة هذا الاصطلاح. بل يعرفون أن كبار علماء الشيعة أنفسهم لاينكرون ذلك، وأن منهم من جاهر باستخدامه. فشيخ الطائفة نعمة الله الجزائري (1212هـ 1797م) يعلن ـ في كتابه (الأنوار النعمانية) جـ2 ص 279 ـ مفارقة الشيعة لأهل السنة والجماعة ـ الذين يمثلون أكثر من 90% من المسلمين ـ حتى في الألوهية والنبوة!. فيقول: "إننا لم نجتمع معهم على إله ولا نبي، ولا على إمام، وذلك أنهم يقولون: "إن ربهم هو الذى كان محمد نبيه، وخليفته ابوبكر". ونحن لا نقول بهذا الرب ولابذلك النبي، بل نقول: إن "الرب الذي خليفته ابو بكر ليس ربنا ولا ذلك النبي نبينا"!.
- ونعمة الله الجزائري هذا ـ وهو شيخ الشيعة في عصره ـ يصف الأشاعرة ـ الذين يمثلون 99% من أهل السنة والجماعة ـ "بأنهم لم يعرفوا ربهم بوجه صحيح، فلا فرق بين معرفتهم هذه وبين معرفة باقي الكفار. فهم ومتابعوهم أسوأ حالا ـ في باب معرفة الصانع ـ من المشركين والنصارى. ولقد تباينا وانفصلنا عنهم في باب الربوبية"!.
- ولقد يحسب البعض ـ من الذين لم يقرأوا كتابا في أصول العقائد الشيعية ـ أن كلام نعمة الله الجزائري هذا تطرف مذهبي، أو اجتهاد غير ملزم لجمهور الشيعة. لكن الذين يعودون الى مصادر الأحاديث عند الشيعة، التي نسبوها الى أئمتهم المعصومين، والتي هي لذلك ـ ملزمة لهم جميعا، سيجدون في كتاب الكافي الذي جمعه الكلينى (329هـ 941م) ـ الذى يلقبونه "بثقة الإسلام" ـ والذي يقوم كتابه هذا عند الشيعة مقام (صحيح البخاري) عند أهل السنة والجماعة ـ سيجدون الشيعة يرون حديثا نسبوه الى الإمام الرضا ـ ابو الحسن عليبن موسى (153 ـ 203هـ 770 ـ 818م) يقصر فيه دين الإسلام على الشيعة وحدهم، ويخرج غيرهم من دين الإسلام. ونص هذا الحديث: "إن شيعتنا لمكتوبون بأسمائهم، أخذ الله علينا وعليهم الميثاق، يردون موردنا، ويدخلون مدخلنا. ليس على ملة الإسلام غيرنا وغيرهم الى يوم القيامة" ـ (الكافي) جـ 1 ص 223.
فالشيعة ـ انطلاقا من هذه العقيدة ـ التي صاغوها في "أحاديث" معصومة، مروية عن المعصومين، قد حكموا بالتكفير والإقصاء من الدين الإسلامي على جمهور الصحابة وجمهور أمة الإسلام. أي أنهم قد أعلنوا المفاضلة في ذات الدين!.
- ولقد أورد محب الدين الخطيب ـ في كتابه هذا ـ كلاما آخر قد يستغربه الكثيرون، وذلك عندما قال: إن الشيعة قد جعلوا من أئمتهم آلهة مثل آلهة اليونان!.
ولكن هذا الاستغراب سيزول إذا نحن قرأنا عقيدة الشيعة في الإمامة وفي الأئمة الاثنى عشر، فلقد جعلوا الإمامة شأنا إلهيا، لاعلاقة لها بالأمة ولا بالشورى والاختيار والبيعة. كما ألهوا الأئمة بإشراكهم مع الله في إيجاد الكون وإدارته وتدبيره، وذلك فضلا عن رفعهم مرتبة الإمامة والأئمة فوق مرتبة النبوة والأنبياء، وقولهم باستمرار الوحي الإلهي الى الأئمة كما كان مع الأنبياء والمرسلين". ولغرابة هذه العقائد على أسماع الذين لم يخبروا عقائد الشيعة، نسوق طرفا من نصوص كبار مراجعهم حول عقائدهم وتأليه الأئمة، وإشراكهم مع الله في الخلق والتدبير!
- فالشيخ محمد الوحيد الخراساني (1340هـ 1922م) يقول ـ في دروس علم الأصول، بالحوزة العلمية ـ بمدينة قم ـ: "إن الأئمة هم فاعلون مابه الوجود" وإن الله منه الوجود. وإن إمام العصر صار عبدا، وعندما صار عبدا صار ربا"!
- أما "السيد" محمد الشيرازي (1338 هـ 1920م) فإنه يقول "بتفويض الله للنبي وللأئمة من أهل البيت الولاية التشريعية والولاية التكويذية، وذلك بمعنى أن زمام العالم بأيديهم، فلهم التصرف فيه إيجادا وإعداما ـ كما أن زمام الإماتة بيد عزرائيل ـ وأنهم ـ (الأئمة) ـ الوسائط في خلق العالم، والعلة الغائبة له، كما أنهم سبب لطف الله تعالى وإفاضته على العالم، واستمرار قيام العالم بهم"!.
- أما خميني (1320 ـ 1409هـ ـ 1902 ـ 1989م) فإنه يقول: "إن من ضروريات مذهبنا: أن لأئمتنا مقاما لايبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل، وبموجب ما لدينا من الروايات والأحاديث فإن الرسول الأعظم ـ صلى الله عليه وآله ـ والأئمة ـ عليهم السلام ـ كانوا قبل هذا العالم أنوارا، فجعلهم الله بعرشه محدقين. وقد ورد عنهم ـ عليهم السلام ـ: إن لنا مع الله حالات لا يسعها ملك مقرب ولا نبي مرسل"!
كما يذكر خميني ما يقوله الشيعة عند زيارة مراقد الأئمة ـ في "الزيارة الجامعة الشريفة"ـ إذ يخاطبون الأئمة فيقولون لهم: "إن حساب الخلق عليكم "وإيابهم إليكم"!. ثم يحكي خميني عقيدة الشيعة في "أن الإمام قائم على كل نفس بما كسبت"!. ويقول: "إن الإمام درجة سامية وخلافة تكوينية تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرات هذا الكون. وإن مادة ـ (هيولي) ـ عالم الإمكان مسخرة تحت يد الإمام يقلبها كيف يشاء"!
- وعند ما يسمى بـ"آية الله" مرتضى مطهري (1338 ـ1400 هـ 1920هـ 1980م) ـ وهو تلميذ خميني وبروجوردي وأحد كبار فلاسفتهم ـ فإن "الإمامة عند الشيعة أرفع من بعض درجات النبوة. وإن من بين المقامات التي تذكر للإمام: تسلطه على الضمائر، أي القلوب"!.
- أما "السيد" محمد تقي المدرس ـ وهو من كبار فلاسفتهم المعاصرين ـ فإنه يثبت ويؤكد عقيدة الشيعة في استمرار الوحي الإلهي لأئمتهم فيقول: "إن الإنسان الذي يعتقد بالوحي لا بد أن يؤمن أيضا بامتداد هذا الوحي المتمثل في الأئمة ـ عليهم السلام ـ وأن هذا الامتداد يتجسد، بل يرتفع وينمو حتى يصل الى قمته، والى ذروة امتداده المتمثلة في الإمام الحجة المنتظر ـ عجل الله تعالى فرجه"!.
- ولم يكتف الشيعة بهذا التأليه للأئمة. والزعم بأن حساب الناس عليهم، وإيابهم إليهم. وأن لهم ولاية تكوينية على كل ذرات الكون. وأن زمام العالم بأيديهم، لهم التصرف فيه إيجادا وإعداما. وأن الإمام عندما صار عبدا صار ربا. وهو قائم على كل نفس بما كسبت. وأن مرتبته فوق مرتبة النبوة، لأن النبوة لطف خاص، بينما الإمامة لطف عام. وأن وحي الأنبياء والمرسلين قد تقطع، بينما الوحي للأئمة دائم أبدا. لم يكتف الشيعة ـ في أصول عقائدهم التي اجتمعوا وأجمعوا عليها ـ بهذا. وإنما ذهبوا فزعموا أن لأئمتهم قدرات تفوق القدرة الإلهية!.
فنسبوا الى الإمام زين العابدين ـ ابو محمد على بن الحسين (38 ـ 94 هـ 658 ـ 712م) حديثا يقول فيه: "إن اسم الله الأعظم على ثلاثة وسبعين حرفا. وإنما كان عند آصف منها حرف واحد، فتكلم به فخسف بالأرض بينه وبين سرير بلقيس، حتى تناول السرير بيده، ثم عادت الأرض كما كانت أسرع من طرفة عين. ونحن ـ (أي أئمة الشيعة) ـ عندنا من الاسم الأعظم اثنان وسبعون حرفا، وحرف واحد عند الله استأثر به في علم الغيب عنده"! ـ (الكافي) جـ1 ص 230.
فما عند أئمة الشيعة من ولاية تكوينية على كل ذرات هذا الوجود تفوق ـ بزعمهم ـ قدرات الله سبحانه وتعالى بنسبة 71 الى 1 ـ!.
- وإذا كان هذا التأليه الشيعي لأئمتهم الإثنى عشر قد فاق ماقالت به الكنيسة الكاثوليكية بالنسبة للباباوات أضعاف الأضعاف وإذا كانت الكنيسة الكاثوليكية قد انصرفت عن أغلب غلوها في الباباوات. فإن الشيعة، في عصرنا الراهن، لم يكتفوا بهذا الذي قدمنا طرفا منه ـ في تأليههم لأئمتهم ـ حتى ذهب خميني ليرفع السقف عن هذا الغلو الشيعي الغريب والعجيب ـ ويقول: "إن الشيعة يعتقدون في أئمتهم بما هو أعظم مما لايخطر على بال أحد. وبما يبعث على تحير العقول. فلم يقف أحد على حقائقهم وأسرارهم ـ عليهم السلام ـ إلا أنفسهم" ـ (الأربعون" حديثا ص 489 ـ.
- ولقد ظلت مصر ـ كنانة الله في أرضه ـ طاهرة من "فتنة التكفير" هذه منذ سقوط الدولة الفاطمية سنة 1171م. حتى نبتت فيها "نابتة سوء" تشيعت، وسقطت في مستنقع التكفير لصحابة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومن والاهم. فذهب زعيمهم الى "قم"، وألقى خمس محاضرات في "مركز الدراسات العقائدية"، نشروها في كتاب [محاضرات عقائدية]. وفيها وصف عمر بن الخطاب بأنه "صنم" وشقي. وكافر"!. وقال عن الصحابة: "إنهم قد صدهم الشيطان عن الاستجابة لأمر الله فارتدوا وجحدوا ما أنزل الله". ! ووصف أهل السنة والجماعة ـ أي 90% من المسلمين ـ بأنهم "يأكلون ولا يعقلون، ويهرفون بما لايعرفون. وأنهم أصنام قد اتبعوا الطاغوت"!. الأمر الذي دعا الازهر للتصدي لهذا الفحش الفكري، كي تتطهر كنانة الله في أرضه من هذا الوباء. وباء التكفير!.
- هكذا جعل الشيعة الإمامة أم العقائد الدينية بينما جعلها أهل السنة والجماعة من الفروع والسياسات والفقهيات. ولذلك حكم الشيعة بالكفر على من يخالفهم حتى في إمام واحد من أئمتهم الاثنى عشر ـ لأنه خلاف في الأصول الاعتقادية ـ بينما رفض أهل السنة أي تكفير في الخلاف حول الإمامة والخلافة والسياسة والفقهيات، لأنها من الفروع. ولذلك حكم الشيعة بالكفر على أهل السنة والجماعة ـ أي على 90% من أمة الإسلام ـ منذ عصر الصحابة وحتى كتابة هذه السطور!. ولقد استحلوا دماء أهل السنة ـ تاريخيا ـ عندما تحالفوا مع التتار ضد الخلافة العباسية. ومع الصليبيين ضد صلاح الدين الأيوبي. وصنعوا الشيء ذاته ـ في عصرنا الراهن ـ عندما تحالفوا مع أمريكا لتدمير العراق!. وها هو "الحرس الثوري" الإيراني، و"جيش المهدي" العراقي و"حزب الله" اللبناني يتقربون الى الله بقتل أهل السنة في سوريا!
فهل تعي "نخبنا" ـ الغافلة أو الجاهلة ـ هذه الحقائق التي قدمنا، طرفا منها فقط؟!.
المصدر : إيران بوست
1/2/1440
10/10/2018