قلق إيران الأكبر: تصاعد الصراع الداخلي

بواسطة ترجمة: محمد الزواوي قراءة 489

قلق إيران الأكبر: تصاعد الصراع الداخلي

 

روبرت باير (*) ـ التايم الأمريكية

21 أكتوبر 2009

ترجمة: محمد الزواوي

 

 

مفكرة الإسلام: لدى النظام الإيراني مشكلة كبيرة، ليست الثورات المخملية أو التهديد الإسرائيلي بقصف منشآتها النووية. إن ما يقض مضاجع الملالي هو شبح نشوب صراع عرقي وإثني، أو المزيد من الهجمات مثل التفجيرات التي وقعت في 18 أكتوبر الماضي في محافظة سيستان ببلوشستان النائية والتي قتلت 42 شخصًا، بما فيهم خمسة من كبار ضباط الحرس الثوري الإيراني.

لذا يشعر قادة البلاد بالقلق من أن نفس الانقسامات التي تمزق أفغانستان وباكستان على وشك الانتقال إليهم.

وسرعان ما ألقت طهران بلائمة الهجوم الانتحاري الذي وقع الأحد الماضي على القوى الأجنبية مثل الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى وباكستان؛ حيث إن طهران لا تريد الاعتراف أن لديها نسخة محلية من حركة طالبان داخل بلادها.

وبصرف النظر عما تقوله إيران عن جماعة جند الله التي تنحدر من الإثنية البلوشستانية والتي أعلنت مسئوليتها عن الهجوم على أنها حركة إيرانية من داخل البلاد، فمجمل تمويلها يأتي من المغتربين البلوش والعديد منهم يقطنون في منطقة الخليج العربي، كما أتت بعض تمويلاتها من المنظمات الخيرية الإسلامية، كما أن أسلحتها ومتفجراتها متاحة بصورة كبيرة في الجبال التي تملأ المنطقة الحدودية ما بين إيران وباكستان.

وبالفعل كان لدى الاستخبارات الباكستانية اتصال بجماعة جند الله على مر السنوات الماضية، ولكن لا توجد أدلة قوية على أن باكستان أنشأت تلك الجماعة من الصفر، كما لا توجد أي أدلة على أن باكستان هي من أعطت الأوامر بشن الهجوم، بل إن الاستخبارات الباكستانية قامت على مر السنوات القليلة الماضية بالقبض على العديد من أعضاء جماعة جند الله، بل سلمتهم إلى إيران أيضًا.

ومن المعروف أن المخابرات الأمريكية كانت أيضًا على اتصال مع جماعة جند الله، ولكن ذلك الاتصال ـ كما تعلم إيران يقينًا ـ كان يقتصر على جمع المعلومات الاستخبارية عن البلاد، وهي العلاقة التي لم تقم جماعة جند الله بالاعتراف بها رسميًا، كما أن تلك الاتصالات كانت متقطعة.

وقد أخبرني بعضهم أن إدارة الرئيس جورج بوش اعتبرت جماعة جند الله على أنها جزء من عملية سرية للحملة ضد إيران، ولكن سرعان ما تراجعت الإدارة الأمريكية عن تلك الفكرة لأن جماعة جند الله أثبتت أنها لا يمكن التحكم بها، بالإضافة إلى أنها كان لديها صلات قريبة من تنظيم القاعدة. ولا توجد وسيلة للتأكد من أن جماعة جند الله يمكنها في يوم من الأيام أن تضرب الولايات المتحدة بالقنابل التي يمكن أن تزودهم بها.

وبالنسبة لإيران فإن الحقيقة المرة هي أن الفرس لا يشكلون سوى 51 ٪ من السكان. أما بقية البلاد فهي مزيج من الأقليات العرقية والديانات المختلفة والمذاهب الاسلامية وقبائل البدو الرحل. ولم تكن أي من تلك الجماعات تشعر بالسعادة في ظل نظام الملالي الديني الشيعي، وخصوصا المواطنين السنة الإيرانيون، والذين يشكلون 9 ٪ من السكان وغالبيتهم من البلوش. وتشك إيران في أن أقلياتها تلك تخضع لنفوذ خارجي، ولكنها لم تحظ بقوة كافية في يوم من الأيام للهجوم على طهران، والتي تخشى من أن ذلك الوضع يمكن أن يتغير في حال حدوث فوضى على حدودها في حال وقوع حرب، أو إذا رأت الولايات المتحدة فجأة أنها يمكن أن ترحل وتترك أفغانستان، وحينئذ يمكن لحكومة طالبان الجديدة أن تدعم جماعة جند الله، أو في حال فشلت باكستان في أن تخضع مناطقها القبلية تحت سيطرتها، وبالتبعية حركة طالبان الباكستانية، ما قد يشجع جماعة جند الله.

ومن الواضح أن طهران تشعر بالقلق من وجود مشكلة سواء حدث فشل في باكستان أو أفغانستان أو لم يحدث. والخمسة من كبار ضباط الحرس الثوري الايراني الذين قتلوا يوم الأحد الماضي كانوا في طريقهم للاجتماع مع زعماء القبائل المحلية من أجل احتواء العنف بين الشيعة والسنة في المحافظة ، ومن المؤكد أن جدول الأعمال كان يشمل على ما الذي يجب فعله حيال جند الله.

وفي تلك النقطة تحديدًا فإن طهران محقة في قولها أن أمنها يقع في أيدي باكستان والولايات المتحدة، فأي فشل ذريع لأي منهما يمكن أن يسفر عن تهديد لأمن إيران يمكن أن تستغرق فيه طهران سنوات من أجل التغلب عليه.

______________________

(*) كاتب المقالة هو ضابط ميداني سابق في الاستخبارات المركزية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، وكاتب مقالات في مجلة التايم فيما يتعلق بشئون الاستخبارات.

 



مقالات ذات صلة