إيران والغرب والمصالح الخفية
الخبر:
مفكرة الإسلام: أكدت مصادر إعلامية عبرية أن تصريحات وزير الحرب الصهيوني بشأن استبعاد وجود أي خطر إيراني على "إسرائيل" تعد مؤشراً قوياً لتراجع تل أبيب عن تهديداتها المتكررة بتوجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية.
التعليق:
كتبه/علي صلاح
من حين لآخر نستمع إلى تهديدات أمريكية وصهيونية ضد إيران وما إن تعلو حدة هذه التهديدات حتى ما تلبث أن تخفت وتتلاشى ونبدأ الاستماع إلى كلام حول الحوار والدبلوماسية, لقد صدرت تصريحات نارية من الكيان الصهيوني مؤخرا حتى أن أحد المسئولين أعلن عن ضربة وشيكة لإيران قبل نهاية العام, إلا أن وزير الحرب الصهيوني ايهود باراك صرح فى حديث خاص لصحيفة يديعوت أحرونوت بمناسبة رأس السنة العبرية بأن إيران لا تمثل تهديدًا لوجود "إسرائيل". وردًا على سؤال بشأن برنامج طهران النووي قال باراك: "لست من الذين يعتقدون أن إيران تشكل قضية وجود لإسرائيل".
أمريكا وسياسة التدليل:
على الجانب الأمريكي فاجأ الرئيس الأمريكي باراك أوباما العالم عندما أعلن أن بلاده تراجعت عن الدرع الصاروخي الذي كانت ستقوم بنشره في شرق أوروبا, وستعوض ذلك بنظام يوفر "حماية أقوى وأذكى وأسرع للقوات الأمريكية وحلفاء الولايات المتحدة" في أوروبا، وأرجع ذلك إلى أن المعلومات الاستخباراتية الحديثة تشير إلى أن "إيران طورت برامج صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى وليس طويلة المدى وبالتالي فإن الولايات المتحدة ليست في حاجة في الوقت الراهن للمضي قدما في مشروع الدرع الواقي". ولكن الجمهوريين قابلوا القرار بامتعاض بالغ واعتبروه "قصير النظر" و"مضر". وقال المرشح الجمهوري "المهزوم" جون ماكين: "انه قرار خطير بالنظر الى التهديد الصاروخي والبرنامج النووي الايراني". ووصف السيناتور الجمهوري ميتش ماكونيل القرار بانه "قصير النظر ومضر للأمن القومي على المدى الطويل". وقبل ذلك قبلت الولايات الدخول في محادثات مع طهران بشأن برنامجها النووي رغم رفضها للمطالب الغربية وإصرارها على استكمال برنامجها النووي, وتقديمها لمجموعة اقتراحات لا تتطرق لجوهر الخلاف حول البرنامج النووي, كما صرح بذلك الرئيس الفرنسي
الوضع الداخلي الإيراني:
يعرف عن السياسة الأمريكية أنها تحسن استغلال الأوضاع الداخلية في الدول المناوئة لها, بل وتقوم بتهيئتها أحيانا لتحقيق مصالحها, وتشهد إيران منذ شهر يونيو الماضي اضطرابات واحتجاجات على نتائج الانتخابات الرئاسية وهي أحداث عنيفة لم تشهدها طهران منذ ثورة الخميني عام 1979 , ووضح من خلال هذه الأحداث أن هناك تيارا كبيرا في الأوساط الشعبية وبين المرجعيات الدينية الشيعية لا يرتاح للأوضاع العامة وعنده الكثير من الاعتراضات على طريقة تسيير شئون الدولة, وظهرت شخصيات كبيرة تقود هذا التيار مثل مير حسين موسوي ومهدي كروبي المرشحان للانتخابات الرئاسية السابقة وهاشمي رفسنجاني رئيس ما يسمى بـ "مجلس الخبراء" ومحمد خاتمي الرئيس السابق وآية الله منتظري وغيرهم, ومع ذلك لم تتدخل الولايات المتحدة بشكل جدي ولم تمارس ضغوطا على النظام الإيراني لإجراء تحقيقات على خلفية اتهامات المعارضة للسلطات بممارسة انتهاكات جسدية وجنسية ضد المعتقلين, كما فعلت مع بلاد أخرى, وهوما يثير الريبة حول النوايا الأمريكية وما تم التوصل إليه في السر بين الطرفين , بالإضافة إلى ذلك فإن الأيادي الإيرانية واضحة تماما في أحداث اليمن ووجه النظام اليمني أصابع الاتهام صراحة لإيران بالوقوف خلف المتمردين الحوثيين, إلا أن واشنطن لم توجه لوما أوكلمة لطهران في هذا الشأن خصوصا وأن علاقات وقيقة تربط اليمن والولايات المتحدة على خلفية التعاون بشأن مكافحة ما يسمى بـ "الإرهاب"
ماذا يدور خلف الستار؟
أكثر ما يهم الولايات المتحدة الآن تجاه إيران هو تطمينات ما بشأن السلاح النووي بحيث تتأكد من أن "إسرائيل" وحدها على الساحة النووية في المنطقة, وأن حجم الخطر الإيراني على مصالحها لا يتعدى المسموح به, وليس بالضرورة عند الولايات المتحدة وقف البرنامج بالكامل ولكن تحجيمه والسيطرة على الطموحات الإيرانية في هذا الشأن, مقابل ذلك فإن واشنطن تحتاج طهران في العراق لما لها من نفوذ قوي عند المليشيات الشيعية والقوى السياسية الشيعية كما أنها تحتاج إليها أيضا في أفغانستان مع استفحال الأوضاع وترديها وعدم القدرة على مواجهة حركة طالبان بالوسائل المعتادة,كذلك هي تحتاج إليها بصورة أقل للسيطرة على المعارضة الشيعية في لبنان منعا لتفجر الأوضاع وتأثير ذلك على المصالح الأمريكية في المنطقة؛ من هنا من المتوقع أن تشهد الأيام القادمة بعضا من المهادنة الأمريكية تجاه طهران وربما بعض الصفقات التي قد تطفو على السطح