يحيى الحاج نعسان
قبل أيام نقل (الموقع "الإسرائيلي" "تايم أوف إسرائيل") عن مصادر صحفية بأن قوات روسية بدأت بعمليات بحث في مقبرة بمخيم اليرموك في دمشق، وذلك للعثور على رفات جندين "إسرائيليين" مفقودين منذ عام 1982.
وبحسب الموقع فإن الجنديين الجاري عنهما البحث هما، تسفي فيلدمان ويهودا كاتس، اللذان فقدا في معركة السلطان يعقوب خلال حرب لبنان الأولى عام 1982، إلى جانب زكريا باومل الذي تم إعادة رفاته إلى "إسرائيل" ربيع 2019 برعاية روسية ودفن في القدس .
خدمة جديدة لنتنياهو
يعيد التحرك الروسي الحالي إلى الأذهان عملية إعادة رفات الجندي زكريا باومل ربيع عام 2019، التي خففت الضغط الداخلي عن رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو، وأسهمت حينئذ بمنع سقوطه في الانتخابات وحمايته بالتالي من قضايا فساد رفعت ضده لا تزال حية حتى الآن.
وبعد سنتين تقريبا يتكرر نفس السيناريو، ويأتي التحرك الروسي لإعادة جثث جنود "إسرائيليين" قبيل الاستحقاق الانتخابي لنتنياهو بحوالي شهر واحد، وفي ظل قضايا فساد تلاحقه في "المحاكم الإسرائيلية".
ولكن كما هي العادة فالإنقاذ يأتي من بشار الأسد ربيب "محور المقاومة" المزعوم لـ"إسرائيل" بيد روسية وقد لا يختلف المعنى كثيرا إن قيل بأوامر روسية.. وكما حال صفقة زكريا باومل قبل سنتين، لا تعليق يذكر من نظام أسد حتى الآن، وبعد العملية قد يجدد نفس الكذبة ، التي أطلقها حينئذ، وسيرد تفاصيلها لاحقا.
روسيا تقبض الثمن فماذا لبشار؟
يؤكد الباحث والمحلل الروسي يفجيني سيدروف المقرب من الكرملين أن روسيا تريد دعم نتنياهو في الانتخابات المقبلة بعد نحو شهر لذلك اتجهت إلى هذه الخطوة.
وقال في اتصال هاتفي مع موقع أورينت نت، هناك تنسيق بين روسيا و"إسرائيل" في مختلف المواضيع بما في ذلك، البحث عن رفات جنود "إسرائيلين"، مشيرا أن لروسيا مبرراتها في القيام بمثل هذا العمل.
وامتنع سيدروف عن التعليق على هذه المبررات، وإذا ما كانت روسيا تقوم بهذا الدور بالتنسيق مع بشار الأسد أم أنها غير مضطرة لذلك، لكنه ألمح إلى أن الثمن الذي يمكن أن يقبضه أسد هو تخفيف القصف "الإسرائيلي" عليه بسبب إيران، حين قال : لابد من النظر إلى هذا الموضوع على ضوء القلق الروسي من تحول سوريا في أحيان كثيرة إلى ساحة من التوتر "الإسرائيلي" الإيراني .. فروسيا صرحت كما هو معروف سابقا أنه إذا ما كان هناك قلق لدى "إسرائيل" بشأن الخطر الإيراني فإن روسيا ستتدخل لتحييد هذا الخطر".
وكانت روسيا ممثلة بوزير خارجيتها سيرغي لافروف18 "كانون الثاني" من العام الجاري، طلبت من "إسرائيل" بشكل رسمي إيقاف القصف على نظام أسد في سوريا.
وقال لافروف حينئذ: "في حال كانت لدى "إسرائيل" أي معلومات عن تهديدات يمكن أن تتواصل معنا لحل الأمر بطرق أخرى"، ما قد يعني أن الثمن الذي سيقبضه أسد لقاء هذه الخدمة لنتنياهو، هو وقف الغارات أو تخفيفها على الأقل وتجنب قصف مواقع تابعة لميليشياته بشكل مباشر دون إيران، كما حدث طيلة السنوات السابقة.
ولكن يبقى الرابح الأكبر في هذه الصفقة روسيا التي تريد أن تستخدم نتنياهو جسرا للتخفيف الضغوط الاقتصادية والأمنية المفروضة عليها من قبل أمريكا مستغلة العلاقات القوية لرئيس الوزراء "الإسرائيلي" مع المسؤولين في البيت الأبيض، فضلاً عن مكاسب شخصية قد يحققها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من وراء هذه العملية، وهو ما أيده "المعارض السوري كمال اللبواني" والباحث والعضو في مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا محمود زغموت.
وقال اللبواني إن روسيا تريد من وراء هذه الخطوة دعم نتنياهو في الانتخابات المقبلة فهناك علاقة خاصة بينه وبين بوتين، مضيفا قد يكون هناك ثمن ما يقدم لبشار ولكن بالتأكيد لن يكون توقيع "سلام" معه أو إعادة الجولان، فتقدم موضوع "السلام" مع بشار مرتبط بإخراج إيران من سوريا، كواحد من من الشروط وهذا بات معروفا.
واعتبر اللبواني أن هذا الملف بسيط ولا يعدو أن يكون صفقة اقتصادية "بزنس"، بين نتنياهو وأحمد جبريل وبوتين.
وبدوره يعتقد الباحث زغموت وهو ابن مخيم اليرموك، أن هذه الصفقة تأتي في سياق العلاقات الروسية "الإسرائيلية"، وليس لنظام أسد أي سلطة في هذه القضايا، مشيرا إلى أن بوتين يحتاج لهذه الصفقة من أجل تخفيف الضغط الاقتصادي الكبير على حكومته من قبل أمريكا عبر "إسرائيل" نتنياهو، الذي يرى هو الآخر بأن هذه الصفقة قد تكسبه الفوز بالانتخابات، وربما يمكنه ذلك من الهروب مرة ثانية من المحاكمات، بعدما هرب منها في المرة الأولى عبر صفقة الجندي زكريا باومل قبل سنتين.
وأضاف زغموت أن بوتين يحتاج إلى هذه الصفقة أيضا من أجل تثبيت نفوذ بلاده في سوريا والمنطقة عبر "إسرائيل" ذات النفوذ المتصاعد بالإقليم من خلال التطبيع مع الدول العربية ونفوذها الكبير على بعض الدول والحكومات في المنطقة.
ووقعت معركة السلطان يعقوب قبل 39 عاما ، في سهل البقاع اللبناني، وأسفرت عن مقتل 21 جنديا "إسرائيليا"، وإصابة أكثر من 30 آخرين خلالها.
كذب صريح
لا أحد يعلم ما هي الكذبة الجديدة التي سيجهزها نظام أسد في إعلامه لمواليه ومؤيديه هذه المرة في حال تم العثور على رفات الجنديين "الإسرائيليين" المذكورين، ففي صفقة الجندي باومل نفى وزير إعلامه عماد سارة أن يكون لما أسماه الدولة أي علم بالصفقة، لا بل برر كذبته بأقبح منها عندما قال : أعتقد أن العملية برمتها تمت بين "إسرائيل" و"المجموعات الإرهابية" المسلحة، رغم أن ما أسماهم بالمجموعات المسلحة كانوا قد خرجوا من المنطقة قبل نحو عام كامل من الصفقة.
وتلت تصريحات سارة حينئذ، موجة سخرية وانتقادات واسعة من رواد مواقع التواصل الاجتماعي أثار ها كذب سارة ونفي نظام الأسد علمه بوجود رفات جندي إسرائيلي في مخيم اليرموك.
وبعد صفقة زكريا باومل بأيام وبالتحديد في شهر "أيار" عام 2019، كشف "موقع المونيتور الإسرائيلي" عن "صفقة سرية" بين نظام أسد و"إسرائيل"، وتحدث حينها عن طفرة في العلاقات بين دمشق وموسكو و"تل أبيب".
هذه العلاقات عملت روسيا على تسخينها من جديد، حيث فرضت واقعا جديدا تمثل بتعامل "إسرائيل" مع بشار ونظامه كأمر واقع.
وأضاف "الموقع الإسرائيلي" حينئذ : (على الرغم من أن "إسرائيل" تواصل قصف أهداف إيرانية في سوريا، يتضح أنه لا يوجد لديها صراع مباشر مع الرئيس نفسه، إنما العكس)، وربما تأتي هذه الصفقة الجديدة كخطوة على تعزيز علاقات أسد مع "إسرائيل"، إلى أحوج ما يكون إليها قبيل انتخابات "وهمية وشكلية"، سيجريها بعد أشهر هو الآخر.
أورينت نت
28/6/1442
10/2/2021